برقيات أدبية (61)

أمسية أدبية نسائية في رابطة الأدب الإسلامي

من : صالح البوريني- عمان

       في مكتبها في عمان أقامت رابطة الأدب الإسلامي العالمية أمسية أدبية نسائية مساء يوم السبت  27/3/2004  شهدها جمع من الأديبات ومتذوقات الأدب وقامت بإدارة الأمسية رئيسة لجنة الأديبات في الرابطة السيدة الشاعرة نبيلة الخطيب التي رحبت بالجميع وبينت أن الرابطة تفتح ذراعيها للأديبات المتمرسات منهن والواعدات شعورا بالمسؤولية الفكرية والرسالية للأدب الإسلامي وسعيا إلى النهوض بمستوى

الإبداع الأدبي في كل مجالاته وبكل أشكاله . 

       وعلى الرغم من  حضور فن الخاطرة الأدبية في هذه الأمسية إلا أن القصة قد حظيت بنصيب الأسد فيها  ،  حيث قرأت القاصة نردين أبو نبعة قصة بعنوان ( بوح ) فاضت بمشاعر فقد الأم والحزن على فراقها وعمدت إلى نوع من التأويل الفلسفي لبعض مواقف النفس البشرية من الموت حينما يكون حجم استجابتها دون مستوى الحدث أو مغايرا له ، وقد تضافرت براعة التصوير ومهارة التعبير واستثمار التفاصيل الصغيرة  على التقدم بالقصة إلى مستوى الجذب والتأثير  . ومن الجدير بالذكر أن القاصة نردين أبو نبعه قد أصدرت مجموعة قصصية بعنوان ( الجرس ) ولها مجموعة أخرى مخطوطة ولها تجربة في مجال أدب الطفل . 

     القاصة نبيلة صالح  صورت في قصتها عن محمد الدرة جراح الطفولة الفلسطينية وآلام الأطفال وأمنياتهم وأحلامهم عاكسة مأساة الشعب المشرد والأرض السليبة مثبتة حضورها الوطني وحسها الجماهيري . وبالمستوى نفسه  ظهر عطاؤها في المضمار الاجتماعي في قصتها ( اضحك ) التي تعالج مشكلة البطالة بأسلوب  يعتمد على المفارقة والسخرية اللاذعة .  والسيدة نبيلة صالح لها ثلاث مجموعات قصصية مطبوعة : ( بقايا ) و ( أبناء الشيطان ) و ( تعويذة الرحيل ) و( الفرار ) قيد الإصدار .

    وقرأت  القاصة  هيـام  ضمرة  قصة  بعنوان ( غضب ) اعتمدت على عنصر المفاجأة الختامية التي تكشف حجب النص مرة واحدة  في آخر كلماته وقصة بعنوان ( أرجوك أبي لست من أشيائك المنسية ) اتسمت بالانحياز للفكرة على حساب التشكيل القصصي الأمر الذي يفسره انغماس السيدة هيام ضمرة في الهم الإجتماعي إلى حد الانصهار ، والمعروف أن السيدة ضمرة ناشطة مبرزة في العمل الاجتماعي وهي عضو في الهيئة الإدارية لجمعية العفاف الخيرية وفي كثير من الهيئات والمؤسسات الاجتماعية الأخرى .

    وشاركت الكاتبة لمياء عمران بخاطرة تعالج هم فقدان الهوية عبر مناجاة   للوطن تجسد أشواق الإنسان الباحث عن الحرية في زمن التسلط واستبداد الشعوب وشاركت الطالبة الجامعية إيمان عبد الغني بخاطرة بعنوان ( خواطر معتقل ) وقدمت السيدة دلال سعدية مساهمة شعرية وشاركت السيدة نجاح خرمة في تقديم  خواطر ارتجالية حول حب الأم وحب الأرض والانتماء للوطن والأمة .

    وفاجأت الطفلة نغم عبد الحق الهواس ذات الأحد عشر ربيعا الجميع بما قدمته من عطاء واعد في مجال القصة فقرأت قصة أحلام ضائعة التي اشتملت على أكثر عناصر البناء القصصي وامتلكت قدرة ظاهرة على التكثيف واستثمار الحدث واقتباس النماذج الواقعية لتكون أساسا ودليلا قويا على الحكم العام . ومع  أن بصمات والدها الدكتور الباحث الشاعر عبد الحق الهواس واضحة في إبداعها إلا أنها تميزت بشخصية واثقة وصوت قوي وطلاقة وجرأة أدبية تتجاوز سنها .

    وفي الختام أكدت السيدة نبيلة الخطيب أن الرابطة حريصة على إقامة الأنشطة وفتح قنوات التواصل مع الأصوات الأدبية النسائية الإسلامية وتشجيع وتطوير الملكات الإبداعية لدى الجيل الواعد .

            

همس الغدير ولفح الهجير الديوان الأول للشاعر بسام زكارنة

من : صالح البوريني- عمان

بجهود خاصة ومن غير اعتماد على دار نشر معينة أصدر الشاعر بسام زكارنة ديوانه الأول الذي سماه ( همس الغدير ولفح الهجير ) ، وقد جاء الديوان في 176 صفحة من القطع المتوسط . وتجلى على صفحة غلافه سمو الذوق الفني إذ حملت صورة للقدس وهي تحتضن المسجد الأقصى وتحتها وردة دحنون حمراء نافرة على أرضية بيضاء .

قدمت صفحات الديوان العشرين الأولى نبذة عن الشاعر ومقدمة وضعها لديوانه بعنوان ( رؤى وأحداث ) وعرضا في خمس صفحات للمدن والقرى التي ورد ذكرها في الديوان مع تعريف موجز بكل منها ، وصدر الشاعر زكارنة ديوانه بثلاثة أبيات يستنهض فيها الهمم بعنـوان ( يا أمتي )  :

يـا  أمة العرب الكرام على iiالمدى
واسـتيقظي  يا أمتي من iiغفلــة
دكي رحاب الأرض في درك المنى


 
إنـا إلـى الـجـلى دعاة iiفاجهدي
ذهـب الـعـدو خـلالها iiبالمقصد
أو فـاشهدي موت العروبة في iiغد

بينما حمل ظهر الغلاف الأخير صورة ملونة للشاعر وتحتها أبيات بعنوان ( يا طير ) :

يا  طير يا ذا الشدو في هذي iiالربا
غرد  وزودنا القليل من iiالشجــا
واركب جناحك وانطلق عبر الدنى
 



 
يـا  مؤنس الوحش الخليع iiبوكره
إن الـشـجا سحـر الغريد بأسره
واحـمل  عتابي للحبيب iiبخـدره
 

       وفيما عدا مقطوعة الأهداء التي جاءت بعد أبيات الافتتاح من شعر التفعيلة احتوى الديوان على ثـنتين وسبعين قصيدة كلها التزمت عمود الخليل ، مع تنوع في القوافي أحيانا .

       وأما على صعيد الموضوع فقد تنوعت موضوعات القصائد فتناولت الوجداني والاجتماعي والوطني والجهادي ، وكان منها في حب الوطن والحنين إليه وشكوى الغربة والتغني بالجهاد وذكريات الأهل والإخوانيات ومعاناة المعلم والرثاء والوصف .

       ومع أن ديوان الشاعر زكارنة هو ديوانه الأول إلا أن شعره جاء ناضجا ينم عن تجربة شعرية طويلة وثقافة تراثية غنية ولا غرو  فالشاعر خريج جامعة الأزهر في اللغة العربية وعمل في التدريس بعد تخرجه في الستينيات وما زال يمارس التدريس في بعض كليات المجتمع ، وقد نشرت له العديد من القصائد في الصحف الأردنية والعربية .

       القصيدة الأولى في الديوان خاطب بها عمان فقال :

تـاهت  عمان iiبحلتهــا
تـاهـت  عمان وحق iiلها
وصـروح الـعلم iiمنارات
تـاهت  عمان وقد iiغنيت



 
وخيوط الفجـر تطـرزها
مهد الشرفـاء iiومنـبتـها
تهدي  السـارين iiلمنهلهـا
بالحسن فبارك iiمبدعهــا

        ( همس الغدير ولفح الهجير ) ديوان زاخر عامر  جدير  بالدراسة ولا تقوم بحقه هذه العجالة التي قصد بها العرض والتعريف فحسب .

            

توقيع وتوديع في رابطة الأدب الإسلامي

من : صالح البوريني- عمان

لأول مرة في رابطة الأدب الإسلامي العالمية بعمان يقام حفل لتوقيع كتابين هما ديوان ( همس الغدير ولفح الهجير ) للشاعر بسام زكارنة وديوان ( ومض الخاطر ) للشاعرة نبيلة الخطيب  . وقام الأستاذ نعيم الغول بإدارة الحفل الذي تضمن أيضا كلمة وداع لعضو الرابطة  الدكتور عبد الحق الهواس .

يقع ديوان همس الغدير وهو الديوان الأول للشاعر بسام زكارنة في 176 صفحة من القطع المتوسط . وقد تـنوعت موضوعات قصائده فتناولت الوجداني والاجتماعي والوطني والجهادي ، وكان منها في حب الوطن والحنين إليه وشكوى الغربة والتغني بالجهاد وذكريات الأهل والإخوانيات ومعاناة المعلم والرثاء والوصف وغيرها .

       جاء شعره ناضجا ينم عن تجربة شعرية طويلة وثقافة تراثية غنية ولا غرو  فالشاعر خريج جامعة الأزهر في اللغة العربية وعمل في التدريس بعد تخرجه في الستينيات وما زال يمارس التدريس في بعض كليات المجتمع ، وقد نشرت له العديد من القصائد في الصحف الأردنية والعربية . 

       القصيدة الأولى في الديوان خاطب بها عمان فقال :

تـاهت  عمان iiبحلتهــا
تـاهـت  عمان وحق iiلها
وصـروح الـعلم iiمنارات
تـاهت  عمان وقد iiغنيت



 
وخيوط الفجـر تطـرزها
مهد الشرفـاء iiومنـبتـها
تهدي  السـارين iiلمنهلهـا
بالحسن فبارك iiمبدعهــا

واستنهض الشاعر أمته في تصديره لديوانه بثلاثة أبيات :

يـا  أمة العرب الكرام على iiالمدى
واسـتيقظي  يا أمتي من iiغفلــة
دكي رحاب الأرض في درك المنى


 
إنـا إلـى الـجـلى دعاة iiفاجهدي
ذهـب الـعـدو خـلالها iiبالمقصد
أو فـاشهدي موت العروبة في iiغد

       وفيما عدا مقطوعة الأهداء التي جاءت بعد أبيات الافتتاح من شعر التفعيلة احتوى الديوان على ثـنتين وسبعين قصيدة كلها التزمت عمود الخليل ، مع تنوع في القوافي أحيانا .

       وفي النبذة التي قدمها الشاعر زكارنة عن ديوانه قال : ( سميته همس الغدير ولفح الهجير رمزا لشطري الحياة ، فالحياة تكتمل صورتها بوجود شطريها : شطر الدعة وشطر المعاناة .  والديوان كما ترونه يشتمل على كثير من القصائد جلها قيلت في المنتصف الأخير من القرن السابق وهي من الشعر العمودي الملتزم بالوزن والقافية انتهجت فيه نهج السهولة بعيدا عن الاستغراب والتعقيد فجاءت معانيه واضحة جلية وهكذا نفسي فالإناء  ينضح بما فيه ) .

     أما ديوان ( ومض الخاطر ) للشاعرة نبيلة الخطيب فيقع في 135 صفحة وهو ديوانها الثاني بعد ( صبا الباذان ). وعلى صفحاته ينطبع صفاء النفس وطهارة القلب والتعلق بالأمل والتطلع إلى النور وحب الحق واحترام القيم ومعاناة الهم الإنساني ، كما يتجلى في ومضاته ذلك  الحس الوجداني العميق وتلك النبضات الروحانية الصادقة .  ويدعوك ومض الخاطر للتأمل عبر ما يتميز به من عمق وتكثيف وتصوير .  تمنحه التفعيلة تحليقا خياليا ساحرا ، وغوصا فلسفيا تأمليا عميقا وبساطة تجعله من قبيل السهل الممتنع ، يشعرك أحيانا بانطباق عنوانه على الصورة التي يعكسها في صفحة خاطرك ، ويغرقك أحيانا أخرى في أعماق بحار من الحكمة والنقاء إذ لا ومض هناك بل نور غامر ..

     فـفي مقطوعة ( عقوق ) ـ مثلا ـ تـظهر لك تلك العلاقة الوجودية السببية الخاصة بين العين والدمعة كما بين الضوء والشمعة ، فلا دمع بلا عيون ولا ضوء شمعة بلا احتراق شمعة  .. إن حالة الحزن الناجمة عن قهر داخلي ناجمة أصلا عن قهر خارجي .  إن روح نبيلة الرافضة للقهر تستنكره بكل مظاهره ، وتأبى وجوده حتى في شكل الاستجابة الطبيعية التي لا يملك أكثر الناس لها ردا ، وهو الدموع . إن للحزن تأثيرا عميقا في نفس الشاعرة يعمق نظرتها لأسبابه وآثاره حتى يجعلها ترفض الحزن بكل أشكاله وتفلسف عملية ذرف الدموع بشكل يذكرنا بالمقولة المشهورة الدمعة بنت العين ، فتصور انحدار الدمعة كما لو كان عقوق البنت لأمها المنكسرة التي تهُـبُّ الأجفان لنصرتها والأهداب ، ولكن دون جدوى ، فضغط الألم والحزن يجعل مغالبة العين لدمعتها رحلة شاقة تـنتهي بالاستسلام، فترحل الدموع وتخلف الحسرات .

وتؤلمني ..

فعال الضوء بالشمعة

تذوب لأجله دمعا

فيلهو حولها حينا

يجافيها

ويلفيها ..

تعاني موت باقيها .

ويعتبر ( ومض الخاطر ) تجربة شعرية متميزة وانطلاقة إبداعية واسعة الآفاق . ولم تـتحدث الشاعرة الخطيب عن ديوانها  بل تركت ومضاته تـتحدث عنه حين قرأت بعضا منها على مسامع الحضور.

وتحدث بعدها الدكتور عبد الحق الهواس.

          

الأدب الإسلامي في الباكستان محاضرة للدكتور الحافظ عبد الرحيم

من : صالح البوريني- عمان

أيوجد أدب إسلامي مفيد للعرب من غير العرب ؟  أتكون اللغة عائقا نحو تقديم أدب إسلامي راق ، أم أن الأدب يتجاوز اللغة ويسمو مع سمو الإسلام ؟ أيؤثر فينا عربا أدب إسلامي غير عربي ؟  أترقى ترجمة الأدب الإسلامي غير العربي للأدب العربي بلغته الأم ؟ هذه الأسئلة طرحها الدكتور عماد الخطيب عريف الأمسية الأدبية التي أقامتها رابطة الأدب الإسلامي مساء السبت الماضي وألقى فيها الدكتور الحافظ عبد الرحيم المبعوث من قبل مجلس التعليم العالي الباكستاني إلى جامعة البلقاء التطبيقية محاضرة بعنوان الأدب الإسلامي في الباكستان ، وأضاف الدكتور الخطيب :   ما رأيت اتحاد أمتنا الخالدة  إلا باتحاد لغة تأليفها ، فكنا نقرأ للبخاري والجرجاني والهمذاني والإفريقي والأندلسي باللغة العربية فقط ،  فبها كانوا يتحاورون وبها يتهـامسون وبها  يعشقون ويألفون ويؤلفون ..

وتحدث الدكتور الحافظ عبد الرحيم عن تعريـف الأدب الإسلامي وعـن فكرة إنشاء باكستان بإيجاز وعن خصائص الأدب الإسلامي في الباكستان وعن تصنيف الأدب الإسلامي والشعر الإسلامي العربي وعن النثـر الإسلامي العربي ( القصة )  والصحافة الإسلامية الأردية .  كما تحدث عن المودودي وأدب المقالة الإسلامية والخطابة الإسلامية الأردية والرواية الإسلامية الأردية وعن الروائي نسيم حجازي و رواياته التاريخية الإسلامية وتناول النقاد لرواياته وحفيظ جالندري  و منظومته ( شاهنامه إسلام  ) ملحمة إسلامية .

تعريف الأدب الإسلامي :

وأما تعريف الأدب الإسلامي كما نقله المحاضر  فهو ( التعبير الفني الهادف عن الإنسان والحياة والكون في حدود التصور الإسلامي لها  ) .

ثم تحدث عن نشأة باكستان الدولة السياسية بإيجاز وعن لغاتها فبين أن هناك ثلاث لغات رئيسة في الباكستان هي الأوردية وهي اللغة الرسمية للبلاد والإنجليزية وهي اللغة الثانية واللغة العربية وهي لغة الدين ، وذكر أن هناك عددا من  اللغات المحلية ينفصل بها كل أهل إقليم عن الآخر منها البنجابية والبلوشية والسندية وغيرها .

خصائص الأدب الإسلامي الأردي :

 انتقل للحديث عن خصائص الأدب الإسلامي الأردي وبين أن القيم الدينية والثقافة الإسلامية دخلت إلى اللغة الأردية بدون تكلف وخاصة الشعر ، وارتفع الشعراء بقيمة أشعارهم عن طريق ما اقتبسوه من آيات كريمة وأحاديث ضمنوها بطريقة كلية أو جزئية أشعارهم ، وحافظا على قواعد العروض والقوافي في ظل قواعد الشعر العربية ، وتركوا استخدام بحور الشعر الهندية ، وانتشر علم المعاني والبيان والبديع والصرف والنحو في اللغة الأردية مستمدا من اللغة العربية والفارسية وتناول الشعراء موضوعات جادة مثل الدنيا الفانية والحياة الإنسانية والفضيلة الإنسانية وحسن الأخلاق وحسن السلوك والمدائح النبوية ومناقب الصحابة رضي الله عنهم . وتناول الأدباء موضوعات قصصية وروائية متنوعة ، وعايشوا ظروف عصرهم ومتغيرات  واقعهم  وسلطوا عليها أضواء البحث والدراسة .

وقدم المحاضر تصنيفا للأدب الإسلامي حسب اختلاف اللغات ، اشتمل على أدب اللغة العربية وأدب اللغة الأردية وآداب اللغات المحلية .

الشعــر العربي :

وفي إطار أدب اللغة العربية تحدث عن الشعر العربي الإسلامي وبين أن السمة الدينية قد غلبت عليه وأن شعراءه كانوا هم علماء الشريعة وذكر منهم الشيخ محمد شفيع والشيخ إدريس كاندهدلوي والشيخ موسى الروحاني والشيخ يوسف بن نوري وجميل قالندار وغيرهم من الشعراء المعاصرين ، ومن أهم موضوعات الشعر الباكستاني الابتهالات الدينية والمدائح النبوية وذكر مناقب الصحابة والزهد ووصف الطبيعة .

ومن أشهر شعراء باكستان أبو عطاء السندي وله ديوان شعر محقق ومطبوع : ومن مطالع قصائده قوله :

إذا المرء لم يطلب معاشا لنفسه شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا

ومن شعراء الباكستان أيضـا الشاعر أبو العلاء عطاء بن يعقوب اللاهوري ، وكان أديبا شاعرا في عصره وله أشعار عربية وردت في نزهة الفواضل  للكنهوي ، ومن قصيدة له الزهد :

أأعبد الدنيا الدنيئة عبــدا      وفضل إلهي ماج كالبحر مزبدا

النثر ( القصة ) :

وأما في ميدان النثــر العربي وفي ( قصة يوسف تحديدا ) فنقرأ  لمحمد أحسن البيشاوري  ( الجنة الخضراء لأهل العشق والصفاء ) ، وكما يظهر من اسمه أنه كتاب أدبي رائع ، فسر فيه سورة يوسف ويغلب عليه أسلوب الخطابة والوعظ لأن صاحبه اشتهر خطيبا وواعظا في عصره ، وقد أكثر فيه المؤلف من إيراد الأشعار وحكايات الصالحين ونصائح الحكماء التي تناسب موضوعات سورة يوسف .

وهناك العلامة عبد العزيز الفرهاروي وله مؤلفات عربية عديدة منها ما يتعلق بالأدب الإسلامي ( نعم الوجيز في إعجاز القرآن العزيز ) . والشيخ أبو الحسن الندوي وأدبه الإسلامي العربي في باكستان وهو حقا أديب العربية وأديب الأردية في الباكستان . ويجدر بالذكر أن كتبه الأدبية الإسلامية مثل القراءة الراشدة وقصص النبيين وروائع إقبال ومختارات من الأدب العربي تدرس كمقررات في مناهج الجامعات الحكومية والجامعات والمدارس العربية الأهلية في باكستان .

الصحافــة :

وفي مجال الصحافة الإسلامية الأردية برز نجم الأديب العلامة ابو الأعلى المودودي المتوفى عام 1979 ، وقد برع في كتابة المقالة وصبغها بصبغة إسلامية أصيلة ،  فلم يقتصر على ممارسة الصحافة الإسلامية فحسب ، بل قطع بها أشواطا بعيدة ، ومنحها صياغة جديدة ، وجعلها نموذجا يحتذيه رجال الصحافة في كل بلد مسلم ، ومجلة ترجمان القرآن من مآثره العظيمة في هذا المجال وتعد هذه المجلة من أهم المجلات الإسلامية في شبه القارة الهندية الباكستانية حتى وقتنا هذا ،  وهي بحق من رائدات الصحافة الإسلامية . واستمر المودودي رئيس تحريرها طوال حياته ، وقد عبر المودودي عن هدفه من إصدار المجلة بقوله : (  تهدف هذه المجلة إلى تقديم الإسلام في الصورة الأصلية التي قدمها القرآن الكريم ، كذلك تفسير القرآن والحقائق والمعارف التي ينطوي عليها هذا الكتاب العظيم على فهم السلف الصالح .  وكتب في هذه المجلة الأدباء الكبار مثل عبد الماجد دريا أبادي ، ومناظر أحسن كيلاني وأمين أحسن        الإصلاحي ؛ وهكذا طوروا المقالة الإسلامية الأرديـة وأوجدوا طرازا فريدا يحتذيه كل من يدخل مجال فن أدب المقالة حتى يوظف أدبه لخدمة رسالة الحياة وخدمة الدين الحنيف .

الخطابة :

في الخطابة الأردية ظهر كثير من العلماء والأدباء والشيوخ الذين مزجوا بين اللغتين الأردية والعربية في الخطابة وأخرجوا خطبهم في كتب مطبوعة ، ومنهم العلامة  شبير أحمد العثماني والشيخ الكوثر نيازي والشيخ المودودي . وقد احتوت الخطبة المنبرية كواحد من فنون القول الراقية على الكثير من القبسات الأدبية والعلمية والتاريخية التي أثـرت الخطابة في حينها  . وللشيخ العثماني كتاب كبير يضم مئات من خطبه البليغة القيمة . وله ديوان شعر ولكنه لم يطبع بل أشعاره منتشرة بالعربية والفارسية في مؤلفاته وخطبه . وأما أسلوبه فقد كان الشيخ يفكر في الموضوع فيكتبه بدون تكلف ولا تعسف ويصور للقارئ خلجات الروح وأزمات العقل ويعرض عليه المنقول والمعقول ويحيط الجلال والجمال بفكره وأدبه في ثوب من الإبداع والحكمة والصدق ويمزج الفلسفة بالأدب والكلام بالشعر .

الرواية :

قبل قيام باكستان تناولت الرواية الأردية موضوع  الفساد الاجتماعي في الهند والاضطرابات والمعارك التي دارت بين المسلمين والهنادكة ؛ فكتب محمد أسلم ( رقص إبليس ) وكتب رشيد اختر الندوي ( 15 أغسطس ) وكتب نسيم حجازي ( التراب والدم ) وقدرت الله شهاب ( يا ألله ) . وبعد قيام باكستان ذاع صيت روايات نسيم حجازي التاريخية الإسلامية . أما كتـاب الرواية فقـد اتجهوا إلى عرض صور للمجتمع على نمط كتابات الغربيين ، فكتب شوكت صديقي ( بلدة الله )  على نمط كتابات تشالز دكنز ، وكتب عبد الله حسين رواية بعنوان ( الأجيال الحزينة )  صور فيها مشاهد الحياة بجميع جوانبها .  بينما كتبت الأديبة ألطاف فاطمة ( لا تطرق الباب )  عالجت العلاقات الإنسانية في قصتها ، وابتعدت عن الرومانسية ، ورسمت خيوط قصتها على الحقيقة والواقعية . وتغلب على هذه الروايات الاتجاهات الشيوعية والرومانسية والجنسية كما كان ينادي أصحاب حركة التجديد الذين ظهر منهم حسن منتو ومن الأديبات عصمت جغتائي ولها روايات ركزت فيها على الجوانب الرومانسية .

وقد ظهر أدباء حافظوا على طهارة أقلامهم مثل أحمد نديم قاسمي وقد غلب على رواياته طابع الرومانسية أولا ، ثم تدرج أسلوبه ليصل إلى الواقع والحقيقة تاركا الخيال إلى المشاهدات ، وبدلا مـن الانفعال اتجه إلى الفكر العميق ،  وقاسمي كاتب معتدل في فنه غير متعصب يركز على موضوعه .

أذكر هنا أن الرواية التاريخية الأردية أفضل بكثير من الروايات التي تناولت موضوع الفساد . وقد غلب عليها اتجاهات الدعوة والتبليغ ، فقد برع نسيم حجازي الروائي المسلم في روايته ( قيصر وكسرى ) كما برع محمد أسلم في روايته ( زوال الحمرا ) وبرع رئيس جعفري في روايته ( بالاكوت ) . والواقع أن هدف نسيم حجازي في رواياته كان تقديم شخصيات وأحداث في التاريخ الإسلامي تمتاز بالجرأة والشجاعة والصدق ، حتى يمكن أن يحيي هذه الصفات في الشباب المسلم المعاصر .

روايات نسيم حجازي :

كان التاريخ الإسلامي هو الموضوع الذي جذب اهتمامه بينما شغف بالصحافة وعمل بها ، كتب أولى رواياته بعنـوان ( قصة مجاهد ) وبعدها توالت سلسلة رواياته التاريخية ، واحتل مكانة خاصــة في تاريخ الرواية الأردية.   وكـان موضوع التاريخ الإسلامي قد جذب إليه في القرن العشرين كتـاب الروايات . فبـدأ عبد الحليم شرر كتابة الرواية التاريخية الإسلامية فكتب ( فتح أندلس ) . ونسيم كاتب أديب حساس تؤثر فيه الأحداث وتختمر بداخله وتخرج ناضجة فيطوعها بقلمه بين السطور .

 وله ( التراب والـدم ) و ( المعركة الأخيـرة ) و ( تحطم سيف آخر )  و ( الصخـرة الأخيــرة ) و ( راحل في ظلام الليل ) و ( الكنيسة والنار ) و ( شاهين )  .

رواية شاهين :

تناول فيها المخاطر التي واجهت المسلمين في الأندلس وكيف ضاعت قرطبة وإشبيلية وطليطلة وغيرها . وقد ربط نسيم فيها بين أحوال المسلمين في الأندلس وأحوالهم في شبه القارة الهندية الباكستانية . يقول : " إن واحة الحرية تخضر فقط على تلك الأرض التي ترويها دماء الشهداء ، وحكايات عظمة الأمة تكتب دائما بهذه الدماء التي تسيل ساخنة ، وحين تتجمد الدماء لا تنفع الدموع " . وفي الرواية خطوط رفيعة تحمل روح الحب النقي البريء  .

صور نسيم المجاهدين من أولي العزم الذين رفعوا راية عزة الأمة الإسلامية وأعلنوا في إيوانات الحمراء : " أن هذه الأرض التي شهدت ذراتها مسيرة أسلافنا لن ترى ذلتنا ، وأن هذه السماء التي برقت فيها سيوف أسلافنا لثمانمائة سنة لن ترى أغلال العبودية في أيدينا وأن يوم القيام الذي سيخضب ثيابنا بدم الشهادة لن يشهد بقع الذل والعبودية السوداء على ثيابنا " .

نقد روايات نسيم حجازي :

صوب النقاد سهام نقدهم إلى روايات نسيم حجازي ، وذكروا أنها تبتعد عن الواقعية وأن الشخصيات معظمها خيالية .  كما رأوا أن سرد وقائع القتال بإسهاب والاتجاه أحيانا إلى تقديم النصائح والمواعظ يقلل من قيمة الرواية ويصيب القارئ بإحباط ،  إلا أن النقد اختلفوا طبعا في هذه الأمور وعلى كل حال فالقارئ في باكستان والهند لا يزال يطالب بالمزيد من الروايات الإسلامية الهادفة .

يريد نسيم في رواياته أن يحول الشرارة الكامنة في صدور شباب المسلمين إلى شعلة يمكن أن تجدد عصور البعث الإسلامي ، وهو يريد أن يضيء أذهان الشباب المسلم بعظمة الإسلام التي تجعلهم يشعرون بالثقة في أنفسهم من خلال التعرف على ماضيهم التليد ،  حتى يشعروا أن بإمكانهم القيام بالكثير والكثير ، وهو يريد أن يثبت في داخلهم الإيمان بالله الواحد ، ويذكرهم مرة بعد مرة بعظمة الإسلام وإبداعات المسلمين وهذا هو الهدف من الأدب .

الشعر الأردي :

شعراء الأردية كثر ، وقد ذكر المحاضر عددا منهم وعلى رأسهم الشاعر الكبير إقبال ، واختار الحديث عن صاحـب ( شاهنامة إسلام ) وهو الشاعـر حفيظ جالندهري الذي أبدع فن الشعر بعواطفه الرقيقة ومنظوماته الرومانسية في البداية ، ثم تحول تحت تأثره بإقبال  اللاهوري إلى الشعر الإسلامي وإلى الحديث عن الأمة الإسلامية ، وهكذا امتلأت أشعاره بعواطف تحرير الوطن مع عناصر كثيرة من الحب والإخلاص للأمة الإسلامية ولعظماء رجالات الإسلام  .

 شاهنامه إسلام  :

 وقد ألف ( شاهنامه إسلام ) الملحمة الإسلامية والتي كانت محصلة حياته الشعرية فوضعته على الفور في مصاف المشاهير واحتلت في تاريخ الشعر الأردي مكانة مرموقة . وحفيظ جالندهري  شاعر صادق ، وكان له حس شعري جعله يوفق في أشعاره . عشق الطبيعة بما خلقـه الله فيها من ألوان وحركـة دائبة  . وصور الشاعر الطبيعة ليلقي بتأثيره على العقل فانتقل من مرحلة تصوير الطبيعة في أشعاره إلى مرحلة أخرى اتخذ فيها من التاريخ الإسلامي موضوعا لأشعاره .

 وشاهنامه إسلام ليست مجرد منظومة تاريخية وليست شعرا بيانيا مجردا بل هي تعبير عن ظهور الإسلام في تاريخ البشرية ، فالشعر يعبر فيها عن الحدود الفاصلة بين الكفر والإيمان ، بين النور والظلمة ، بين الخير والشر ، بين الإسلام والجاهلية ، ويقدم المعيار الصحيح للإيمان أمام عالم المتناقضات .

ختم الدكتور الحافظ عبد الرحيم محاضرته ليجد نفسه أمام عدد من الأسئلة والاستفسارات والتعقيبات التي دارت جميعا حول هموم الأدب الإسلامي وقضاياه ودوره خاصة في المرحلة الحالية التي تواجه فيها أمتنا تحديات ضخمة على مستوى الهوية والخصوصية الثقافية ، وتولى المحاضر الإجابة عنها والرد عليها  .