برقيات أدبية (62)

الدكتور عودة أبو عودة يحاضر عن سورة يوسف في رابطة الأدب الإسلامي

من : صالح البوريني- عمان

في المحاضرة التي ألقاها في قاعة رابطة الأدب الإسلامي العالمية يوم السبت 22/5/2004 تنقل الدكتور عودة أبو عودة بين دلالات النص القرآني في سورة يوسف تنقلا سمح بإلقاء الضوء على عدد من مشاهد السورة الخمسة التي تبدأ بعرض يوسف الرؤيا على أبيه يعقوب عليهما السلام وتنتهي بتحققها . وقد عنيت المحاضرة التي حملت عنوان (نظرات في الإعجاز القرآني في سورة يوسف) بالحديث عن البـيان القرآني الذي قال الدكتور أبو عودة  أنه نبع لا ينضب ، واستعراض ما أمكن من دلائل الإعجاز البياني التي تظهر عبر دراسة النص واستجلاء بواطنه باستثمار أدوات المعرفة اللغوية والوقوف على تنوع الصيغ والأساليب وإجراء المقارنة بينها .

ونظرا لأن سورة يوسف قد خصصت كلها لقصته عليه السلام وأنها السورة الوحيدة التي تناولت بالأسلوب القصصي القرآني قصة كاملة ؛ فقد اهتم المحاضر الكريم بتجلية بعض الجوانب المتعلقة بالقصة في القرآن ولخصها في ثلاثة :

أولها : أن القصة القرآنية لم ترد للتسلية والاعتبار وذكر أحـداث الأمم السابقة من أجل أن تسري عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن المسلميـن في زمنهم ـ كما قال البعض ـ  وإنما هي جزء من منهج الدعوة لأن القرآن كتاب تشريع وكتاب بيان للرسالة الإلهية الأخيرة لمحمد عليه الصلاة والسلام وللبشرية جمعاء . فالقصة دعوة أو هي جزء من أسلوب الدعوة والتشريع ويجب أن ينظر إليها كذلك .

ثانيها : أن القصة القرآنية صدق كلها وليس فيها من الخيال شيء ، بل الخيال محله القصة الإبداعية الإنسانية ذلك أن كاتب القصة معرض لأن يدخل في الخيال وفي الزيف وفي الخلط وفي الكذب شاء أم لم يشأ ، أما القصة القرآنية فليس فيها من هذا شيء بل كلام إلهي معجز ووصف لما يريد الله تعالى أن يبينه في نفوس البشر وفق المواقف المتعددة ، فالقرآن الكريم يصور الذات الإنسانية فيأتي بالمشاهد وفق ما هو فيها على وجه الحقيقة ولذلك تكون صدقا كلها وتمثل مشاعر النفس الإنسانية بصدق وبيان معجزين .

وثالثها : أن القصة القرآنية لا تخضع للمقاييس النقدية الأدبية ، وإذا ذكر دارسوا القصة القرآنية بعض العناصر الفنية مثل الزمان والمكان والأشخاص في القصة فإنما هو من قبيل التوضيح .

    وبالجملة فإن الدكتور أبو عودة يرى أن القصة القرآنية هي مشهد من مشاهد التبليغ والبيان والتشريع في القرآن الكريم.

    يتناول الدكتور عودة أبو عودة آيات سورة يوسف بالدراسة على المستوى الغوي وبيان الدلالة التي تتعدد بتعدد الضروب والأساليب اللغوية وتـتـنوع بتنوعها ؛  فالتنوع اللغوي لا يرد جزافا في كتاب الله تعالى ، ولا يقصد لذاته وإنما يرد لغاية التنوع الدلالي الذي يظهر به إعجاز القرآن البياني ويتجلى به ذلك النمط التعبيري الإلهي المعجز .  وقد أفاض الدكتور أبو عودة في ذكر الشواهد واختيار الأمثـلة بقدر ما أتيح له من الوقت ، وظهر جليا عبر استعراض تلك الأمثـلة والاختيارات أهمية تنوع الأساليب اللغوية في خدمة التـنوع الدلالي الذي يتسع لأحداث أطول قصة في القرآن الكريم ليشمل سيرة النبي يوسف عليه السلام من طفولته إلى أن تحققت رؤياه ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا.

ويرى الدكتور عودة أبو عودة المحاضر في جامعة الزرقاء الأهلية وصاحب كتاب ( شواهد في الإعجاز القرآني دراسة لغوية ودلالية ) وأحد أعضاء الهيئة الاستشارية لمجلة آيات المتخصصة في الإعجاز القرآني ؛ أن دراسة مشاهد سورة يوسف وفق ما يراه منهجا جديدا في دراسة البيان القرآني سوف تخرج لنا أثرا أدبيا جيدا .  ذلك أن كل من كان عالما بأسرار التركيب اللغوي أو امتلك أدوات هذا المنهج اللغوي سوف يستطيع أن يحاكم أي نص أمامه من خلال أدوات هذا المنهج التي عدد منها الدكتور أبو عودة القسم والشرط والخبر والإنشاء والتقديم والتأخير والتعريف والتـنكير والتأنيث والتذكير وغيرها . ويرى أنه على أساس هذه المعالم تقوم دراسة البيان القرآني التي تكشف لنا عن جوانب الإعجاز القرآني العظيم .

    وقد كانت طلاوة القرآن وحلاوة أسلوبه وسحر بيانه وإعجاز نظمه بلا شك أهم عوامل الجذب التي شدت انتباه جمهور الرابطة الذي ضم عددا من المتخصصين والأكاديميين إضافة إلى كثير من المهتمين والمتابعين للدراسات القرآنية من الجنسين ؛ فضلا عما تميز به أداء الدكتور عودة أبو عودة من أدب العالم ودماثة الأديب وسعة صدر الباحث الذي استمع لملاحظات الجمهور وتعليقاتهم وأجاب على أسئلتهم وشكر لهم تفاعلهم ، وختم الدكتور مأمون فريز جرار الذي أدار الحوار بين الدكتور المحاضر والجمهور هذه الأمسية العلمية القرآنية بالترحيب بالجميع .

            

مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية في عددها السابع والخمسين

من : صالح البوريني- عمان

    ضمن إصدارات مجلس النشر العلمي بجامعة الكويت صدر العدد السابع والخمسون من مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية وهي مجلة فصلية علمية محكمة يرأس تحريرها الأستاذ الدكتور عجيل جاسم النشمي الذي قال في كلمة العدد تحت عنوان ( التعاون الإسلامي والصراع الحضاري ) : " إن أرباب الصراع الحضاري يريدون أن يصرعوا الإسلام كما صرعوا أهله ،  ويعلمون ـ في الوقت ذاته ـ أنهم سيدخلون صراعا ، لا يملكون فيه أدوات النصر المحققة ، كما ملكوها مادة ، إنهم مدركون ـ لا ريب ـ وبشهادات مفكريهم وسياسيـيهم : أنها معركة صراع طويل مرير ، وأن الانتصار فيها مشوب مظنون ، وربما كان هزيمته آخر المطاف ، وعلى الخصوص إذا استيقظ أهل الإسلام ، وأخذوا كتابه بقوة ، وأول عناصر أخذ كتابهم بقوة :  التعاون والوحدة " .

    حملت صفحة الغلاف عناوين سبع دراسات علمية شرعية رصينة تـنوعت في تناولها بين التفسير والدعوة ومقارنة الأديان والفقه والحديث والسياسة الشرعية . وفي مجال مقارنة الأديان جاءت دراسة الدكتور محمد عطا أحمد يوسف من المملكة العربية السعودية بعنوان ( موسى عليه السلام قبل بعثته .. دراسة مقارنة بين القرآن الكريم والعهد القديم ) وكشفت الدراسة عن الفارق الهائل بين الحقيقة التي يرويها القرآن الكريم عموما وفي قصة موسى عليه السلام على وجه الخصوص وبين الأقاويل التي دونتها أقلام كتاب العهد القديم.

    وفي مجال التفسير أيضا نجد دراسة محققة بعنوان ( رسالة ابن كيران بتأييد المولى سليمان في رده على البيضاوي تفسيره لقوله تعالى : " إنا عرضنا الأمانة " ) للدكتور شافع ذيبان الحريري من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع رأس الخيمة . وأما في مجال الدعوة فنجد دراسة بعنوان ( من أساليب التجديد في الدعوة الإسلامية ) للدكتور محمد محمود متولي عبد البر من جامعة الكويت .

    ويسهم الدكتور نعمان بوقرة ابن عبد الحميد من جامعة عنابة في الجزائر بدراسة بعنوان ( تفسير النصوص وحدود التأويل عند ابن حزم الأندلسي ) . ومن الجامعة الهاشمية في الأردن يشارك الدكتور طارق أسعد الأسعد بدراسـة بعنوان ( ضوابط قياس الرواية على الشهادة والتفريق بينهما ) . وفي مجال خدمـة الدعوة الإسلامية اشتمل العدد على دراسة للدكتور أحمد فاضل يوسف من جامعة بروناي بعنوان ( استخدام المعلومات التـقـنية في الدعوة إلى الإسلام بجنوب شرق آسيا ) . وجاءت خاتمة الدراسـات في مجال السياسـة الشرعيـة بعنوان ( مدلولات المدني والعسكري في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي  ـ دراسة للعمليات الاستشهادية من منظور السياسة الشرعية ) للدكتور سامي محمد الصلاحات من جامعة زايد بدولة الإمارات العربية المتحدة .

            

ثقافة الحوار في الإسلام محاضرة للدكتور عبد القادر الشيخلي

من : صالح البوريني- عمان

    أيا كانت سعة التجربة ومستوى قدرة المحاضر على التصرف بموضوعه فإنه لن يستطيع أن يلم بكتاب يبلغ الثمانين ومائـتي صفحـة في محاضرة تستغرق ساعة من الزمن  .

 والدكتور الشيخلـي أكاديمي ذو خبرة طويلة تـقارب ربع قرن من الزمان في التدريس الجامعي وكتابة البحوث والدراسات العلمية في حقل القانون والإدارة والدراسات الإسلامية . ولكن الدكتور الشيخلـي استطاع أن يجمع باختصار شديد محاور كتابه ( ثقافة الحوار في الإسلام ) الذي أصدرته مؤسسة اليمامة الصحفية بالرياض عام 2003  في المحاضرة التي ألقاها في مقر رابطة الأدب الإسلامي في عمان وحضرها عدد من أعضاء الرابطة والمهتمين بالموضوع وقدمه الأستاذ محمد شلال الحناحنة .

الحوار سلاح :

   وتأتي هذه المحاضرة في مرحلة تخوض الأمة فيها صراعا مع الذات ومع الآخر ، أما صراعها مع الذات فهو صراع مقاومة عوامل التخلف والإخفاق المتمثلة في الجهل والفقر والمرض والبطالة واستحكام الأثرة والأنانية والتعصب والتبعية والدونية وفقدان الشخصية وغياب الكيان السياسي المتحد وغيرها من الآفات والأمراض التي تـفتـك في جسد الأمة الواحدة .

    وأما صراعها مع الآخر فهو صراع إثبات الوجود والدفاع عن الهوية وتحقيق الذات ومقاومة العدوان على الشعب والقيم والتاريخ والجغرافيا  والمقدسات  والثروة وسائر الحقوق ، ويعد الحوار في كلا الصراعين وسيلة ضرورية وسلاحا لا بد منه للتعامل مع الجميع .

الاهتمام بالحوار :

    ولا شك أن هناك اهتماما متزايدا في أيامنا هذه  وتوجها ملحوظا في الساحة الفكرية والثقافية العربية والإسلامية نحو سد الحاجة القائمة في المكتبة العربية والإسلامية للبحوث والمؤلفات التي تعالج قضية الحوار وتغطي جوانبها تغطية شاملة . ويعد كتاب الدكتور عبد القادر الشيخلـي ( ثقافة الحوار في الإسلام ) من الكتب القيمة في هذا الباب من حيث إنه عمل على توضيح القواعد الإسلامية للحوار وتوظيف معطيات الشريعة من قرآن وسنة واجتهاد ومعطيات التراث الفكري والأدبي من حكم وأمثال ووصايا وشعر وذلك لتـنوير المحاورين والدعاة بقواعد الحوار الصحيح وتذكيرهم بها ضمن منهجية التوسط والاعتدال والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة .

الحاجة للحوار :

    وبين الدكتور الشيخلي أن هناك حاجة حيوية للحوار القائم على قواعد المنهج المرسوم في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، وأن الإسلام هو  دين الحوار إذ وضع قواعد الحوار العلمي ورسم أهميته بحيث لن يعدم المحاور قاعدة منطقية للحوار إلا ووجد دليلها في كتاب الله عز وجل ، وعلى الرغم من وضوح هذه الحقيقة إلا أن بعض المفكرين أو الدعاة لا يطبقون هذه القواعد كما وردت في القرآن الكريم ،  فللحوار أسس معلومة وقواعد واضحة وينطوي على فوائد كثيرة وهو دليل على حيوية الإسلام وقدرته على أن يكون دينا لكل زمان ومكان .

وأشار الدكتور الشيخلي إلى أن الحوار العقلاني أسمى من الحوار الوجداني أو العاطفي وإن إدراك قواعده الإسلامية الشرعية والأخلاقية والمنطقية واستيعاب مهارات الأداء الأمثل هو الخدمة الجلّـى التي يقدمها الدعاة لهذا الدين الحنيف.

منهج تكاملي :

    وبين الدكتور الشيخلي أن الحوار موضوع واسع وشائك إذ ينطوي على جوانب شرعية ( دينية ) وفلسفية ( نظرية المعرفة ) وأخلاقية ( نظرية القيم ) واجتماعيــة ( السلـوك المؤسسي ) ونفسيـة ( الأفكـار والمشاعــر والعواطف والأحاسيس ) ولذلك فإن سلوك المنهج التكاملي في عملية البحث أجدى في تحقيق أهداف دراسة موضوع الحوار ،  إذ يعين على حسن الفهم ورسوخ المعرفة بما يقيمه من علاقة عملية بين القاعدة والتطبيق عن طريق الإفادة من الشواهد والتطبيقات العملية سواء منها ما ساقه القرآن أو جمعته مصادر التراث الفكري والأدبي الإسلامي . وتناولت المحاضرة التحليل اللغوي والمصطلحي للحوار وذكرت الألفاظ المتـقاربة مع بيان مدلول كل منها واختلافاتها وذكر مواضع ورودها في القرآن الكريم  .

الحوار والدعوة :

 وأما عن أهمية الحوار للدعوة  فبينت المحاضرة أن الحوار له أهمية كبيرة في خدمة الدعوة الإسلامية من ناحية إظهار سماحة الإسلام  وبيان مزاياه وأنه دين الوسطية والاعتدال وأنه يسلك المنهج القرآني في الدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، وما في ذلك من سمات الحلم والصبر وسعة الصدر واستيعاب الآخر والأناة في الوصول إلى قلبه والتمهل في محاورة عقله والتسلح بكافة الأدلة العقلية والمنطقية والعلمية لمواجهة الحجة بالحجة ومقارعة الزعم والادعاء بالبرهان والدليل وأن ذلك كله يتطلب قدرا من الدماثة وحسن الأحدوثة واحترام الرأي الآخر حتى يتوج جهد الداعية ودأب المحاور بالوصول إلى الحقيقة وإيصالها إلى الآخر .

أسس الحوار :

  فرع الدكتور الشيخلي أسس الحوار إلى ثلاثة فروع : الأسس التنظيمية والأسس المنطقية والأسس الشرعية والأخلاقية .

الأسس التـنظيمية :

 وقسم الأساس التنظيمي إلى أربعة أقسام : أولها الأساس  الشخصي فالأساس الزمني فالإجرائي فالمرحلي . فالأساس الشخصي يعني أن يكون بين المتحاورين تقارب في مستوى الفهم وتجانس إن أمكن في مجالات الدراسة الفكرية والتخصص العلمي وبعكسه فإن شدة التباين بين مستويات المتحاورين تقلل فرص نجاح الحوار ، فإذا انعدم التـقارب واستـفحل التغاير انعدمت جدوى الحوار وتحول الأمر إلى حوار طرشان ،  كما هو الحال بين سوقة الناس وجهلائهم . والأساس الزمني يفرض تـقييد الحوار بالزمان ، فليس الحوار ممكنا في كل زمان ولا بد من ضبط زمن الحوار حتى يكون منتجا .

 والأساس الإجرائي يتطلب إعداد جدول للحوار يتضمن تحديد الموضوع والتزام المتحاورين بحق الاستماع للآخر والتركيز على جوهر الموضوع وتجنب اللغو والشغب . وأما الأساس المرحلي ضمن الأسس التنظيمية فينظم مراحل الحوار وفقراته في الإطار الموضوعي والتسلسل الحواري بدءا من مرحلة طرح السؤال ووصولا إلى مرحلة الاتـفاق وتـثبيت القـناعات .

الأسس المنطقية :

أما الأسس المنطقية فتـتـلخص في ضرورة وجود المعرفة المنطقية التي تمكن المحاورين من تحديد مفاهيم المصطلحات والتعرف على فهم الآخر مما يحفظ الحوار من مغبة استـفحال الخلاف قبل بدئه  ،  وضرورة التسلح بالحجج والمعرفة بعمليات الاستدلال والإلمام بمدلولات بعض مفردات المنطق الكثيرة الورود في الحوار مثل الفقه والسبب والعلة والمعيار والشك والقياس والظن والاستـنتاج والاستـنباط وغيرها .

الأسس الشرعية والأخلاقية :

لابد أن يخضع الحوار لضوابط شرعية وأخلاقية حتى يؤدي دوره في خدمة الحقيقة وتوصيل الحق إلى الآخرين ، ولا سيما في مجال إبراز مظاهر ومزايا الإسلام للعالم وتبليغ الدعوة . وهذه الضوابط تـنطوي تحت عنوانين أولهما التخلق بالفضائل والثاني اجتـناب الرذائل .  ومن أهم الفضائل التي ينبغي التخلق بها في الحوار الاستـقامة والقدوة الحسنة ومراعاة آداب الكلام والتواضع والحياء والعفة والحلم ، ومن الرذائل التي يجب اجتـنابها السخرية والاستهزاء والتنابز بالألقاب والتعيـير والسب والشتم .

أنواع الحوار :

وذكر الشيخلي أن الحوار يمكن أن تـتعدد أنواعه تبعا لمناهجه أو للعلوم والمعارف التي يدور في نطاقها  أو للأشخاص المتحاورين ، ولكنه مال إلى جعله نوعين أولهما الحوار العلاجي وثانيهما الحوار الوقائي .

الحوار العلاجي :

أما الحوار العلاجي فيتعلق بالمسائل والقضايا والمشكلات والشبهات التي أثيرت بشأن ماضي الإسلام ، أي منذ تاريخ الدعوة قبل الهجرة إلى وقت متأخر في عهد الدولة العباسية حيث أثيرت بفعل حرية الفكر المطلقة تهم وشبهات حول القرآن أو الإسلام ومازال يرددها إلى يومنا هذا بعض المستشرقين والملاحدة أو المغررين من العلمانيين العرب .  ومفهوم الحوار العلاجي أن ثمة حاجة للقيام بالحوار لوجود خطاب سلبي ضد الإسلام فهو رد ضد فعل الآخر ومن ثم فإن الضرورة ماثلة في الرد على أعداء الإسلام .

 والهدف من الحوار العلاجي هو تحصين الإسلام من خصومه ، والدفاع عنه دفاعا عقلانيا متوازنا ،  فأعداء الإسلام يستخدمون المناهج العلمية المتطورة في محاولة هدم هذا الدين الحنيف وبعضهم مدفوع من جهات أجنبية حاقدة على الإسلام وراغبة في تقويضه ، وبعضهم اندفع في هذا النهج الأهوج جراء ثقافة فلسفية أو علمانية لم يتعمق بها ، وإنما اكتفى بالقشور وعزف عن اللباب فجاءت خطاباته متهافتة ومتـناقضة  وتـنم عن مثـقف غير مدرك أن دعواه تخدم الأعداء ولا تسلخه عن الوجود التاريخي والحضاري لهذه الأمة التي غذت الحضارة الغربية بمنهاج للتـفكير وبإنجازات علمية قامت على أساسها العلوم المعاصرة .

الحوار الوقائي :

هو حوار العقل القائد الذي يتجه إلى المستقبل ويهتم بالقضايا المستقبلية .  ومفهوم هذا الحوار هو القيام بحوار دون وجود خطاب سلبي ضد الإسلام ، وإنما هدفه نشر الدعوة الإسلامية من جهة وبيان حكم الإسلام في قضايا العصر والمستقبل من جهة ثانية .  وهناك مسائل جوهرية تواجه الفكر الإسلامي المعاصر وينبغي أن  يتـناولها باستـفاضة ويعطي أحكام الإسلام فيها . ومنها ما يتعلق بالمحافظة على البيئة وما يتعلق  بالعولمة والاستنساخ البشري  والحوار بين الأديان .

وقد ختم السيد محمد شلال الحناحنة الحوار الواسع الذي أثارته المحاضرة  وتخللته المداخلات والتعقيبات والأسئلة والردود ، بشكر المحاضر الدكتور الشيخلي على جهده  والجمهور على حضورهم واهتمامهم ومشاركاتهم .