القضاء والقضاة ..

الشيخ حسن عبد الحميد

مهنة القضاء من أشرف المهن في التاريخ الإسلامي ، وكان الذي يقع عليه الاختيار يتخوف ويهرب من حمل هذه الأمانة الكبرى نظرا لتعلقها بمعايير الظلم والعدل  !

نحن المسلمين علمنا الدنيا العدل ، وفينا قضاة رفعوا رأس العدل عاليا ، أمثال القاضي أبو يوسف تلميذ أبي حنيفة النعمان ، والقاضي شريح من سادات التابعيين  . 

نحن نجل كل قاض في الدنيا مهما كان جنسه ، مهما كان وطنه ، هدفه تحقيق العدل وقول كلمة الحق ، 

شرقيا كان أم غربيا ، شعاره مع المظلوم حتى ينتصر وعلى الظالم حتى ينكسر !

نحن نجل القاضي البريطاني الذي ألغى قرار وزير الداخلية لبلاده بخروج عربي مسلم من لندن ، حييت أيها القاضي يابن لندن  .

القاضي أبو يوسف ابن دجلة قاضي بغداد رفع راية العدل قبل أربعة عشر قرنا ، إن سيدنا شريح قال لعلي رضي الله عنه قم ياأبا الحسن فاجلس بجانب خصمك اليهودي وحكم لليهودي في قضية الدرع .

نحن أحفاد من صرخ في وجه فاتح مصر وفلسطين ( ياعمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) رضي الله عن سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب 

أنا وباسم كل مسلم أحيي القضاة الاميركان الذين قضوا ببطلان قررات رئيسهم ترامب الظالمة ، والحاقد على الإسلام والمسلمين  ورفضت وزيرة العدل تطبيق القرار ، قالت لا أنت مخطىء ألغ قرارك ولا تأخذ بشبهات الإرهاب ، حقوق الإنسان فوق كل اعتبار !

وخرجت الحشود الضخمة من المسيحيين الامريكيين يتضامون مع المسلمين الامريكيين وشعارهم : نحن مسلمون ( we are Muslims ) 

وفي غياب العدل عن بلادنا ديست الكرامات وأهدرت الدماء وأهينت المقدسات !

سجين يضرب بالبوط على رأسه وعلى بدنه وهيأوا له حفرة طلبوا منه أن ينبطح فيها ! ثم أطلقوا عليه النار ومزقوا بدنه بالرصاص وهم يضحكون ويغنون ؟ 

معذورون إنهم لا يخافون الله ، ولا يحترمون الإنسان ! 

العصفور لا يجوز في شرعنا قتله هكذا ! لكن في ظلال الرسالة الخالدة في الظلمات !

وفي رسالة البعث وحكم القرامطة يجوز !!!

وزير الداخلية قيل له سيدي هذا مخالف للقانون ! يقول لارحمه الله فقد مات منحورا لا شهيدا ؟ 

ماذا قال ! لك انا القانون ؟ وفرعون قبله قال : أنا ربكم الأعلى !

ولاغرابة فبعض من درس القانون وصاروا قضاة ، صار عملهم سماسرة بين الجلادين والضحايا ، وأخيرا يفرج عن السجين لقاء المبالغ الخيالية تقتسم بين القاضي وذنب السلطان ؟

لكن من مفاخر بلادنا قضاة يفخر المنصب بهم كالقاضي الشيخ علي الطنطاوي والقاضي عبد الوهاب الالتونجي والقاضي علي الزكور والقاضي الكيالي ونهاد الأميري رحمهم المولى ، والكثير من القضاة الشرفاء ...

كثيرون من الفقهاء كانوا يتهربون من القضاء خشية وقوعهم في الضعف البشري لأنهم سمعوا سيد الوجود عليه الصلاة والسلام يقول ( قاضيان في النار وقاض في الجنة ) الترمذي 

قاض قضى بالهوى فهو في النار ، وقاض قضى بغير علم فهو في النار ، وقاض قضى بالحق فهو في الجنة .

القضاء منصب عظيم في الإسلام ويحتاج إلى العلم بالكتاب والسنة ومناط الأحكام وواقع الناس .

ولي أحد ائمتنا القضاء فدخل بيته وهو يبكي وهو يقول لقد ذبحت بغير سكين !

ورشوة القاضي جريمة ! وقبولها من القاضي جريمة مضاعفة ولو باسم الهدية ! الهدية للقاضي رشوة مقنعة ، ( لعن الله الراشي والمرتشي ) الترمذي 

أيها القضاة في أمريكا وبريطانيا اسمعوا سطورا من تاريخنا : 

أهل سمرقند وهم غير مسلمين دخل عليهم جيش الفتح الإسلامي بدون انذار : الإسلام أو الجزية أو الحرب ! 

الجزية رمز للخضوع وعدم المقاومة للفاتحين  .

الشكوى ذهبت إلى مقر الخلافة في دمشق وكان حاكمها سيدنا عمر بن عبد العزيز سادس الخلفاء الراشدين :

جاء قاض من قبله حقق في الأمر فوجد أن أهل سمرقند على حق ، حكم القاضي بخروج الجيش المسلم من سمرقند ! وخضع قائد الجيش الإسلامي لحكم القضاء الإسلامي وانسحب من سمرقند ، ولكنه عاد ودخلها سلما لأن أهلها أسلموا لما رأوا عدل الإسلام  .

أيها القضاة الأمريكان والبريطانيون تحية لكم وأنتم على منبر القضاء تحكمون بالعدل الذي قامت عليه السموات والأرض ، ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية القائل  : 

( إن الله لينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ويخذل الدولة المسلمة إذا كانت ظالمة ) 

أيها القضاة الأحرار في وطننا لكم منا التحية والسلام ، أيها القضاة في بريطانيا وامريكا سلام عليكم وتحية إليكم شفيتم صدور قوم مؤمنين ، وحيا الله العدل والعادليين 

أيها القضاة في الدنيا على منابر الإسلام في كل العالم تتلى هذه الآية ( إن الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفشحاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) ٩٠ النحل 

ياقضاة الدنيا ، كل الدنيا إن محمدا نبينا عليه الصلاة والسلام قال قبل اربعة عشر قرنا ( والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها ) صلى الله عليه وسلم

والله أكبر والعاقبة للتقوى 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 706