مصادر التنظير للأدب الإسلامي : المصدر الثالث، المنتج الأدبي : أدب الصحابة الكرام (الشعر والنثر)

وتكمن أهمية هذه الوثيقة في إلى كثيرة منها:

1- أنها تمثل النموذج الفني الإبداعي والوثيقة الفنية للأدب الإسلامي، الذي استجاب لله ورسوله، فأنتج أدباً إسلامياً تتجسد فيه المقاييس القرآنية والنبوية، في فنون أدبية متعددة: كالشعر، والرسائل والوصايا والمثل والحكمة والخطابة.

2- إن هذا الأدب أصبح جزءاً من التشريع الإسلامي والسنة النبوية (التقرير)، لأنه نال إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم ورضاه، وسكوت الرسول عليه السلام وإقراره للشعراء الصحابة على شعرهم ومواقفهم يعتبر من المرجعية الشرعية، التي تجعل من أدبهم وثيقة شرعية وفنية وعملية للأدب الإسلامي، يفرض على المنظرين، استخراج مقاييس النظرية الأدبية الإسلامية من أدبهم الذي نال إقرار النبي عليه السلام.

3- إن هذه الفترة، هي التي تمثل خير القرون وكانت السيرة النبوية، النموذج الشامل للإسلام في مختلف جوانب الحياة من عقيدة واقتصاد وتربية وجهاد وسياسة وأدب. حتى تكون سيرته عليه السلام هي النموذج الجامع للإسلام نصاً وتطبيقاً، وهي النموذج المقدم لأبناء الأمة من بعده إلى يوم القيامة، وقد اشرف الرسول عليه السلام بنفسه على تطبيق منهجيات القرآن والسنة في الأدب يوم أن اشرف عليه السلام بنفسه على توجيه الأدب وتعليم شعراء الدعوة، وحيث ترك لهم الجانب التخصصي الفني كأصحاب خبرة في فن الشعر، حتى يتمكنوا من نقل الشعر العربي الجاهلي فنياً إلى مرحلة الشعر الإسلامي فنياً، وكان رائد ذلك حسان بن ثابت رضي الله عنه، حين فهم مقاصد الإسلام من الفن الشعري فخلصه من الخيال المريض، ونقله إلى مرحلة الخيال المنضبط بأهداف الدعوة، وكل ذلك تحت رعاية الرسول صلى الله عليه وسلم وإشرافه.

ومن الناحية الزمنية، فهو يشمل الشعر والنثر، الذي أنتجه المسلمون طوال الفترة النبوية في المرحلتين (المكية والمدنية) وفترة الدولة الراشدية، وهي فترة تزيد عن ستين عاماً، انتج فيها الصحابة والمجتمع الإسلامي دواوين ضخمة من الأدب الإسلامي، في معظم الأنواع الأدبية السائدة في عصرهم فكان منها:

1- ديــوان من الشــعر 2- ديوان مـن الحــكم والأمثال والتوقيــعات  3- ديــوان من الوصــايا والنصائح. 4- ديوان من الخطب 5- ديوان من الرسائل(2).

وبهذا تكون هذه الفترة، هي التي قدمت نصوص النموذج الأدبي للإسلام، وهي النصوص التي نالت تقرير الرسول عليه السلام في سيرته الشريفة، وهي النموذج لأدب إسلامي مقر شرعياً من الذي لا ينطق عن الهوى. يقول عبد الباسط بدر:(لا يمكن أن تكون هناك نظرية للأدب الإسلامي بدون نصوص إسلامية تقوم عليها وتستخرج منها)(3).

لقد تجاهل دعاة الأدب الإسلامي المعاصر أدب الصحابة، في بحثهم عن نماذج ونصوص تستخرج منها مقاييس للأدب الإسلامي، واعتبروا أدب الصحابة نتفاً لا تروي غليلهم، وضلوا على وجوههم في شعاب الآداب فلم يجدوا نموذجهم الإسلامي، لأنهم يجهلون تاريخ الأدب العربي، وما يعلمونه من تاريخ الأدب العربي، ثقافة عامة، لا يَصْلح التنظير من خلالها، بالإضافة إلى جهلهم بالنظرية الأدبية نفسها.

وتمثل المصادر الثلاثة السابقة (القرآن الكريم ــ الحديث الشريف ـ ديوان الأدب في الفترة النبوية والراشدية) المصادر الشرعية والوحيدة، لكل ما يخص نظرية الأدب الإسلامي في.. النظرية والتطبيق والنص الأدبي واستخراج المقاييس، وهي المصادر الوحيدة لإثبات فقه القضية الأدبية في الإسلام، وبغير هذه المصادر، لا يمكن للتنظير أن يصبح إسلامياً شرعياً، كما أن هذه المرجعية الشرعية، ملزمة للأدب الإسلامي في اللغة العربية وجميع آداب اللغات الإسلامية الأخرى، دون استثناء، لتحديد الثوابت النظرية من أصولها الشرعية والفنية من هذه المصادر.

وسوم: العدد 822