خاطرة الصباح: كل شيء تعود...!

أعزائي القراء ..

يومها كنا نسكن في الدور الثاني في بناء من ستة ادوار  في نهاية شارع حافظ ابراهيم المتصل نهايته مع شارع فيصل  عند جسر القطار الذي يبدأ عنده شارع السبيل . فكانت سكة القطار تحيط بنا من احد الجوانب، و شركة الكهرباء يوم كانت تعمل ٢٤ ساعة باليوم بمحركات الديزل تحيط بنا من  جانب اخر  .فالسيد  القطار بصفارته  المزعجة تخترق بيتنا كلما مر بجانبنا وما اكثر مروره ليصل صفيرها الى اخر الشارع ،وشركة الكهرباء تغازل بيتنا دون توقف فكان شباك غرفة الجلوس التي ادرس بها يهتز بتردد ٥٠ هزة بالثانية متوافقاً مع تردد التيار الكهربائي الذي تصدره لنا ، فكنا نسمع قرقعة النافذة تخرج صوتاً تك تك تك تك دون توقف.

في البداية كان الامر مزعجاً لي وانا اذاكر دروسي  فالضحيج يحيط بي من كل جانب . ثم مرت الايام كما تقول السيدة ام كلثوم . فتعودت على هذا الضجيج  والذي اصبح جزءاً من دراستي فلا أستطيع الدراسة بدونه فأدمنت عليه ، ثم تغيرت الامور ، واعتمدت مدينة حلب على شركة كهرباء جديدة تعمل بعنفات بخارية في منطقة عين التل البعيده عنا، كما استوردت مؤسسة السكك الحديدية قطارات من الجيل الاحدث الاقل ضجيجاً تعتمد على الإشارات الاوتوماتيكية في حركتها ووقوفها بدلاً من التفاهم مع طاقم محطة بغداد القريبة منا بلغة الصفير ،فقل ازعاجها.

 صديقتي شركة الكهرباء صارت تعمل بساعات محدودة جداً قبل تقاعدها نهائياً  ،فتتوقف عن العمل الساعة ١١ ليلاً فيسود البيت هدوء غريب (مزعج)..فتتوقف فجاة تكتكة النافذة واشعر وانا اذاكر دروسي ان شيئا ما ينقصني  فلا أستطيع الدراسة ، ظل هذا الامر يرافقني لشهور حتى تعودت على الحالة الجديدة  حالة الهدوء (المزعجة)  

أعزائي القراء..

كل شيء تعود ، ولكن كل شيء يهون الا حالة تعود واحدة وهي : ان يتعود الشعب السوري  على اذلال الحيوان وعصاباته له وسلبه  كرامته وحريته وقتله وذبحه وتهجيره وتدمير  بيته... فهذا لن ولن يكون.. فإياكم الادمان عليه ،فهذا من المحرمات،و اياكم التخلي عن ثورتكم وحافظوا عليها نظيفة، فإن تعودتم على الادمان و استكنتم له، فهذا يعني انكم قد حكمتم على انفسكم بالفناء..

مع تحياتي..

وسوم: العدد 775