أبدلنا ليلا بنهار

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

وكأننا أمة أدمنت المواجع وجعلت لها في كل يوم ذكرى أو أكثر تندب فيه واقعها ولا شيء غير البكاء والعويل نقدمه قربانا، على أمل واهم أن يقدّم لنا نصرا!

في يوم الأرض وذكرى الأرض..

يتحفّز التراب، يصغي الشهداء من خلف أستار الغياب ..

 تحملق عيون الثأر بغير صبر، يحلم الغريب بيوم الإياب..

يا آذار وغصص العار ..

مذ كتب الشهداء على ثراك حديث البطولة والفداء .. ونحن نحاول قراءة حروفهم، نتهجّاها كتلميذ بليد لا يتقن سوى لعثمة الكلم وتمتمة الإعجام العاجز ..

مذ غرسوا أجسادهم الطاهرة في حضنك الدافئ، ما حفلوا منا بقليل ماء يرويا علّها تنبت مغاوير يشقّون ليل الصمت القاهر بصيحات الثأر والكبرياء..

يا آذار ..

يا لهفة أم تتصفح وجه التاريخ بقلب مواجع واستنكار

يا صرخة أيتام تتلو فاتحة كتاب في مقبرة الأيام تدور بغير قرار

يا خيبة حلمٍ لفتاة جعلت نبض الحب  أكاليل الغار

من ذا يمسح وجه التاريخ يضم صغارا يكسر قيدا للحلم الوردي يفك إسارْ

يا أذار ..

هل تعرف أطواق العار؟

نبحث عن معنى الحرية في مساكن من لاقوا الحتف، ننبش مقابرهم بحثا عن هوية ضائعة منسية ..

والهوية، مزّقها جندي مارق قطع الأميال الألف ليصفعنا كفا تلو الكف

ما بين الأرض وجسر العودة عهد

ما بين الأرض وطهر ثراها وعد

ما بين الأرض وعهد الأرض ووعد الأرض حداد صار وباء يمتد لأبعد حد..

ما بين الباعة والتجار

ما بين الخائن والسمسار

تاه الحلم شريدا يتسلّق أكتاف جحود تلقمه الحنظل والنار

يا آذار..

كم تشكو النسيان جحودا..

قد شنقوا قبلك أيارْ

وحزيران ..

 لا زال يكفكف دمعا، ما اهتز لحرقة لسعته صنّاع قرار ..

فهلمّ بنا..

نطوي في ليل القهر مواجعنا

لا الشجب يعيد حقوقا يمحو الذلة ينهي العار

موتى والصمت لنا كفن

أبدلنا ليلا بنهار!

وسوم: العدد 713