وللشتاء حكاية

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*في الشتاء معنى من معاني الطفولة ونقائها وبراءتها

وكأنها تعود بالإنسان مع تلك المعاني لتجعل منه النفس الآمنة المطمئنة

تغفو على هدهدة المطر وأهزوجة الغيث، وتستيقظ مشرفة على نافذة الحياة ترقب الندى مشرقا كنور سماوي يخالط شوق الأرض المتعطشة فيزيدها جمالا، ويزيد النفس على استجلاء معانيها إقبالا

فلا تلبث أن تنشرح وتطرح ثوب كآبة اعتورها في لحظة قيظ وجفاف، ولا تلبث أن تحتفي بصخب طفولتها مواكبة نهر صفائها يخالط الضفاف.. 

ومن فصول الكون المتجددة، تصنع الحكاية، ويبلغ المرء من جلاء نفسه وعلوّها أسمى وأعذب غاية!

*نهار الشتاء قصير..

ولكن فيه من العمق ما يجعله ممتدا بمعانيه وتفاصيله التي تتوزع في طول اليوم وعرضه جذورا راسخة 

لنهار الشتاء المحتجبة شمسُه خلف دثار غيم ماطر نكهة أمنا الأرض الممزوجة بغيث العطاء ، استكانة النفس في زواية أمانيها وحلمها ترسل نظرها نحو الأفق البعيد.. تنتظر سقاء هو أقرب للشفاء منه للرواء 

للشتاء بكل ما فيه.. دروس وعبر تحيي النفس وتعيد ترميم الروح وتغذيتها من بعد هزال نال منها وأصابها!

سبحانك اللهم.

*البعض يتمنى الشتاء طول العام

لسحره، لهمسه، لدفء مشاعره رغم برودة أجوائه، لنقاء فيه يغمرنا، لعذوبة تلامس أفئدتنا، لقطرات تغسل أرواحنا وتملأها بشائر من فرح..

ولكن أحقا لو بقي طول العام سيبقى لهم نفس الرأي؟

جمال بعض الأشياء في تقلبها بين الإقدام والإحجام، بين الحضور والسفر، بين الترحال والمقام ..

كالقمر تماما، نترقبه بشوق كلما غاب، ونستقبله بفرح كلما حضر، ويبقى في القلب أنّى حلّ وأنّى ارتحل.

وسوم: العدد 697