ما وراء الخبر من عفونة وعمالة وجهل وعمى

ما وراء الخبر من عفونة وعمالة وجهل وعمى

د. سماح هدايا

يقول الخبر" عقد في دمشق اليوم المؤتمر الوطني لإنقاذ سورية والذي دعت له المعارضة السورية الداخلية متمثلة بهيئة التنسيق الوطني وعشرين حزباً معارضاً حضره سفراء روسيا والصين وإيران في محاولة لإيجاد حل للأزمة التي تعصف بالبلاد منذ 19 شهراً، ودعى المؤتمر إلى إسقاط النظام السوري بكافة رموزه ومرتكزاته بالطرق السلمية"

 إنّ شر البليّة ما يضحك. هذه مسخرة المساخر. يجتمع كل الذين يقتلون الشعب السوري، لينقذوا الشعب السوري المقتول من قتلهم.....ويقف النظام، مدعوما بأعوانه من الخارج والداخل، لكي يستمر في تنفيذ ما حسم أمره، عليه مبكرا، بقتل الحريّة وإنهاك الشعب السوري واعتماد الحلول الأمنية الإجرامية لقمع ثورة سوريا منذ انطلاقتها واندلاع صرخات الحريّة وشعارات الكرامة ومع استمرارها.

 ويتفرّج النظام وشلته على المشهد المسرحي الذي ابتدعته عقليتهم المتغطرسة، وأشرفت على تنفيذه هيئة التنسيق وأطراف سياسية شبيهة بها؛ فيقهقهون سرا، ساخرين من العالم، ومتوهمين أنهم يخدعون كل الآخرين بوجود معارضة سوريّة علنيّة داخلية حرة في الدعوة إلى إسقاط النظام. في إعلان هستيري وهش وأجوف على الثورة والمعارضة الخارجية لاتهامهم بالخيانة الوطنيّة والعمل وأجندات العدو لتخريب سوريا.

 وإذا قرأنا الشعارات المرفوعة في المؤتمر؛ فإنه وبحسب ما دعا المؤتمر إليه من ناحية إسقاط النظام بكافة رموزه ومرتكزاته بالطرق السلميّة؛ فلن يتبقى للمستقبل من الشعب السوري في حال تطبيق هذه المبادىء أحد؛ فجميع السوريين خارج النظام و خارج أعوانه، سيكونون أمواتا في مسلخة النظام النهمة الشرهة، وذلك في وقت ليس بطويل.

 هذه المؤتمرات حركات رعناء من هرطقة وعفونة وتخلّف عن موكب الواقع الثوري، وخيانة للثورة. إنهم يريدون إسقاط النظام بالطرق السلمية والنظام مازال يلجأ للحل الأمني الإجرامي وللمجازر الوحشية. كأن الذين خرجوا سلمية من بداية الثورة وقتلوا تحت التعذيب أو بالرصاص لم يقولوا، حينها، بالتعبير السلمي، ولم يرفعوا شعارات السّلميّة، ولم يمارسوا معظم أشكال التعبير السلمي؛ قبل أن يلجأ الشعب لحماية ما يقدر على حمايته من أهله وبيته بالسلاح في مواجهة آلة القتل الوحشي.

 لكنّ الموجع هو التساؤل الذي يصر الواقع على تفجيره باستمرار: ألهذه الدرجة وصل فينا، نحن السوريين، العفن والصدأ والقيح؟. إنّ فينا كثير أشكالٍ وألوانٍ وهيئاتٍ بين الخائن والجبان والجاهل والواهم والاستخباراتي والظالم والمعين للنظام. ... منتجات صالحة للاستبداد، كان قد عمل النظام على مدار عقود طويلة، كل جهده لحسن تصنيعها وتخزينها وتفعيلها في الوقت المناسب له... وهاهي الآن تفوح منها جميعها رائحة الانصياع للنظام من العفونة والخراب لدرجة القرف والغثيان والإغماء. فمتى تتوقف عجلة السقوط؟

 لكنْ، وللحق؛ فإنّ الشيء الوحيد الحقيقي الصادق في هذا المؤتمر(مؤتمر إنقاذ الوهم) أنّ مساحة الحرية العظمى التي أخذتها هيئة التنسيق والأحزاب الأخرى المشاركة، لا تتعدى حدود القاعة التي يتواجدون فيها...فنعما لهم حريتهم تلك.