أزمة قيادة حقاً..

عقاب يحيى

لم يعد خافياً حال المعارضة والحراك.. وعجزهما عن إنتاج قيادة، أو أطر بمستوى عظمة الثورة وحاجاتها ..حيث تبدو " القصة" وكأنها أزمة شبه مستعصية.. في حين تضجّ وتعجّ الساحة السورية بعشرات، بل مئات التشكيلات، والأطر، ومئات آلاف المعارضين، وتمّ إقامة عشرات المؤتمرات، والمبادرات والاجتماعات، وكان " مؤتمر المعارضة في القاهرة

أهمها من حيث الحشد والوثائق التي أنتج.. ومع ذلك تتبعثر الجهود، وتفشل محاولات التوحيد التي تصطدم بعاهات الأزمة وعديد مفاعلاتها.. حتى إذا ما تجددت الدعوات، من هنا وهناك، وعبر أطراف سورية وعربية وخارجية لمحاولة عقد " مؤتمر وطني للمعارضة" كما تتسرّب بعض الأخبار.. رأينا أن الأكثرية لا تجد جدوى في ذلك لافتقاد أي مؤتمر لآلية التوحيد..

ـ بينما يعيش الحراك الثوري بكل تعبيراته ازمة مشابهة، وإن اختلفت الأسباب، وتنعكس عليه، بالتأكيد، أوضاع المعارضة وتشتتها، وبالوقت نفسه لم يقدر على مدار أشهر الثورة من تجاوز البعثرة، والتنافس، وكثرة التنسيقيات والأشكال.. وصولاً إلى شكل ما توحيدي، أو تنسيقي كان يمكن أن يوفر الكثير من الجهود، وأن يشكل البديل المطلوب لكل الأطر والمحاولات ...

ـ أكيد أن عوامل كبيرة ومتداخلة حالت وتحول دون ذلك، رغم النوايا الطيبة لدى كثير من قيادات الحراك، ومحاولاتهم التوصل إلى صيّغ ما..

ـ لعل الأخطر هنا هو الحالة التسليحية، بدءاً من الجيش الحر وما يعانيهخ، ووصولاً إلى عمليات التسليح، وتشكيل الكتائب المسلحة التي تتدخّل فيها وتتداخل عوامل داخلية وإقليمية وخارجية كثيرة.. فقد أصبح التسليح والسلاح ميداناً رحباً لاتجاهات مختلفة، واجندات متعددة، بعضها خارج أهداف الثورة وبالتناقض مع مبرر قيامها، وجوهرها في الحرية والتعددية، وبناء البديل : الدولة المدنية الديمقراطية، وليس تكريس استبداد من نوع آخر، وبلبوس قد يكون أشدّ قتامة وتخلفاً..

ـ وحدة السلاح في إطار الجيش الحر تواجه مجموعة العوامل التي أشرنا إليها، وتطرح على جميع المعنيين واقعاً يستلزم العمل المخلص والصادق كي يكون الجيش الحر ذراع الثورة العسكري الملتزم بها، والذي يجسدها على الأرض في ممارسة مختلفة عن شبيحة الطغمة وجيشها الذي أغرقته بالدماء والتجاوزات ز هناك البنية الداخلية للضباط المنشقين وحجم التنافس بينهم، وهناك الكتائب المسلحة التابعة لهذا التنظيم أو ذاك، وهناك الدور الإقليمي والخارجي وحساباته.. ومحاولاته دعم اتجاهات ما، ومحاربة أخرى، أو تنقديم السلاح لبعض الفئات دون غيرها .

ـ في هذا الواقع.. فالأكيدذ أن الاهتمام بالداخل هو بيت القصيد، وأوجه ذلك كثيرة، في مقدمها أن تنخرط القوى المعارضة في الحراك فعلاً، وان تنزل إلى الميدان للمشاركة في المقاومة المسلحة وفق صيغ مشتركة، وضمن منظور وثائق القاهرة في العهد الوطني والمرحلة الانتقالية، وباتجاه العمل الجاد على توحيد العمل المسلح، واقله : تنسيق الجهود، ومنع استخدام أية راية غير راية الجيش الحر .. حتى وإن لم يكن قادراً على القيادة في المرحلة الحالية .

ـ بقي القول : ان رمي المعارضة السورية بأسباب عدم التدخل الخارجي المطلوب.. هو ترحيل تافه لموقف الأطراف الخارجية التي لم تصل بعد إلى اتخاذ قرار واضح، صريح بالشأن السوري، وحاجتها الذرائعية إلى غطاء تحمله مسؤولية ذلك، وكأنها بحاجة إلى وحدة معارضة لو أرادت التدخل، وكأنها لا تعرف أنها عامل مهم في واقع المعارضة، منع، ويمنع وحدتها بأشكال كثيرة .

ـ رغم ذلك.. فإن الثورة السورية التي اجتازت المحن الصعبة، والتي تتصاعد رغم الدمار والإبادة.. ستسمر أقوى.. وستعبر الأزمة بقوة دفعها الداخلي، وإيمان الشعب بها.. حتى وإن دفعت أغلى الأثمان التي كان يمكن توفير كثيرها، وتقصير زمن الخلاص لو كانت المعارضة، أو الحراك بوضع آخر، لو أنجزوا المطلوب، وأنتجوا قيادات تليق بالثورةن وقادرة على قيادة المرحلة بكفاءة ..