يا أمَّةَ الصَّمْت

يا أمَّةَ الصَّمْت

د. محمد بسام يوسف

[email protected]

لا تَثوري أمَّتي..

فربّما إنْ ثُرتِ كالإعصارِ..

يَغرقْ البَحْرُ، في البَحْرِ..

أو تَقُمْ القِيامَةُ..

أو تَقَعْ مِنْ عَلٍ غُيُومُ السَّمَاء!..

وربّما إنْ رفَضْتِ القهرَ..

أو كُنتِ زِلزالاً.. فربّما..

كَفَّروكِ بِكُلِّ الأنبياء!..

*     *     *

لا تَثوري كما الرِّيحُ، فربّما..

اهتزَّ وَقارُكِ..

واغْبَـرَّ بالغَضَبِ الحِذاء!..

أو ربّما افتقدتِ -يا أمّةَ الصَّمتِ-..

بَعضاً من كِبرِيَاء!..

*     *     *

لا تَهُبِّي.. قد يُقالُ:

تنازَلَتْ أمَّةُ العُرْبِ..

عن قليلٍ، أو كَثيرٍ.. من حَيَاء!..

أو يُقالُ:

أمَّةُ الصَّمْتِ تُمَارِسُ..

بَعضاً من وَفَاء!..

لا تَغضبي بوجهِ الطُّغَاةِ..

فَغَضْبَةُ الحُرِّ..

سَبيلٌ للشَّقاء!..

*     *     *

لا تَثوري.. فاحتمالٌ..

إنْ فَعَلْتِ..

أنْ تَصحوَ بعضُ النُّجومِ..

أو يَسقُطَ نَيْزَكٌ.. أو كَوْكَبٌ..

وقتَ المَسَاء!..

*     *     *

لا تَهُبِّي.. فالأعاصيرُ هُنا..

تَخْضَعُ كُلُّها..

لقوانينِ بَيْعٍ أو شِرَاء!..

كُلُّها في هذا الزَّمَنِ هَبَاء!..

*     *     *

لا تُجـيـبِي دعوةَ الدَّاعي..

أو صَرخَةَ الـمُسْتَغِيثينَ..

أو للمُسْتَغِيثاتِ رَجَاء!..

لا تُجـيـبِي.. إنْ فَعَلْتِ..

سَيَقولونَ:

خَرَقَتْ أمَّةُ العُرْبِ..

قوانينَ الوَلاء!..

*     *     *

لا تَفيقي.. واحْذَري أن تَفيقي..

فالعَقْلُ للحُرِّ.. شَرٌّ وبَلاء!..

ومَواثيقُ الصَّيفِ..

يُلغيها الشِّتاء!..

لا تَنتَخي.. فَحَسْبُكِ أنَّ الضَّحَايا..

من زُمرةِ الأبْرِيَاء!..

*     *     *

لا تَنهَضي أمَّةَ المِليارَيْنِ..

وَاحذري النُّهوضَ..

فربّما تَخِرُّ الجبالُ..

أو يَسقُطُ قُرْصُ الشَّمسِ..

أو يَشكو القمرُ..

انقطاعَ الكَهْرُبَاء!..

*     *     *

لا تكوني كَأصْحابِ الضَّميرِ.. سيُقالُ:

فَتَكَتْ أمَّةُ الإرهَابِ..

باللُّصُوصِ اللُّقَطَاء!..

ويُقالُ:

ما ذَاكَ الهُرَاء؟!..

*     *     *

لا تَهُبِّي.. فَمِنَ الحُنْكَةِ..

والشَّطارةِ.. والحِكْمَةِ:

أنْ تَنامي كالسَّرابِ..

وتَعيشي كالضَّبابِ..

وتُصَفِّقي للخَرابِ..

فهذا يُسَمَّى: دَهَاء!..

*     *     *

لا تَنهضي كما العَنْقَاءُ..

بوجْهِ هُولاكو، وكِسْرَى، وقَيْصَر..

فذلكَ جِدُّ جريمةٍ..

في قوانينِ الإبَاء!..

*     *     *

لا تَثوري.. واقْتُلِي المروءةَ..

والكرامَةَ..

واذْبَحِي النَّخوةَ..

والأمَلَ الكبيرَ..

واغْتَالِي الضِّياء!..

اذْبَحِي كلَّ رُجولَةٍ..

وانتفاضَةٍ.. أو ثَورةٍ..

واخذُلِي كُلَّ حُرٍّ..

واغْتَسِلي بالدِّمَاء!..

*     *     *

أيها الإعصارُ: تقدَّمْ..

أيها البحرُ: تَجَهَّمْ..

أيها المَوْجُ: أغرِقْ جَهَنَّمْ..

فَسَفِينُ الشَّيْطانِ..

وقَرْنُ المَجُوسِيِّ..

فَرْضٌ عَلَيْنا أن يتحَطَّمْ..

*     *     *

عَلَّ فِكراً يَتَنَزَّل..

عَلَّ وَعْياً يجتاحُكِ أمَّتي..

عَلَّ صَوتَ الضميرِ يُجَلْجِل.

عَلَّ نَفِيرَ (حِطّين)..

أو (القَادِسِيَّةِ)..

أو عَهْدَ (ذي قارٍ)..

 يَهُزُّ العُقُولَ..

يُخَلْخِل.

عَلَّهَا وعَسَاها أمَّتي..

كالبَراكينِ تَثورُ..

فَتُمَزِّقُ حِلْفَ الأشْقِيَاء!..

عَلَّهَا أمّة العُرْبِ والإسْلامِ..

عَسَاها..

تَسْتَجيبُ –يا شامُ- لهذا النِّدَاء!..