بي أنّة حيثك تَسري والهَوى

سمر مطير البستنجي

بي أنّة حيثك تَسري والهَوى..!

سمر مطير البستنجي

كأنّة الماء في جوف قطعة جليدٍ تستجدي رهيف ضوء..

كأنة قطرة رحيق تنتظر قرص شهدٍ يأويها..

كأنّة ليل يقتله الشوق لكِسرة نهار...

مثلها؛ بل أقوى وأعمق وأصدق أنّاتي أنا....

فلكم تمنيتُ أن تكون لي، لها يوما من السامعين ،غير أنك اتخذت اللاسمع حيلة وتركتني أنفطر أنا؟

فكلي يعارك ذكراك ويعاركني..وكلي منشطر يجاهد بعضي:

فنصفي يقاوم ذبذبات انّاتٍ أرهقت الحلقوم وصَدّعّتْ..والآخر اليكَ يسعى، يبحث عنك بين ركام الأمنيات وفي أحجيات الغياب ليخلخل جمودكَ ويهزّ أكتاف وعيكَ ويدكّ أعناق سُباتكَ بطبول الضَّجيج وبأوتار أنّاتي الصادحات.

غير أنك أيها المتمادي في الهروب عني ومني لستَ تُدركها، أو تشعر بها أو حتى تسمعها وإن ترددت في السابعة من السماء أصدائها.

 وكيف تَعيها..؟

ونصفك المتجمد الساكن في قطب اللاوعي قد تخدّر،والآخر المقيم في فيافي الفقد والعراء قد تصحّر،  فغدوتَ وأنصافكَ في عُرف الغيبوبة سواء...فلا صرخات توقظك ، ولا أنّات تؤلمك.. ولا حتى الجنّيات الساكنات في اللحن الرخيم تزعزعك.

فجاهلة هي صرخاتي،حمقاء..!

وقتَ تركتكَ في غيبوبتك تُماري واتّبعَتني...حمقاء إذ لم تدري أيّاً منا يحتاجها كي يستفيق!

حمقاء هي!

وقت استنفرت لتُضعضع مرقدي وتهزّ أركاني لأتذكّرك..

فمتى تدرك ويدركون بأنك في عشيّاتي يقظة..وفي نهاري ضياء ،وفي صبحي رشفة..وفي لساني ذكر وفي خافقي دعاء ..

وأنك!

في صرير بوحي صرخة وفي رخيم صوتي رعشة، في دلالي رقة وفي بكائي قطرة وفي أفلاكي نبوءة وفي مزاميري رنّة..

فلمَ هي تشاغلني..ولمَ أنا اشغلني بها؛ بحرِّها ونفخِها وغيظِها...وما حاجتي لقبائل الجنّ الساكنين بفيحائها كي يأتوني بك مكبلا... فأنت مني روح وفيّ مضغة ؛ أفلا يُدركون؟

فيا ساكنا بيني وبيني...!

قد أضناني شوقي وهجرك ...

فلا تلمها ؛ تلك المُرسلة إليك من جوفي حريقا ليُشعل الجَوى في فؤادك البارد..أو جَلجَلتْ بضجّةٍ لتُصيب مقتل الصمت الفاجر فيك..أو ألزَمتكَ موعدا ألتقيكَ فيه على قمة جبل من جبال ذاكرتك المتجمّدة..

وتلك حيلتي يا أنا..

أنّات محرقة وزفرات وشهقات مشتعلة.. وكلها لك، منك، إليك فيك..لأجلك أوقدتها..

فان أدركتها ووعيتها وعَنَاكَ أمرها كان بها وإلاّ..

فكمم ان استطعت أفواهها..اخنقها، ابطش بها، واغطش على أبصارها..سلسلها ،قيدها وقطعّ أوصالها لئلا تصل اليك.. واشنقني بحبال أنفاسي الممتدة اليك منك فيك..

وافرض عليها أن استطعت حُكم الرحيل لتعود من حيث أتتْ، مثلما عليّ ذات يوم أحكامك فرضتها.