في انتظـارِ صَـلاحِ الـدين

في انتظـارِ صَـلاحِ الـدين

في الذكرى الخامسة والستين للنكبة

طريف يوسف آغا

[email protected]

هَـذي القـُدسُ ياعَـرَبُ، تـاجُ أمانينا

ونحـنُ في انتظاركَ ياصَلاحُ، جَفَّتْ مآقـينا

إنْ عُـدتَ اليَومَ وشـاهَدتَ مَآســينا

وشـاهَدتَ الذُلَّ كَيفَ يَنخُرُ العَـظمَ فـينا

فأنا أعـذُركَ إنْ كُنتَ سَـتسـألـنا

كـيفَ نـسـتعـيدُ القـُدسَ براقِـصاتٍ وراقِـصينا؟

وكيفَ لانَنسـى المطرباتِ، وإياكَ نَسـينا؟

وكيفَ لانَنسـى الحفلاتِ، ونَسـينا حِـطّينا؟

كيفَ ماعُـدنا للصَوابِ مُصيبينا؟

وكـيفَ كَمَمنا أفـواهَـنا وغَلَلـنا أيادينا؟

كـيفَ غَـيَّرنا قـاموسَ الكَلماتِ فـصارَ

الانهـِزامُ يَعـني النـَصرَ، والقـاتِلُ مَـنْ يُـقاضينا؟

وكيفَ قلَبنا مَـفهومَ الكَرامَـةِ فـصارَ

تـلَقي الصَفـَعـاتِ فَخـراً يُـبَـيِّـضُ الجَـبينا؟

وكَيفَ نَمنـَحُ الأوسِــمَـةَ لأنفـُسِــنا

وعـلى مَـقـاسِ خَيبَـتِـنا نُفصِّلُ القـوانينا؟

فـإنْ سَــمِعـتـَنا نَصدَحُ فـلا تَحسَــبهُ عَـويلاً

ولا تَحسَــبهُ غـَضَباً ولا تـَحسَــبْهُ أنـينا

وإنْ رأيتـَـنا نَتَلوى فـليسَ مِـنَ الألمِ

ليـسَ كَرَقـصِ طـيرٍ عـانَقَ السِــكـينا

فـما نحـنُ إلا غـَرقى في الطَرَبِ وفي الكَيفِ

ولا نريدُ لأحدٍ أنْ يُصَحّينا

نسـينا أنْ ليـسَ للمَهـزومِ مِنْ فـرَحٍ

إلا مِـنْ بَعـدِ أنْ يَـهزمَ الغاصِبينا

نحـنُ منذُ زَمَـنٍ نســينا الألَمَ والغـضَبَ

ونســينا الحمِيَّةَ والخجَـلَ ونسـينا الحَنيـنا

نحـنُ بانتظاركَ ياصلاحُ نســينا حـتى أســامينا

وفي أحلامِنا الوَرديَةِ بُـتنا غـارقـينا

وتعـوَدنا بكُلِّ شَئٍ أنْ نرضى

حتى شـابَهنا الجَـمادَ وشـابَهنا المجانيـنا

وإنْ كُنتَ لا تعـرفُ كـيفَ نَحيا

فالحـياةُ نُمضيها أمـامَ أعـلافِـنا مُصطَفّينا

نعـيشُ كـالدَجاجِ ونتقـاتَلُ كـالدِيَكَةِ

ونركُضُ كالأرانبِ إنْ أحـدَقَ الخَطَرُ فـينا

بينَ المـقاهي والشـوارعِ نتسـكَّعُ مُتَشـردينا

وعـلى أجـهزَةِ التَلفزَةِ والهاتِفِ دوماً مُدمِـنينا

تـبَرَّأنا مِـنْ سُيوفِـنا وتبرأنا مِـنْ خُيولِـنا

وتَبنينا المغنياتِ وتبنينا المغنينا

ثُمَّ لانـُوَفِرُ مُـناسَــبَةً إلا وندعو اللهَ فـيها

أنْ ينصرَنا ويُعـيدَ إلينا أراضِـينـا

وانظرْ ماذا حلَّ بالشامِ مِنْ بعدِكَ

تسلّمَ أمرَها أوضعُ الخلقِ، ضِباعاً وثعابينا

أتوها بالعارِ مِنْ بعدِ عِـزَّةٍ

وأعملوا فيها ناراً وسِكّينا

نحـنُ ياصلاحُ بانتـظارِ مُعجِزةٍ لاأعرِفُ كيفْ

فلا أرى بَيننا أنبياءً ولا أرى مُرسَــلينا

لَنْ تُحـرَّرَ القُدسُ بصاعِـقـةٍ مِنْ أجـلِنا

ولَنْ تنزلَ الصَيحةُ لِـتأخـُذَ المجرمـينا

ولَنْ يَنفجـرَ بركانٌ عـلى رؤوسِ أعـدائِـنا

ولاالطوفـانُ سَــيُغـرقهُمْ ليُعـيدَ إلينا المـدينة

فـإنْ عُـدتَ اليـومَ ياصلاحُ لاأعـرفْ

إنْ كُنتَ تُصلِحُـنا أمْ كُنتَ تُعادينا؟

لا أعـرفُ إنْ كُـنتَ سَــتـقـرَفُ مِنْ حـالِـنا

وفي سِـلالِ القُمامَـةِ سَــترمـينا؟

أمْ كُنتَ سَــتُشـفِـقُ عـلى أحـوالِـنا

وفي مشـافي العَجَـزَةِ سَــتـُـلقـينا؟

ليـسَ الزمانُ هوَ الردئُ بلْ نحـنُ

نحـنُ الذينَ ماعُـدنا للحَـياءِ عـارفـينا

نحـنُ اليومَ لانرى ولانتكـلمُ ولا نسـمَعُ

ولكِـنْ نُغـني ونَرقـصُ ونُصفّقُ مَعَ المصَفِـقينا

لِـدُمىً مِثلنا، لا تَلزَمُ خيطانٌ

بأعـداءٍ مِثلـنا، لا تَحـتاجُ إسـرائيلُ مُحـبّينا

ومَعَ ذلِكَ ياسَــيدي فـأمَـلي أنْ نكـونَ

قـدْ غـفِـلنا قـليلاً ولكنْ ما نسـينا حِـطّينا

وكَما انطَلَقتَ يَوماً لتُحَرِرَ القُدسَ

سَـتَنطلِقُ جُـيوشُنا يَـوماً لِتُعاقِـبَ المعتدينا

يَومَ نَجِـدُ أنفسَــنا حيثُ فَقَدناها ونَجِدُ

الكـرامَةَ التي جعلَتنا عـلى الدُنـيا سـائِدينا

وهاهيَ الشامُ بدأتْ تَستعيدُ رايتَها

لنْ نعودَ إلا إذا أقصَينا مُذِلّينا

لا أعـرفُ متى ولكِنْ أعـرفُ أنَّهُ

اقتربَ اليومُ الذي نَستعيدُ فـيهِ فِلسـطينا