مُرَاجَعَةُ مُفْرَدَاتِ الخِطَابِ الإسْلَاميِّ ..؟ أمْ فَهْمُهَا ..؟

د. حامد بن أحمد الرفاعي

البارحة الاثنين 24 / 08 / 1440هـ - 29 / 04 / 2019م على هامش مجلس سمو الأمير خالد الفيصل- سلَّمه الله تعالى.. بادرني سعادة الأخ المهندس هاني أبو غزالة قائلاً: أقدر لكم اهتمامكم بأمر المصطلحات وتحرير معناها ودلالاتها .. حقاً إنَّ مسألةَ تحرير المصطلحاتِ لَمدْخلٌ عِلمِيٌّ ومَوضُعيٌّ مهمٌ في تحديد مسار الحوار بشأن مَسائلِ الخِلافِ الفِكريِّ وغيرِها.. واستطرد قائلاً : إنَّ ما يتردد اليوم في الأوساط الفكريّة من عبارات مثل (مراجعة مفردات الحطاب الإسلامي ) لتحتاج إلى مراجعة وتمحيص.. وإذ هممنا بالحديث حول هذه العبارة المضطربة طرأ ما اضطرنا لمغادرة مقر المجلس.. وفي طريق عودتي إلى المنزل انشغلت بمراجعة العبارة وتبلورت في ذهني المعاني التالية:

واجه الأنبياء والرسل جميعاً عليهم الصلاة والسلام من أقوامهم مراجعة مفردات ما يبلغونُهم عن ربِّهم جلَّ جلاله.. ورسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واجه مثل هذا من قومه كما هو في قوله تعالى: "قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذا أَوْ بَدِّلْهُ ۚقُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ" . كلام الله تعالى كاملٌ مُكَّمَلٌ مُحْكمٌ لقوله سبحانه: " الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ". كلام الله تعالى مثبتٌ لا يُبدلِّه أو يغيِّره إلا هو تباركت أسماؤه كما في قوله تعالى: "يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ". كلامُ رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم محكم كذلك لا يعتريه نقص ولا زيغ لقوله تعالى: "وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى". هناك فرق كبير وكبير جداً بين عبارة :(مراجعة مفردات الخطاب الإسلامي) ..وعبارة (مراجعة فهم مفردات الخطاب الإسلامي) ..فالأول جانحة مرفوضة لأنها تعني الاستدراك على كلام الله تعالى والطعن بكماله وإحكامه.. أما الثانية لا تثريب على قائلها لأنها تعني مراجعة فهم البشر واجتهاداتهم التي يؤخذ منها ويُرَّدُ كمَا علَّمنَا رسولُنا صلى الله عليه وسلم ..وهذا أمر جائزٌ بل مطلوبٌ ومحمودٌ لأنَّه من التجديد والتطور الذي يأمرُ به الإسلام وفق تحديات الزمان والمكان.

وبعد وتأسيساً على ما تقدم نؤكد: أنَّ عبارة: (مراجعة مفردات الخطاب الإسلاميِّ) عبارة مجحودة مقبوحة مرفوضة ولا تستقيم بحال بكلِّ المعايير الدينِّة الربَّانيَّة.. أما عبارة :( مراجعة فهم مفردات الخطاب الإسلاميِّ) لا تثريب على من يقول بها ويعمل بها .. لأنَّها مما يأمر به منهج الإسلام وتعاليم القرآن وسنة سيد الأنام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. والله أعلم وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.

وسوم: العدد 822