دَع الشّمسَ تأتيك

محمد الهجابي

[email protected]

دع الشمسَ تطلعُ أسفلَ الباب،

دعْها تغربُ عندَ منتصف الطريقْ.

لا تدعْها تغزلُ شَعْرَ الحكاية بنبالها الذّهب.

دع الشّعرَ سبطاً،

حُراً،

يرتجّ كما لسان النار،

إذا ما استفحلَ الحريقْ.

دع اليدَ تمتدّ شلواً،

منك إلى أبعدِ مساحات العمر،

ثمّ منها ترتدّ إليك

من غير عتَباتْ.

لا تدع عتَباتك توقّعُ على جسدِ المتْن

ما يماثلُها في مجرى البصر،

دع البصرَ يمتشقُ ما في القاع،

غير حسيرٍ.

دع الغوايةَ تعودُ منْ شطوطِها مثقلةً بالأهواءِ،

إذا ما البصرُ حطّ على شفا جُرفِ الحكاية.

قليلٌ منَ السذاجَةِ يَكفيك،

وكثيرٌ منْ أسرار الحرفة

قد يفري خيوطَ الحبكة،

ويضعُها على مقاس شخوصٍ مقدّرة،

وللأنامل الهسيسُ.

دع أناملك تُسأْسئُ بدابةِ السّرد،

وتفردُ بيْنَ الأسطر ظلالك.

دعْها تمجدُ التواترَ،

وتجسرُ المعابرَ،

وتقطّبُ فواصلَ الكلماتْ،

كي تستوي على حالٍ غيْر مُنتظر.

دعْها تفتحُ كتابَ الجرح بلا آخر،

لتندفعَ منها فلولُ الحروف زرافاتْ،

ثمّ تنصرف حيثُ تهشّ بريح صرصر

على قطَع العساكر الصافنة،

حتّى تنهارَ على سعةِ الرّقعة،

الواحدة في عقبِ الأخرى،

وحتّى يبقى الملكُ عارياً يقصّ الأثرَ بلا جدوى،

حدّ أنْ يضيّعَ عنوانَ مِشْيَتهِ،

كيف كانْ،

وكيف يكونْ.

دع الأميرةَ تمضي مع العاشق الهَبل،

تراقصُ أصنافَ العُبّار،

تكسّر متكأَ الإعجاز بالغنج،

تخبئُ سكونَ الليل الطافح بيْن دفّتيْن،

تتََجنّبُ عسسَ أبراج الفصول.

دع الهَبلَ العاشقَ يرسمُ علامات التشوير،

كيفما صادفَ،

ويختمُ بأكبرِ الحَماقاتْ.

دع المُزْنَ يهمرُ في الدواخل مدراراً،

ثمّ يجرفُ نحوَ الفيْض البرّاني اللاّحب

أنصابَ الأشياء،

وأقانيمَ الكلماتْ.

دع النطفةَ تنخصبُ في سديم الرحم،

بالتّطهيم،

والتّخليص،

والتّنقيع،

والتّذكية،

والتّشوية،

والتّقطير،

وتأتيها موجاتُ السيول

دفاقاً،

تباعاً،

تخرقُ بها غشاءَ المَشيمَة

بأنْكرِ الأصواتْ.

دع الأصواتَ تبسطُ الأجنحةَ في المحيط،

وتقفزُ في الفراغ إلى ذروةِ المطلق،

كما الغيابُ الفادحُ،

كما آخرُ الطلقاتْ.

دع الشمسَ في تَمامِ البُهرة تأفلُ،

قريباً منَ السّمع،

بعيداً عن النّطقِ،

بحذاءِ البصر،

عند مفترق حواس الشمّ.

دعْها تأتيك

وقتَ الحنينِ إلى السفر.

دع الشمسَ معلّقةً،

لا تفضي إلى منحى صائب،

وتغيبُ بمقدارٍ معلوم،

وتحضرُ بِجِد.

دع السيمورغ

يحملُ وزرَ الحكايةِ،

عبرَ السّربِ المُشتهى،

عنك،

منك،

فيك،

إلى كوْكبِ الكواكِب،

إلى الأبيضِ اللاّيُحد.