برقيات أدبية (60)

رابطة الأدب الإسلامي تحيي ذكرى الكيلاني

من : صالح البوريني- عمان

في مقرها بجبل الحسين في عمان أقامت رابطة الأدب الإسلامي مساء يوم السبت 13/3/2004 أمسية أحيت فيها الذكرى السنوية الأولى لوفاة الديب الداعية مصطفى حيدر زيد الكيلاني شهدها عدد من أعضاء الرابطة ومن ذوي المرحوم وقرابته وأحبائه .

وقام بعرافة المسية عضو الرابطة الشاعر صالح البوريني الذي رحب بالحضور وقال : " إن الأخوة الإيمانية والمودة الروحية والوفاء الإنساني ورحم العلم والأدب وسواها من الوشائج والمشاعر التي تجذبنا إلى روح فقيد الدب والدعوة الستاذ المربي والداعية المرحوم مصطفى الكيلاني ( أبيأنمار )، تجعل شخصيته حاضرة في ذاكرة رابطته التي اعتز بها ، ودعا

إلى طريقها حيث قال في هذا المكان وما يزال قوله مسجلا وصوته مجلجلا :

ولـنـأت رابـطـة تـلم iiشتاتنا
أنـعم  برابطة غدت في iiعصرنا
قم حي رابطة تنادي المسلمين من


 
وتـحـيـطـنا بالحب iiوالإكرام
مـقـصـودة  ولـهـا مقام iiسام
الــدعـاة ومـن ذوي الأقـلام

إن محبة الفقيد الكيلاني في القلوب تجعل روحه محلقة في مخيلة إخوانه وكل من عرفه من أعضاء هذه الرابطة، هؤلاء الأعضاء الذين أحبهم الكيلاني وأفسح لهم في شعره وأشاد بعلمهم وإبداعهم فقال :

ضمت من الكتاب كل محقق            أو باحث أو ناقد مقدام

ورعت من الشعراء من أشعارهم  تخلو من التعقيد والإبهام

 ثم تحدث الشاعر غازي الجمل عن الكيلاني شاعرا .. وأنشد نماذج راقية من شعره في موضوعات مختلفة منها حب النبي صلى الله عليه وسلم ونكبة فلسطين وعاطفة الأمومة وغيرها مما يتعلق بقضايا الأمة ومعاناة الإنسان . ونوه الشاعر الجمل بقوة شعر الكيلاني وأشار إلى بعض جمالياته اللغوية والموسيقية .

قال في نكبة فلسطين :

ومـزقوك  وما زالوا فوا iiألمي
وألـبـسوك برودا من نسيجهم
وشي يروق إلى الرائين ظاهره


 
في  كل شلو من الأشلاء iiسكين
فـي كل حين لها وشي وتلوين
وفـي بـواطنه تسعى iiالثعابين

ومن قصيدة له في أمه يقول :

أمـي  رعاك الله يا iiأمي
أنت التي ما همني iiسبب

 
أنـت الـمحبة دونما iiإثم
إلا انبريت لتمسحي همي

 وكان عصاميا شديد الاعتداد بنفسه جريئا رابط الجأش لا يتزعزع عن مبدئه ومن شواهد ذلك قوله :

وبـيـن جنبي نفس غير iiصاغرة
حـاشـا  لمثلي وإن قلت iiحوائجه
يا خافقي مت على الحرمان إن يدا


 
فـي  الحادثات وقلب غير iiرعديد
إطـراقـة الهام أو إحناءة iiالجيـد
قـصـت جناحيك لم تحفل iiبغريد

        ثم تحدث الأستاذ الشاعر علي الكيلاني ابن عم الفقيد صاحب الذكرى .. فقدم ترحمة لشخصية الكيلاني قال فيها إن " المرحوم من مواليد نابلس عام 1923 التي كان يقيم فيها مع أسرة والده ـ رحمه الله ـ الذي كان يعمل في سلك القضاء الشرعي في زمن الانتداب البريطاني على فلسطين في الناصرة ، ثم انتقل إلىنابلس ثم رحل منهامع عائلته إلى الزرقاء فيمطلع الثلاثينيات حيث عمل إماما وخطيبا فيالمسجد الذي يدعى اليوم مسجد عمر بن الخطاب . وقد عمل في مدارس المملكة المختلفة .

        وألقى الشاعر علي فهيم الكيلاني قصيدة رثاء جاء فيها :

وفـر  العام مذعورا iiسريعا
أمـا علموا بأن الموت يحيا
وأن  الـموت يسعفنا iiلنحيا
وأن  الأمـنـيات لها iiزكاة
إذا الأيـام غـصت iiبالمنايا
سـنجعلها تطيب بنا iiوتزكو
سنجعلها تفيض هدى iiوعدلا
لسوف  نظل نذكر ما iiحيينا
وما طابت ورقت واستقامت








 
لأن  الـطـالـبين له iiجناة
بـنـا أبدا فنحن له iiالرئات
ويـنـعشنا  فتنتعش iiالحياة
وأن  دمـاءنـا لهي iiالزكاة
فـنحن  دواؤها iiوالمكرمات
ويـشرق وجهها iiوالأمنيات
مـغـانـيها جنان iiوارفات
أبـا أنـمار ما قست iiالحياة
فـذاكـرة الوفاء لها iiالثبات

واستشهد بمقال للأستاذ إبراهيم العجلوني في تأبين الراحل جاء فيه : " ها نحن أولاء نودع فارس قلم وفارس أخلاق ، ونؤبن رجل تربية وتعليم وتقويم ، هيهات يجود زماننا بمثله ؛ صدق لهجة وصلابة روح وحماسة قلب ونزاهة ضمير ،  لقد كان أستاذنا الراحل مصطفى حيدر الكيلاني ( أبو أنمار ) ميزانا غير ذي تخسير ، نعرف به مبلغنا من الجد والهزل ،ومرآة صافية نرى فيها ملامحنا وما هي عليه من استواء أو التواء .. وكان رحمه الله من أولئك الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم .. ولا يعبأون وهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ؛ أرضي الخلق أم انفجروا غضبا .. ولم يكن إنسان منا مهما كبر في عين نفسه أو في أعين الآخرين ولا حكومة ذات هيلمان ولا جماعة ذات سلطان لتبلغ عنده إن تكون فوق النقد والتقريع " .

        وبعد ذلك قدمت الشاعرة نبيلة الخطيب شهادتين إحداهما  نثرية والأخرى شعرية ، قالت فيها : " فالرجال الذين يبقون في النفوس حاضرين متجددين لثلة من الآخرين ؛ إنهم القابضون على الجمر حتى انطفاء الجسد .. عرفته صاحب موقف يؤمن أنه الحق ، فيعض عليه بالنواجذ ، لا يغره الغرور ، لا يداهن ولا يماري ؛ شديد في الحق يصدع به .. رضي من رضي وسخط من سخط .  ثم ألقت قصيدة نظمتها في موقف خلاف في الرأي بينها وبين المرحوم جاء فيها :

أغضي على الشوك أم أرميه بالورد
الله  يـعـلـم أن الـقلب ذو iiورع
بـعـض من الظن أدعو الله iiيغفره
ويـعـبق  العمر بشرا في iiخواتمه
ويـنـزع الـغل إخوانا على iiسرر




 
أصـد  بـالدفء هجمات من البرد
ومـا صـبـأت ومـا عقلي بمرتد
ويـعـمـر  النفس بعد الصد بالود
ويـرفـع  الذكر بين الناس iiبالحمد
كـأسـا  دهـاقـا هنيئا جنة iiالخلد

تحدث بعد ذلك الأستاذ عبد الرحمن البوريني مضيفا بعدا جديدا إلى الأمسية الدافئة يزيدها دفئا هو حديث التلميذ عن أستاذه ، فكان مما قاله : " وتتابعت اللقاءات ـ يعني مع المرحوم الكيلاني ـ نتدارس فيها القرآن واللغة وننهل من معينه الرحب ، ولطالما شدنا كثيرا عندما كان يتحدث عن أمته حديثا مليئا بعنفوان الشباب في جلباب من حكمة الشيوخ .. كنت كلما نلتقي أحس أنه الأستاذ والصديق والوالد ، كنت أحس أنني أوفر الموجودين في المجلس حظا .. أسأل الله سبحانه أن يرحمه رحمة واسة وأن يجمعنا به في جنان النعيم " .

            

 شاعر الديباجة الشامية عبد الله السلامة

من صالح البوريني- عمان

يتنفس الشعر  ويتغنى بالشهادة

" يجمـع في شعره بين أمرين مهمين : الأول هو العمق في المعاني والأفكار مع الطرافة في الموضوعات ، والثاني هو الشكل الفني الجميل ، وهو ذو نسب عريق في المدرسة الشامية في الشعر او الديباجة الشامية التي اشتهر بها من قبل البحتري وأبو تمام وبقية شعراء بلاد الشام " .. بهذه الكلمات ختم الأستاذ محمد الحسناوي تـقديمه للشاعر المبدع عبد الله السلامة الذي ألقى عددا من قصائده الجديدة المختارة في رابطة الأدب الإسلامي .

للشاعـر عبد الله السلامة جملة من دواوين الشعر منها :  ( الظل والحرور ) ( واحة في التيه ) ( ثآليل في جبهـة السامري ) ( المعاذيـر ) وغيرها .  وهو من المعددين في الكتابة ؛ فبالإضافة إلى تألـقه في ميدان الشعر فقد كتب في القصة القصيرة والرواية والمسرحيـة والنقـد والمقالات السياسية وله جملة من المؤلفات المتـنوعة والكتابات المنشورة على صفحات الجرائد والمجلات الثقافية .

ومعروف أن قنوات الإبداع يفيض بعضها على بعض ، لأن منبعها واحد هو روح المبدع ومنجمه الفكري والوجداني ، ولكن الإبداع بعد أن ينصب في قوالبه يختلف مذاقا ولونا ونكهة باختلاف هذه القوالب ، فقالب الشعر له خصوصيته التي يختلف بها عن القصة والرواية والمسرحية وسواها من أصناف الأدب  . وقد تـتعدد الأجناس الأدبية التي يخوض غمارها المبدع أو يركب مركبها ، وهذه ظاهرة في عدد غير قليل من الكتاب المبدعين ، ولكن هل يحافظ الأديب المعدد على مستوى من التميز والتـفوق في كل الألوان الأدبية التي يكتب فيها ؟ هذا سؤال أجابت عليه تجربة عبد الله عيسى السلامة بالإيجاب ، فهـو مبدع في كل ما طرقه من الأجناس الأدبية لا يغلب الشاعـر فيه القاص ولا يبـز فيه الروائي المسرحي فهو كما قال الأستاذ الحسناوي : ( شاعر قاص روائي ناقد كاتب سياسي وهو في هذه الفروع كلها متـفوق ومجود ) .

 وبعد أن قدم الأستاذ الحسناوي ملخصا لدراسة نشرها في كتابـه المعنون ( دراسات في القصة والرواية في بلاد الشام ) عن عـدد من روايات الأستاذ عبد الله السلامة ،  قرأ الشاعر السلامة قصيدة بعنوان ( ضباب الشعر ) :

إن صـاح : آه ، أجابته الدنى : إيه
تـجريه في سمعها لحنا  iiوقافيــة
الـعين تسكرها عيناه إن همتـــا
فـمن لدني سحاب ، من لدنه  iiهمى
الـروح مـنبعه والصدر  iiمضجعه
إن  كـنت إياه ، أو أياي كان ، iiفما





 
يشكو  ، وترقص جذلى من تشكيـه
وربه من نجيع  القلب  يجريـــه
والأذن تحسو الضنى كالشهد من iiفيه
وفي ( اللدنيْن  ) يطويني iiوأطويـه
والكون  مرتعه والقلب iiراعيـــه
كـنـا سوى واحد في لجـة التيـه

ومن ضبـاب الشعر الذي ينتـشر في آفاق روح الشاعر وتهطل روحه فيه مطرا بألوان مشاعره وأمانيـه وشكواه ، ينقلنا عبد الله السلامة إلى قصيدة بعنوان ( شتـان ) يعالج فيها واقع الضعف والاستسلام العربي أمام أعداء الأمة فيقول : 

تـغلغل الذل في أوصالنا iiوسـرى
فإن  نظرت إلى قومي نظرت iiإلى
نحن  المشائيم لم نحرس iiمكارمنـا
لا الضوء يرقص في أعماقنا iiجذلا
ولا أصاخت لدى الجلى iiمسامعنـا
فلـو  أطاقت حروفي كلها iiلبكـت





 
من  لبدة الليث حتى مقلـة iiالريـم
طين على شاطئ النسيان iiمركـوم
من كل سهم رهيف النصل iiمسموم
ولا  أكف الهدى في دربنـا iiتومي
إلا إلـى كـذب نشـوان iiمنغـوم
بين السطور تواسـي كل مهـزوم

تفاعل الشاعر مع أحزان وآلام أمته يبلغ حد الامتزاج بها والتوحد معها إذ لا تكاد تجد فرقا بين الهم الخاص والهم العام ، وحين يطفح الأسى ويستحوذ اليأس وتنعدم الحيلة وتنقطع الوسيلة يقول عبد الله السلامة في ( المبادرة المشلولة ) :

أهـم .. ولا أريـد .. ولا iiأطـيـق
أهـم  .. وهـمـتي طفل iiبليـــد
أهـم .. ولـيـس همي هـم iiنفسي
غـدا  فـجـر ، وبعد غد iiظــلام
أهـم !وكـيـف؟جدوىالموت iiصفر
مـبـادرتـي  بحلق أبي ( فـلان ii)





 
وكيف ؟! ألم يضع منـي الطريق ؟!
أنـاشده .. فيسفعنـي iiالحريـــق
ولـيت .. فإنه نعم iiالرفيـــــق
وبعد  البعد ليل .. أو iiشــــروق
ومـا في جعبتـي إلا iiالنعيــــق
فأولها  وآخرهــا iiنقيــــــق

الشاعر عبد الله السلامة شاعر منطلق يتحرك في ميدان الشعـر  بحرية تامة ، ولا يبدو أنه يصادف أي معيقات في طريق انطلاقه الشعري وتحركه الشعوري ، وتبدو اللغة طيعة لخواطره وبارقات فكره ويمتلك براعة فائقة في تشكيل الصورة الفنية وفي التـقاطها وفي عرضها .  إن شعره  يمتلك قدرة هائلة على الاختطاف والأسر والاحتلال ، يخطف الانتباه ويأسر العقل ويحتل مساحة الوجدان ، تشعر أن عبد الله السلامة ينفذ إلى أعماقك بسرعة ، ويفتح أفقا عريضا بينك وبين مشاهـده التي يصورها ببراعة فائقة ، لا يعيب عدسة التصوير عنده خدش ولا غبش ولا ضباب ولا اضطراب . تشعر أنك أمام مخرج يمتلك كل أدوات التصوير وصناعة المشاهد ، وليس أمام شاعر يصف بالكلمات ويعبر بالحروف ويرسم بالجمل ويصور بالخيال ، أجل .. كأنك أمام مخرج سينمائي يدير منشأة فنية ضخمة يستخدم فيها أعظم مبتكرات التكنولوجيا السينمائية التي تمكنه من التـقاط الصورة من أي زاوية والتصرف فيها بالتكوين والتلوين والتحريك مستثمرا كل  طاقات لغة الكلام ولغة الألوان ولغة الموسيقى .

يقول في مقطوعة ( العمر ) :

وثـوب تـظـل الـشمس تحرق iiنفسها
فـيـنـفذ  في جلدي ، ويسرب في دمي
ويـنبت  في وجهي غضونا ، وفي iiيدي
ويـخـفـق فـكرا في دماغي ، iiولوعة
إذا  قـلـت : إني ها هنا ، قال : بل iiأنا
أنـسـت بـه ، إذ بـات أنـسا iiمؤانسا
فـذاك  الـذي لـو لم أكنـه iiلكاننــي






 
لـتـنـسـجه حولي ..فأنزعه iiعنــي
ويـنـحـل نـسغا في يقيني وفي iiظني
رعـاشـا  ، وملحا في شرابي وفي iiدني
بـقلبي  ، ونـارا فـي خيالي وفي iiفني
وإن  قلت : إني راحل ، قال : بل iiإني..
يؤالف بين الإنس ـ في الأنس ـ والجن
وقـد كنته ، إذ قال لي آمرا : iiكنـــي

أما قصيدة ( صقور النور ) فتعرض لنا رؤية عبد الله السلامة الخاصة في قضية الاستشهاد ـ دون أي تصريح ـ وتسجل تمجيده  لكل هؤلاء الذين يضحون بالحياة من أجل الكرامة والعزة والمبادئ ، ويسميهم ( الثابتين )  وينعتهم ب ( ملائكة البشر ) :

الـثـابتون  .. ورأس الطود ما iiثبتا
الـمـشفقون  على ليث الردى iiوجلا
تـاسـبـقوا نحو فكيه ، iiوعانقــه
سـيـل اللهيـب تلوى حين iiأغرقهم
هـم  الـرجـال وإن كـانوا iiملائكة




 
قد دك ، فاندك .. حتى الشوك ما iiنبتا
خارت قواه .. فعض القيد iiوانفلتــا
بعض ، وبعض على أضلاعه iiربتـا
من غوصهم فيه .. حتى كل وانكبتـا
بين  الضلوع .. كأن الطين ما iiنكتـا

            

أدب الحوار

محاضرة للدكتور أحمد شحروري في رابطة الأدب الإسلامي

من صالح البوريني- عمان

يحتل موضوع الحوار عموما موقعا بارزا بين الموضوعات التي شغلت بها ساحة البحـث العلمي والاهتمام الثـقافي ، بل تعـدت ذلك إلى شغل مساحة في الأجندة السياسية والبرامج الإعلامية  .  وفي الأمسية التي أقامتها رابطة الأدب الإسلامي مساء يوم السبـت الماضي  بدأ الدكتور أحمد شحـروري المحاضر في جامعة الزيتونة بمقدمة في موضوع أدب الحوار ـ فيما يرى أنه تأصيل شرعي إسلامي لهذا الموضوع ـ  فقال  :  ( إن الحوار هو تطبيق عملي لقدرات المحاور الأدبية ،  وللأدب الإسلامي محدداته أصلا ؛  فأدب الحوار عند المسلم أخص وأرفع من أدب الحوار عموما ، وإن كان المتأدبون يلتقون في نقـاط مشتركة . والفضيلة مطلوبة في الـذوق البشـري ، إلا أنها إذا أخـذت بعدا  تدينـيا صارت فضيلـة شرعية تعبديـة . ويتـفرع حديثـنا نحن المسلمين في أدب الحوار عن كونه شريعة تدينية تربط العبد بربه وأخلاقية ليس فيها ما يناقض الفضيلة ) .

وبين الدكتور شحروري أن الحديث في أدب الحوار لا يصدر عن حاجة تجريدية نظرية ، وإنما هو مطلب عملي ، ذلك أن الأديب المسلم داعية، والداعية الناجح يتمسك بأسباب النجاح ولا يخالفها ، والمثل الأعلى في هذا المقام هو القرآن الكريم والتطبيق العملي في السنة المطهرة .

وفي إطار المصطلح تطرق الدكتور شحروري إلى الحديث عن المصطلحات المرادفة أو المتشابكة في المعنى مع مصطلح الحوار ، فذكر منها : النقاش والجدل والمراء . وعرف بكل منها مستشهدا بآيات القرآن الكريم وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ومستـفـتـيـا معاجم اللغة وأقوال العلماء ، وخلص إلى أن الحوار : هو مطلق المراجعة والجواب بين طرفين أو شخصين .

وأشار الدكتور شحروري إلى أن أهمية الحوار تـتأكد من كونه وسيلة التـفاهم بين البشـر شريطـة أن يكون الحوار حرا لا حدود تـقف في طريقه إلا حدود الشرع ؛ ذلك أن وجود الحدود معناه عدم ظهور الرأي كما يعتـقده صاحبه ، ومعنى ذلك أن صاحب الرأي لا يستطيع أن يدلي برأيه بكامل حريته وإنما تحت القيود . ولذلك فإنه يتعين في الفقه الإسلامي أن يكون الفقه غير ملزم بحمل جواز سفر سياسي لأن خضوع الفقه لرأي سياسي موجه يعني أن الفقه الإسلامي لم يعد حرا بل صار خاضعا لسياسة الأشخاص والأهواء ؛ وهذا معيق من معيقات الحوار بين الفقهاء  يعطل حصول الإجماع .

ومن عوائق الحوار : الخوف والخجل والمجاملة والثرثرة والإطناب واللف والدوران ( المراوغة ) ، والتـقعر واستخدام المصطلحات غير المفهومة من الطرف الآخر أو التحدث بلغة أجنبية بقصد التـفاخر والاستعلاء ورفع الصوت من غير موجب ، والتعصب من غير دليل .

وقسم الدكتور شحروري الحوار من حيث الشكل إلى قسمين : حوار هادئ وهو الحوار العقلاني المبدئي ، وحوار متشنج وهو عكس القسم الأول .

وأما من حيث المضمون فقسمه إلى  حوار متفتح وآخر متزمت : والمتفتح هو الحوار الحيادي الذي لا يكون فيه المحاور مصطفا ولا متخنـدقا خلـف فكـرة معينة لا يرى غيرها وهو الحوار الذي يسعى فيه المحاور إلى الحقيقة والعلم .  وأما الحوار المتزمت فهو الذي يكون فيه المحاور متعصبا لفكرته يأبى التنازل عنها ولو ظهر بطلانها بالدليل والحجة الدامغة وهو أيضا حوار التزمت والمهاترة .

وتحدث عن حوار العلماء وحوار طلاب الشهرة  ، وبين الفرق الشاسع بينهما وأن حوار العلماء يقوم على أسس الدعوة والوصول إلى الحق مع خلوص النية واستخدام العلم وحقائقه وأصوله وآدابه في حوارهم مما يكون سببا في حصول التوفيق لهم وفوزهم بمحبة الناس . وأما حوار طلاب الشهرة وخاصة في وسائل الإعلام وغيرها أيضا فإنه بعكس حوار العلماء  .

والحوار إما أن يكون ناجحا منتجا أو فاشلا عقيما . والحوار المنتج يقوم على احترام الذات والآخرين وإدراك أن الحقيقة نسبية وليست مطلقة إلا في قضايا العقيدة ، والقناعة بأن للحوار هدفا يراد تحقيقه .

أما الحوار من منظور الأشخاص فمثل له الدكتور شحروري بالحوار بين العاقل والجاهل والحوار بين الشباب والشيوخ والحوار بين المتخصصين وغير المتخصصين والحوار بين الحاكم والمحكوم ، وقرّر أن الحلم وسعة الصدر واحترام عقول الآخرين واعتبار أقدار ومكانة المتحاورين دون تنازل عن الموضوعية بالإضافة إلى تـقدير الفوارق بين المتخصصين وغيرهم عوامل وأسس معتبرة في نجاح الحوار وتحقيقه لأهدافه النبيلة .

وبيّـن الدكتور شحروري أنه ينبغي أن يكون للحوار بين جانبين أو طرفين منطلقات مشتركة ليكون الحوار مجديا وأن أهمها الاعتماد على أسس مشتركة للحوار كالتحاكم إلى القرآن والسنة عند المؤمنين أو التحاكم إلى قواعد المنطق والقياس العقلي بين غير المؤمنين . والتسليم ببدهيات المعرفة وبدهيات السلوك واللياقة واحترام الحوار والرغبة في الوصول إلى الصواب ، لأن التفكير في الوصول إلى الغلبة يلقي بصاحبه في لجاجة الجدل العقيم .

وأكد الدكتور شحروري على ضرورة توفر صفات إيجابية خاصة في المحاور حتى يكون محاورا ناجحا منها علمه بما يحاور فيه وقدرته على التعبير وحلمه وسعة صدره وسرعة بديهته واستحضاره الشواهد  لحظة الحاجة إليها وقدر من الذكاء مع ذلك كله ليكون من المتصفين بالحكمة التي مثل لهــا ببراعة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام في حواره مع النمرود إذ ألزمه الحجة ،  وذلك ما قصته الآية ( 258 ) من سورة البقرة حيث يقول تعالى : (( قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر )) .

وفصل الدكتور شحروري القول في آداب الحوار وذكر منها احترام شخصية المحاور والانتباه له وعدم الانصراف عنه أثـناء حديثه وفسح المجال للآخر لإبداء رأيه ، وحسن الكلام الذي منه الملاطفة والتأدب في الخطاب . ومن آداب الحوار المرونة فيه وعدم التـشنج وطرح اللغو جانبا والحذر من الاستطراد الذي يخرج عن جادة الحوار وينحرف به عن وجهته واختيار التعبير السهل الواضح دون تـقعر أو تكلف .

 ومن آداب الحوار كذلك الموضوعية فيه والتزام المنهج العلمي والحجة الصحيحة واعتماد البرهان والدليل والاعتراف للخصم بالحق والسبق إذا ظهرت حجته ، وبين الدكتور شحروري أن الرائد والقدوة في موضوعية الحوار هو القرآن الكريم ومثل لذلك بقول الله تعالى في الآية (24 من سورة سبأ ) : (( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين )) .

وركز على أن من أهم آداب الحوار حسن الصمت والإصغاء للآخر ، ذلك أن الانشغال عن الإصغاء يضيع على المحاور فرصة فهم محاوره الأمر الذي يحول الموقف بين الطرفين  إلى  ( حوار طرشان ) ، ونقل عن بعض الحكماء قوله : ( أنصف أذنيك من فمك فإنما جعل الله لك أذنين اثـنتين وفما واحدا لتسمع أكثر مما تقول ) .

وأما الدكتور مأمون فريز جرار الذي قدم المحاضر في مستهل الأمسية فقد كانت مشاركته بالحديث عن الحوار في إطار أنشطة رابطة الأدب الإسلامي وأشاد الدكتور جرار بالروح الأخوية التي تجلت بين الأعضاء في الرابطة عبر مشاركاتهم ومداخلاتهم وتعقيباتهم في أماسي النشاطات المتـنوعة وما يسود الجو العام للرابطة من مودة واحترام متبادل.

ونبه على بعض السلبيات التي تشوب الحوار أحيانا والتي لا يكاد يخلو منها منتدى فكري ولا رابطة ثقافية ، مثل الإطالة في زمن التعليق بحيث يطغى أحيانا على حق المعقبين الآخرين ، والتشبث ببعض الشكليات والوقوف على بعض الهفوات التي ينبغي أن لا يلتفت إليها مثل هفوات اللسان في بعض مواضع النحو ، وما قد يشوب التعليق أحيانا من الانفعال والحدة التي قد تكدر المزاج أو تعكر صفو الجو الأدبي اللطيف .

وقال الدكتور جرار : ( من مشكلات الحوار المرتجل في التعقيبات والردود في أعقاب المحاضرات والأمسيات الإبداعية  أنه  حوار انطباعي يسجل نقدا انطباعيا غير مدروس دراسة معمقة ولذلك فقد يأتي أحيانا برأي فطير غير ناضج فينبغي أن يتواضع صاحبه في طرحه وأن يحسن تقبله من يوجه إليه ويوسع صدره في تحمله ، وعلى أي حال فإن النقد يستوجب عدم الخروج على حقوق الأخوة ويجب أن يكون نصحا لا تجريحا ولا تشهيرا ) .

    - لوحات أخلاقية

في مشاركته التي قدمها في أمسية أدب الحوار كان الدكتور مأمون مسترسلا في الحديث عن بعض ما يعتري جو المداخلات والتعقيبات في قاعة الرابطة من مكدرات الخاطر ومعكرات الصفو أحيانا ، وذكر منها الحدة والانفعال والعصبية التي تظهر على بعض الأعضاء أثـناء تعقيباتهم مع أن جو الرابطة الأدبي وروح العلاقة الأخوية تستلزم أن يكون تعبيرنا هادئا لا متشنجا وتعقيبنا لطيفا لا عنيفا ، وفي هذه اللحظة قاطعه الأخ أحمد أبو شاور بصوت مسموع من الجميع وبلا ميكروفون قائلا  :

ـ حتى أنت تفعل ذلك في بعض الأوقات !!

فبادر الدكتور بالقول :  ـ طيب أستغفر الله إن فعلته ..

ـ  وأنا أذكرها ....( يقصد الأخ أبو شاور موقفا معينا خاصا )

ـ طيب بارك الله فيك ..

ـ ....متابعا ومعترضا بكلام غير واضح ..

ـ طيب جزاك الله خيرا .. رحم الله إمرءاً أهدى إلي عيبي .. وإن فعلتها فأنا أعتذر لمن فعلتها بحقه .

فأعطى الدكتور مأمون من نفسه قدوة لجميع الأعضاء في الأريحية وقبول النقد والاعتذار عن الخطأ .

         

مكة المكرمة شيعت شاعرها محمد حسن فقي عن 93 عاما بعد موعد متواصل مع الموت

الدمام- ميرزا الخويلدي
بعد الثمانين خبت جذوتي
وآدني السقم وطاب الرحيل!
بعد الثمانين أبت صبوتي
إلا انحساراً عن جبيني الاثيل!
بعد أكثر من تسعين عاماً، قضاها أديب الحجاز ونابغة الوطن السعودي، متنقلاً بين القوافي والكلمات، وراحلاً زاده 
الصبر والأناة بين الفجائع والأحزان،يحمل نعش الكلمة على حبال التشاؤم 
حد اليأس، وينظر الى الكون من حوله بعيني ابي العلاء المعري، ناسجاً على منواله نغماً تتناسق فيه 
عواطف الشاعر المرهفة برؤية الفيلسوف، ووجدان المتصوف واحتجاج الثائر. رحل ظهر أول 
من أمس في منزله بجدة غرب السعودية الشاعر محمد حسن فقي عن 93 عاماً.
وحسبما كان يتمنى ويوصي، فقد أديت صلاة الميت على روحه في المسجد الحرام بعد
 صلاة الفجر من يوم أمس الأحد، ووري الثرى في مقابر المعلا بمكة المكرمة.
ولد الراحل الشاعر محمد حسن فقي في 17/6/1332هـ (13 مايو (أيار) 1914) في مكة 
المكرمة، ونشأ يتيماً حيث توفيت والدته وهو رضيع وكان عمره لم يتجاوز سبعة أشهر، وشاء الله أن يفقد والده 
أيضاً ولما يشب ويكبر، حيث توفي ابوه وعمره 16 عاماً، وكان عليه ان 
يعاصر الحياة ليعمل الى جانب تحصيله الدراسي، وأن يصبح مسؤولاً منذ 
بواكيره الأولى عن عائلة مكونة من اخواته البنات (لم يكن له إخوان ذكور)
* عاش في مكة المكرمة وتعلم في مدرسة الفلاح، ثم انتقل مع اسرته الى جدة حيث درس بمدرسة الفلاح أيضاً، ثم عاد مرة 
اخرى الى مكة المكرمة واكمل دراسته هناك. 
وبعد تخرجه من المدرسة عهد إليه وهو في سن مبكرة تدريس الطلبة في المدرسة وكان بعضهم يفوقه عمراً، وكان 
يدرسهم الخط العربي والجغرافيا والأدب. وحاول وهو الفتى اليافع أن يوسع مداركه فانفتح 
على اعمال الادباء الكبار كطه حسين وعباس العقاد والمازني واحمد امين 
والرافعي وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا ابوماضي وغيرهم.
عرف الراحل محمد حسن فقي الأدب والشعر وهو صغير، وكان أول ديوان ألفه «قدر ورجل»، كما نظم الرباعيات، وكتب 
«نظرات وافكار في المجتمع والحياة» و«هذه هي مصر»، و«الفلك يدور»، و«ترجمة حياة»، و«مذكرات رمضانية»، 
و«فيلسوف»، بالاضافة الى المجموعة الشعرية الكاملة التي صدرت في 7 اجزاء، وكذلك مئات المقالات والدراسات 
الادبية التي نشرها في الصحافة المحلية والعربية.
وكان الشاعر الراحل يمقت الغربة، ويشعر بحنين الى موطنه، ولذلك حينما عينه الملك فيصل سفيراً للمملكة 
لدى اندونيسيا وحضر مع الملك المؤتمر الاسلامي في باندونغ عام 1955، وكان معنياً أيضاً بتنظيم مؤتمر 
دول عدم الانحياز الذي كان ابرز قادته الملك فيصل واحمد سوكارنو وتيتو وعبد الناصر. 
لكن قبل إكمال عامين، حسب رواية ولده السفير فؤاد فقي، طلب من الملك فيصل أن ينتقل الى المملكة، 
حيث كان مسؤولاً عن أسرة في امس الحاجة الى وجوده.
ولدى عودته للمملكة كلفه الملك فيصل بتأسيس ديوان المراقبة العامة وظل في
الديوان حتى استقال لأسباب صحية. وتولى رئاسة مجلس ادارة البنك الزراعي. 
ويعتبر الراحل محمد حسن فقي اول مدير عام لمؤسسة البلاد الصحافية. وعينه الشيخ حسن بن 
عبد الله آل الشيخ وزير التعليم العالي السابق مستشارا لـ«المجلة العربية».
* الموت في حياة محمد حسن فقي
 * كل من قرأ أعمال الشاعر الراحل محمد حسن فقي يشعر أنه يقرأ لأديب امتزج شعره بالفلسفة، 
وطبعت أعماله مسحة من الحزن والتشاؤم، ولم تكن تلك النزعة مجرد ترف في المشاعر بالنسبة لشاعر 
طالما تنعم بالمناصب العليا، ولكنها كانت انعكاسا لحالة من الحزن ظلت تلازمه منذ كان طفلاً. 
وكانت اشعار وكتابات محمد حسن فقي تعبر عن نزعة فلسفية، كما كانت أعماله تصطبغ برؤية عرفانية، وهو القائل:
انا وحدي في اعتزالي ذائق
لذة الروح ابتعاداً واحتواء
وكانت أشعاره كما المقالات التي كان يكتبها تقطر حسرة وتشاؤماً وحزناً، وإذا كانت الحياة بأبعادها المختلفة قد غرست 
انيابها في حياته وعاملته بضراوة،فإنها أيضاً لم تبخل عليه بنعيمها،ولكنه ظل متشائماً يحاول
ان يعيش في عالم من العرفان وفق رؤية فلسفية نحو الروح والانسان، ولم يكن متكلفاً في أشعاره 
ومقالاته، حيث كانت تحتوي على رؤية تمازج بين الشعر والفلسفة.
والذي يقرأ سيرة الشاعر المكي يجد أنه كان على موعد متواصل مع الموت، ففي مراحل الطفولة
 ولما يكمل شهره السابع فقد أمه، ليتنقل بين ايدي الحاضنات. 
ثم وفي بواكير المراهقة فقد والده، الذي طالما ظل يمتدحه حتى بعد أن شاخ وكبر، 
وظل يعتبره المثال الأكبر في حياته، وصاحب الفضل في تعريفه بالأدب والادباء.
لقد امتزجت حياته بالمعاناة منذ كان طفلاً، وظل يعاصر الحياة كاداً على اخواته الصغيرات متسنماً
 المسؤولية مبكراً، وحين كبر وتزوج ابتلي بفقد اولاده.
لقد عبر الشاعر الراحل عن مرحلة اليتم التي عصفت بطفولته قائلاً:
كليل عشت بلا حب ولا أمل
كالقفر عاش بلا ماء ولا شجر!!
أنا اليتيم!! وما تحصى عشيرته
لكنني بينهم عود بلا وتر
يكاد يحسبني من ليس يعرفني
من التبلد تمثالاًَ من الحجر!!
المال والمجد أوهاق لمرتقب
وليس فوق أديم الأرض من وطر!!
قد اغتربت بداري غير مؤتنس
بها وأمسيت من أهلي على حذر!!
أهيم على وجهي فما أنا منتم
إلى الروضتين مثل الآمنين ولا القفر!!
ويسلمني خوفي إلى السهر تارةً
وأخرى إلى النوم المفزع بالشر!!
ويقول:
حيرتني نفسي فما اعرف
ما تحتويه من اسرار!!
الرشد تميل ام لضلال
ولنفع تميلُ ام لضرار؟!!
من صباي الغرير كنت اعاني
قلقاً من شذوذها وعثاري!!
* محمد حسن فقي (سيرة ذاتية)
ـ ولد في مكة المكرمة 1332هـ
ـ درس في مدرسة الفلاح بجدة عام 1338هـ
ـ عمل بمدارس الفلاح أستاذاً بعد تخرجه منها
ـ رأس تحرير جريدة «صوت الحجاز» فترة من الزمن، ثم انتقل إلى العمل بوزارة المالية حتى أصبح مديراً عاماً لها،
 ثم صدر أمر بتعيينه سفيراً للمملكة لدى إندونيسيا وقد مكث فيها فترة من الزمن ليعود إلى المملكة نائباً لرئيس ديوان
 المراقبة حين تأسس وبقي فيه إلى أن استقال من العمل الحكومي.
 أ انتخب كأول مدير عام لمؤسسة البلاد الصحافية، وقد رشح كآخر عمل له ولا زال مستشاراً لـ«المجلة العربية».
* من أعماله
ـ المجموعة الشعرية الكاملة في 7 مجلدات كبيرة 1404هـ ـ 1405هـ
ـ «ترجمة حياة» في جزءين
ـ «مطالعات وأفكار في الكتب والحياة» في جزءين
ـ «مذكرات يومية» ـ 3 أجزاء
ـ «رمضانيات فيلسوف» 1414هـ
ـ شارك في الكتابة والنشر شعراً ونثراً في الصحافة المحلية على امتداد أربعين عاماً أو تزيد
حصل على عدد من الجوائز والأوسمة وفي مناسبات عديدة
* وظائف رسمية وغير رسمية
 
ـ عمل في السلك الحكومي وفي الصحافة حيث ولي الأعمال التالية:
ـ رئيس تحرير صحيفة «صوت الحجاز» في الفترة التي سافر فيها عبد الوهاب آش
ـ محرر في وزارة المالية والاقتصاد الوطني، بناء على طلب الشيخ عبد الله 
وزير المالية والاقتصاد الوطني حينذاك، ثم ترقيته الى وظيفة رئيس ديوان التحرير بنفس الوزارة
ـ مفتش عام مساعد
ـ رئيس لديوان الواردات العامة
ـ مدير عام مكاتب وزارة المالية والاقتصاد الوطني في مدينة جدة
ـ مفتش عام وزارة المالية والاقتصاد الوطني
ـ مدير عام وزارة المالية والاقتصاد الوطني
ـ سفير للمملكة لدى إندونيسيا
ـ بأمر من الملك فيصل قام بتأسيس ديوان المراقبة العامة
ـ رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي
ـ ويعتبر الراحل محمد حسن فقي أول مدير عام لمؤسسة البلاد الصحافية
ـ وعمل مستشاراً لمجلة «المجلة العربية»
 
وفاة أولاده
* روى ولده السفير فؤاد فقي
 لـ«الشرق الاوسط» مساء امس أن والده الراحل كان متعلقاً بابنته فوزية حيث كان يعشقها بشكل جنوني، وكانت البنت ذات
 شخصية اجتماعية وحضور في المجتمع. وعلى رواية السفير محمد رضا فقد كان يقول: ما ذهبت إلى مكان إلا وجدت فوزية 
هناك.
اصيبت ابنته فوزية التي تعلق بها بمرض السرطان قبل أن تكمل 30 عاما، وظل يتنقل بها للعلاج بين الولايات المتحدة 
ولندن، حتى فارقت الحياة، وهي في ريعان الشباب ولم تكن قد تزوجت بعد.
وبحسب ولده السفير فؤاد فقي، فقد نزل الحدث على رأس الوالد الشاعر كالصاعقة وزاد من مسحته التشاؤمية نحو الحياة.
ويضيف فؤاد: قبل وفاة فوزية، وفي نفس العام فجع الشاعر بوفاة ولده الشاب عبد العزيز وكان يعمل نائباً
  للقنصل في نيويورك حيث توفي عام 1975 في حادث سيارة وكان عمره 32 عاماً.
وقبل أربع سنوات فجع الشاعر ايضاً بوفاة ولده السفير محمد حسن فقي، حيث كان في رحلة الى لندن، وهناك اجرى 
فحوصا روتينية ليكتشف الاطباء وجود غدة في القولون، كان عبارة عن ورم حميد،
 وقرروا ازالته، ولكن مضاعفات حدثت اثناء العملية ادت الى حدوث نزيف وتسمم ومن ثم فارق الحياة.
تزوج الراحل الشاعر محمد حسن فقي ثلاث نساء ورزقه الله منهن:
خمسة أولاد هم: (محمد وعبد العزيز ـ يرحمهما الله ـ وفؤاد وعدنان ورشاد)
 وابنتين: (فوزية ـ توفيت 1975، ومها وتعمل طبيبة) وله من الأحفاد 18 حفيداً.
السفير فؤاد فقي: لم يكن يشكو من أية علة وكان راضياً عن تكريم بلاده له عن حياة والده في ايامه الاخيرة،
* تحدث أمس السفير فؤاد فقي ابن الراحل محمد حسن فقي لـ«الشرق الأوسط» 
 قائلاً، إن الشاعر الراحل كان في السنوات الأخيرة من حياته قعيد الفراش، ولم يكن يشكو من أي علة أو 
مرض سوى تقادم العمر والشيخوخة.
ورداً على سؤال هل كان الشاعر راضياً عن تكريمه، خاصة أنه تلقى ذلك قبل 5 سنوات في المهرجان الوطني 
للتراث والثقافة (الجنادرية)، قال: نعم، لقد أضفى هذا التكريم غبطة في نفسه وشعوراً بأن بلاده برمتها تكرمه. ونقل السفير 
فؤاد عن الراحل الشيخ حسن آل الشيخ وزير التعليم العالي السابق قوله إن الشاعر محمد حسن فقي لم يحظ بالتكريم 
اللائق به في بلاده.
ويضيف ابنه فؤاد، كان اهتمام الجنادرية به ومنحه وسام الدولة باعثاً على الارتياح في نفسه. 
ويضيف: حين مرض الوالد واجريت له عملية في رجله قبل سبع سنوات عاده في مستشفى 
الحرس الوطني الأمير عبد الله ولي العهد، مما أثلج صدره وأشعره بأنه لم يُنسَ.
ورداً على سؤال عن الاعمال الادبية المخطوطة، قال السفير فؤاد:
لا توجد لدى الوالد حين وفاته أية أعمال مخطوطة، فجميع أعماله جرى طبعها في 
حياته.
وعن اللحظات الاخيرة في حياته قال: كنت ملازماً للوالد طيلة الصيف وقبل أسبوع غادرت الى لبنان 
في مهمة عمل عاجلة، وتم الاتصال بي السبت ليخبروني بأن الوالد فارق الحياة، وكانت وفاته 
في المنزل طبيعية، حيث لم يكن يعاني من شيء، حتى شعر قبل الظهر باضطراب في التنفس، وفارق الحياة قبل
 ان يصل الطبيب الذي تم استدعاؤه للمعاينة.
جائزة محمد حسن فقي
* تكريماً لسيرة الشاعر المكي محمد حسن فقي قامت مؤسسة يماني الثقافية الخيرية في 
عام 1994 بتأسيس جائزة باسمه وتشمل الجائزة الشعر والدراسات الأدبية وقيمة كل جائزة 20 ألف دولار.
ومنذ تأسيسها فاز بالجائزة عدد كبير من الشعراء والنقاد من مختلف الأقطار العربية منهم الشاعر المصري فاروق 
شوشة عن ديوانه "هئت لك" والفلسطيني الدكتور عدنان حسين قاسم عن كتابه الاتجاه الأسلوبي البنيوي في نقد الشعر 
العربي والدكتور محمد عبد المطلب من مصر عن كتابه بناء الأسلوب في شعر الحداثة التكوين البديعي والدكتور 
خالد محيي الدين البرادعي من سوريا عن ديوانه قصائد للأرض قصائد للحبيبة والشاعر المصري الدكتور 
عبد اللطيف عبد الحليم عن ديوانه أغاني العاشق الأندلسي والناقد المصري الدكتور أحمد درويش عن
 كتابه الكلمة والمجهر دراسات في نقد الشعر والنقد المصري الدكتور محمد مصطفى هدارة عن كتابه دراسات
 في الشعراء العرب المحدثين والشاعر المصري الدكتور عبده بدوي عن ديوانه دقات فوق الليل والدكتورة فاطمة 
طحطح من المغرب عن كتابها الغربة والحنين في الشعر الأندلسي والشاعر المصري محمد إبراهيم أبو سنة 
عن ديوانه ورد الفصول الأخيرة والشاعر المصري الدكتور كمال نشأت عن المجلد الأول من أعماله الشعرية 
الكاملة والدكتور علوي الهاشمي من البحرين عن كتابه السكون المتحرك دراسة في البنية والأسلوب تجربة الشعر 
المعاصر في البحرين والناقد المصري الدكتور إبراهيم عبد الرحمن محمد عن كتابه مناهج نقد الشعر في الأدب العربي 
الحديث والشاعر المصري الدكتور سعد دعبيس عن ديوانه حوار مع الأيام والشاعر المصري جلال عابدين عن ديوانه 
الولد الطيب تاه والناقد الدكتور عبد العزيز حمودة عن كتابة المرايا المحدبة من البنيوية إلى التفكيك والناقد السعودي 
الدكتور حسن بن فهد الهويمل عن كتابه النزعة الإسلامية في الشعر السعودي المعاصر والناقد السعودي الدكتور 
عبد الله الفيفي عن كتابه "الصورة البصرية في شعر العميان" والناقد السوري الدكتور وليد مشوح عن 
كتابه موضوعة الموضة في الشعر العربي والشاعر المصري إسماعيل الصيفي والشاعر السعودي حسن قرشي.

            

مؤسسة للأدب العربي بلندن
لندن: «الشرق الأوسط»
أعلن في لندن يوم الجمعة الماضي عن تأسيس «مؤسسة بانيبال للأدب العربي» وهي مؤسسة غير ربحية،
 مهمتها دعم نشر الأدب العربي في العالم. وفي البيان الصحافي الذي وزعته حددت المؤسسة الجديدة أهدافها كالتالي:
* تدعم مؤسسة بانيبال للأدب العربي نشر مجلة «بانيبال» للادب العربي الحديث، مترجما الى الانجليزية ثلاث مرات في 
كل سنة.
* تدعم مؤسسة بانيبال للأدب العربي قيام مجلة «بانيبال» بنشر مختلف الأساليب والأجناس الأدبية 
للمؤلفين العرب من كل أنحاء العالم العربي، في الداخل والخارج، على أوسع نطاق.
* يتوجب على مؤسسة بانيبال للأدب العربي أن تدعم عبر مجلة «بانيبال» تعميق الحوار 
الثقافي واغناءه بين العالم العربي والغرب (بصورة خاصة بين أوروبا وأميركا الشمالية) 
لتقديم أدب المؤلفين المعاصرين الى الجمهور القارئ في المملكة المتحدة والناطقين باللغة الانجليزية على نطاق العالم كله.
* يتوجب على مؤسسة بانيبال للأدب العربي أن تدعم الفرص المتساوية وعدم التمييز على أساس العرق او الدين او
 الجنس او العمر، كما يتوجب عليها أن تشجع
 تنوع المساهمين في بانيبال، سواء أكانوا محررين ام مؤلفين ام كتابا ام مترجمين ام مراجعي كتب ام عاملين في الانتاج.
* على مؤسسة بانيبال للأدب العربي أن تدعم التظاهرات الأدبية الحية من أجل الترويج لمجلة «بانيبال» وللمؤلفين العرب.
* على مؤسسة بانيبال للأدب العربي الحصول على المعونات لانتاج أعداد مجلة «بانيبال» 
واقامة تظاهرات أدبية حية للمؤلفين العرب في الغرب، وأيضا لادارتها الخاصة.
عرّف البيان الصحافي لمؤسسة بانيبال للأدب العربي، بأعضائه التالية أسماءهم:
المترجم الادبي بيتر كلارك (رئيس شرفي).
المترجم الادبي، ورئيس الدائرة العربية في كلية اللغات الحديثة في جامعة درام البريطانية، بول ستاركي (رئيس).
محررة وناشرة بانيبال مارغريت أوبانك (أمانة السر).
الكاتب العراقي صموئيل شمعون (أمين المالية).
المترجمة سميرة قعوار (عضو).
الشاعر العراقي سعدي يوسف (عضو).
موقع مجلة بانيبال هو:
www.banipal.co.uk
أفكار الأصوليين وحلم «الخلافة الإسلامية» في مسرحية ساخرة بلندن مؤلف «معارك جرين لينز» تركي قبرصي الأصل تربى 
في صفوف «حزب التحرير»لندن: محمد الشافعي تستضيف لندن الشهر المقبل مسرحية كوميدية تتعرض لافكار التيار 
الاصولي الذي يطمح الى تغيير بريطانيا من دولة علمانية الى بلد يرفع شعار الاسلام فوق مبانيه ومؤسساته المدنية 
والحكومية.
وكاتب المسرحية المثيرة للجدل والتي تحمل اسم «معارك جرين لينز» هو تركي قبرصي الاصل اسمه كوش عمر،
 يبلغ من العمر 35 عاما تربى في صفوف «حزب التحرير الاسلامي» واقتنع بمبادئه التي تدعو الى إقامة 
«الخلافة الإسلامية» والتزام أفكار مؤسس الحزب تقي الدين النبهاني.
وتفتتح «معارك جرين لينز» على مسرح «رويال ستراتفورد ايست» منتصف الشهر الجاري.
والمسرحية تلقي بظلال من الاسقاط الكوميدي الساخر على حي «جرين لينز» الذي يعيش فيه 
ابناء الجالية التركية والقبرصية والكردية بشمال العاصمة لندن.
وتتعرض المسرحية الى الصراعات النفسية التي يواجهها الشباب المسلم بعد تجنيدهم وانخراطهم في بوتقة التيار الاصولي.
 ويتطرق الاصولي
 السابق كوش مؤلف المسرحية الى كيفية تجنيد الحركات الاصولية لمتطوعين جدد من ابناء الجالية المسلمة.
وعندما يتحدث مؤلف المسرحية من خلال العرض عن بريطانيا او احدى الدول الاوروبية، 
فانه يتحدث عن «ولاية منتظرة» يحلم الاصوليين بظهورها يوما ما. 
وتتطرق المسرحية كذلك الى مفاهيم وشعارات «الجهاد» التي رفعتها المنظمات
 الاصولية في الشارع البريطاني، وكذلك ظلال الصراع بين القبارصة اليونانيين والاتراك.
الا ان مصادر «حزب التحرير» في بريطانيا اكدت لـ«الشرق الاوسط» ان الافكار التي يؤمنون بها «لا تتبنى العنف 
ولا تؤمن به، ولم يستطع احد من الانظمة اثبات اي تهمة قتل او اغتيال سياسي على اي عضو فيه منذ ان نشأ حتى 
يومنا هذا».وتعترف دوائر «حزب التحرير»
 بانه يسعى الى إقامة «دولة الخلافة الإسلامية» من خلال المرور بثلاث 
مراحل: الأولى التثقيف وهي التي يعتمدها الآن، والمرحلة الثانية هي الجهر بالحزب لكل المسلمين من 
خلال توزيع المنشورات، والمرحلة الثالثة النصرة وتعني تنصيب «خليفة» من بين قيادات الحزب.
ومن جهته اعتبر كيري مايكل مدير مسرح «رويال ستراتفورد» ان المسرحية معبرة عن صوت الشارع 
البريطاني. وقال انها ستثير عاصفة من الجدل بعد العرض الاول. 
واوضح انه بالرغم من انها العمل الاول المسرحي لكوش عمر الا ان المؤلف ليس غريبا 
عن مجال الانتاج الفني من خلال المسلسل التلفزيوني «ذي بيل» وفيلم «حائط الصمت».