زمني قصير وأنت حياتي الأطْوَل ..

حمّودان عبد الواحد

زمني قصير وأنت حياتي الأطْوَل ..

حمّودان عبد الواحد

كاتب عربي يقطن بفرنسا

(1)  

شيء هناك

وحياتي طويلة ...

أملي ألقاك

وأنت أطول ...

(2)  

أترنّم واحدًا

دون ثان

وحدتي هنا خشيتي

بُعدٌ عنّي

وزمني قصير ...

أتقطّع جائعًا

دون زاد

أتقدّم عاطشًا

دون ماء 

لحظتي هنا وحشتي

قحطٌ منّي

وزمني قصير ...

(3)

والله ما شدّني هناك

إلا قطر نَداك

هنا في قلبي

في هذه الصحراء ...

والله ما جرّني هناك

إلا شوق صداك

هنا في رغبتي

في هذه الوحداء ..

والله ما همّني هناك

إلا وقع خطاك

هنا في صمتي

في هذه البيضاء ..

(4)

أنت هناك مياهٌ

عيْنٌ هنا وآبارُ

أنت هناك أسماءٌ

ثمرٌ هنا وأشجارُ

أنت هناك صوتٌ منّي

يهتِفُني

يصرخني يُناديني

أنت هناك وجهٌ منّي

يلغزني

يعْكِسُني يُعاكِسْني ..

(5)

والله لوْلا أنت

لوْلا هذا الشيء هناك

هذه الأصداء هذه الأصوات

هذه الألوان هذه الأشكال

هذه الأحلام هذه الآمال

لما أعاد قلبي

رواية البطولات القديمة

لما أحبّ قلبي

حكاية  البطولات الجديدة

(6)

أنا حديقتي بوعدك

حكاية جديدة

وأنت خيطها الأوّل

نسيجُها جميلٌ

وأنت شِعرها الأجمل  ...

لولاك لولاك

سَرْدي دون جناح

عمْرٌ قصير !

أنا لِزُهوري بوعدك

حياة طويلة

وأنت وردتي الأطول ...

(7)

لولاك ، لولاك

ما وقف الطيور

يأكلون على يدي

ويشربون

وينشدون ..

لولاك ، لولاك

ما هدل الحمامُ

بالشوق والغرام

ما  تدلّى الغمامُ

أغصاناً حناناً

يظلّل الأطفال

يكلّل الأقدام

جارية وراء الأمام

تحت سماء جارحه

لاهية متسابقه

ضاحكة صادحه

تزقزق باسم الحياة ...

(8)

زمني وحدي

زمني قصيرٌ ... قصيرْ

أنت هناك !

وحياتي طويلةٌ ...  طويله

أفِرّ إليك   !

وحياتي أطول ...

أملي ألقاك !

أنظر إليك !

أراك بحُبّيْك 

ونحن الكلّ الواحد الأطول !

-- ---------------------------

إلى أطفال سوريا وهم نفس أطفال العراق وفلسطين وكل المعذبين الصغار الذين خذلهم " الكبارُ " ( الذكور منهم بالخصوص) وخانوهم في أفغانستان والصومال وكل بقاع الأرض الأخرى المجروحة النازفة !

كم سأكون سعيدا لو شاء القدر أن يقرأ طفل من هؤلاء هذه القصيدة ! كم سيتراجع " شقائي " ويندحِر ، لو أنّ واحدا من هؤلاء البراعم والدراري ، العزيزين عليّ ، استطاع ، ولو لزمن قصير ( رمشة عين ) ، أن يرقد طويلا ، مطمئنا تحت غطاء هذه الكلمات الدافئة الحالمة الآملة  ! ماذا عساي أن أقدم للطفولة العربية والإسلامية الزكية الطاهرة - وقد اغتصبتها جماعاتُ البترول والدولار والسلطة والاحتلال والهستيريا الطائفية المجنونة - غير هذه الالتفاتة الخجولة المرتعشة ، لكنها تصدر بصدق من عمق القلب ؟ !