لكل قاعدة شواذ
محمد فاروق الإمام
[email protected]
لكل
قاعدة شواز، وهذه حقيقة تظهر جلية للعيان في هذه الأيام، فقد توارثنا عن أجدادنا
القول المأثور (لكل إنسان من اسمه نصيب)، ونصيب طاغية مصر من اسمه يؤكد أن لكل
قاعدة شواز، فاسمه الأول حسني ولم يعطه الله شيئاً من الحسن لا في الشكل ولا في
المضمون، واسمه الثاني مبارك، وقد حل الشؤم على مصر وشعبها يوم تربع على رأس السلطة
في مصر بشكل غير مسبوق، فقد أظل المصرين بغمامة سوداء قاتمة تحمل في طياتها الفقر
والتجويع والبطالة والفساد ونهب الثروات والقمع غير المسبوق.
حسني مبارك اليوم يقف في وجه شعبه الذي أذاقه على مدى ثلاثين عاماً فنون العذاب،
وسقاه الضيم والذل والهوان والتبعية والارتهان للعدو.. حسني مبارك الذي فقد عقله
يأبى أن يستجيب لنداء الملايين الذين خرجوا شيباً وشباباً نساءً وأطفالاً في
القاهرة وكل المدن المصرية والأرياف والنجوع والبادية لأكثر من سبعة عشر يوماً
متواصلة، تطالبه بالرحيل وتقول بصوت واحد واضح جلي لا لبس فيه ولا غموض (أرحل..
أرحل مش عايزينك).. ويأبى هذا الطاغية إلا التمسك بتلابيب السلطة التي نهب فيها من
جيوب الشعب وأقواته وعرقه هو وأسرته سبعين مليار دولار كانت كفيلة بسداد ديون مصر
كلها، وتكبد الاقتصاد المصري خسائر في هذه السنوات العجاف ثلاثة (ترليون) دولار،
كما أكد على ذلك الاقتصاديون وخبراء المال، كانت كفيلة لتجعل مصر إحدى الدول
النامية المتقدمة : كأندونيسيا وماليزيا وتركيا والبرازيل وفنزويلا، وتجعل من الشعب
المصري شعباً غنياً يتقلب بالنعيم كحال دول الخليج وأوروبا.
حسني مبارك يأبى التزحزح عن كرسي الحكم أنملة واحدة ويقدم التنازلات للشعب الغاضب
في ميادين القاهرة بالقطارة التي فيها السم الزعاف والوعود الزائفة ودموع التماسيح
المتحدرة على خدوده الغائرة تنبئ بالحقد على مصر وأهلها، وكرهه لنيلها العظيم
وتاريخها الحضاري الضارب جذوره في أعماق أعماق التاريخ، محاطاً بجوقة منتفعة رهنت
مصيرها بمصيره ومصير هذا النظام السادي المتخلف، تزين له واقع متفجر لا يعرف إلا
الله ما تحمله الأيام لمصر وأهلها.
حسني مبارك يأبى إلا أن يكون نيرون عصره ويعز عليه ترك مصر قبل أن يدعها هباباً
خراباً تنعق الغربان على أطلالها.
وفي
هذا السياق نقول لكل طغاة العرب ومستبديهم أنه آن الأوان لتتعظوا بما حل بتونس ويحل
اليوم بمصر فالعاقبة وخيمة والمصير مجهول، ولابد من أن تنتابكم ولو للحظة واحدة
صحوة من ضمير تستفيقون فيها من غفلتكم وتصححون المسار وعجلة الحياة في بلدانكم، وأن
لا تتركوا للشيطان ووساوسه سبيلاً إلى قلوبكم والصلف والغرور إلى نفوسكم
وتذكروا أن غضبة الشعوب ماحقة وغضب الله لا منجاة منه!!