خبر جاء

clip_image002_c2e89.jpg

كم كنت لا أحب سماعه

إلى الرفيق الأعلى انتقل إلى جواره

يا مرحباً بلقائه

هكذا ارتسمت ابتسامة اللقاء على وجهه

حين فارق الحياة إلى لقاء ربه

فكانت لنا بشارة لحُسن جواره

خبر وفاة من تعب قلبي لفراقه

أنيس طفولتي

وأدب نشأتي

من رسم منهج الرشد لشبابي

إنه خبر وفاة الغالي جدي

بل الصديق الصدوق مرشدي وجدي

إنه الحبيب الغاااالي جدي

سيدي محمد بن الشيخ محمود الجمل رحمهم الله

الذي نشأ في بيت والده الشيخ محمود على الطاعة وحُسن الأمل

فكان باراً بوالديه دون كلل أو ملل

الحب الحبيب لهم فلقبوه بحمدو الجمل

فكان بالحمد الجمل والجْمَّال للطائفة من النشأة حتى نهاية الأجل

نشأ على قيم الإسلام بالفهم وحُسن الخلق مع إخلاص العمل

فملئت بصمات الرجولة  كل مراحل حياته

وأرض اعزاز مسقط رأسه تشهد رجولة طفولته

حين رابط مع نعومة أظافره

وحمل السلاح الذي ثقل على عاتقه

مع الأشاوس من إعزاز من زملائه

بين السرايا والقلعة اجتمعوا

حيث أنهم بقدوم الانكليز سمعوا

أثناء حرب التحالف (لفيشي الفرنسي الألماني) فهبوا لهم وأعدوا

ولكنهم لإعزاز لم يصلوا ( 1941)

كما في محاولتهم الأولى ( 1917 ) حيث  دفنوا

على أبواب ريف حلب وأُشيد لهم نصب هزيمتهم ( قبر الإنكليز ) واندحروا

ودخل بدلهم الفرنسيون وما صمدوا

فاغبرت قدماه في سبيل الله وهو في سن الأشبال

غيرة لدين الله ثم للوطن انتفض مع الرجال

مع أنه الابن الأكبر المدلل

تركه والديه بالجهاد يكلل

فكانت نقطة البداية لرسم خط سير حياته

بالإخلاص والفداء يبني رجولته

لا يخشى لومة لائم في سبيل ربه

 فكان يُعد للمستعمر الفرنسي ما استطاع

فكم أشغل جنودهم بمطاردة الكلاب الشاردة

فكلما مرت دورية صاح بأعلى صوته ديكول

فتبدأ كلاب المنطقة تهيج وتنبح

وجنود الفرنسيون من الغيظ بالرصاص عليهم تنبح

فيضحك ومن معه على الدرب

على إعلان الجنود الفرنسيين على الكلاب الحرب

والحمد لله أمام رباط أهل الشام لم يصمدوا

واندحر الفرنسيون وانسحبوا

رحمه الله تعالى كان صاحب دعابة في كل أحوال حياته

خفيف ظل ممدود

يحسن الظن بالله جل وعلا وعنده فقط هو المعبود

لم ينافق لعدو

وما انضم للكتل الوطنية اللادينية

وبالوعي لم يستجب للناصرية

عدو للشيوعية و البعثية

ما انخدع بالاشتراكية

مسلم حر واجههم بالحكمة المنهجية

متحرك ساكن

لا يحس به كائن

الدنيا ليست همه

ونصرة الحق تسري في دمه

فباح لي بأخص أسراره

صديق طفولته وسر شبابه

وخليل دربه

أخيه الأستاذ لطفي تسقيه رحمه الله

الذي فرق بينهم نظام البعثية

وباعد بالمسافات الطوال بين أبدانهم

ولكن الأرواح والقلوب متجاندة فيما بينهم

وكنت بفضل الله في سرور عظيم حينما وصلت فيما بينهم

إذ أدخلت السرور الذي لا يوصف عليهم

تفاجئ جدي الحبيب رحمه الله حين قلت له أحد يريد أن يكلمك

قال من قلت له خليلك وصاحبك

لم يتوقع ولكن تعود مني على المفاجآت

وكانت ليلة سعيدة

بالأحاديث الطوال مديدة

صديق طفولة جدي وشبابه بالأسرار يمدني

وبالفخر والاعتزاز بجدي أحمد ربي

فحدثني وحدثني والحديث لا يسعني

إنه الحكيم جدي

إنه الحكيم جدي

خسر مصطفى الخاسر ( التاجر ) في المناورة معه

ولم يستطع عليه والله منه حفظه

وأمن النجاسي ( السياسي ) احتار في أمره

بسؤال غبي سأله

قال أين كنت من الثمانيات إلى الآن

قال معتمد في تربية حلب على مر الزمان

كيف فَلَتَّ منا ومذكرة القبض عليك علينا بالحسبان

هو رضا الوالدين وحفظ الرب الرحمن

وهكذا لم يقدر عليه عدوه

لا الكلب ولا ذيله ( أعزكم الله )

لأنه حكيم نفسه

وفقه الله لتدبير أمره

واستمر بالسر مع الله في جهده

انه حمدو الجمل

إنه جدي وصديق طفولتي وشبابي

يا رحمة الله الواسعة عليه عُمْي

واكفيه دار البرزخ وقبره نَوِّري

وفي جنات النعيم اسكنيه

تزوج الغالي مبكراً

لينعم ببركة البكور

فأنجب من خدوج ( خديجة ) البنات والذكور

واختار لهم أسمى  الأسماء التي تسمو بها الدور

فبكره سماها على اسم سيدة نساء أهل الجنة

على اسم سيدتها فاطمة بنت محمد وخديجة

فكانت له كما كانت جدتها فاطمة الكبرى لأبيها صلى الله عليه وسلم

بالحب والبر رسمت لهم حياتها

ودارت أسماء إخوانها وأخواتها

بين الحمد والأدب

واليسر والهدى

والحُسنِ واليمن

وبالجهاد ختم الأسماء

مستبشراً حسن المآب

وكلهم بالبر خير بنت وولد

وتَنَعَمَ بتربيتهم مع الأحفاد

وما أظهر التأفف والتعب

ولم يعهد عليه أنه ضرب

هو الأب الحنون

والزوج الودود الصبور

يحب الكل وحُب الكل حوله يدور

واصلٌ للرحم التي علقت بعرش الرحمن

فكان يوم الجمعة ليس للزوجة والأولاد بحسبان

بل كان يسعى به لوصل الرحم وخير الأرحام

للأخوات من حلب لاعزاز يشد الرحال

في كل يوم جمعة على مر الزمان

والسرور يعم الجميع مع الإحساس بالأمان

أنه الأخ الحنون

للأخ والأخت يفديهم بالمنون

لا شيء قبلهم ولا هو بمفتون

إنه جدي وصديقي الحكيم الحنون

الساعي على الأرملة والمسكين

فبعد ظلمة ظلام الثمانين

تعهد ببعض العائلات المنكوبة

وإليهم دائماً بفضل الله يسير

وما فكر بالخوف من عدو الله اللئيم

فحفظه الله مدى السنين

وأما عن داره

فهي دار ضيافة للآمنين

لم ينقش على بابها من دخل بيتي فهو آمن

ولكن نقشت على قلوب الحاضرين والزائرين

من كرم ضيافته وبشاشة وجهه كان كل من دخل يحس بإحساس المسرورين

كرمه من علامات إيمانه بالله تعالى واليوم الآخر

اللهم اجعله فيه من الناجيين

إنه جدي

حياته مشاعل يارب تقبله من المحسنين

فمن فضلك تميز بحياته بصرح قوي متين

فأسال الله تعالى أن يجعله في آخرته من الآمنين

ينعم به في جنات النعيم

كيف لا وبشر سيدنا وقائدنا النبي الأمين

بأن معه في الجنة كافل اليتيم

فشارك مع رفقاء الصلاح بتأسيس دار أسست على التقوى

دار كحضن الأم الحنون

تستقبل اليتيم برعاية داخلية

من مدينة اعزاز وأخواتها

تهتم بحسن التربية والأدب والتعليم

كأسرة الأم والأب

بالحب ترافقهم

بالمودة تمسح رؤوسهم

بالتعليم تنميهم

من الإبتدائية حتى نهاية جامعتهم

وبإدارة التقوى كبرت تلك الدار

فأنجبت ثانوية شرعية للطلاب خير قرار

جَمَلَها جامع حمل اسم اليتيم

 يستقبل على أبواب المدينة

أهل الدار وكل الزوار

هو ميتم اعزاز

أسسه ورفاقه

كم سهروا الليالي على راحة ساكنيه

كم شدو الرحال إلى الأمصار

راجين فضل الله الجبار

أن يجبر خاطر سكان هذه الدار

إنه جدي

محمد بن الشيخ محمود الجمل

الواعي المثقف لما يدور من حوله

الذي عرف الصديق من العدو

وصمت صمت الحكيم لا الجبان

فأرشد وعاش بأمان

ولا أنسى حين انخدع من ظن بنفسه الإصلاح

وقام بثورة عميت بصيرته عن أبعادها

وتأمل بالفارسي نصرة لها

حين انتصرت المجوسية في إيران

وقال في حينها من بعض روادهم ما قال

بالبشرى بثورة المجوسي الغدار

وان النصر قادم لا محال

فحينها سمعتها من جدي فقط لا من غيره أبدا

بأن هذا الفارسي غدار

وعلمني الفرق بين الشوعية والشيعة فما كنت محتار

وأنهما من سيوف الشيطان

عدوين للرحمن

وسبحان الله  ما ألطف توجيهه

بالابتسامة والدعابة يقابل من خلافه

حين كنت أحضر مع الصوفية الحضرات

في المساجد والزوايا والمزارات

فكان بلطف ينكر عليهم البدع والضلالات

ويضحك على من دفنوه معاً وجعلوه من المزارات

وأن الأبواب مفتوحة في أعلى السموات

تستقبل التضرع والدعاء بخشوع بعيداً عن الرقصات

الله الحي القيوم لفظ جليل جعلوه في لحن يتنغمون فيه بالمقامات ( الله حي الله حي )

إن الله علي كريم عن هذه الطقوس المستوردات

إن الله تعالى ينزل نزولاً يليق به يستقبل الدعوات

لا واسطة بين العبد والرب اسمع يا مسلم إنها لك أَجلُّ الكرامات

يا رب نسألك الهداية من فضلك العظيم يا رب السموات

إنه جدي حمدو الجمل

شب وشاب على الإسلام

وكبر وما وهن ولا عن الحق نام

وهب لنصرة الحق في انتفاضة أهل الشام

فكان يصرخ منصورين

منصورين من يأخذني للمتظاهرين

أشاركهم بنصرة المظلومين

فإنه برئ من النظام وممن والاهم إلى يوم الدين

كلما كلمته يتحسر فلا يستطيع فهل من معين

أين أنت تعال نترافق على درب الحق المبين

إنه جدي حمدو الجمل

ابن النسب الشريف

من آل بيت النبوة صلى الله عليه وسلم

لأبناء السيدة فاطمة سيدة نساء العاملين

إلى الحسين بن علي أبي طالب من المكرمين

ختمت بشرف النسب وكان لصونه أمين

فيا رب ارحمه يا رب العالمين

يالتجاوز عنه يا أرحم الراحمين

وبزيادة حسناته يا أكرم الأكرمين

اللهم أبدله بدار خير من داره

واجعل حياة برزخه روضة من رياض جنات النعيم

واحشره واحشرنا معه مع الشهداء والصديقين والأنبياء أجمعين

تحت لواء الحمد لواء سيد المرسلين

نشرب من حوضه الشريف شربة لا نظمأ بعدها يا رب العالمين

نرتقي بعدها لدخول الجنة من جميع أبوابها آمنين

والحمد لله رب العالمين

أعتذر من جدي الحبيب

فلم أستطع كتابة كل ما عرفت

ولا أزكيه على الله تعالى

وإنما هي وصية سيدنا محمد طه الأمين

اذكروا محاسن مواتكم

والله يرحمنا أجمعين

وسوم: العدد 707