مع الدكتور بكيل الزنداني

التحالف حوّل اليمن لساحة صراع إقليمي..

د. بكيل الزنداني الأكاديمي اليمني: مبادرة قطر للقضاء على الكوليرا تجسد رؤيتها للاستقرار والسلام في اليمن

** قرارات مؤتمر السويد لن تحظى بقبول الشعب اليمني والقوى الوطنية

** الإمارات تخوض حرباً بالوكالة في اليمن والمنطقة

** هيمنة التحالف على قرار الشرعية يهدف لتفتيت الدولة وتدمير قواتها المسلحة

** قرار وقف إطلاق النار تكتيكي ورسالة للأطراف المتصارعة

** السعودية تحاول كسب ود أي منظمة دولية بعد مقتل خاشقجي

** إجراءات المجتمع الدولي تتجه باليمن نحو سيناريو التقسيم

** وجود كيان وطني ثالث يمثل المخرج الوحيد للأزمة اليمنية

** الأزمة الخليجية عمقت الصراع وزادت الاستقطاب في الساحة اليمنية

** المؤسسات اليمنية كانت قادرة على استعادة اليمن بدلا من الحرب

أكد الدكتور بكيل الزنداني الأكاديمي اليمني، وأستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر، أن المبادرة القطرية للقضاء على الكوليرا التي أطلقها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الأمم المتحدة تجسد جوهر رؤية قطر لتحقيق الاستقرار باليمن، وفي المقابل فإن التحالف السعودي الإماراتي حوّل اليمن لساحة صراع إقليمي.

 موضحاً أن الأزمة الخليجية عمقت الصراع وزادت الاستقطاب في الساحة اليمنية. وشدد الزنداني في حواره مع "الشرق" على أن نزع قرار الشرعية يهدف لتفتيت الدولة وتدمير قواتها المسلحة، مؤكداً أن قرار وقف اطلاق النار تكتيكي، ورسالة للأطراف المتصارعة بقبول تقسيم اليمن. وأشار إلى أن الإمارات تخوض حرباً بالوكالة في اليمن والمنطقة، لافتاً إلى أن الهجمة على اليمن جزء من الحرب على الإسلام السياسي والثورات العربية.

وإلى نص الحوار:

ما تعليقكم على مبادرة حضرة صاحب السمو، التي أطلقها في خطابه أمام الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القضاء على الكوليرا في اليمن؟

هذه المبادرة في حقيقة الأمر تعبر عن جوهر رؤية قطر، والتزامها بالعمل الإنساني القائم على مبدأ التعاون والشراكة والنزاهة والحياد. فمن المعروف أن من يريد الاستقرار في أي بلد، فلابد أن يدعم التنمية، ويساعد في القضاء على الأمراض والأوبئة أولاً، وهذا ما فعلته قطر، لأنها تدرك أن التنمية مفتاح حقيقي للاستقرار والسلام، وبالتالي فإن مبادرة صاحب السمو تجسد رؤية قطر لتحقيق الاستقرار في اليمن.

برأيك، ما تأثير استمرار الأزمة الخليجية على الساحة اليمنية؟

في الواقع، فإن الأزمة الخليجية، تعبر عن انتقال المنطقة من مرحلة الحكمة إلى مرحلة المراهقة السياسية، أما على الساحة اليمنية فقد عمقت الصراع والمأساة وزادت حالة الاستقطاب داخلها، إضافة إلى أنها أثرت على الدعم الانساني بشكل كبير، خاصة أن قطر كانت تسهم بدعم كبير، وكان هناك تنافس ايجابي بين دول المنطقة لمساعدة الشعب اليمني من خلال إقامة المشاريع والمساهمة في التنمية.

فمثلاً كانت هناك مشاريع تنموية قطرية في تعز " مصنع أوكسجين" وسقطرى وعدن، أوقفها التحالف عقب اندلاع الأزمة الخليجية مباشرة.

بخصوص مشاورات السويد.. هل تعتقد أن الشعب اليمني سيقبل بمخرجاتها؟

في الواقع، فإن هذا الاتفاق وقع بين القوى المتصارعة فقط، مع تغييب متعمد للشعب اليمني والقوى الوطنية، الذين لن يقبلوا بكل تأكيد قرارات مؤتمر السويد.

ما تقييمك لاداء التحالف العربي بعد ما يقارب الـ3 سنوات على تدخله في اليمن؟

في الحقيقة، فإن الجميع تفاءل بتدخل التحالف في اليمن، رغم أنه انتظر حتى انهارت الدولة وتفكك الجيش، وانقلب الحوثيون على مخرجات الحوار الوطني، ثم تدخل واستبشرنا بتدخله ظناً منا انه جاء لانقاذ الشعب اليمني.

إلا أننا الآن تأكدنا أن تدخل التحالف لم يكن بنية صادقة، لأنه كان يدرك أن دعم إيران للحوثيين سيكون أشد، وبالتالي تحولت اليمن إلى ساحة صراع وحرب إقليمية.

المخرج للأزمة

بعيداً عن المفاوضات الجارية في السويد، ما المخرج للازمة اليمنية في وجهة نظرك؟

أعتقد أن المخرج يتمثل في وجود كيان ثالث من الوطنيين والعسكريين الشرفاء والاكاديميين، يرجح الكفة ويلتف الناس حوله ويحظى بدعم إقليمي، خاصة في ظل انتزاع التحالف والمجتمع الدولي لقرار الشرعية، وانقسام المؤتمر الشعبي والحراك الجنوبي، وفي ظل عقيدة حوثية لا تقبل القسمة على اثنين.

على ذكر المجتمع الدولي.. هل تعتقد أن اجراءاته تتجه لتقسيم اليمن؟

بكل تأكيد، أو على الأقل فرض مناطق نفوذ للمتصارعين تجعل الحوثيين في جهة، والجنوبيين في جهة، وحضر موت في جهة، وباقي المكونات السنية في جهة أخرى. وفي رأيي أنهم لن يتركوا اليمن في حاله ، إلا بعد تنفيذ مخططهم.

كيف ترى قرار تعيين رئيس الوزراء اليمني الجديد؟

مع احترامي لكل الشخصيات، إلا أن من يمثلون الشرعية الآن منزوعو القرار، سواء أكان رئيس الوزراء أو الرئيس نفسه، وأنا هنا استشهد بكلام جمال بن عمر المبعوث الأممي السابق الذي قال: الرئيس هادي لا يستطيع أن يذهب إلى دورة المياه دون اذن دولي. وهذا الاجراء وغيره، يؤكد أن هناك خطة لتفتيت الدولة اليمنية القائمة، وتدمير القوات المسلحة، وتفكيك جهاز الأمن القومي الذي بُنى على مدار 20 عاماً، خاصة أن هذه المؤسسات كانت قادرة على صنع شيء واستعادة اليمن.

وقف اطلاق النار

هل تعتقد أن قرار وقف اطلاق النار في الحديدة تكتيكي أو استراتيجي؟

هو قرار تكتيكي، بهدف ايصال رسالة إلى جميع الأطراف المتصارعة في اليمن أنه لن يهزم أحدكم الآخر، وبالتالي يجب عليكم الموافقة على تقسيم اليمن. ومن الغريب أن ايران تدعم الحوثيين بشكل مطلق، وتريد لهم الانتصار والتوسع، وتتحدى العالم كله، وفي المقابل نجد التحالف لا يريد لحلفائه اليمنيين الانتصار، رغم أنه يملك تفويضا دولياً تحت الفصل السابع للحسم.

كيف ترى انعكاس مقتل خاشقجي على السعودية وهل قضيته أجبرتها على القبول بوقف اطلاق النار في اليمن؟

نعم، فالسعودية تحاول كسب ود أي منظمة دولية، وأي دولة غربية وحتى عربية، بعد مقتل خاشقجي. وما يؤكد كلامي أن ولي العهد وافق فوراً على طلب وزير الخارجية البريطاني بوقف اطلاق النار، وسمح بنقل جرحى الحوثيين من مطار صنعاء، رغم أن بريطانيا أكثر دولة غربية تنتقد السعودية لقتل خاشقجي.

الوجود الإماراتي

ما أهداف الوجود الإماراتي في اليمن.. وهل ابعاده سياسية أم اقتصادية؟

بكل تأكيد، للوجود الاماراتي ابعاد سياسية وهو مشروع سياسي بامتياز، لأن أبوظبي تعلم يقيناً أن الدول القوية لن تتركها تستولي على خيرات هذه البلاد، كما أنها لو كانت لديها دوافع اقتصادية للتدخل في اليمن أو الدول الأخرى، فهناك طرق أخرى كان يمكن من خلالها أن تحقق أهدافها بدون خسائر، كأن توقع مع الدول تعاقدات استثمارية! لكن أن تحتل جزر سقطرى اليمنية، وهي لا تستطيع أن تحرر جزرها الثلاث، فأعتقد جازماً أن دوافعها في التدخل في البلاد العربية وخاصة دول الثورات سياسية وليست اقتصادية.

علماً أن التقارير تؤكد أن أبوظبي تخوض حرباً بالوكالة في اليمن وباقي الدول العربية، خاصة انها أخذت على عاتقها محاربة أية توجهات أو كيانات اسلامية، بذريعة تهديدهم لنظام حكمها.

الإسلام السياسي

إذا ما يجري في اليمن جزء من الحرب على الإسلام السياسي؟

صحيح، لأن الثورة اليمنية كانت محسومة لصالح الإسلاميين، الذين يشكلون السواد الأعظم من الشعب اليمني، وعندما اتحدث عن الاسلاميين لا اعني بذلك الاخوان فقط، بل هناك اطراف أخرى من الشعب اليمني، وهذا هو حال الثورات العربية كلها، التي تعرضت لهجمة عنيفة من القوى التي تدعي دعمها الحرية والديمقراطية لهذا السبب. كما أن سبب الهجمة على اليمن يرجع لمواقفها المعروفة في نصرة القضية الفلسطينية، وقضايا الأمة، ورفض التطبيع، واحتضانها قيادات المقاومة الفلسطينية، حتى في ظل حكم علي عبدالله صالح، الأمر الذي يرجح أن ما يحدث في اليمن جزء منه لمحاسبتها على مواقفها السابقة، والجزء الآخر يأتي في سياق الحرب على الاسلام السياسي ووأد الثورات العربية.

وسوم: العدد 802