حول مقتل وزير الأوقاف المصري

العلامة محمود مشّوح

محمد حسين الذهبي

8 / 7 / 1977

العلامة محمود مشّوح

 (أبو طريف)

إن الله مع الذين اتقوا والذين هـم محسـنون ، أما بعد أيها الإخوة المؤمنون :

فلقد ألقينا سابقاً نظرة عامة على سورة المرسلات ، متتبعين من خلال الآيات والسور معالم التطور والتقدم في مسيرة الدعوة الإسلامية التي كان يقودها رسول الله صلى الله عليه وآله بعون من الله وتسديده ، وهذا أوان النظر في بعض التفصيلات التي تسهم إن شاء الله تعالى في وضع السورة في مكانها الصحيح من مسيرة الدعوة . لكني أجد أن من الأمانة أن أعقّب اليوم وبإيجاز شديد على حدث وقع في العالم العربي وله صلته الوثقى بما نحن بصدده من إرساء الدعائم لنشوء الحركة الإسلامية المعاصرة على قواعد بعيدة عن الزيف والذاتية وعدم حساب النتائج .

في اليوميين الماضيَين حملت الأنباء إلينا في العالم العربي خبراً مزعجاً وهو نبأ اختطاف وزير الأوقاف السابق في جمهورية مصر العربية وقتله على يد جماعة تنتسب إلى الإسلام ، والخبر في ذاته ليس شيئاً غير عادي ، فنحن نسمع أنباءً من هذا القبيل كل يوم تقريباً ، حوادث الخطف والاغتيال والقتل تنال جماعات كثيرة ويتعرض لها الناس وهم على الأرض أو في أجواء الفضاء ، وقد يكون الشخص المجني عليه غير ذي أهمية ، وأنا لا أملك القدرة على تقييم الشخص الذي اعتدي عليه ، ولا أملك القدرة على تقييم الظروف التي أدت إلى هذا الحادث ، وقيمة المسألة عندي ليست في هذه الأبواب جميعاً ، إن قيمتها تتأكد لدي من حيث انتسابها إلى الإسلام ، وليس من شك أن الذين قاموا بتنفيذ الجريمة قد تكون لهم دوافع ومبررات هي على الأقل في تقدير أصحابها دوافع مشروعة ومبررات كافية ، ولكن مع هذا ينبغي أن يُطرح السؤال الآتي : ما قيمة أعمالٌ من هذا القبيل بالنسبة لمستقبل الدعوة الإسلامية ؟ وهل في أصول الإسلام ما يأذن لنا بأن نفكر على هذا النحو وبأن يتصرف على هذا الشكل ؟ قلت لكم إن النبأ ليس فيه شيء غير مألوف ، فيبدو أن طابع العصر ولا سيما في دول العالم الثالث وشعوبها تنحو هذا النحو ، ونحن مع احتفاظنا برأينا الثابت والمؤسس على تتبع دقيق واستقصاء شامل لمجرى عمليات البناء والهدم على مستوى العالم الثالث ، مع احتفاظنا برأينا أن الأنظمة الحاكمة في دول العالم الثالث على وجه العموم تعمل على أن تدفع بالمواطن باستمرار ليصبح خارج دائرة القانون ، مع هذا فلا نملك الحق أبداً في الإقرار والاعتراف بأعمالٍ طائشة من هذا القبيل . حتى على صعيد التكتيك ومن منظور ثوري صرف فإن العملية خاسرة وفاشلة ، إن وضع عملياتٍ من هذا القبيل في مكانها الصحيح من سياق العملية الثورية يكفي لإقناعنا بفشل هذه العملية ، إن المقصود بأعمالٍ من هذا القبيل لدى الأنظمة الثورية والحركات الثورية هي أن تُحدث حالةً من الارتباك والفوضى تكون مسبوقةً بإعدادٍ واستعداد يمنح القائمين بهذه الأمور والواقفين من ورائهم القدرة التامة على وضع أيديهم على مفاتيح السلطة ، ووفاقاً لهذا فنتساءل : أي شيء كان يملكه هؤلاء الطائشين يوم فعلوا فعلتهم النكراء هذه ؟ أكانوا يخططون لاستلام زمام المجتمع برمته أم كانوا شرذمة البسيطة لا تملك حولاً ولا قولاً إلا أن تشوش على الساحة الإسلامية في وقتٍ نجد الساحة الإسلامية فيه أحوج ما تكون إلى الهدوء والانسجام ؟ إننا نسمع أنباءً من هذا القبيل باستمرار ، ولا نأبه له ولا نكترس له ، ولكنا نرفض من حيث المبدأ ومن حيث الأساس أن تُلصق أعمال من هذا القبيل بدعوة الإسلام .

إن دعوة الإسلام يا إخوة كما يجب أن يكون مفهوماً بغير لبس وبغير مداورة وبغير حساب أي تقدير للظرف الراهن أو المتوقَّف تقوم على ركني أو ركن واحد ذي أساس ونتيجة ، أما الأساس فهو أن الإسلام دعوة بناء ودعوة تعمير ودعوة إصلاح ودعوة محبة وغرس للوئام والوفاق بين صفوف الناس ، وأما النتيجة أو الوسيلة فهي أن الإسلام قاعدته الذهبية في البناء أن دعائم التجسد الواقع في الحياة العامة تتجلى وفاقاً للتصاعد التدريجي في البناء الداخلي . معنى ذلك ، كما يجب أن يكون مفهوماً لدى كل مسلم أن الإسلام لا يعترف بتاتاً على عمليات الترميم الخارجي ، فأي خير وأية جدوى إذا أنا هدمت في حين أنني عاجز عن البناء ؟ وأي خير إذا أنا أزلت نظاماً فيه كل الجور وكل الفساد وكل ما هو مزعج إذا أنا لم أكن مهيّئاً نفسي لطرح البديل الذي هو أفضل وأسلم ؟ إن الإسلام يبدأ من البداية ، ويرفض أن يمد يده إلى النهاية إلا إذا كانت ثمرة طبيعية لهذا الإعداد الطويل الذي يتناول دخائل النفوس ودقائق المشاعر وخفيات الأحاسيس ليحدث فيها تغييراً جوهرياً يقيمها في الخط الذي يؤدي إلى مرضاة الله جل وعلا ووضع كل الضمانات التي تكفل عدم انتقاض البناء في المستقبل . ن الله جل وعلا أنزل خطابه على نبيه صلى الله عليه وسلم ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) قدرة الله لا يعجزها شيء ، ولو شاء لآمن من في الأرض كلهم جميعاً ، يعني في لحظة واحدة ، ولكن ذلك يخالف إرادات الحكمة الإلهية ، إنك لا تستطيع أن تنتفع بالشيء الذي لم تتعب فيه نفسك ، وإنك لا يمكن أن تتعلم إلا من خلال ممارستك وتجربتك ، وإنك لا يمكن أن تزكو ولا أن تتطهر إلا على محرقة الواقع والتعامل مع الواقع المتحرك . واستباق النتائج عمل طائشي وليس عمل العقلاء ، وقبيح بالإنسان المسلم أن يطمح ببصره إلى حكم الدنيا وهو عاجز عن حكم نفسه التي بين جنبيه ، قبيح جداً بالإنسان المسلم ذلك ، لأنه خنزوانة مما ينفخه الشيطان في آناة بني آدم ليزيل أبصارهم وليذل عقولهم وليشوش خطاهم .

إن الإسلام له نهجه الخاص المعروف في العمل وفي البناء ، وإن عمل الإسلام له ضرائبه التي يجب أن تُدفع من المعاناة ومن الصبر ومن الاحتمال ، وإن أولئك الذين يريدون أن يحرقوا المراحل بهذا الشكل يجنون على أنفسهم ، ويا ليت الأمر يقف عند هذا الحد ، إنهم يجنون على الدعوة الإسلامية وعلى الحركة الإسـلامية برمتها ، إننا نعيش عالَماً يجب أن لا تغيب عنا حقائقه لحظة من زمان ، يجب أن نعلم بكل صدق أننا نعيش في عالَم معادٍ أشد المعاداة . على صعيد الشعوب المسلمة فالإسلام يُصفى ، مجهول أو شبه مجهول ، ومن هنا إمكانية تجهيل الناس وخنقهم كالقطعان وراء الدعوات الضالة التي تتناقض أساساً مع هذا الدين الكريم ، وإننا نعيش في وسط أنظمة تحكم العالم الإسلامي كلها تعادي الإسلام ، وإننا يوم تضل مفاهيمنا وتطيش موازيننا فلم نفعل أكثر من أن نقدم للخصم ـ خصم الله وخصم المؤمنين ـ السلاح الذي يضربون به دعوة الله جل وعلا ويعذبون بذريعته المؤمنين الداعين إلى الله تعالى .

إن الغيلة في الإسلام ممنوعة ، إن الإسلام لا يعمل من وراء الجدران ، فالإسلام كما حدده النبي عليه السلام علانية ، وقوف تحت الشمس بمنتهى الوضوح والصراحة ، نحن هذا طريقنا ، الله ربنا ، محمد نبينا ، القرآن شريعتنا ، مستقبل الجنس البشري أن يفيء ويؤمن كله الغاية التي نطلبها ، شيء واضح لا لبس فيه ولا غموض ولا دوران ، ذلك هو مبدأ الإسلام وطريقه ، وإذ يكون الأمر كذلك فإن كل ذريعة للعنف والغيلة واللعب من وراء الستار تسقط وليس لها أي مبرر . أقول هذا القول وأنا أكثركم معرفة بطابع العصر ، إنني أعيش عصري ، أعيشه بالكامل ، وأعرف أن النفوس تشره إلى تحقيق الذات ، وتأكيد الذات ، ولو بأعمال من هذا القبيل ، إن الإنسان ربما يرتكب الفاحشة وهو غير راضٍ بما هو فيه ، ولكن يريد أن يؤكد ذاته لصَغار في نفسه ، لهوان في نفسه ، يريد أن يعلن للناس وجوده ويقول لهم : أنا هنا . لأن الإنسان قد يقدم على جريمة القتل وهو في ذاته ليس مجرماً ولا شريراً ، ولكنه بدافع حب تأكيد ذاته يفعل هذا الفعل ، إن هذا المرض جرثومته كامنة في الكيان البشري ليس في ذلك ريب ، وهذه قضية فرغ منها العلماء بنفس الإنسان وأصبحت مما لا تحتمل أي نقاش ، لكنما في ظروف معينة وفي فترات تاريخية محددة وضمن شرائط مجتمعية خاصة نلاحظ نمو هذه الأشياء وبروزها بشكل صارخ على الساحة ، متى يحدث هذا ؟ حينما يحدث نوع من الانفصام بين الإنسان وبين التفاعل مع مجرى الحياة البشرية ، حينئذٍ لا يبقى للإنسان تلك الجذور التي تمنحه القدرة على استشفاف القوة الإنسانية للإنسان ، فيفتك ويسلب ويقتل ، إن هذه الظاهرة موجودة في العصر الحاضر .

نحن في العالم الثالث أمام هجمة مركزة ومحسوبة ، ومحسوبة بأدق المقاييس العلمية ، ومحسوبة في كل أنحاء الدنيا ومخططة وفاقاً لأحدث المناهج ، يُقصد منها زيادة الخبال في هذه الشعوب المنثورة في دول العالم المتقدم ، ما حصائد شيء من هذا القبيل ؟ حصائده واحد من أمرين : إما أن يوفق الله لشعب من الشعوب أو لمجموعة من الشعوب نظاماً يقوده ويتفاعل معه ويعبّر عن آماله وعن طموحاته فتكون مستوياته جميعاً على الصعيد البشري الاجتماعي وحدة متكاملة فيتصدى للردّ بحيوية وبشجاعة ، وإما أن تكون الأخرى التي نتخبط فيها وندنس في حمقتها . إن الاستعمار ـ وهذه قضية يجب أن يعيها الناس ويجب أن يعي المسلمون على وجه الخصوص ـ إن الاستعمار ليس غبياً ، إنه ذكي وأذكى مما نقدر ومما نتصور ، إن الاستعمار جرّب الصدام مع شعوب هذه المنطقة ، عدداً من المرات ، في الحرب العالمية الأولى ، وبُعَيد الحرب العالمية الأولى التي أسفرت عن تمزيق الجسم الإسلامي تمزيقاً أقرّ عين الأعداء ومزّق قلوب الأصدقاء ، فُتحت أبواب البلاد وعقول العباد أمام جحافل المبشرين والمستشرقين ودهاقنة الاستعمار وأبالسة السياسة المجرمة ، ووجدوا حصائد التجربة ، والذين يطلعون على أدبيات الغرب يعرفون هذا الذي أقول ، إن الدرس الذي خرج به الاستعمار من هذه التجربة أن الإسلام لا يقبل المواجهة المفتوحة بحال من الأحوال . وبعد الحرب العالمية الثانية وفي ظل الاستعمار جُرّب الصدام المكشوف مع الإسلام فما أجدى وما نفع ، في الجزائر وفي دول المغرب العربي بعد استعمار دام أكثر من مائة سنة كان الإسلام يملك من الحيوية الحد الذي طرد معه الاستعمار من الأرض المسلمة العربية .

ما الذي كان من ذلك ؟ ما نتائج الحساب ؟ إن بيننا وبين الاستعمار مشاكل ما تزال معلقة ، لو قلت إنها مستحيل الحل لكنت صادقاً ومطمئناً على صدق ، ما الذي يفعلون ؟ المواجهة المكشوفة خطأ عملي لا ريب فيه ، كانت نتائج الحساب تلك التي شهدت آثارها أواخر الأربعينات ، ومعظمكم لم يعايش تلك الفترات ، في تلك الفترات كانت أنظمة تعيش في هذا الوطن المسلم وتتصدى لحل مشكلاته بسلاح مثلوم ، ولكنها تملك بقية من عزائم الإسلام ، وتملك أن تدير الدفة باتجاه تأكيد الصراع وجهاً لوجه بين الاستعمار وبين الإسلام ، وكل الذي عايشوا تلك الفترة يذكرون كيف صرخت أبواق جميعاً بضرورة تطهير الساحة المسلمة من وسائل الحرية ، وضرورة قيام الأنظمة العسكرية التي تذل شعوبها والتي تسومها الخسف والتي تسقيها كأس الهوان . وفعلاً شهدت أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات تغيرات عجيبة على الساحة الإسلامية عموماً ونجمت جنبات الشيطان زعانف ليست في العير ولا في النفير ، لا جذور لها في ضمير الأمة ولا صلة لها بآمال هذا الشعب ولا بطموحاته ، واستمر الإرهاق واستمر الكبت واستمر التعذيب ، وما زالت هذه الغمامة تعيش ، وتعيش صراعها المكشوف حيناً ، والمستور حيناً ، مع الإرادة الأصيلة لهذه الأمة النابعة من ضمير الإسلام الحر النظيف . فنحن يجب أن لا تغيب عنا هذه الحقائق ، ما أُحيلى أن تتجلى المعركة بيننا وبين أعداء الله وجهاً لوجه ، ليُرى كيف يكون الإقدام على الاستشهاد في سبيل الله ، ولكن حقائق الوصف الذي تعيشه الأمة الإسلامية تقول لها بمنتهى الوضوح وبمنتهى الصراحة : إن هناك اتفاقاً بين الشرق وبين الغرب وبين أمم الأرض جميعاً على أن لا يُسمح للإسلام أن يأخذ المجال الكامل من أجل تأكيد حيويته . فلماذا ونحن دون مراحل الكمال بكثير ؟ لماذا نغامر هذه المغامرات الطائشة التي إن وزنتها بميزان التجار وجدتها خاسرة ؟ وإن عرضتها على مبادئ الإسلام كانت حرفاً لتلك المبادئ ، لا سبب لذلك المفهوم .

وإذا رجعنا إلى تاريخنا ، تاريخ أمتنا ، فإن تاريخنا يحمل درسـاً بليغ الدلالة ، يا إخوة : حينما تجلت الفتنة عن صراع مسلح بعد مقتل عثمان رضي الله عنه ضمن الأمة الإسلامية وأفضى الأمر إلى علي رضي الله عنه وتمرد معاوية رضي الله عنه ، وانشق المعسكر الإسلامي شقين يتصارعان ، برزت على الساحة الإسلامية فكرة ، فكرة تنادي بعقلية ضيقة غاية الضيق ، إذا كان علي ومعاوية يتصارعان فلنشطب على الطرفين ولنقتل الطرفين ، ولنقتل أعوان الطرفين ، ولننادي بالشعار : لا حكم إلا لله . لقد كان حل المعضلة قريباً وسهلاً ، ولست الآن في موقف الذي يحاكم وقائع التاريخ الإسلامي ، ولكني أريد أن أبرز عبرة التاريخ .

إن المسلمين في ذلك الزمن لو أداروا رؤوسهم إلى الوراء بضعة نواة لوجدوا أن محمداً صلى الله عليه وسلم أرسى دعائم الإسلام فوق قاعدة الأخوة في المجتمع الواحد ، مع هذا بداهةً أن أي تمزق داخل الكيان وأي تفرق داخل الجماعة لا يأذن ولا يسـمح لأية محاولة من محاولات الإصلاح أن تنتج وأن تثمر . والذين فكروا هذا التفكير هم فرقة الخوارج التي عُرفت في تاريخ الإسـلام ، لا شك أن الموقف في ذلك الوقت كان عصيباً جداً ، قلة هي التي استطاعت أن تحتفظ بوضوح الرؤية وبشفافية البصيرة بين المسلمين ، ورأت أن هذا الصراع لا جدوى منه ولا ثمرة ، ورأت أنه يقود إلى الدمار ويسوق الأمة إلى الهاوية فقدت في بيوتها ، كان بعض منها يصرخ أن الطريق يا قوم ليس من هنا ، وأن علاج المشكلات الناجمة يجب أن يكون تحت ظلال الأخوة ووفاقاً لقانون المحبة التي غرسها الله جل وعلا في قلوب المؤمنين . كان الموقف صعباً بدون شك ، والحمد الله الذي لا يخنقنا في ذلك الوقت ، لأننا لا ندري ماذا يكون في موقف غيّبنا الله سبحانه وتعالى عنه ، قد نكون مع الأطراف الضالة والعياذ بالله ، ولكنا الآن نملك أن ننظر إلى المسألة بهدوء وبعقل وبروية . إن ضغط الأحداث في ذلك الوقت على مجموع الأمة كان أعنف من أن تتحمله أعصاب كثير من المسلمين ، هذه السيوف التي امتشقت زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن الخليفتين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لترسي دعائم الإسلام ولتذلل الطريق في وجه الدعوة ولتدخل الناس في دين الله أفواجاً .. هذه السيوف بالذات هي التي استدارت لتضرب وجوه المؤمنين ، هي بذاتها التي امتشقت في بدر وفي أُحد وفي الخندق وفي سائر المشاهد العظيمة التي خاضها المسلمون ترتفع الآن في وجوه المسلمين بالذات ، منطق بدون شك يجعل الإنسان يفقد أعصابه بالكامل ويخرج إلى موقف لا عقلاني مائة بالمائة . ولكن أين هي قواعد الإسلام ؟ أين كتاب الله الذي يتلوها الناس آناء الليل وأطراف النهار ، كان كله موجوداً إلا أن الله أراد أمراً ، ونفذ الأمر ليكون درساً للعالمين ، ليكون لنا درساً نحن المؤمنين ، كان ممكناً أن يتداعى الناس إلى كتاب الله ، وأن يتبيّن الناس بحساب قليل أنهم يختلفون على غير شيء ، وأن معاوية إذا كان يفتات على إرادة الأمة في الشام فإن الوسائل لم تنقطع من أجل أطره على الحق ، وإذا كان علي يستمسك بالخلافة فإنما يستمسك بها عن شورى ومبايعة من المؤمنين ، وأن الأمة التي منحت تستطيع أن تسترد ، وأن الذين بايعوا علياً يستطيعون أن ينقضوا البيعة ، وأن الذين بايعوا معاوية يستطيعون أن يسحبوا بيعتهم ، وأنه من الممكن أن يتداعى الناس مجدداً إلى كلمة الله جل وعلا التي تجمع ولا تفرق ، لكن الزمام أُفلت من أيدي الناس ، وانصاع فريق هنا وانصاع فريق هناك ، ووقف الخوارج حيارى ينظرون : أهؤلاء مسلمون ؟ كيف وهم يضربون وجوه بعضهم بعضاً بالسيف ؟ كيف يكون هذا وهم يسمعون نبيهم عليه الصلاة والسلام يقول : إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ؟ كيف وهم يعلمون أن نبيهم عليه الصلاة والسلام يقول : ما يزال الرجل في فسـحة من دينه ما لم يغمس يده في الدم الحرام . ؟ أهؤلاء مسلمون ؟ نعم مسلمون ، فالمسلم ليس فوق المعصية وليس فوق الشذوذ ، بل إن المسلم ليس في يده ضمان ضد الارتداد عن الدين أصلاً ، نعم مسلمون ، ولكنهم مسلمون فقدوا وضوح الرؤية وتزحزحوا عن القاعدة التي تركهم عليها محمد صلى الله عليه وسلم . إن الخوارج لم يستطيعوا أن يستوعبوا أن هؤلاء الناس مسلمون حقاً ، ماذا كان تفكيرهم البدهي ؟ حكمهم على جميع المسـلمين بالكفر ، إن كل الذين في صف علي كفرة ، وكل الذين في صف معاوية كفرة ، أما أن تكون هناك ظروف ، أما أن تكون هناك مبررات ، أما أن الناس في النضال والصراع مستويات وإمكانيات ليس يستطيع الإنسان أن يسحب عليها حكماً واحداً ، فكل هذا التدقيق سقط من حساب الخوارج وأراحوا أنفسهم بإطلاق هذا الحكم على جماهير الأمة ، وخرجوا بالنتيجة محسومة وهي أن دماء المسلمين حلالٌ لهم ، وأموال المسلمين حلال لهم ، ومن مهازل الدهر أنك كنتَ تجد الرجل الخارجي يمر بالمدينة ، فيها يهود وفيها نصارى ، فيوقّر اليهود والنصارى ويقول : هم ذمة نبينا صلى الله عليه وسلم وهم وصية محمدٍ صلى الله عليه وسلم . فيعفّون عن دمائهم ويعفّون عن أموالهم ، حتى إذا وقعت أيديهم على مسلم أوسعوه قتلاً وأوسعوه سلباً وأوسعوه نهباً . هذا التفكير الأعرج ، بل هذا التفكير غير المبصر أصلاً هو الذي يتكرر الآن في ظل ظروفٍ تاريخية ، إن الظروف التي نعيشها يشبه أن تلبس على الإنسان هذه القضية ، إن عدداً لا يُستهان به من كتاب المسلمين ومن مفكري المسلمين في العصر الحاضر يرى أن المجتمع المسلم اليوم يعيش في ردّة ، وأنا أقول إن شاء الله تعالى : إن هذا الحكم جارٍ وقاسٍ ، فالردّة شيء كبير والحكم على الناس بالكفر حكم عليهم بالإعدام ، وإن من الخطر بالنسبة للإنسان المسلم أن يسوق نفسه في مجاري فكرية من هذا . إننا يجب أن نعترف شئنا أم أبينا : إن هناك أناساً من المسلمين ، جماهير كثيرة ، دينها عزيز عليها ، رسولها كريم عليها ، ربها في مكان التنزيه والتقديس ، ولكن هذا شيء وضغط الظروف وقصرها شيءٌ آخر ، أولم يقل الله ( إلا من أُكره وقلبه مطمئنٌ بالإيمان ) ونحن إذا عرفنا الإكراه أنه حمل السلاح على رأس الشخص فنحن نفهم الإكراه على صورته فجة ، أي بدائية ، إن الضغط الذي يمارسه المجتمع المعاصر على إرادة الإنسان أخفى وأشد مكراً مما نتصور ، إن أهون الضغوط التي توجّه إلى ذات الإنسان هو أن تضع المسدس على صدره ، هذا أهون ألوانٌ الضغوط بإطلاق ، إن ضغط النظام برمته حينما يلاحقك نائم ويقظان ، حينما يلاحقك في الليل والنهار ، حينما يحاصرك في كل مستويات المجتمع ، أشد تأثيراً وأعظم فتكاً من هذا المسدس الذي يحمله مجنون ليوجهه إلى صدرك ويقول لك : اعبد هذا الزعيم بدلاً من أن تعبد الله . ذلك شيء سهل ، إن حقائق العصر كما قلت لكم يجب أن تكون مفهومة من قبلنا حتى لا تطيش بين أيدينا الموازين ، وحتى لا نخطئ الحكم على الأحداث وعلى الأشخاص .

إن جماعة التفكير والهجرة التي ارتكبت هذا الحادث ـ وكما يجب أن يُعلم ـ جماعة منشقة على جسم الحركة الإسلامية ، لأنها تفكر تفكيراً خارجياً ، لا يؤسس على مبادئ الإسلام وقواعد الإسـلام ، ويضر بالحركة الإسلامية حالاً ومآلاً  ، فهي من وجهة نظرنا مشجوبة ومرفوضة وغير معترف بها ، هذا من حيث الخصوص . ومن حيث العموم وبدون حساب لأية نتيجةٍ من النتائج وبدون حساب لرضى زيدٍ أو غضب عمرو ، وبدون حساب لاطمئنان هذه الجهة أو قلق هذه الجهة ، فمن حيث المبدأ نحن كمسـلمين لا نوافق على حركات العنف أبداً أبداً ، ولا نوافق على عمليات الخطف والاغتيال بحالٍ من الأحوال ، وإننا نطلب إلى كل مسلم أن يتعرّف طريقة محمد صلى الله عليه وسلم في البناء ، وإن بناء الأمم طريق طويل شاق ، قد ندرك بصيص النور إليه في أواخر أعمالنا ، وقد لا ندرك ذلك ، وحسبنا مما أراد الله منا أن نحاول وأن نسير على الطريق خطوةً أو خطوتين ، أما أن نمشي بهذا الطيش وأن نرتكب هذه الجرائم وباسم مَن ؟ باسم الإسلام ، فلا ، لا ، فلا ألف مرة ، إن الله قادر على أن يقلب موازين الكون ، قادر على ذلك ، وإن دعوة الإسلام شيء ثقيل ، الله جلّ وعلا يقول ( إنّا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ) والله جلّ وعلا يقول ( إنّا عرضنا الأمانة ) التي هي هذا الإسلام ( على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ) إن دعوة الإسلام لا أثقل ولا أصعب منها ، وكان الله قادراً على أن يعطف قلوب البشرية جميعاً لنبيه محمد وهو أكرم خلقه عليه ، أكرم الخلق على الله جلّ وعلا . وفي حياته الشريفة وفي وقائع سيرته المطهرة دروس ثمينة لهؤلاء الناس الذين يستنفذون باستمرار والذين تأخذهم العصبية باستمرار والذين تطيش أنظارهم أمام المزعجات وأمام الكوارث .

إن النبي عليه الصلاة والسلام كان في مرحلةٍ من مراحل الفترة المكية يجلس كالذي يستجم ويستريح مسنداً ظهره إلى جدار الكعبة ، حوله شرذمة من الأصحاب رضي الله عنهم ، البلاء ينصب عليهم من القريب ومن البعيد ومن الولي ومن العدو ، الدنيا ضاقت عليهم بما رحبت ، ونبيهم عليه الصلاة والسلام مسندٌ ظهره إلى جدار الكعبة يتأمل ، قال رجلٌ من المسلمين تحت وقعة الألم وتحت قهر العذاب يتساءل : يا رسول الله ألا تدعو الله لنا أن ينصرنا . فكأنما لسعت عقربٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، اقشعرّ بدنه وخرج من تأملاته مغضباً يُعرف الغضب في وجهه كأنما فُقئت في وجهه حب رمان ، قال : يا أيها الناس والله ليتمنّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من كذا إلى كذا لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه . ثم ألقى عليهم الدرس المنتزع من الماضي ، قال لهم : إن الرجل ممن كان قبلكم كان يُؤتى به فيربط على شجرة ، ثم يؤتى بالمنشار فيوضع على مفرق رأسه فيشق نصفين ، وكان يمشط ما دون عظمه وجلده بأمشاط الحديد ما يصده ذلك عن دينه ، ولكنكم تستعجلون ؟ عبرة الدرس كلها فـي هاتين الكلمتين : إنكم تستعجلون . إن الله حينما صدرت عنه هذه الأكوان والمخلوقات أودعها نواميسها فهي تجري وفاقاً لنواميس أزلية ( سنة الله الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً ) وكل شيءٍ يجري في وقته ، لا قبل ثانية ولا بعد ثانية ، وفي مكانه لا يزيد عنه شبراً إلى شمال ولا شبراً إلى يمين . والله جلّ وعلا من أجل رعونتك أيها الإنسان ومن أجل قلة صبرك أيها الإنسان لن يخرق نواميس الكون ، إن نواميس الكون سوف تظل آخذةً طريقها ، وأنت أيها المسلم ناموس من نواميس الكون ، عليك أن تنسجم مع هذه النواميس الكونية ، وعليك أن تعلم أن الأمر لو كان بالتمني ولو كان بالآمال لكن أحق الأجيال في هذا جيل الإسلام الأول ، ذلك الجيل الذي عايش رسول الله وشهد حقائق التنزيل ، هل جاءه الإسلام عفواً ؟ هل جاءه الإسلام صفواً ؟ أم قد قدم له الثمن المطلوب وأكثر من المطلوب ؟ مَن مِن المسلمين تذكرونهم الآن لم يروِ الأرض بدمه ؟ مَن من المسلمين الذين تذكرونه الآن لم يصبر ذلك الصبر الطويل على الأذى وعلى المشقات حتى استقامت له أزمّة نفسه فملكها . إننا يوم نبني أنفسنا على أصول الإسلام وعلى حقائق التنزيل ، بحيث تكون أسيرةً لنا لا نكون نحن لها أسرى ، فإن الكون كله سوف يميل لنا ، إننا نتحرك الآن وداخل الكيان ما لا يعلمه إلا الله من الدوافع والمحرّضات والرغبات ، أين هي من الإسلام ؟ لا صلة لها بالإسلام . إن المسلمين الذين انتصروا ـ وأشدد ـ إن المسلمين الذين انتصروا بلغوا من التصفية بالجهد والتعب والعرق والمعاناة الدرجة التي أصبحوا إن تكلموا فيها يتكلمون لله وإن صمتوا يصمتون لله وإن تحركوا يتحركون لله وإن سكنوا يسكنون لله ، حظوظ أنفسهم سقطت بالمرة ، وحظ الله هو الذي استعلى ، حين ذاك أذن الله بأن تفتح أبواب النصر ، وتلك سنته التي لا تتخلف . فالذين يريدون النصر للإسلام عليهم ألا يسقطوا من حسابهم هذا الدرس ، في الوقت الذي أسجل فيه أسفي للحادث الذي جرى ، وأملي ألا يتكرر ، وإن كنت ضعيف الأمل بهذا ، نظراً للضغوط الهائلة ولعدم التماسك الذاتي في الإنسان المسلم في هذا الوقت ، أعيد إننا نعيش مشكلة رهيبة ، وإن مشكلة الوزير المقتول محمد حسين الذهبي لن تكون فيما أتصور آخر المشاكل ، إنها إفراز نظام ، وليدة مجتمع له مواصفات خاصة ، وإذا كان لي من مقال فهو أن أوجّه القول إلى شـقين ، أوجه القول أولاً إلى حملة الدعوة الإسلامية ورجالها وجنودها أن يتذرعوا بالصبر وأن يصبروا على البلاء ، فذلك جزء من الطريق وجزء من الثمن الذي لا بد أن يدفع مهراً للنصر الكبير الذي وعد الله به المسلمين . وأوجه القول بالشعبة الثانية وهي كل الأنظمة التي تحكم في العالم الإسلامي وكل المؤسسات التي تمارس تأثيراً على الإرادة البشرية في هذه الرقعة من العالم ، أقول لهم بمنتهى الحرية وبمنتهى الصراحة : إن هذه المشكلة ليست معادلةً مستحيلة بحالٍ من الأحوال ، إن مشكلة تقبل الحل ، فإذا كنا جميعاً نشعر بارتباطنا بمصيرٍ واحد ، يشترك فيه الكل ، فمن الهيّن علينا أن نلتقي ، وإن عليهم أن يدركوا أن آخرة النار حريق له أول وليس له آخر ، وإن عليهم أن يعلموا أن عيون المسلمين وعقول المسلمين تعرف بالضبط أن هذه الأنظمة تريد أن تحرج المسلمين لتخرج المسلمين ، ولا داعي لذلك ولا ضرورة لذلك ، إن الاستعمار جرّب الصدام المكشوف مع الإسلام ففشل ، وأراد بنهاية المطاف أن يخلق واجهاتٍ تتولى تطويع الإسلام وتذليل الإسلام من المسلمين بالذات ، وإذا كان الاستعمار بأجهزته الجبارة وبأسلحته الفتاكة خرج من المعركة مهزوماً فأنتم يا قومنا لا بد أن تُهزموا في هذا الميدان ، إن الإسلام صوت الله ، وصوت البشر لن يعلو على صوت الله جلّ وعلا ، فما هي الضرورة التي تلجئنا إلى أن نؤزّم المواقف في المجتمع المسلم ، إننا كمسلمين واثقون من النصر ، واثقون من سيادة كلمة الله دون ريب ، ولكن هل من الضروري أن يولد المجتمع المسلم بعمليةٍ قيصرية ؟ أليس من المعقول أن تكون ولادة هذا المجتمع ولادةً طبيعية ؟ إن علينا أن نحاول أن نخفف الخسائر ما أمكن ، ثم أمامنا أعداء ، وإن أمامنا مشكلات ، وإن من الإجرام الذي ما بعده إجرام أن نبدل الطاقات فـي حربنا مع بعضنا البعض ، وإن علينا نحن المسلمين ونحن العرب على وجه الخصوص ، نحن العرب الذين شممنا هواء الحرية في آفاق الصحارى التي لا تعرف الحدود ولا تعرف القيود ، نحن الذي رضعنا لبان الحرية تحت الشمس الساطعة التي لا تزال تغيب ، نحن العرب ونحن المسلمين علينا أن نعرف أن أقدس شيءِ في الإنسان هو هذا الهواء المقدس الذي هو هواء الحرية ، ما الذي يضرك إذا فتحت المجال أمام أخيك ليفكر كما تفكر ؟ وليقدر كما تقدر ؟ وليزن خطواته كما تزن خطواتك ؟ ما الذي يمنعك إذا كنت صادقاً في إرادتك الحسنى وابتغائك للخير ما الذي يمنعك من فتح المجالات الواسعة كي تستخرج أحسن ما عند الناس ، إن الناس في مجتمعنا هذا طيبون وخيرون وليسوا خونة ولا مجرمين ، قد يكون الإنسان في الغرب أو الشرق باعتباره مقطوع الصلة بالله إنسانٌ تتحرك فيه عوامل الشر ودوافع الجريمة ، لكن إنساننا المسلم ما يزال وثيق الصلة بربه ، ما تزال معاني السماء قائمةً في كيانه ، فهو ِإنسانٌ طيب ، لا تضغط عليه ، لا ترهقه ولا تذقه من أمره عسرة .

كلمتان قلتهما وأعيدهما : إن على المسلم أن يعلم أنه مطالب بالصبر ، وعلى الذين يديرون دفة الأمور أن يعلموا أن سيادة الإسلام حتمية يقود إليها أيسر النظر في مجرى التاريخ ، ولا داعي أبداً لأن تسـقط رؤوسهم تحت أقدام المسلمين ، لا داعي أبداً ، وإن علينا أن نسير في طريق البناء سير الرجال الأحرار ، كل إنسانٍ خلقه الله على مثاله ، لا يجوز أن يُذل ولا يجوز أن يُهان ، وإنما ينبغي أن ينظر إليه بمنتهى الاحترام . فإذا أخذنا الطريق الأخر فلا يلومن أحدٌ إلا نفسه ، إن نهاية الضغط إخراج النفس خارج دائرة القانون كما قلنا ، وإن نهاية الضغط تصاعد هذا النوع من عمليات المقاومة الذي نعرف كلنا أنه يضر ولا ينفع ويهدم ولا يثري ويشوش الرؤية أمام المستقبل الإسلامي برمتة .

كانت لي معكم مواقف في أحداثٍ مشـابهة من هذا القبيل ، موقفي فيها واحد ، الهدوء والمحبة والطيبة والصبر والاحتمال ، ذلك طريق الإسلام ، خلاف هذا لا ، خلاف هذا مقامرة بمستقبل الإسلام كله ، لا سيما ونحن نعيش مرحلةً لا أعرف في تاريخنا القديم ولا أعرف في تاريخنا الحديث مرحلة تشبهها لا من فريب ولا من بعيد .

فالله جل وعلا أسأل وإليه أضرع أن يهدي قلوب المسلمين ، وأن يغرس في مجتمع المسلمين معاني الأخوة والمحبة ، وأن يأطر قلوبهم إلى هذا القرآن حتى يتعرّفوا على حقائقه ، وأن يرزقهم العزيمة التي تثبتهم في مواقعهم حتى ينالوا نصر الله ( ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله )  وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين .