عَلَى شُرْفَةِ الأَمَلِ

د.فاطمة محمد العمر

د.فاطمة محمد العمر

[email protected]

عَلَى شُرْفَةِ الأَمَلِ أَعُدُّ نُجُومَ اللَّيلِ .. وَأَنتَظِرُ سَاعَاتِ النَّهَارِ ..

يَمتَدُّ اللَّيلُ وَيَطُولُ .. تَتَجَوَّلُ نُجُومُهُ بَطِيئَةً كَالسُّلحُفَاةِ .. يَتَغَوَّلُ أَمَامِي كَأُخطُبُوطٍ بِمِئَةِ ذِراعٍ وَذِراعٍ .. يَتَشَبَّثُ بِسَاعَةِ الزَّمَنِ رَافِضاً الرَّحِيلَ .. وَمِنْ خِلالِ سُحُبِهِ السَّودَاءِ تَزْحَفُ شُعَاعَاتُ النَّهَارِ بِرِقَّةٍ .. وَاثِقَةَ الخُطَا كَمَلاكٍ .. تَحمِلُ فُرشَاتَهَا البَيضَاءَ وَتَسِيرُ بِهُدُوءِ عَرُوسٍ فِي لَيلَةِ الزَّفَافِ .. تَرُشُّ النُّورَ عَلَى الأَرْجَاءِ لِيمسَحَ عَن جَبِينِ الزَّمَانِ تَرِكَةَ اللَّيلِ الثَّقِيلَةَ!!

عَلَى شُرْفَةِ الأَمَلِ أُحصِي آهَاتِ الحُزنِ .. وَأَدعُو بَسَمَاتِ الفَرَحِ ..

يَتَعَملَقُ الحُزنُ أَمَامِي .. يَنشُرُ رَايَاتِهِ بَينَ أَضْلُعِي .. يَدُسُّ فِي بَرِيدِي أَسمَاءَ زَهرَاتٍ تُثْقِلُهَا القُيُودُ .. يَنشُرُ عَلَى الشَّاشَاتِ دُمُوعَ بَرَاعِمَ تَبْكِي جُذُورَهَا .. وَمِنْ بَينَ خُيُوطِهِ المُتَشَابِكَةِ يَتَسَلَّلُ الفَرَحُ كَقِطَّةٍ مُشَاغِبَةٍ .. تَسُنُّ مَخَالِبَهَا لِتَقطَعَ الخُيُوطَ بِذَكَاءٍ فِطْرِيٍّ .. تَقفِزُ حَولِي لِتَعزِفَ نَغَمَاتِ السَّعَادَةِ عَلَى إِيقَاعِ خُطُواتٍ تَتَقَدَّمُ بِثَبَاتٍ نَحوَ أَهدَافِهَا!!

عَلَى شُرْفَةِ الأَمَلِ أُوَدِّعُ عَامَ الخُبزِ المُدمَّى .. وَأَستَقْبِلُ سَنَةَ كَعْكَةِ الانتِصَارِ ..

يُلَمْلِمُ العَامُ أَيَّامَهُ مُنتَشِياً بِارتِفَاعِ عَدَدِ ضُيُوفِهِ .. يَزْهُو بِوجُودِهِ فِي كُلِّ بُقعَةٍ .. وَانتِشَارِهِ عَلَى كُلِّ شِبرٍ .. يَطْحَنُ وُرُوداً قُطِفَتْ قَبلَ أَوَانِهَا لِيَصنَعَ مِن نَزِيفِهَا أَرغِفَتَهُ السَّاخِنَةَ .. وَمِنْ دَاخِلِ فُرْنِهِ المُلْتَهِبِ تُطِلُّ سَنَةُ الانتِصَارِ مُسْتَبْشِرَةً .. تَصنَعُ كَعْكَ العِيدِ لِجُمُوعِ المُنتَظِرِينَ .. تُوَزِّعُ هَدَايَا المِيلادِ .. تَشتَرِي تَذَاكِرَ العَودَةِ لِلمُشتَاقِينَ .. وَتَرسُمُ بَوَّابَةَ الدُّخُولِ لِحَفلِ اللِّقَاءِ!!

عَلَى شُرْفَةِ الأَمَلِ أُحَارِبُ جُيُوشَ اليَأْسِ .. وَأُكَلِّلُ بِالغَارِ جَبْهَةَ أَبطَالِ بِلادِي ..

يُعلِنُ اليَأْسُ نَفِيرَهُ العَامَّ .. يَجمَعُ جُنُودَهُ وَكُلَّ عَتَادِهِ .. وَيَخُوضُ مَعرَكَتَهُ الأَخِيرَةَ بِعَنَادٍ وَإِصرَارٍٍ .. يُهَاجِمُنِي مِن كُلِّ حَدْبٍٍ وَصَوبٍ .. يَقْذِفُنِي بِكُلِّ مَا هوَ مُمْكنٍ .. وَمِن عُنْفِ سِلاحِهِ يَتَسَلَّلُ أَبطَالُ بِلادِي يَحمِلُونَ المَوتَ إِلَيهِ .. يَيْأَسُ اليَأْسُ مِن نَفسِهِ فَيَحصُدُونَ بَقَايَاهُ نَصراً يَتَشَكَّلُ مِن مَلامِحِ شَبابٍٍ تَرَكَت الدُّنْيَا لأَهلِهَا وَاختَارَت جِوَارَ الرَّحمَنِ!!

عَلَى شُرْفَةِ الأَمَلِ أَرْقُبُ الغَارَ يَنمُو مِن ضِفَافِ الفُرَاتِ .. وَحَولَ النَّوَاعِيرِ .. وَعَلَى سَفحِ القَلَعَةِ .. وَبَينَ كُرُومِ الزَّيتُونِ .. وَبِأَموَاجِ المُتَوَسِّطِ .. وَفِي رَوَابِي الغُوطَةِ .. وَدَاخِلَ حُقُولِ القَمحِ .. لِيُزهِرَ وَردَةَ نَصْرٍ حَمرَاءَ اسمُهَا: حِمْص!!.