أمر طبيعي أن الجامعة العربية التي أفسحت لبشار الأسد مكانا على مقاعدها، أن تتبنى الادعاءات الاسرائيلية في بيانها !!

إن البيان المخزي الذي صدر عن مجلس الجامعة العربية أمس الأربعاء، في اليوم الخامس من عملية طوفان الأقصى؛ يورث أصحابه الخزي ، ويجللهم بعار الخدلان، ويدفع كل أحرار الأمة إلى شجب بيانهم المنحاز إلى عدو الأمة، واستنكاره والتنديد به..

إن التداري وراء القوانين والشرائع الإنسانية، لإصدار تنديد مشؤوم بالعدوان على المدنيين، من طرفي الصراع، إن إدانة ما سماه بيان الجماعة المشؤوم "قتل المدنيين من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني.." لهو تصديق لدعاوى العدو، وانحياز لا يليق بدول الجامعة العربية، إلى العدو المحتل الذي عجزت هذه الدول على مدى ثلاثة أرباع قرن، عن لجم غطرسته، ووضع حد لجرائمه وعدوانه على الأرض والعرض.

نسي وزراء الخارجية العرب، الذين سووا في بيانهم بين الضحية والجلاد، من هم القتلة الحقيقيون، الذين يعربد طيرانهم المنفلت من كل القيم والأعراف، فيقصف بيوت المدنيين الآمنيين، ليتعلقوا بدعاوى تقوم على الكذب والافتراء..

لم ير وزراء الخارجية العرب، قدائف الفسفور المنضد، كما لم يروا ركام الأحياء السكنية، والمباني المدنية تحيلها طائرات العدو إلى ركام..

وكيف يبصر ممثلو الدول في مجلس الجامعة العربية انفلات الطيران الصهيوني على لحمنا الحي في فلسطين المحتلة، بينما يجلس بينهم ممثل لقاتل مريد قتل من الشعب السوري، بكل الأسلحة المحرمة أكثر من مليون شهيد مسلم وعربي…

وعلى مثلها تقع الطيور، وقل لي من حلبسك أقل لك من أنت!!

لم نر دولة من دول الاستكبار العالمي، أخطأت بوصلتها، أو غشى الغبش على أبصارها، وهي تنحاز جميعا طبقا عن طبق إلى المحتل المتغطرس المجرد من كل القيم الانسانية، والمتمرد على كل القوانين الدولية، في حين لا نرى من دول مجلس الجامعة العربية غير العجز والتراخي والتمادي في الاستسلام والانبطاح، والمسارعة إلى إدانة الذات.. لم ير الرئيس الأمريكي والا الفرنسي ولا أي مسؤول أوربي في فلسطين كلها مدنيا!!

لا يوجد رجل واحد من أحرار هذه الأمة العربية المسلمة ، يعتبر نفسه محايدا في معركة الحق والباطل، التي تخوضها كل الأمة في فلسطين، وينوب عنها أحرار الأرض، حماة الأقصى والعرض.

يؤسفنا أن بيان الجامعة العربية لم يتوقف عند قداسة الأقصى وطهر الأقصى لينتصر له ولو بجملة، في حين أن حلفاءهم من بني صهيون ينتهكون الأقصى عند الصباح والمساء وعلى مدى أعوام..

لا يحتاج المقاوم الفلسطيني المسلم العربي إلى من يذكره بوجوب حماية أرواح المدنيين وحقوقهم وكرامتهم أيضا، هذه الحقوق أولى بوزراء الخارجية العرب أن يلقنوها لمن هو أقرب إليهم وأولى بهم، من بعض شركائهم وجلسائهم..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1054