الاتجاه الاسلامي في شعر حافظ إبراهيم ( 1932- 1871م )

  هو شاعر النيل حافظ إبراهيم  (1871م 1932م) علم مشهور من أعظم شعراء العصر الحديث، وقد عالج كثيرًا من الفضائل والقيم الأخلاقية في تضاعيف عشرات من قصائده في المدح والتهاني، والمراثي، والوصف، والأهاجي، وهذا الجانب لا تتسع له هذه المساحة المتاحة . ولكننا نقصد في السطور الآتية إلى بعض هذه الصفات والفضائل التي تنبثق أو ترتبط بجوهر الدين، وأصوله ومثله العليا.

    وشعره الاسلامي في هذا المجال يأخذ وجهتين:

الوجهة الأولى: استنكار ما يتعارض مع الدين من خلق وعادات وتقاليد وضلالات.

الوجهة الثانية: الإشادة بالقيم الدينية، وبيان محاسنها، والدعوة إلى أخذ النفس بها على مستوى الفرد والجماعة.

وقد تأثر حافظ ابراهيم بفكر الامام محمد عبده رائد السلفية الاصلاحية في مصر الذي دعا الى صفاء عقيدة التوحيد ونبذ البدع في أمور الدين كما دعا الى اصلاح التعليم والى نيل المرأة حقها في الحياة السياسية والعلمية والاجتماعية ...

    وها هو ذا حافظ ابراهيم يحمل بشدة على كثير من البدع، والضلالات، ويشتد نكره بخاصة على هؤلاء الذين يقدسون قبور الأولياء، ويطوفون بها، كأنهم يخصونها بالعبادة من دون الله، ويستصرخ الإمام محمد عبده أن ينقذ هذه النفوس المنحرفة، ويطهرها من هذا الضلال، فيقول:

إمام الهدى إني أرى القومَ أبدعوا

بدعا عنها الشريعة تعزف

رأوا في قبور الميتين حياتهم

فقاموا الى تلك القبور وطوفوا

وباتوا عليها جاثمين كأنهم لهم 

على صنم للجاهلية..عُكَّف

    وحافظ إبراهيم الذي عاش بائسًا، أو على الأقل كان يستشعر البؤس والحرمان يهوله ما يتدفق على “صناديق النذور” من أموال يتوزعها لا البائسون والمحتاجون ولكن القائمون على خدمة “المقام” أو الضريح الذي يثوى فيه الولي وفي ذلك يقول حافظ بحرارة شديدة:

أحياؤنا  لا يرزقون بدرهم

وبألف ألف ترزق الأموات

مَنْ  لي بحظ النائمين بحفرةً

قامت على أحجارها الصلوات

يسعى الإمام لها ويجري حولها

بحر النذور وتقرأ الأيات

ويقال هذا القطبُ بابُ المصطفى

ووسيلة  تقضي بها الحاجات

    ويحمل حافظ بشدة على صنف من أدعياء العلم والفقه والتقوى، لم يرعوا للعلم والفقه حرمة، فسلكوا طريق النفاق والكذب والفتن والوقيعة في سبيل تحقيق أهداف وغايات دنيا، فيقول:

كم  عالمٍ مدَّ العلوم حبائلاً

لوقيعة وقطيعة وفراق

وفقيه  قوم ظل يرصد فقهه

لمكيدة أو مستحل طلاق

يمشي وقد نصبت عليه عمامة

كالبرج لكن فوق تل نفاق

يدعونه  عند الشقاق وما دروا

كأن  الذي يدعون أصل شقاقِ

    ويعرض حافظ لمرضى الدنيا ومطالبها الخسيسة الذين يعتنقون فكرة “الغاية تبرر الوسيلة” من أطباء ومهندسين، وأدباء، لا يرعون شرف المهنة، ومتطلبات الأمانة التي حملوها، والرسالة التي تعهدوا بأدائها.

    ومن هذا القبيل هؤلاء القادة الذين يتشدقون بالقيم الدينية والإنسانية، والورع والتقوى، وأعمالهم تناقض أقوالهم، فيقول مخاطبًا “غليوم الثاني” إمبراطور “ألمانيا” وهو ينكر عليه إثارته الحرب العالمية الأولى، وما ارتكبه فيها من فظائع:

أكثرت من ذكر الإله تورعا

وزعمت أنك مرسل وأمين

عجبا!! أتذكره، وتملأ كونه

ويلا لينعم شعبك المغبون

وكذلك القصابُ يذكر ربه

والنصل  في عنق الذبيح دفين

    والظلم هو شر الظلمات، وأبعدها أثرًا في المجتمعات، وأضراها على الأفراد، والقاسطون (أي الظالمون) لا يرعون حق المواطنة، ولا حق الدين، فعلى أيديهم يخرب الوطن، ويدمر بنيانه، يقول حافظ:

لحى الله عهدَ القاسطين الذي به

تهدم من بنياننا ما تهدما

إذا  شئت أن تلقى السعادة بينهم

فلا تك مصريا ولا تك مسلما

سلام على الدنيا سلام مودع

رأى في سلام القبر أنسا ومغنما

      ويرى حافظ في الدين أقوى الروابط التي تجمع المشاعر والقلوب على الحق، ويدعو عنصري الأمة إلى المحبة والتسامح:

يا قوم إنجيل عيسى

                            وأمة  القرآن

لا تقتلوا الدهر حقدا

                        فالملك للديان

    ويتحد ث عن الدستور، ويطالب الملك فؤاد به، ثم يقول:

بآي محمد وبآي عيسى

        فَعَوِّذهُ وآيات الكليم

    وسماحة المسلم تدفعه إلى أن يعترف بالفضل لأهل الفضل، ويثني على “مسرة” الشام مطران طائفة الروم الأرثوذكس الذي كان يُعنى بالجرحى عندما اعتدى الأسطول الإيطالي على بيروت سنة 1912م:

مسرة  الشام إنا

            اخوانكم ما حيينا

ثقوا فإنا وثقنا

            بكم وجئنا قطينا

إنا نرى فيك عيسى

        يدعو الى الخير فينا

قربت  بين قلوب

        قد أوشكت أن تبينا

فأنت فخر النصارى

        وصاحب  المسلمينا

    ويتغنى حافظ إبراهيم برأي الجماعة الذي يعتمد على قاعدة الشورى، فهو سر سعادة الأمم، أما الانفراد بالرأي والاستبداد به فيجلب لها الشقاء.

    رأي الجماعةِ لا تشقى البلاد به         

  رغم الخلاف، ورأي الفرد يشقيها

    ويفصل مزايا الشورى وفضائلها، وينهي أبياته بهذا التوجيه السديد:

فتكنفوا الشورى على استقلالكم            في الرأي لا توحيه نزعة واحي

ويد الإله مع الجماعة فاضربوا            بعصا  الجماعة  تظفروا بنجاح

    كما يتغنى حافظ بالتعاون والعدل، وهما من أهم أسس الحكم ونهضة الشعوب، وبغيرها تنهار الأمم والحضارات.

    ولا شك أن “حافظ” في كل ما أشاد به من قيم ومثل عليا في آفاق النفس والوطن، والمجتمع الإنساني استلهم روح الإسلام، وجواهره وتعاليمه، فهو الذي أفرد الله بالعبادة، ونهى عن تقديس الأشخاص أحياء وأمواتًا، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود؛ لأنهم اتخذوا قبور أوليائهم مساجد” , كما اعتبر الإسلام العلماء ورثة الأنبياء “قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. وهو الذين الذي يقول كتابه “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاءذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي” وأمر بالتسامح الديني في أرقى مراتبه “ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى” وأمر بالتعاون في الحق “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعانوا على الإثم والعدوان” ويقول تعالى: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل”.

كل أولئك قيم تمثل مبادئ وقواعد جوهرية في الإسلام، رددها حافظ، وألح على بعضها كالعدل والشورى إلحاحًا شديدًا، ونلاحظ على منهجه في معالجة هذه القيم ما يأتي:

1 أنه كان قصير النفس في عرضها فهو لم يخص قيمة منها بقصيدة كاملة , بل يعالجها في بضعة أبيات، وفي تضاعيف قصائد أخرى، إذا استثنينا مقطوعته “أضرحة الأولياء” وهي من أربعة أبيات مستقلة.

2 أنه في الغالب كان يعرض هذه القيم عرضًا مباشرًا، وبطريقة لامسة، وأحيانًا على سبيل الإلماع ولكن بعاطفة قوية، وأسلوب جميل يتسم بالسهولة والتدفق.

ربط العلم بالأخلاق:

    ويؤكد الشاعر (حافظ ابراهيم) على ربط التعليم بالأخلاق والأمم تزدهر بالأخلاق، وتندثر بالفساد والانحلال :

إني لتطربني الخلال كريمة

طرب الغريب بأوبة وتلاقي

وتهزني ذكرى المروءة والندى

بين الشمائل هزة المشتاق

فإذا رزقت خليقة محمودة

فقد اصطفاك مقسم الأرزاق

فالناس هذا حظه مال وذا

علم وذاك مكارم الأخلاق

والمال إن لم تدخره محصناً

بالعلم كان نهاية الإملاق

والعلم إن لم تكتنفه شمائل

تعليه كان مطية الأخفاق

لاتحسبن العلم ينفع وحده

مالم يتوج ربه بخلاق

اعداد الأمهات:

  ويدعو الشاعر الأمة أن تلتفت الى تربية النساء وتعليم المرأة لأن منهن الأمهات والأخوات والزوجات، وعليهن تقع مسؤولية تربية الأولاد، وهاهو يقول:

من لي بتربية النساء فإنها

في الشرق علة ذلك الإخفاق

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعباً طيب الأعراق

الأم روض إن تعهده الحيا

بالري أورق أيماً إيراق

الأم أستاذ الأساتذة الألى

شغلت مآثرهم مدى الآفاق

الحجاب:

ويتخذ الشاعر موقفا وسطا فهو لايدعو الى السفور والفجور والتهتك ..وبالمقابل لا يوافق على التشدد والتضييق والارهاق فخير الأمور الوسط ...

أنا لا أقول دعوا النساء سوافرا

بين الرجال يجلن في الأسواق

يدرجن حيث أرَدن لا من وازع

يحذرن رقبته ولا من واقي

يفعلن أفعال الرجال لواهيا

عن واجبات نواعس الأحداق

في دورهن شؤونهن كثيرة

كشؤون رب السيف والمزراق

تتشكّل الأزمان في أدوارها

دولا وهن على الجمود بواقي

فتوسطوا في الحالتين وأنصفوا

فالشر في التّقييد والإطلاق

      ويدعو الشاعر حافظ ابراهيم الى تربية البنات وتعليمهن، فيقول:

ربوا البنات على الفضيلة إنها

في الموقفين لهن خير وثاق

وعليكم أن تستبين بناتكم نور

الهدى وعلى الحياء الباقي.

وخلق الحياء للبنات هو العصمة من الانحراف والرذيلة ..

القصيدة العمرية :

    هي واحدة من أشهر قصائد مدح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- وهي للشاعر حافظ إبراهيم والقصيدة من البحر البسيط التام..ولقد أحسن الشاعر اختيار البحر والقافية فالبحر البسيط يتسع لجميع الأغراض الشعرية من مديح ورثاء وفخر وحماسة ...

ومؤلف القصيدة:

    هو محمد حافظ بن إبراهيم الذي ولد في محافظة أسيوط 24 فبراير 1872 - 21 يونيو 1932م. شاعر مصري ذائع الصيت.

    عاصر أحمد شوقي، ولقب بشاعر النيل، وبشاعر الشعب، كان حافظ إبراهيم إحدى عجائب زمانه، ليس فقط في جزالة شعره بل في قوة ذاكرته والتي قاومت السنين، ولم يصبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هي عمر حافظ إبراهيم، فإنها ولا عجب إتسعت لآلاف الآلاف من القصائد العربية القديمة والحديثة ومئات المطالعات والكتب، وكان باستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل في عده دقائق وبقراءة سريعة، ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان.

    وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرآن في بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم أو طه ، فيحفظ ما يقوله ويؤديه كما سمعه بالرواية التي سمع القارئ يقرأ بها.

    يعتبر شعره سجل الأحداث، إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه، ويصوغ منها أدبا قيما يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء أضحك في شعره أم بكى وأمل أم يئس، فقد كان يتربص كل حادث هام يعرض فيخلق منه موضوعا لشعره ويملؤه بما يجيش في صدره.

    مع تلك الهبة الرائعة، فإن حافظ أصابه - ومن فترة امتدت من 1911 إلى 1932 – داء اللامبالاة والكسل وعدم العناية بتنميه مخزونه الفكرى وبالرغم من إنه كان رئيساً للقسم الأدبى بدار الكتب إلا أنه لم يقرأ في هذه الفترة كتاباً واحداً من آلاف الكتب التي تزخر بها دار المعارف، الذي كان الوصول إليها يسير بالنسبة لحافظ، تقول بعض الآراء ان هذه الكتب المترامية الأطراف القت في سأم حافظ الملل، ومنهم من قال بأن نظر حافظ بدا بالذبول خلال فترة رئاسته لدار الكتب وخاف من المصير الذي لحق بالبارودى في أواخر أيامه. كان حافظ إبراهيم رجل مرح وابن نكتة وسريع البديهة يملأ المجلس ببشاشته وفكاهاته الطريفة التي لاتخطئ مرماها.

( عمر بن الخطاب ):

      ويطلب الشاعر من الله العون والمدد لكي يلهمه الله الشعر والمعاني والعبارات لكي يوفي الفاروق حقه من المدح والثناء فهو يشعر أن الشعر والخطب والبلاغة عاجزة لا توفي حقوق عمر الكثيرة، ولا تصور منجزاته:

حَسْبُ القَوَافِي وَحَسْبِي حِينَ أُلْقِيهَا **** أَنِّي إِلى سَاحَةِ الفَارُوقِ أُهْدِيهَا

اللهم هب لي بيانا أستعين به **** على قضاء حقوق نام قاضيها

قد نازعتني نفسي أن أوفيها **** وليس في طوق مثلي أن يوفيها

فمر سري المعاني أن يواتيني **** فيها فإني ضعيف الحال واهيها

( عمر وعلي ):

ويسرد الشاعر حافظ ابراهيم هذه القصة التي لم تثبت تاريخيا، ولعلها من وضع الشيعة، ومن المعلوم أن عليا بايع أبا بكر في المسجد مع جمهور الصحابة والمسلمين :

و قولة لعلي قالها عمر **** أكرم بسامعها أعظم بملقيها

حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها **** إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبى حفص يفوه بها**** أمام فارس عدنان وحاميها

كلاهما في سبيل الحق عزمته **** لا تنثني أو يكون الحق ثانيها

فاذكرهما وترحم كلما ذكروا **** أعاظما ألِّهوا في الكون تأليها

(مقتل عمر):

    لقد أقدم المجرم أبو لؤلؤة المجوسي على قتل عمر في محراب الصلاة فحقق الله أمنيته واستجاب دعوته ( اللهم ارزقنى الشهادة في سبيلك في بلد نبيك ثم يقول : وأنى لك ذلك يا عمر):

مولى المغيرة لا جادتك غادية **** من رحمة الله ما جادت غواديها

مزقت منه أديما حشوه همم **** في ذمة الله عاليها وماضيها

طعنت خاصرة الفاروق منتقما **** من الحنيفة في أعلى مجاليها

فأصبحت دولة الإسلام حائرة **** تشكو الوجيعة لما مات آسيها

مضى وخلفها كالطود راسخة **** وزان بالعدل والتقوى مغانيها

تنبو المعاول عنها وهي قائمة **** والهادمون كثير في نواحيها

حتى إذا ما تولاها مهدمها **** صاح الزوال بها فاندك عاليها

واها على دولة بالأمس قد ملأت **** جوانب الشرق رغدا في أياديها

كم ظللتها وحاطتها بأجنحة **** عن أعين الدهر قد كانت تواريها

من العناية قد ريشت قوادمها **** ومن صميم التقى ريشت خوافيها

و الله ما غالها قدما وكاد لها **** واجتث دوحتها إلا مواليها

لو أنها في صميم العرب ما بقيت **** لما نعاها على الأيام ناعيها

ياليتهم سمعوا ما قاله عمر **** والروح قد بلغت منه تراقيها

لا تكثروا من مواليكم فإن لهم **** مطامع بَسَمَاتُ الضعف تخفيها

(إسلام عمر ):

وكان اسلام عمر بن الخطاب فتحا ونصرا قد أعز الله به المستضعفين :

رأيت في الدين آراء موفقة **** فأنزل الله قرآنا يزكيها

و كنت أول من قرت بصحبته **** عين الحنيفة واجتازت أمانيها

قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها **** بنعمة الله حصنا من أعاديها

خرجت تبغي أذاها في محمدها **** وللحنيفة جبار يواليها

فلم تكد تسمع الايات بالغة **** حتى انكفأت تناوي من يناويها

سمعت سورة طه من مرتلها **** فزلزلت نية قد كنت تنويها

و قلت فيها مقالا لا يطاوله **** قول المحب الذي قد بات يطريها

و يوم أسلمت عز الحق وارتفعت **** عن كاهل الدين أثقالا يعانيها

و صاح فيها بلال صيحة خشعت **** لها القلوب ولبت أمر باريها

فأنت في زمن المختار منجدها **** وأنت في زمن الصديق منجيها

كم استراك رسول الله مغتبطا **** بحكمة لك عند الرأي يلفيها

(عمر وبيعة أبي بكر ):

وكان لعمر الفاروق دور مشهور يوم السقيفة حيث أشار على المهاجرين والأنصار بمبايعة الصديق، فأجمعوا على ذلك:

و موقف لك بعد المصطفى افترقت **** فيه الصحابة لما غاب هاديها

بايعت فيه أبا بكر فبايعه **** على الخلافة قاصيها ودانيها

و أطفئت فتنة لولاك لاستعرت **** بين القبائل وانسابت أفاعيها

بات النبي مسجا في حظيرته **** وأنت مستعر الاحشاء داميها

تهيم بين عجيج الناس في دهش **** من نبأة قد سرى في الأرض ساريها

تصيح : من قال نفس المصطفى قبضت **** علوت هامته بالسيف أبريها

أنساك حبك طه أنه بشر **** يجري عليه شؤون الكون مجريها

و أنه وارد لابد موردها **** من المنية لا يعفيه ساقيها

نسيت في حق طه آية نزلت **** وقد يذكر بالايات ناسيها

ذهلت يوما فكانت فتنة عمم **** وثاب رشدك فانجابت دياجيها

فللسقيفة يوم أنت صاحبه **** فيه الخلافة قد شيدت أواسيها

مدت لها الأوس كفا كي تناوله **** فمدت الخزرج الايدي تباريها

و ظن كل فريق أن صاحبهم **** أولى بها وأتى الشحناء آتيها

حتى انبريت لهم فارتد طامعهم **** عنها وآخى أبو بكر أواخيها

( عمر وجبله بن الايهم ):

ويحكي الشاعر قصة عمر مع جبلة بن الأيهم الذي وطئ ثوبه الأعرابي فأمر عمر بالقصاص منه فطلب المهلة الى الغد لكي يسعى بالصلح مع الأعرابي فهرب في جنح الظلام وارتد عن دينه ولحق بقيصر الروم :

كم خفت في الله مضعوفا دعاك به **** وكم أخفت قويا ينثني تيها

و في حديث فتى غسان موعظة **** لكل ذي نعرة يأبى تناسيها

فما القوي قويا رغم عزته **** عند الخصومة والفاروق قاضيها

وما الضعيف ضعيفا بعد حجته **** وإن تخاصم واليها وراعيها

( عمر وأبو سفيان ):

    وكان أمير المؤمنين يحاسب الجميع ، ويطبق الأحكام على الغني والفقير، وعلى أصحاب الجاه والقرابة:

و ما أقلت أبا سفيان حين طوى**** عنك الهدية معتزا بمهديها

لم يغن عنه وقد حاسبته حسب **** ولا معاوية بالشام يجبيها

قيدت منه جليلا شاب مفرقه **** في عزة ليس من عز يدانيها

قد نوهوا باسمه في جاهليته **** وزاده سيد الكونين تنويها

في فتح مكة كانت داره حرما **** قد أمّن الله بعد البيت غاشيها

و كل ذلك لم يشفع لدى عمر **** في هفوة لأبي سفيان يأتيها

تالله لو فعل الخطاب فعلته **** لما ترخص فيها أو يجازيها

فلا الحسابة في حق يجاملها **** ولا القرابة في بطل يحابيها

و تلك قوة نفس لو أراد بها **** شم الجبال لما قرت رواسيها

(عمر وخالد بن الوليد):

وحين خشي عمر - رضي الله عنه - أن يفتتن المسلمون ببطولة خالد ، وأن يظنوا النصر من عنده، فأمر بعزله، فتقبل سيف الله المسلول أمر عمر بالرضا، وقبله احتراما ، وتابع القتال جنديا تحت امرة الجراح، وقال قولته المشهورة :

انا نقاتل كي يرضى الاله بنا

ولا نقاتل كي يرضى بنا عمر

وقد وقف الشاعر حافظ ابراهيم عند هذه الحادثة وكان موفقا في تصويرها وتعليلها:

سل قاهر الفرس والرومان هل شفعت **** له الفتوح وهل أغنى تواليها

غزى فأبلى وخيل الله قد عقدت **** باليمن والنصر والبشرى نواصيها

يرمي الأعادي بآراء مسددة **** وبالفوارس قد سالت مذاكيها

ما واقع الروم إلا فر قارحها **** ولا رمى الفرس إلا طاش راميها

و لم يجز بلدة إلا سمعت بها **** الله أكبر تدْوي في نواحيها

عشرون موقعة مرت محجلة **** من بعد عشر بنان الفتح تحصيها

و خالد في سبيل الله موقدها **** وخالد في سبيل الله صاليها

أتاه أمر أبي حفص فقبله **** كما يقبل آي الله تاليها

و استقبل العزل في إبان سطوته **** ومجده مستريح النفس هاديها

فاعجب لسيد مخزوم وفارسها **** يوم النزال إذا نادى مناديها

يقوده حبشي في عمامته **** ولا تحرك مخزوم عواليها

ألقى القياد إلى الجراح ممتثلا **** وعزة النفس لم تجرح حواشيها

و انضم للجند يمشي تحت رايته **** وبالحياة إذا مالت يفديها

و ما عرته شكوك في خليفته **** ولا ارتضى إمرة الجراح تمويها

فخالد كان يدري أن صاحبه **** قد وجه النفس نحو الله توجيها

فما يعالج من قول ولا عمل **** إلا أراد به للناس ترفيها

لذاك أوصى بأولاد له عمرا **** لما دعاه إلى الفردوس داعيها

و ما نهى عمر في يوم مصرعه **** نساء مخزوم أن تبكي بواكيها

و قيل فارقت يا فاروق صاحبنا **** فيه وقد كان أعطى القوس باريها

فقال خفت افتتان المسلمين به **** وفتنة النفس أعيت من يداويها

هبوه أخطأ في تأويل مقصده **** وأنها سقطة في عين ناعيها

فلن تعيب حصيف الرأي زلته **** حتى يعيب سيوف الهند نابيها

تالله لم يتَّبع في ابن الوليد هوى **** ولا شفى غلة في الصدر يطويها

لكنه قد رأى رأيا فأتبعه **** عزيمة منه لم تثلم مواضيها

لم يرع في طاعة المولى خؤولته **** ولا رعى غيرها فيما ينافيها

و ما أصاب ابنه والسوط يأخذه **** لديه من رأفة في الحد يبديها

إن الذي برأ الفاروق نزهه **** عن النقائص والأغراض تنزيها

فذاك خلق من الفردوس طينته **** الله أودع فيها ما ينقيها

لا الكبر يسكنها لا الظلم يصحبها **** لا الحقد يعرفها لا الحرص يغويها

(عمر وعمرو بن العاص):

    ومن قصص عدله التي لا تنتهي أنه شاطر أمير مصر بنصف ماله لأنه خشي أن قد استغل منصبه في التجارة ، ورفع شعار من أين لك هذا:

شاطرت داهية السواس ثروته **** ولم تخفه بمصر وهو واليها

و أنت تعرف عمرا في حواضرها **** ولست تجهل عمرا في بواديها

لم تنبت الأرض كابن العاص داهية **** يرمي الخطوب برأي ليس يخطيها

فلم يرغ حيلة فيما أمرت به **** وقام عمرو إلى الأجمال يزجيها

و لم تقل عاملا منها وقد كثرت **** أمواله وفشا في الأرض فاشيها

(عمر وولده عبد الله ):

وأمر الفاروق ولده عبد الله أن يضع ابله في بيت مال المسلمين مخافة أن يستغل ولده منصب أبيه ، فترعى ابله في أفضل المراعي :

و ما وقى ابنك عبد الله أينقه **** لما اطلعت عليها في مراعيها

رأيتها في حماه وهي سارحة **** مثل القصور قد اهتزت أعاليها

فقلت ما كان عبد الله يشبعها **** لو لم يكن ولدي أو كان يرويها

قد استعان بجاهي في تجارته **** وبات باسم أبي حفص ينميها

ردوا النياق لبيت المال إن له **** حق الزيادة فيها قبل شاريها

و هذه خطة لله واضعها **** ردت حقوقا فأغنت مستميحيها

مالإشتراكية المنشود جانبها **** بين الورى غير مبنى من مبانيها

فإن نكن نحن أهليها ومنبتها **** فإنهم عرفوها قبل أهليها

(عمر ونصر بن حجاج):

وعندما رأى النساء تفتتن بجمال نصر بن الحجاج أمر بنفيه لكي يأمن المجتمع من الفتن:

جنى الجمال على نصر فغربه **** عن المدينة تبكيه ويبكيها

و كم رمت قسمات الحسن صاحبها **** وأتعبت قصبات السبق حاويها

و زهرة الروض لولا حسن رونقها *** لما استطالت عليها كف جانيها

كانت له لمة فينانة عجب *** على جبين خليق أن يحليها

و كان أنى مشى مالت عقائلها **** شوقا إليه وكاد الحسن يسبيها

هتفن تحت الليالي باسمه شغفا **** وللحسان تمنٍّ في لياليها

جززت لمته لما أتيتَ به **** ففاق عاطلها في الحسن حاليها

فصحت فيه تحول عن مدينتهم **** فإنها فتنة أخشى تماديها

و فتنة الحسن إن هبت نوافحها **** كفتنة الحرب إن هبت سوافيها

(عمر ورسول كسرى):

وجاءه رسول كسرى وسأل عن قصر عمر فلم يجد له قصرا ولا حرسا فاندهش وراح يقارن بين أمير المؤمنين وبين كسرى ثم أدرك الحقيقة بفطنته وعلم أن العدل هو أساس الملك والسلام والطمأنينة :

و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا**** بين الرعية عطلا وهو راعيها

و عهده بملوك الفرس أن لها **** سورا من الجند والأحراس يحميها

رآه مستغرقا في نومه فرأى **** فيه الجلالة في أسمى معانيها

فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا **** ببردة كاد طول العهد يبليها

فهان في عينه ما كان يكبره **** من الأكاسر والدنيا بأيديها

و قال قولة حق أصبحت مثلا **** وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهم **** فنمت نوم قرير العين هانيها

(عمر والشورى ):

ولقد أنزل الله سورة تتلى عن الشورى وأمر نبيه بضرورة الشورى فقال : وشاورهم في الأمر ..وقد سار عمر على سنة المصطفى في تطبيق الشورى فكان لا يقطع أمرا حتى يشاور كبار الصحابة وأهل الاختصاص :

يا رافعا راية الشورى وحارسها **** جزاك ربك خيرا عن محبيها

لم يلهك النزع عن تأييد دولتها **** وللمنية آلام تعانيها

لم أنس أمرك للمقداد يحمله **** إلى الجماعة إنذارا وتنبيها

إن ظل بعد ثلاث رأيهم شعبا **** فجرد السيف واضرب في هواديها

فاعجب لقوة نفس ليس يصرفها **** طعم المنية مرا عن مراميها

درى عميد بني الشورى بموضعها **** فعاش ما عاش يبنيها ويعليها

و ما استبد برأي في حكومته **** إن الحكومة تغري مستبديها

رأي الجماعة لا تشقى البلاد به **** رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها

(مثال من زهده):

    وكان - رحمه الله تعالى- زاهدا يلبس الثياب المرقعة وهو يمتلك نصف الكرة الأرضية ولكن زهده وورعه يكفه عن أخذ المال من بيت مال المسلمين:

يا من صدفت عن الدنيا وزينتها **** فلم يغرك من دنياك مغريها

ماذا رأيت بباب الشام حين رأوا **** أن يلبسوك من الأثواب زاهيها

و يركبوك على البرذون تقدمه **** خيل مطهمة تحلو مرائيها

مشى فهملج مختالا براكبه **** وفي البراذين ما تزها بعاليها

فصحت يا قوم كاد الزهو يقتلني **** وداخلتني حال لست أدريها

و كاد يصبو إلى دنياكم عمر **** ويرتضي بيع باقيه بفانيها

ردوا ركابي فلا أبغي به بدلا **** ردوا ثيابي فحسبي اليوم باليها

(مثال من رحمته ):

وكان - رضي الله عنه- يسعى في خدمة المرأة العجوز العمياء ويساعد الأرملة وذكرت كتب التاريخ قصته مع المرأة التي كانت تغلى الحصا لكي توهم أولادها بوجود الطعام حتى يناموا فهرع الى بيت مال المسلمين وحمل السمن والدقيق وصنع لهم الطعام بنفسه ولم يتركهم حتى سمع أصوات ضحكهم :

و من رآه أمام القدر منبطحا **** والنار تأخذ منه وهو يذكيها

و قد تخلل في أثناء لحيته **** منها الدخان وفوه غاب في فيها

رأى هناك أمير المؤمنين على **** حال تروع لعمر الله رائيها

يستقبل النار خوف النار في غده **** والعين من خشية سالت مآقيها

(مثال من تقشفه وورعه ):

كان عمر من أزهد المسلمين في متاع الدنيا ففي عام الرمادة حيث أصاب القحط الأمة وجاع الناس ..كان عمر رضي الله عنه يأمر بصنع الطعام ويجلس لوحده يأكل الزيت والخل فتقرقر بطنه فيخاطبها : قرقري أولا تقرقري فلن تذوقي اللحم حتى يشبع أطفال المسلمين:

إن جاع في شدة قومٌ شركتهم **** في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها

جوع الخليفة والدنيا بقبضته **** في الزهد منزلة سبحان موليها

فمن يباري أبا حفص وسيرته **** أو من يحاول للفاروق تشبيها

يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها **** من أين لي ثمن الحلوى فأشريها

لا تمتطي شهوات النفس جامحة **** فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها

و هل يفي بيت مال المسلمين بما **** توحي إليك إذا طاوعت موحيها

قالت لك الله إني لست أرزؤه **** مالا لحاجة نفس كنت أبغيها

لكن أجنب شيأ من وظيفتنا **** في كل يوم على حال أسويها

حتى إذا ما ملكنا ما يكافئها **** شريتها ثم إني لا أثنيها

قال اذهبي واعلمي إن كنت جاهلة **** أن القناعة تغني نفس كاسيها

و أقبلت بعد خمس وهي حاملة **** دريهمات لتقضي من تشهيها

فقال نبهت مني غافلا فدعي **** هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها

ويلي على عمر يرضى بموفية **** على الكفاف وينهى مستزيدها

ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به **** أولى فقومي لبيت المال رديها

كذاك أخلاقه كانت وما عهدت **** بعد النبوة أخلاق تحاكيها

(مثال من هيبته ):

    كان الفاروق رجلا شديد الهيبة ومن ذلك دخل عليه رجل فرأه حاسر الرأس، فارتجف، فقال له عمر مالك، فأجاب : صلعت من فرقتك ..وكان يمشي مع أصحابه يوما فالتفت اليهم فسقطوا على الأرض ...

في الجاهلية والإسلام هيبته **** تثني الخطوب فلا تعدو عواديها

في طي شدته أسرار مرحمة **** تثني الخطوب فلا تعدو عواديها

و بين جنبيه في أوفى صرامته **** فؤاد والدة ترعى ذراريها

أغنت عن الصارم المصقول درته **** فكم أخافت غوي النفس عاتيها

كانت له كعصى موسى لصاحبها **** لا ينزل البطل مجتازا بواديها

أخاف حتى الذراري في ملاعبها **** وراع حتى الغواني في ملاهيها

اريت تلك التي لله قد نذرت **** انشودة لرسول الله تهديها

قالت نذرت لئن عاد النبي لنا **** من غزوة العلى دفي أغنيها

و يممت حضرة الهادي وقد ملأت **** أنور طلعته أرجاء ناديها

و استأذنت ومشت بالدف واندفعت **** تشجي بألحانها ما شاء مشجيها

و المصطفى وأبو بكر بجانبه **** لا ينكران عليها من أغانيها

حتى إذا لاح من بعد لها عمر **** خارت قواها وكاد الخوف يرديها

و خبأت دفها في ثوبها فرقا **** منه وودت لو ان الأرض تطويها

قد كان حلم رسول الله يؤنسها **** فجاء بطش أبي حفص يخشيها

فقال مهبط وحي الله مبتسما **** وفي ابتسامته معنى يواسيها

قد فر شيطانها لما رأى عمر **** إن الشياطين تخشى بأس مخزيها

(مثال من رجوعه إلى الحق ):

ومن روائع الفاروق رضي الله عنه سرعة رجوعه الى الحق وما قصته مع المرأة التي اعترضت عليه في مسألة تحديد المهور عنا ببعيدة، فقالها على رؤوس الأشهاد ( أصابت امرأة وأخطأ عمر كل الناس أفقه منك ياعمر ) :

و فتية ولعوا بالراح فانتبذوا **** لهم مكانا وجدوا في تعاطيها

ظهرت حائطهم لما علمت بهم **** والليل معتكر الأرجاء ساجيها

حتى تبينتهم والخمر قد أخذت **** تعلو ذؤابة ساقيها وحاسيها

سفهت آراءهم فيها فما لبثوا **** أن أوسعوك على ما جئت تسفيها

و رمت تفقيههم في دينهم فإذا **** بالشرب قد برعوا الفاروق تفقيها

قالوا مكانك قد جئنا بواحدة **** وجئتنا بثلاث لا تباليها

فأت البيوت من الأبواب يا عمر **** فقد يُزنُّ من الحيطان آتيها

و استأذن الناس أن تغشى بيوتهم **** ولا تلم بدار أو تحييها

و لا تجسس فهذي الآي قد نزلت **** بالنهي عنه فلم تذكر نواهيها

فعدت عنهم وقد أكبرت حجتهم **** لما رأيت كتاب الله يمليها

و ما أنفت وإن كانوا على حرج **** من أن يحجك بالآيات عاصيها

(عمر وشجرة الرضوان):

    ومن حرص أمير المؤمنين عمر على صفاء عقيدة التوحيد عمد الى شجرة الرضوان وقطعها مخافة أن يفتتن بها المسلمون:

و سرحة في سماء السرح قد رفعت **** ببيعة المصطفى من رأسها تيها

أزلتها حين غالوا في الطواف بها **** وكان تطوافهم للدين تشويها

( الخاتمة ):

    ويختم الشاعر حافظ ابراهيم هذه القصيدة المطولة بالدعوة الى أخذ العبرة من سيرة السلف الصالح وضرورة الاقتداء بهم وأن نكون خير خلف لخير سلف، فيقول:

هذي مناقبه في عهد دولته **** للشاهدين وللأعقاب أحكيها

في كل واحدة منهن نابلة **** من الطبائع تغذو نفس واعيها

لعل في أمة الإسلام نابتتة **** تجلو لحاضرها مرآة ماضيها

حتى ترى بعض ما شادت أوائلها **** من الصروح وما عاناه بانيها

وحسبها أن ترى ما كان من عمر **** حتى ينبه منها عين غافيها

رضي الله عن عمر الفاروق لقد كان اسلامه فتحا، وكان مؤمنا شجاعا جمع بين الرحمة والعدل، وقد فتح الله في عهده البلدان، وخضعت لهيبته الجبابرة، وساس الأمة بالحكمة والقسط ..وكان زاهدا متقشفا قدوة للناس، وعندما جاءته الغنائم تعجب من أداء الأمانة التي كانت أحمالا من الذهب والمجوهرات النفيسة فقال: ان قوما أدوا هذا لذوو أمانة فقال له الامام علي رضي الله عنه : عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا ...

وبعد :

لقد كانت ثقافة الشاعر حافظ ابراهيم اسلامية ممتازة حيث كان ينهل من القرأن والسنة ويستلهم التاريخ الاسلامي ويصوغ تلك الدرر شعرا جميلا لكي يقتدي المسلم المعاصر بأخلاق السلف الصالح ...

وسوف نعود في مقالة أخرى للحديث عن الأخلاق في شعر حافظ ابراهيم ان كان في العمر بقية ..وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ..ويا فوز المستغفرين.

مصادر البحث:

1- ديوان حافظ ابراهيم .

2- الأخلاق في شعر حافظ ابراهيم - رسالة دكتوراه.

3- معجم البابطين لتراجم الشعراء المعاصرين.

وسوم: العدد 940