العرب بعيون جزائري

سلسلة رحلتي الثانية إلى المغرب 2

clip_image002_375b4.jpg

حين يجتمع المرء بنخبة من العرب من: المغرب، سوريا، فلسطين، العراق، اليمن، السعودي، اللبناني، والمصري، سيقف لا محالة على جملة من الحقائق الجديدة التي وقف عليها أول مرة من خلال المناقشة من جهة، وحقائق اثبت، وأخرى تم نفيها وطردها، وهي..

لاتشعلوا النيران بين الجيران.. أقول لعدد كبير من المغاربة العاملين بميادين العلم والثقافة والإعلام. مهما قيل عن حكام الجزائر والمملكة العربية ويقال عنهم، لكنهم عقلاء، لم يرتكبوا حماقة تضر بالمجتمعين وتسئ للبلدين، بل بالعكس التزموا الهدوء، وتجاوزوا ماتنقله وسائل الإعلام، ولم يلتفتوا لمحرض، ولم يمنحوا الفرصة لأية شرارة.

ألتفت لجمع من الأساتذة العرب والمملكة المغربية، وأقول لهم .. هل سمعتم يوما وزيرا جزائريا، أو رئيس حكومة، أو رئيس الدولة، ذكر المغرب بسوء؟. أجابوا جميعا بالنفي.

أجيب من جديد، مادام الأمر كذلك، وما دام الساسة ملتزمين الهدوء، فالمطلوب من المثقفين ورجال الإعلام، وعلماء الدين، أن يحافظوا على الوضع ويمهدوا الطريق للأجيال القادمة، ولا يساهموا في تأجيج الوضع، ويتوقفوا عن زرع قنابل الحقد والبغض. وفي نفس الوقت، لا داعي أن يطالب المرء بما هو الآن غير ممكن، وليحرص على ما بين يديه من ممكن، في إنتظار أن يتطور ويتحسن الوضع، في انتظار أن يأتي من يحقق حلم الحاليين والسابقين.

فيما يخص اليمن، وسورية، ولبنان، والعراق، أقول للجميع، نحن في الجزائر نحترم الجميع، ولا نتدخل في شؤون أحد، ولا نناصر أحدا ضد أحد، لذلك كنت أطلب منهم أن يبلغوا السلام للجميع دون استثناء، والرحمة للجميع دون استثناء، والسلامة والأمن للجميع دون استثناء.

يسألني أحد أساتذة العرب، الأحق بالاحترام هو الذي يحارب الصهاينة. أجيبه العرب جميعا يقولون أنهم يحاربون الصهاينة. يسأل ثانية، المقصود من الذي يحارب الصهاينة عن صدق وحق. أجيب من جديد، العرب جميعا يقولون أنهم يحاربون الصهاينة عن حق وصدق.

وكنت أروم بتدخلي، أن لا فضل لأحد على أحد في فهم معنى مواجهة الصهاينة، إلا أن لكل مجتمع ظروفه وخصائصه، ويواجه بما يملك ويستطيع ويؤمن به، وهذه المعطيات تفرضها الجغرافيا والتاريخ ونسيج المجتمع، والتربية التي تربى عليها.

الخلاصة التي وصل إليها الجزائري، وهو يسمع باهتمام شديد لما يقوله الإخوة العرب، ومن خلال المناقشة التي كان يثريها بتدخلاتها دون أن يميل لأحد، أن الاختلاف بين العرب عميق جدا، لايمكن بحال معالجته في ليلة أو ليلتين، وأن تبعية العرب لهذا الطرف أو ذاك، زاد في تعقيد الوضع، وأن التحدث عن ما يسمى الوحدة العربية حاليا، ضرب من الخيال وتأجيج الصراع من جديد.

مايحدث بين أساتذة العرب، يعتبر صورة مصغرة عن مايحدث في الجامعة العربية، من خصام ، وتنابز، ورفض للآخر، ينتقل من البلد الأصلي إلى بلد آخر.

وفي هذا الصدد بالذات، ذكرت الإعلامية المصرية عبر صفحتها، باعتبارها كانت من المشاركين قولها.. " مايدور في أروقة الجامعة العربية من سجال في كثير من الاوقات.. تجده أيضا اذا تجمع عصبة من العرب من جنسيات مختلفة .. والعجب كل العجب أننا نعيب على جامعة العرب والعيب فينا نحن العرب... نحن شعوب تعوزنا ثقافة الحوار وفي الختام الخلاف لا يفسد للود قضية".

وقد أجبت على الفور.. " حدثتني نفسي بنفس الحسرة التي حدثتك إياها. وكنت على وشك أن أصيح من شدة الجمر الذي أصابني.. تقديري.".

وما وقف عليه المرء ولمسه أنه، حين ينفرد العربي بالعربي، يحدثه عن عيوب الآخر، ومساوئ دولته، وجرائم مجتمعه، وهو الذي كان يثني عليه من قبل. وإنها لصورة مصغرة عن الجامعة العربية في أسوء محطاتها.

لكن يبقى الأمل قائما من خلال بعض الشموع التي أضاءت النقاش بالإضافة حينا، وبالتصحيح حينا آخر. وهي التي تحتاج اليوم قبل الغد، الكثير من الانصات إليها، والأخذ ولو بالقليل من حكمها، والاهتداء بالنور الخافت والمنبعث على إستحياء من ركن صغير من أركان البيت.

وسوم: العدد 658