همسات القمر 161

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

*أيها الليل الضرير

من يوقد في عينيك شعلة تقرأ سطور قلب متناثرة على جدار الصمت 

من أيها الليل يفكّ تأتأة الحروف ولعثمة لسانها المختبئ في كهف وحدته و خياله المستحيل، من ؟

*وكأننا في صحراء مترامية الأطراف كثبانها أكثر من سكانها

أقدامنا تغوص إلى أبعاد لا ندركها، وبالكاد نقتلعها مهللين لنجاة على هاوية ممات

أما من نخلة تلوح بغير سراب، تحنو بظلال أغصانها وتسخو بطيب ثمارها؟

*تصرعني حمّى البوح ليلا.. يرتجف القلب قشعريرة وينطلق اللسان من عقاله جامحا في دروب الهذيان

أبحث عن خيط يصل نومي المتقطع ببعضه لأنعم بواحته، وأهنأ بسكينته..

أتقلب ذات يمين، وذات يسار، أغوص في فراشي عمقا مختبئة من زحوف حروف الفوضى والجنون.. ولا فرار

*إلى أولئك الذين نقرع بريدهم نخترق صمته برسائل لم، ولن تصل، برسائل لم نكتبها إلا في حدود تفكيرنا..

برسائل أودعناها صدورنا وأغلقنا عليها بمفاتيح الدعاء

من الدعاء عظيم ذكرى.. ومن الدعاء كثير وفاء...

*في تلك الزوايا البعيدة، وعلى بوّابات كهوفها المظلمة الموحشة، يتراءى شبح الحقيقة المشنوق بحبل الصمت وحبل اللامبالاة ..

تعبث به ريح هازئة من لونه الخالي من قطرة واحدة من حياة..

تتكالب حوله وحوش الغاب أملا في بقايا لقمة لها على جسده المتلاشي..

تجتمع عليه نيران الخذلان من كل واد

أتراه ينبعث من رماد؟!

*حين يعاند الفكر أحداق النوم ويلقي بثرثرته الهائجة على جفونها المثقلة ..

تبدأ معركة البقاء للأقوى ..

وينتصر السهد

*وإن كانت أحلامنا مبتورة بسيف الواقع

وإن كانت أمنياتنا منثورة في أكفّ الرجاء

سيبقى الحلم ريشة الأماني التي نرسم بها لوحات الفرح 

ولعلها تكون!

*ولأنك تعرف كل شيء

تستكين الروح في مدارج الانتظار بشغف لا يعرف الملل

يستوطن القلبَ أمنية دافئة وأمل

وعلى بوابة دعاء ورجاء

تنثر النفس بذور أحلامها ترقب فجر العطاء..

*وقلبي منك وإليك..

أما اشتقت للقائه أيها البعيد القريب؟

أما تحنّ لعزف نبضاته تشدو لك أغاريد الحرية وتتغزل بجمالك المهيب؟

أما برّح بك صداك ورنوت إلى شرايينه ترويك وتبعث في وجنتيك حمرة الحياة؟

لا زلتُ على قيد الشوق والانتظار

ولا زلتَ على قيد الأسر والانكسار

أيطول العهد بيننا وبين راية ترفرف ولسان يزغرد في يوم انتصار؟

وسوم: العدد 729