مؤخِرةُ القَذّافي

مؤخِرةُ القَذّافي

طريف يوسف آغا

[email protected]

كنت قد رافقت الثورة الليبية منذ اندلاعها في 17 شباط، فيبروري 2011، كما فعلت مع شقيقاتها من بقية الثورات العربية. فكتبت لها قصيدة (إنها الثورة أيها العقيد) ثم ألحقتها بصيدة (رباعيات القذافي) التي ألقيتها في الأمسية الشعرية التي أقمتها في حينه لدعم الثورات العربية كافة. ولكن وحين تم القبض على القذافي وقتله بالطريقة التي شاهدناها ، كنت منشغلاً بالثورة السورية الملتهبة والتي نالت وبجدارة لقب (أم كل الثورات) ولكن كان لابد لي من العودة إلى هذا الحدث التاريخي وتوثيقه بلغة القوافي.

مؤخِرةُ القَذّافي

نِهايةُ طاغية

طَغى بظلمهِ حتى فَجَرْ

ونكَّلَ بالشَعبِ حتى انفجَرْ

ظنَّ نفسَهُ على الشَعبِ بلسَماً

وهوَ الذي كانَ أقسى مِنَ الحجَرْ

ظَنَّ الوطنَ مزرَعَةً لهُ

بكُلِ مافيهِ ومَنْ فيهِ اتَّجَرْ

وضعَ نصفَ الشَعبِ في المقابرِ والسُجونِ

النصفُ الآخَرُ لِلوطَنِ قد هَجَرْ

ونصبَ المشانقَ في الشَوارعِ والساحاتِ

علَّقَ الناسَ حتى على الشَجَرْ

كانَ يرى نفسَهُ مِنْ أخيارِ الحضَرْ

ويرى بقيةَ شَعبهِ مِنَ الغَجَرْ

تحمَّلهُ الشَعبُ عقوداً ولكِنْ

في صباحِ يومٍ هبَّ عليهِ وزَجَرْ

أرادوها سِلميةً وأرادَها دمَويةً

وقعَ في الحفرةِ التي للشَعبِ حفَرْ

ماأرادوا بهِ الشَرَ ولكنْ

تمنوا أنْ يَتَّخِذَ قراراً بالسَفَرْ

فوجَّهَ الصواريخَ وحرَّكَ الدباباتِ

وظنَّ أنهُ بذلكَ بِهِمْ قد ظفَرْ

ولكنْ أتوهُ مِنْ حيثِ لايدري

أتوهُ بفاتورةِ الظُلمِ والقتلِ والطفَرْ

قذفَ الشَعبَ بسِهامهِ فأصابَ ولكنْ مااقتدَرْ

ولما قذفهُ الشَعبُ، أصابَهُ فأرداهُ فانتصَرْ

حينَ تَذكُرهُ قادمةُ الأيامِ سَتذكُرُ

أنهُ حاكمٌ بقتلِ شَعبهِ قد افتخَرْ

لامِنْ نِهايَةِ الملِكَةِ قدِ اتَّعَظَ

ولامِنْ مصيرِ القيصَرِ قدِ اعتبَرْ

لايتعلمُ الطُغاةُ مِنْ مصائِرِ بعضِهمْ

فكأَنَّ عقلَهُمْ مِنْ قِلَّةِ الاستعمالِ قد ضَمَرْ

لايرحمُ الطوفانُ مَنْ كانَ مَعتوهاً

ولايغفرُ البركانُ لِمَنْ وقفَ أمامهُ وانتظَرْ

لايَعفو الشَعبُ حينَ يكسِرُ قيدَهُ

على مَنْ قهرهُ بِحِجَّةِ أنهُ الزعيمُ المنتظَرْ

يَصبرُ الشَعبُ حتى يظنُهُ الحكامُ ميتاً

فإنْ نَهضَ، مَزَّقَهُمْ إرباً ولهمْ قبَرْ

مَنْ يأتي الشُعوبَ ويقهرُها

كمَنْ يأتي الوقودَ ويقدحْ فوقَهُ الشَررْ

مَنْ يزرعِ الخناجرَ في أجسادِ الخلقِ

فلا ينتظرْ سِوى الانتقامِ ثَمَرْ

الخناجرُ التي زرعها فيهمْ بالملايينِ

واحدٌ منها في النهايةِ لمؤخرتهِ قد نَجَرْ

ولِمَنْ أشَفقَ على نِهايتهِ أقولُ

أشفقوا على ضحاياهُ مِمَنْ في التعذيبِ حَشَرْ

العينُ بالعينِ والمؤخِرةُ بالمؤخِرةِ

وليسَ أعدلُ مِنْ حُكمِ القَدَرْ

سَتبقى نِهايتُهُ درساً لأمثالِهِ

ولاشَكَّ أنَّ الدرسَ إليهِمْ قد عَبَرْ