سرّ الصّمت

سرّ الصّمت

مادونا عسكر

أراني وإيّاك ندخلُ

سرّ الصّمت العجيبْ

من ضجيج العالم  ننعتقُ

وضوضاء السّنينْ

نحو صحراء قاحلة، نهمُّ

 بالمسيرْ،

نصغي إلى سكون الهواء يداعبُ

ريش النّخيلْ.

نحو بحر شفّاف ينشدُ

 أمواج الهدوء السّكينْ

أنغامه تتقاطرُ

 على لحن النّسيم العليلْ

نرنو إليه ينسدلُ

 من الفضاء كأنّه الحريرْ

على وجه المياه تطفو

لآلئ الأديمْ.

أراني وإيّاك نسكنُ

 سرّ الصّمت العجيبْ

في سماء النّقاء نحلّقُ

نتعطّر بأريجها الدّفيءْ

في أبديّة الخلود تحيطُ بنا

أجواق الساروفيمْ

ينشدون ألحاناً عذبة،

أبلغ التّرانيمْ.

هناك حيث القصائد ورودُ

 تُنثر بحروف من نورْ

حيث دواوين العشق تُحفظُ

 في خفايا الدّهورْ

حيث لا ألم ولا حزنُ

 بل فرح وحبورْ

لا جوع ولا عطشُ

 بل توق للحضورْ.

أراني وإيّاك نتوحّدُ

 سرّ التحام الأرواحْ

لغزها لا يدركُ

 إلّا من خلع ثوب الكبرياءْ

وانطلق حرّاً يهيمُ

 في أثير الضّياءْ

عن الحكمة يبحثُ

في جهالة الحكماءْ.

أرى صوتك يلمعُ

 كالبرقِ يومضُ

يرسم الأنغام، يراقصُ

 ظلّ الأبعادْ

بهيّ أنت بحليّك الجديدْ

أبهى من ملوك تفاخروا

بصنع الأمجادْ

أسمع مجدك يصرخُ

 من عمق الأكوانْ

يطرح الآلام ويبدّدُ

حرقة الوجدانْ

أنينَ الهذيانْ.

يتناول القمح من زمرّد الزّمانْ

وأرغفة عطر يصنعُ

 للعشّاق، للخلّانْ.

أنت الحلمُ

من علوّ انحدر كشهب نارْ

أنت الحبُّ

جذور الأرض يلامسُ

ويعزف على الأوتارْ

أنت العطرُ

من بخّوره الوردُ

 يرتشفُ سحر الأدهارْ.

أنت الحقيقةُ

 تجلّت كزهر نوّارْ

أناشيد تزغردُ

من ثغر الأطيارْ

أنت الهيامُ

كالثّلج عن عرشه يتنازلُ

ويذوبُ

 رقّةً في كيان الأنهارْ

ماذا أقول بعدُ؟

 وقد تاهت مني المعاني

وانتفت قدرة القواميسْ

ولا وحيّ عندي

لابتكار الكلماتْ.

ماذا أقول بعدُ؟

 وقوى الجسدِ تختفي

والرّوح إلى علوّ الحبيبِ ترتقي

أيّ كلام يفي

 حقّ حبّي للحبيبْ،

لا يرضي وجداني

إلّا تمتمات صلاتي

لا يشبع جوعي

إلّا سرّ تأمّلاتي

لا يروي ظمأي

 إلّا أريج الحبيبْ.