فدوى طوقان والشعر

جميلة هي البساطة ورغد العيش... 

والجمال يكمن في روح الحياة... 

حياة فدوى طوقان مع الشعر...  روح غلفت بوتقة من حروف لتتلألأ الشاعرة وتحوم محلقة في نغم الكلمة... 

إليكم بعض ماقرأت.... 

الشاعره فدوى طوقان والشعر.... 

كانت فدوى تتابع أخاها إبراهيم في كتابته للشعر، وتوجيهه للطلاب الذين كانوا يكتبونه، وقد سمعته مرة وهو يحدث أمه عن تلميذين من تلاميذه قد جاءا إليه بقصائد من نظمهما خالية من عيوب الوزن والقافية، فقالت "نيالهم".

وعندما سمعها إبراهيم، وهي تتكلم بحسرة، كأنها تلومه على عطائه مع تلاميذه وتقصيره معها، فنظر إليها وصمت، ثم قال فجأة: سأعلمك نظم الشعر، هيا معي. كانت أمي قد سكبت له الطعام، ولكنه ترك الغرفة، ولحقت به، وارتقينا معاً السلم المؤدي إلى الطابق الثاني حيث غرفته ومكتبته. وقف أمام رفوف الكتب وراح ينقل عينيه فيها باحثاً عن كتاب معين. أما أنا فكان قلبي يتواثب في صدري، وقد كتمت أنفاسي اللاهثة، دقيقتين، وأقبل علي وفي يده كتاب الحماسة لأبي تمام، نظر في الفهرس ثم فتح الكتاب عند صفحته بالذات، قال: هذه القصيدة سأقرؤها لك وأفسرها بيتاً بيتاً ثم تنقلينها إلى دفتر خاص وتحفظينها غيباً، لأسمعها منك هذا المساء عن ظهر قلب.  

ولم يكن اختيار إبراهيم مجرد اختيار عشوائي فقد اختار لها شعراً لامرأة ترثي أخاها، ثم يقول: لقد تعمدت أن أختار لك هذا الشعر لتري كيف كانت نساء العرب تكتب الشعر الجميل، وبدأت رحلة فدوى طوقان مع الشعر تحفظ القصائد التي يختارها لها إبراهيم، وبدأت تتعلم من جديد في مدرستها التي فتح إبراهيم أبوابها، تقول:

“ها أنا أعود إلى الدفاتر والأقلام والدراسة والحفظ، ها أنا أعود إلى جنتي المفقودة، وعلى غلاف دفتر المحفوظات تلألأت بعيني هذه الكلمات التي كتبتها بخطي الرديء، خط تلميذة في الثالثة عشرة من العمر، الاسم: فدوى طوقان. الصف: شطبت الكلمة وكتبت بدلاً منها المعلم: إبراهيم طوقان. الموضوع: تعلم الشعر. المدرسة: البيت.

وبدت مرحلة جديدة في حياة فدوى طوقان، مرحلة تشعر فيها بذاتيتها وإنسانيتها وحقها في التعلم، وتجدد معها ثقتها بنفسها "أصبحت خفيفة كالطائر، لم أعد مثقلة القلب بالهم والتعب والنفس، في لحظة واحدة انزاح جبل الهوان وابتلعه العدم. وامتدت مكانه في نفسي مساحات مستقبل شاسع مضيئة خضراء كمروج القمح في الربيع". 

وحاول المعلم أن يختبر رغبة أخته الصغرى في تعلم الشعر، فتوقف عن مراجعتها لفترة محدودة دون أية كلمة عن الدروس، وفي اليوم الرابع راجعته بصوت مرتعش: هل غيرت رأيك؟ ويأتي الجواب منه سريعاً: لم أغير رأيي، ولكنني توقفت لأتأكد من صدق رغبتك في التعلم، سنواصل اليوم الدرس.

بدأت فدوى طوقان تكتب على منوال الشعر العمودي، ومالت بعد ذلك إلى الشعر الحر...

وسوم: العدد 703