حوار مع الأستاذ محمد فرنجي

حازم ناظم فاضل

[email protected]

تحتاج كتابة تاريخ المجتمعات لأجل إصلاح المجتمع والأمة الإستعانة بمن هيّأهم الله ليكونوا شهودا على من أجرى الله على أيديهم صناعة التاريخ الإيجابي النافع أو كانوا مِنْ مَنْ أجرى الله على أيديهم صناعته سواء بمفردهم أو مع غيرهم من الصالحين مِنْ مَنْ أكرمهم الله بهذه المكرمة.

الحقبة التاريخية التي نحن بصددها فترة عصيبة، مرحلة عرفت بالسعي الدءوب إلى حماية مكاسب التديّن والتمكين له إثباتا “بإقامة حججه والمحاجة عنه” وتثبيتا “بحمايته من الاندثار” في ظل الرغبة الجامحة في استئصاله.

كانت هذه الجهود المباركة، مما أجراه الله على أيدي الصالحين من عباده، وسيلة فعّالة لإنقاذ الإيمان بالتمكين لحقائق القرآن الكريم، وكان على رأس هؤلاء المصلحين الأستاذ بديع الزمان النورسي، بما أنّكم عايشتم فترة مهمّة من تاريخنا المعاصر، فإنّ محاورتكم تحقق المقاصد المشار إليها في مقدمة الحوار.

نسعى من خلال محاورتكم معرفة مجمل مناحي حياة الأستاذ كما عايشتها، وبهذا الصدد رمنا تحقيق القول فيما يأتي:

النورسي الإنسان “إجتماعيا، تربويا، سياسيا...”

1- النورسي الأستاذ “طريقته في التربية والتعليم، طريقته في النصيحة، طريقته التعامل مع من عاداه”.

2- النورسي الباحث، طريقته في الرد على الشبهات والتشكيك في الإيمان وأهله.

3- النورسي المُنَظِّر المُصْلِح.

4- مجموع ما سبقت الإشارة إليه يخدم بامتياز مقصد كتابة تاريخ فكرة إصلاحية وأهم رجالها، ومناحي الاستفادة منها.

لأجل التأكيد على القيمة التاريخية لهذه الشهادات اختارت المجلة محاورة أوائل طلبة الأستاذ بديع الزمان النورسي، لأنّهم شهود على الرجل وقبل ذلك شهود على رسائل النور ولادة واكتمالا ونسخا ونشرا وما ترتّب عليها من معاناة وتضحيات لا يعرفها إلاّ من عايشها، نستهل الحلقة الأولى من الحوارات بمحاورة الأستاذ محمد فرنجي، نبدأ الحوار بما يأتي:

متى تعرّفتم على الأستاذ، وكيف؟

- أتذكر وأنا في الرابعة أو الخامسة من عمري “1933-1934م” أننا لم نكن نعرف الأذان الشرعي (الأذان كان باللغة التركية)، والمدرسة التي تعلّمنا بها في مقتبل العمر لا تدرّس الدين والأخلاق لأنّها كانت ممنوعة في ذلك الوقت، وكان معلّمنا إماما سابقا، فخيّروه بين الإمامة والتعليم في المدرسة، ولأجل الإفادة أكثر إختار التعليم في المدارس، وكان هذا المعلّم مرشدا معنويا ممتازا ومنه سمعنا الأذان الشرعي، طبعا كان الإرشاد دون علم الإدارة وبغير إذنها لأنّه كان ممنوعا قانونا، بل ويعاقب عليه القانون بصرامة وغلظة، وكنا أثناء الموسم الدراسي “شتاء” نقيم في القرية التي تعلّمت بها، أما في العطلة الصيفية فكنا نأتي إلى إسطنبول، لأنّ والدي كان يمنعنا من الإنتساب إلى مدارسها لأنّها بحسب تقديره تصيّرنا كافرين أو تعلّمنا الكفر بخلاف مدارس القرية.

وُلِدْتُ بعد بداية تأليف الأستاذ لرسائل النور “1927م” بسنتين أي عام 1929م، وعايشت أقسى الفترات التي عرفتها البلاد “1935–1938م”، وعرفت تحوّلات كثيرة منها قضيتا القبّعة والأسماء، كان الأستاذ في تلك الفترة في مدينة إسكي شهر، ومنها نفي إلى مدينة قسطموني، وهذه الفترة قاسية لأنّها عرفت باختلاق حادثتين مهمّتين لتصفية المعارضين السياسيين والدينيين، أولاهما حادثة “منمن” والثانية هي حادثة “إزمير”، فاتّهم بموجبهما الفريقان بالسعي إلى الإنقلاب على النظام الجمهوري، فشملت التصفية السياسية أقرب المقربين من أصدقاء مصطفى كمال، ومن رحمة الله أن كان الأستاذ، في ظل هذه الظروف القاسية، منزويا في “بارلا”، فقيّض الله له جوّ العزلة ليكون بعيدا عن الأحداث مصروف الذهن إلى الإهتمام بمستقبل الأجيال اللاحقة بإنقاذ الإيمان بحقائق القرآن الكريم، فلم يكن لهذه الأحداث أثر في فكره واهتماماته، وكان كلّ جهده منصبا على صيانة دين الأمة، لهذا يمكن أن نقول بأنّ الله هيّأ له ظروف العزلة ليتفرّغ لإنقاذ الإيمان.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية (1945م) أتى إلى إسطنبول مع 22 طالبا من طلبته.

بدأتم باكتشاف بعض المعنويات مبكرا (1933-1934م) فاكتشفتم الأذان الشرعي، وتعرّفتم على رسائل النور بعدها (1946م)، كيف تمّ ذلك؟

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية (1945م)، أخلي سبيل الأستاذ بعد تبرئته من قبل محكمة “دنيزلي”، وظهر نوع من الإنفتاح على ما هو ديني ومعنوي (أخلاقي) في ظل هذه الظروف ظهرت جريدة أسبوعية “Büyük Dogu” “الشرق الكبير” التي كان يشرف عليها “نجيب فاضل” التي نشرت عدّة (ما بين خمس أو ست مقالات) مقالات للأستاذ بديع الزمان النورسي، فبدأ المجتمع بالتعرّف على الأستاذ، وقد وافق هذا الإنفتاح تشكّل حزب سياسي معارض “الحزب الديمقراطي” (1946-1947م).

ماذا كان محتوى المقالات التي نشرتها أسبوعية “ Büyük Dogu” “الشرق الكبير”؟

حوت هذه المقالات الكلمة الثلاثون “رسالة أنا” مع شيء من التبسيط، وفق ما يقتضيه المقال الصحفي، فكانت مزوّدة بالشرح والتبسيط اللازمين، لهذا تيسّر لنا اكتشاف الأستاذ ومن خلاله اكتشفنا رسائل النور.

ماذا كان يمثّل الأستاذ بالنسبة إليكم في هذه الفترة (1946م)، وخاصة بعد اكتشاف الرسائل والأستاذ؟

كانت السلطة ترى بأنّه رجل يريد الإستحواذ على الحكم والسلطة بطريق الإنقلاب والثورة، بينما كان يراه عموم المسلمين، ونحن منهم، بأنّه أعظم شخصية في العالم الإسلامي، هيّأه الله لإنقاذ الإيمان المهدد بالاستئصال، وكان الأستاذ -مع هذا الانفتاح- تحت الإقامة الجبرية، والشرطة ترابط عند بابه على مدار اليوم، وبالرغم من ذلك كان لا ينشغل عن الخدمة المتمثّلة في العناية بتأليف رسائل النور والعمل على تبليغها بكل الوسائل المتاحة.

كيف اكتشفتم بعض نصوص رسائل النور عام (1949م)، وكيف كان تجاوبكم معها وشعوركم نحوها؟

دار في ذهني سؤال مفاده استشكال الجمع بين القول بأنّ “الله حاضر ناظر إلينا” والقول بأنّه “منزّه عن المكان”، فذهبت إلى طلبة رسائل النور، وأرشدوني إلى الجواب من خلال قراءة “الكلمة السادسة عشرة”، وكانت فرصة التلاقي بهم بقصد الإرشاد فرصة مواتية للإنخراط فيهم، ومنذ ذلك الزمان وأنا واحد منهم.

ما أهمّ المصنفات والمؤلفات الدينية والمعنوية التي كانت متداولة في تلك الفترة (1949م)؟

كانت البلد خالية من الكتب الدينية والمعنوية، ولتأكيد ما ذكرت، أروي لك قصة واقعية، حاولت الحصول على كتاب لأعرف ديني، وبعد تفتيش لم أجد شيئا يذكر، ذهبت إلى مكتبة لبيع الكتب وأبديت لصاحبها رغبتي، فأخبرني بأنّه سيجلب في الأسبوع القادم جزءا “ملزمة” من كتاب فقهي بسيط على المذهب الحنفي (ملخص في الفقه الحنفي) لمؤلفه مفتي إسطنبول “عمر نصوحي”، وهذا يؤكّد خلو البلد من المصنفات الدينية، أخذت الملزمة (جزء من الكتاب) وبدأت بقراءتها، فاستوقفتني مباحثها في العقيدة، وكانت منطلق الإشكال الذي نقلته إلى طلبة رسائل النور، وهذا يؤكّد قيمة رسائل النور في ظل هذا الفقر الكبير الذي تعانيه المكتبة الدينية والمعنوية، وتشير بجلاء إلى قيمة رسائل النور في تثبيت الإيمان وإثباته من خلال حقائق القرآن الكريم.

تعرّفتم على رسائل النور عام (1949م)، فمتى تعرّفتم على الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي؟

بعد ربط الصلة بطلاب رسائل النور الذين أصبحت منهم بدأت بالتعرّف شيئا فشيئا على مضمون الرسائل ثم التقيت بالأستاذ بالضبط في أواخر شهر يناير (جانفي) عام (1952م).

هل وجدتم الأستاذ كما صوّره لك الذين سبقوك بمعرفته أو كما تصوّرته في الرسائل، أم وجدته شخصا آخر؟

(يضحك) عرّف والدي الأستاذ عندما كان يخطب في مسجد “بايزيد”، وكان يقول ليس في العالم أعظم من هذا العالم، وقد أكّدت رأيه مقالاته التي نشرتها الجريدة الأسبوعية “الشرق الكبير”.

ذهبت لزيارة الأستاذ أواخر شهر يناير عام (1952م)، وكان ذلك بعد صلاة الصبح، فاتّجهت إلى فندق “أق شهر” حيث كان يقيم فيه، وسمعت وأنا عند مدخل الفندق صوت تسبيح وأذكار وأوراد تنبعث من الطابق العلوي، صوت عليه مسحة أنين وخشوع، صعدنا إلى الغرفة المقابلة له، وانتظرنا إلى أن أتمّ أذكاره وأوراده، ثم دعانا إلى غرفته، فقبّل رأسي بحضور متقدمي طلبة النور “محسن آلو وضياء أرن”.

يبين ما سبق ذكره أنّكم اكتشفتم الأستاذ معرفيا وروحيا وتربويا، فكيف وجدتموه اجتماعيا (صلته الإجتماعية بالطلبة والحضور عموما...)؟

أوّل ما دخلت غرفته غمرني الشعور بشفقة الأستاذ علينا وعلى حال أمتنا، وأحسست بأنّ شفقته تكاد تغطينا وتحيط بنا من كل جانب، فكان أوّل لقاء به غنيا بالدفء المنبعث من شفقته، وجلسنا معه في درس مع كلام عن حياته. وكان الأستاذ في هذه الفترة حرا طليقا يتجوّل في إسطنبول ، كان ذلك في عهد الحزب الديمقراطي لعدنان مندرس.

يلاحظ أنّ اهتمامك برسائل النور أكبر من اهتمامك بشخص الأستاذ، لماذا هذا الإهتمام بالرسائل؟

يذكر الأستاذ أنّ مهمّته الأساسية هي إنقاذ الإيمان ويتمّ هذا المسعى بالعناية برسائل النور لأنّها الوسيلة العصرية الفعّالة في التعريف بحقائق القرآن لأجل إنقاذ الإيمان، من هنا فالواجب يحتّم العناية بحقائق القرآن المتضمّنة في رسائل النور وهي أهم أهداف مشروع الرسائل، لهذا عدّ الأستاذ العناية بشخصه خطأ يجب تلافيه بالتركيز على الحقائق الإيمانية القرآنية التي عرضتها رسائل النور لأجل إنقاذ الإيمان.

هل يمكن أن يقال بأنّ رغبة الأستاذ تلخّصت في تكوين جيل ملتف حول رسائل النور لأنّها تعرض الحقائق الإيمانية القرآنية وتعرّف وتبرهن على صدقها، وهل تراه نجح في هذه المهمّة؟

الذي حدث أنّ الناس في أوّل وهلة يسمعون بالأستاذ فيتعرّفون عليه ويعجبون به، وعندما يكتشفون رسائل النور قراءة وفهما، يحملون فكر رسائل النور، والدليل أنّنا اليوم نرى رسائل النور تنشر من قبل أكثر من 16 دار نشر عالمية، وتوزّعها في كلّ أنحاء المعمورة وبمختلف لغات العالم، ويقرؤها الناس من مختلف الألوان والأعراق واللغات والبلدان، وهذا كلّه يؤكّد أنّ العناية إنّما تكون برسائل النور.

وبهذا الصدد يمكن أن نذكر أمرا مهما، بالرغم من أهمية رسائل النور ووصية الأستاذ بها وبضرورة العناية بها، فقد التفت بعض الناس إلى شخصية الأستاذ وعلى رأس هؤلاء بعض المسلمين واللبراليين، وأكبروا في الأستاذ صموده أمام تحديات القهر والتضييق والسجن والظلم و... فهؤلاء كانت عنايتهم بشخصه أكثر من عنايتهم بمضمون رسائل النور.

خلال هذه الفترة، هل كانت عنايته بتثبيت حقائق الإيمان أم بإثباتها؟

الفرق بين الفترتين السابقة والحاضرة، كان الإعجاب بالرسائل، وخاصة من قبل أهل التصوف، لمضامينها المعنوية، فكانت لها الأولوية عندهم وقدّموها على الجانب العلمي من الرسائل، أما في الحاضر فقد أصبحت العناية بالجانب العلمي لها الأولوية، وخاصة الأدلة العقلية والمنطقية.

بصيغة أخرى، هل يمكن أن يقال بأنّ الأستاذ كان يروم تحقيق مقصدي تثبيت الحقائق الإيمانية القرآنية وإثباتها في الوقت نفسه وبذات المستوى من الاهتمام؟

كانت العناية كبيرة جدا في الثلاثين سنة الأخيرة بجانب الإثبات، فأصبحت العناية بالجانب العلمي مهيمنة، بمعنى أنّ العملية عرفت مرحلتين، إهتمت الأولى بالتثبيت واهتمت الثانية بالإثبات، وذلك بحسب مقتضيات الزمان والمكان، وبيّن أنّ رسائل النور تضمّنت المسلكين معا مما يسّر لها القبول عند شريحة واسعة من الأمة الإسلامية والأسرة الإنسانية.

إلتف عموم الناس حول رسائل النور بالرغم من كونهم لا يستوعبون إلاّ قليلا مما ورد فيها، وهذا القليل مكّنهم من الإرتباط العقلي والقلبي بها، لأنّها بالنسبة إليهم وسيلة فعّالة لإثبات الإيمان وتثبيته، فانظر إلى هؤلاء الشباب الذي يقبلون على الخدمة في المؤتمر “200 شاب” يؤطّرون تنظيمه وإدارته (الإستقبال، المراقبة، التصوير...) كثير منهم يفهم الشيء القليل من الرسائل ولهذا القليل أثر فعّال في الدفع على البذل للخدمات الإيمانية.

ألا يمكن أن يعود الإقبال على الخدمة إلى الشخصية القيادية للأستاذ؟

يندفعون إلى الخدمة الإيمانية بمجرّد فهم جزء يسير من رسائل النور، ففضلا عن الخدمة الإجتماعية فهم ملتزمون بالتكاليف الشرعية ورغبتهم في التطهّر المعنوي كبيرة، وهذا كلّه عائد إلى مضمون الرسائل التي جعل الله فيها الفتح والتثبيت والإثبات والطمأنينة والراحة المعنوية.

هل يمكن أن يقال بأنّ الواقع الراهن أكّد صحة تحليلات الأستاذ لمستقبل الإصلاح ووسائله؟

هذا صحيح، والدليل عندما قال الأستاذ بأنّ العلوم الدينية نور القلوب والعلوم العقلية ضياء العقل وبامتزاجهما تتجلى الحقيقة، كان يُعتبر هذا كلاما خياليا لا صلة له بالواقع، أما الآن فصار هذا الكلام مفهوما ومجسّدا واقعيا، فترى طلبة مدرسة رسائل النور في كبرى الجامعات وفي مختلف التخصصات، مما يؤكّد أنّ امتزاج الإيمان والعلم أصبح حقيقة واقعية.

بالرغم من دواعي الفوضى والعنف ودفع الناس لممارسته، كان الأستاذ يدعو باستمرار إلى ثقافة السلم والمحافظة على الاستقرار، في ظل الظروف الراهنة التي تدفع لاستعمال العنف (الظلم، سرقة أموال الأمة، التزوير...)، كيف السبيل إلى الإستفادة من رسائل النور؟

كانت وصيته المستمرة المنع والنهي عن الدخول في أمور سلبية مع المحافظة على الخدمة الإيمانية في كلّ الأحوال ومهما كانت الظروف، والخدمة الإيمانية كما تصورها رسائل النور خدمة لحقائق القرآن الكريم ميل بكل الأشكال عن الصدام، بل اللازم المداومة على ترك هذه الثقافة والتأسيس لثقافة أخرى.

ألا يمكن أن يكون العمل الإيجابي البنّاء وسيلة فعّالة لتحقيق هذا المقصد؟

كثيرا ما كان يخاطب رجال الهيئات القضائية أثناء محاكمته قائلا: إننا لسنا منشغلين بكم فلمَ تنشغلون بنا؟ نحن منشغلون بمن سيأتي بعدكم، نحن منشغلون بالمستقبل بمن سيأتي بعدنا بخمسين عاما.

فرض هذا الإختيار، العمل على صناعة ثقافة العمل الإيجابي الذي اختير في الوقت الحالي منهجا للفعالية في الخدمة، ومقتضى العمل الإيجابي البناء أن لا ننشغل بما يقدّمه الآخرون، بل نركّز كلّ جهدنا على تقديم الحقائق الإيمانية والتفكير في سبل نشرها.

وبالرغم من أنّ الدولة كانت علمانية، كان الأستاذ يقول بأنّ رجالها كانوا مضطرين إلى تغيير القوانين بسبب الضغوط الخارجية الرهيبة الممارسة عليهم، وأنّ الحكومة وأفرادها مسلمون، كان يقول ذلك كلّه لأجل الأمن والإستقرار والسلم الإجتماعي.

في ظل الظروف الميئسة وشيوع ثقافة التيئيس والسعي إلى نشرها، كان الأستاذ يعمل على إشاعة ثقافة الأمل، كيف السبيل إلى الاستفادة من رسائل النور لأجل ثقافة الأمل في وقتنا الحالي؟

في السابق كان الحديث عن ثقافة الأمل خطابا نظريا ونصوصا مدونة فحسب، أما الآن فقد أصبح مجسّدا متحققا في الواقع المعيش، وذلك بفضل قراءة رسائل النور والالتزام بما جاءت به من أمور معنوية وعقلية.

كيف يتعامل مع المخالف في الدين أو المذهب أو الرأي؟

العمل الإيجابي في حقيقة الأمر ليس إلاّ خدمة الحقائق القرآنية وإنقاذ الإيمان، ولا يعارض هذا المقصد النبيل إلاّ إبليس، نحن نعتبر المخالفين في المذهب والرأي مسلمين، لهذا نحن ننأى بأنفسنا عن تكفير المسلمين، ونحصر جهدنا واجتهادنا في نشر الحقائق الإيمانية وإنقاذ الإيمان.

ماذا يمثّل بالنسبة إليكم أهل التصوّف؟

تضمنّت رسالة المكتوب “29” ولا سيما التلويحات التسعة الدفاع عن التصوّف، في وقت كان أهل التصوف عاجزون عن المدافعة عن أنفسهم وطرقهم ومكتسباتهم، فيذكر الأستاذ أنّ 500 مَعْلَم ديني (مساجد، تكايا...) أجراه الله على يد المتصوّفة، فنشروا الإسلام ودافعوا عنه، وكثير من التدين في المجتمع أجرى الله الفضل فيه على أيديهم من خلال التعليم والتربية، ولكنه يذكر بعد المدافعة بعض ما يراه من المثالب يجب تلافيها في قابل الأيام.

موقف الأستاذ من الشيعة والمعتزلة.

كثيرا ما يذكر الشيعة منها ما ورد في اللمعة الرابعة، والخلاصة أنّه لا يكفّر الشيعة، وينصحهم بالتوقّف عن الإساءة للصحابة رضي الله عنهم عموما، ويتعيّن التوقّف عن سب أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم، ويبيّن بأدلّة شرعية ومنطقية أخطاءهم في المسألة، وفي الوقت نفسه يبيّن منزلة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فيذكر أنّ منزلة علي لا يعدل درجة قربيته أحد، كما تلاحظ في رسائل النور عنايته بأهل البيت عموما.

ألا يمكن أن يعد موقفه من أهل البيت ورقة عمل ممتازة بردم الهوة بين أهل السنة والشيعة؟ (تراجع موقفه من أهل البيت من خلال الرسائل)

هل للمزاوجة بين الحديث عن الصحابة وأهل البيت بإجلال وتقدير كبير تأثير على تكوين عقلية خاصة تتجاوز إفراط أو تفريط الفريقين؟

الذين ينتسبون إلى مدرسة رسائل النور ينظرون لأهل البيت والصحابة الإكرام بإكبار وإجلال كبيرين، لكن عموم الناس من قراء رسائل النور يختارون جهة واحدة من غير انتقاص من الجهة الأخرى، فمنهم من يحب أهل البيت لا ينتقص من شأن الصحابة ومن أحبّ الصحابة لا ينتقص من شأن أهل البيت، وفي الغالب كل من مال إلى جهة سكت عن الأخرى.

موقفه من المعتزلة؟

لا يقبل قول المعتزلة بأن الإنسان يخلق أفعاله لأنّه تصوّر مخالف للتوحيد الحقيقي.

ما القلب والعقل؟

ليس القلب ذلك الجسم الصنوبري الموجود في القفص الصدري لكن له ارتباط به، فبالإسم الظاهري القلب ظرف والجسد مظروف، أما بالإسم الباطني فالعكس، الجسم هو الظرف والقلب هو المظروف، أما بالنسبة للعقل، فيحذّر الأستاذ من خطورة العقل المجرّد المنفلت من حكمة الوحي، ويكبر من شأن العقل المنضبط بقوانين الوحي، ويسمي الأدلة العقلية الواردة في الوحي “الحكمة القدسية”.

نقل عنكم في السيرة الذاتية استشكالكم على “جهنّم” كما نقلت عنكم قصة المستشرق كان مقررا أن يلقي سلسلة محاضرات في جامعة إسطنبول للتشكيك في القرآن الكريم من خلال التشكيك في مضمونه من خلال الحديث عن صحة ما ذكر القرآن الكريم في شأن السماوات السبع. هل سمعتم الرد من الأستاذ مباشرة أو نقل إليك الخبر، ومن نقله إليك؟

جاء هذا المستشرق إلى جامعة إسطنبول بقصد إلقاء سلسلة محاضرات “7 أيام” في كلية العلوم، فذكر في محاضرته الأولى بأنّ القول: “بسبع سماوات” غير صحيح، فنقل بعض الطلبة “ضياء أرن -توفي رحمه الله-، محسن آلو -على قيد الحياة حفظه الله-” للأستاذ ما ورد في المحاضرة، فغضب الأستاذ لعدم الرد المباشر عليه بناء على يعلمونه من محتوى رسالة إشارات الإعجاز لأنّها الجواب الشافي عن هذا الإستشكال والتشكيك ورد مفحم على هذا المستشرق، فاستعملت آلة الإستنساخ بقصد استنساخ نسخ كثيرة من الرد بقصد توزيعه في اليوم الثاني من سلسلة المحاضرات، وعندما لاحظ المستشرق أنّ أوراقا توزّع في القاعة طلب نسخة، ثم طلب ترجمتها، وبعد سماعه لمعانيها، رفع الجلسة وتوقّف عن إلقاء سلسلة المحاضرات، وهذا بعد أن اقتنع بأن المعارف التي تضمنتها تلك الورقات تمنع التشكيك، ولعلّه اقتنع بمضمونها.

أما بالنسبة للإستشكال في شأن جهنّم، فقصتها أنّ الأستاذ عندما كان في أميرداغ كان كثيرا ما يقول وفي فترات مختلفة: لقد رضيت بدخول جهنم لأجل إنقاذ إيمان شخص واحد. وكرر القول نفسه لدى زيارتي الأخيرة له. فوقع في نفسي شيء، إذ كيف يدخل جهنم من كان سبباً لهداية أناس كثيرين جداً؟ وإذا بالأستاذ يعتدل في فراشه ويشير إليّ بيده ويقول: ليس خالداً... ليس خالداً... بل مثلما يدخل أحدهم جهنم من جراء ذنب ثم يدخل إلى الجنة.

يظهر من خلال إجابته عن استشكالك من خير أن تصرّح به أنّه كان عارفا بنفسيات طلبته وخصوصياتهم، وما مميزات كل فرد منهم، يؤكّده توزيع الأعمال على الطلبة بحسب استعدادهم، فما خصّ به بيرام غير الذي خصّ به زبير وما خصّ به عبد الله يكن غير الذي خصّ به مصطفى صونغور وهو بدوره مختلف عما خصّكم به، فبما خصّكم الأستاذ؟

هذا صحيح، أنا نسيت بما خصني لكن الأخ مصطفى صونغور يذكر أنّ الأستاذ قال: إنّ “محمد فرنجي” هو الذي يعبئ ساعة إسطنبول لتشتغل (حيث إن ساعة ذلك الوقت تعبّأ باليد وآلة الاستنساخ أيضا تحرك باليد) فكلفني بنشر الرسائل وتوزيعها وطلب من الطلبة مساعدتي على أداء المهمة.

ماذا تمثّل إليكم المصطلحات الآتي ذكرها، الشفقة، الفقر والعجز والمحبة ونقيضها، التسامح والحقد؟

التعريف الحسي للشفقة صعب، لهذا سأعبّر لك عما يختلج في صدري، الشفقة أن تحس بدفء داخلي ينجذب بموجبه الرجل إلى من يشفق عليه، كالحال التي كنت عليها في أول لقاء لي بالأستاذ (رحمه الله)، فقد كان اللقاء فرصة للإحساس بدفء أحاط بقلبي من كلّ جانب، فهذا تجلي شفقته بنا وعلينا، ودليلها سؤاله عن والدي ووالدتي وأسرتي وأقرب الناس إليّ، ففي هذه الأسئلة والحالة التي كان عليها الأستاذ فيوضات سرت في القلب مباشرة.

كان الأستاذ يستمدد المدد الإلهي بحالة من الإقرار بالعجز والفقر، إذ بعد الذكر والأوراد التي يؤديها بحزن فيه أنين المقر بعجزه وفقره، يبدأ التدبّر والتفكّر الإيماني ثم التدوين، لقد أوقع الإقرار بالعجز والفقر استمدادا من الله لتفسير القرآن الكريم، وقد جسّدته رسائل النور أحسن تجسيد.

أما المحبة، فالحب في الله والبغض في الله، وقد عبّر الأستاذ عن هذه المعاني في الكلمة “24” الغصن الخامس، والتي يذكر فيها أنّ المحبّة هي روح الكون ونوره، وهي تجليات إسم الودود، وهي جميعها لأجل تحبيب الله للخلق، وتجليات المحبة تستغرق الكون كلّه.

أما بالنسبة للعوام والناس العاديين، فإنّ المحبّة بحسب ما ورد في الكلمة “32” متنوعة ومتناسبة بالقدر الذي تتجلى به للإنسان “محبة الأب أو الابن أو الأخ أو الربيع أو الأزهار أو...”، فيشرح الأستاذ بكيفيات مختلفة هذه الأنواع من المحبة ويرشد إلى طريقة جعلها مندرجة في محبة الله.

أما عن التسامح والحقد، فقد كان الأستاذ متسامحا إلى أبعد الحدود إلاّ في حالات استثنائية ليست لها صلة بعداوة شخصية أو قضية خاصة به سواء تعلّق الأمر بالظلم الذي سلّط عليه أو سجنه الذي كان ظلما وعدوانا من غير مبرر شرعي أو عقلي أو قانوني، فكان يصرّح بأنّه تنازل عن حقه بالنسبة لمن ظلمه، ولكن القرآن الكريم لا يتنازل عن حقه، فإذا وقعت بكم عقوبة دنيوية فبسبب معاداتكم القرآن الكريم ومحاربته، وكل ما كان في الأمر فالأستاذ يتسامح إلا في حالة الإلحاد وما كان يواجهه بغير الحجة والبرهان والبيان.

والدليل على ذلك أنّ الأستاذ كان ينشر في جريدة لرجل “حسين جاهد” كان يعرف بإلحاده ومناظرته في القضايا التي يثيرها، وعندما توفي “حسين جاهد” قال الأستاذ لأحد طلبته “جيلان” ليتني عرفت فيما إذا مات على الإيمان، وفكّر الأستاذ في شأنه وحزن حزنا لأجله.

ماذا تمثّل إليكم الصناعة والتجارة والعلم والتعليم؟

الصناعة والتجارة أصل المعيشة فطريا وهي أصل الكسب، ولكن الناس انصرفوا عنها إلى الوظيفة والإمارة (المسؤولية) أي حبّهم للتحكّم والهيمنة، والمجتمعات إذا تحوّلت عن الصناعة والتجارة لصالح الإمارة (حب المسؤولية) أصبحت فقيرة، وكذلك الأفراد.

أما العلم والتعلّم، فإنّ الترقي بحاجة إلى التنظيم ونقصد به تقسيم الأعمال بحسب الإستعدادات والقابليات، فتقسم الأدوار والأوقات، كما أنّ الرقي بحاجة إلى تعاون الناس فيما بينهم فضلا عن إشاعة الأمن فيكون الجميع آمنا في نفسه وعمله، وهذه بحاجة إلى الصناعة والتجارة ومحرّك كل ذلك العلم ولا طريق لنيله بغير التعليم.

ماذا تمثّل المصطلحات الشرعية الآتية: الأمة، الشريعة، الإيمان، الرسول صلى الله عليه وسلم، القرآن الكريم؟

الشريعة في نظر العوام تطبيق الحدود، أما في نظر رسائل النور، فالشريعة قسمان، منظورة (المتأتية من صفة القدرة) والمسطورة (متأتية من صفة الإرادة)، ولكل منهما مراتب متنوّعة، وكان الأستاذ من المدافعين عن الشريعة، فقد قال بعد أن حكمت عليه المحكمة العرفية “31/03/1909م” أنا أريد الشريعة أيضا مثل هؤلاء الذين أُعدموا، ولكن ليس بطريق الثورة والإنقلاب، بل في جو الأمن والإستقرار.

الإيمان هو لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسنّة المطهّرة وظيفتنا إحياؤها، فقسم منها فرائض لا يمكن التنازل عنها أو التساهل في شأنها، وكان الأستاذ يحثّ على الإلتزام بالسنة والتشجيع على تنفيذ أحكامها سواء تعلّق الأمر بالعقائد أو العبادات أو المعاملات أو الأخلاق، ذلك أنّ السنة السنية تستوعب كلّ الدين.

الأستاذ والتلطّف مع الطلبة والزوار، هل كان الأستاذ يبادر إلى النكتة؟

أذكر لكم بهذه المناسبة نكتتين، كان من عادة الأستاذ أن لا يشتري الفواكه في أوّل الجني لأنّها تكون باهظة الثمن، فيؤخّر شراءها إلى حين تنزل أسعارها، فمرّة في الأيام الأولى لجني فاكهة “يني دنيا” “الدنيا الجديدة” وهي صنف من فاكهة “البرقوق”، قال الأخ جيلان للأستاذ.

هل نشتريها أم تأخذ روحنا، لأنّك تؤخّر شراءها إلى أن ترخص، وهو تعبير عن اشتياقهم لأكلها، ومرّة كان بجنب بحيرة مع جيلان، فقال له الأستاذ، لماذا لا تشتري خمسين رأسا من الغنم وترعاها وتعتني بها، ونأتي بعجوز تحلبها لنا، فقال جيلان العجوز لا تستطيع، لهذا فالمطلوب أن تكون شابة قوية، والأستاذ يضحك تبسما من قوله ويقول تستطيع، ثم يكررها جيلان وفي كلّ مرة يقول الأستاذ بل تستطيع الحلب، ويختمها الأستاذ بقوله تحلب تحلب...

هل كانت ورود الطرفة على لسانه قاعدة عامة أم استثناء؟

الجدّية هي السمة العامة للأستاذ، ولا نسمع منه ذلك إلاّ مرّة أو مرتين في اليوم، ومن تلطّفه مع زواره أنّه كان يدفع لهم مصاريف النقل، وكنت من الذين استفادوا من هذه المكرمة، فقد دفع لي تكلفة التنقل إليه عدّة مرات، ومرة لأجل أن يمنحني مصاريف الرحلة طلب حافظة نقوده، وعندما استلمها طلب من جيلان أن استدر لكي لا يرى مكان وضعها، وبعد أن منحني ليرتين، وضعها تحت الوسادة، ولكن جيلان أدخل يده بحركة متناهية الخفة لأجل أخذ الحافظة، فاستدار الأستاذ ألم أقل إنّه يسرق. فكان يتلطّف مع الخلق وعلى رأس هؤلاء جيلان الذي كان طالبا مخلصا.

ما القيمة المضافة التي استفدتها من رسائل النور في السابق؟ وهل اكتشفت شيئا جديدا في الحاضر (الآن)؟

كانت رسائل النور في البداية تشبع حاجاتنا الخاصة، ولكن بعد مرور الأيام وانتشار رسائل النور في العالم اكتشف الباحثون الأكاديميون أمورا ما كانت تجول بخواطرنا فزاد إعجابنا بها، فمثلا يذكر الأستاذ توماس ميشل أنّه لولا عفو الأستاذ لبقيت رسائل النور تدور في وسط فاسد، فعفوه حرّر لها طريق الانتشار.

أذكر للقراء الكرام حادثة وقعت لك مع الأستاذ بقيت عالقة بذهنك أو أمرا خصّك بك الأستاذ.

أذكر مرّة أنّ الأستاذ اضطر للسفر من إسطنبول إلى صامسون لأجل المحاكمة، فترك كلّ مراسلاته ورسائله، وكلّفني بتوزيع الرسائل على أصحابها واستعمال آلة الاستنساخ لأجل طبع نسخ من الرسائل ثم توزيعها، وأكّد على القيام بهذه المهام (توزيع الرسائل والإستنساخ مع التوزيع)، فقلت يا أستاذ أقوم بكل ما طلبت، ولكن لا أستطيع الإستنساخ لأني لا أعرف كيفية استعمال آلة الإستنساخ، فقال بل تستطيع، ثم كررت القول، وفي كلّ مرّة كان يقول الأستاذ تستطيع تستطيع، ثم بقوة أنت تستطيع أن تفعل مصرا ومؤكّدا، وقد كان الأستاذ على حق فقد قمت بالمهمّة على أكمل وجه، فنسخت ووزعت كما طلب الأستاذ.

ماذا يمثّل لك تاريخ 25 من رمضان و23 من مارس؟

يمثّل تاريخ وفاة حضرة الأستاذ (رحمه الله)، ونحن في هذا التاريخ من كلّ عام نسترجع تلك الذكرى، ونتذكّر ما قاله لنا، فقبل وفاته جاء إلى إسطنبول وقال: الحمد لله فقد قصمت العمود الفقري للكفر والإلحاد ولن تقوم له قائمة في المستقبل.

هل تمثّل هذه الذكرى فرصة لتقديم الحصيلة وتجديد الصلة؟

نحن مستمرون بعد وفاته على ذات الأسلوب في العمل، فبعد أن فكّرنا في موضوع بعد وفاته، قلنا بأنّ الأستاذ إنتقل إلى عالم البقاء، فما علينا إلاّ الإستمرار في خدمة الحقائق القرآنية وإنقاذ الإيمان.

واستمر العمل مع الجيل الجديد من خلال المؤتمرات العلمية في البلاد الغربية والشرقية، ونتمنى تأسيس كرسي الأستاذ بديع الزمان النورسي في الجامعات العالمية، لأنّ رسائل النور تعرّف حقائق القرآن وفق المعايير العلمية التي ترضاها العقلية المعاصرة.

كيف تتصوّر إصلاح العالم الإسلامي وفق برنامج رسائل النور وكم يستغرق من الوقت؟

العالم الإسلامي الآن مشتت ممزّق، ولا مستقبل للعالم الإسلامي في غير الإتحاد والإندماج، لكن الإتحاد وفق رسائل النور لا يتم بغير العلم فبغير شعاع العلم وامتزاج الأفكار الذي يتم بالعلم لا يمكن تصور وحدة بمعزل عنه، ولتحقيق هذا القصد يمكن لرسائل النور أن تقدم الحل، وخدمة لهذا الهدف وخيره نبذل وسعنا في نشرها والتعريف بها.

نصيحة للمهتمين برسائل النور.

نصيحة لهم أن يعملوا على خدمة رسائل النور وفق مقاصدها العامة، ومقاصدها الإيمانية والأخلاقية لا وفق الأمزجة والإختيارات الإنتقائية، لأنّه لا مستقبل لرسائل النور إلاّ إذا دخلتها وفق معاييرها خدمة لمقاصدها.

نصيحة للأمة الإسلامية والإنسانية.

نأمل أن نوفّق لخدمة كلّ مكوّنات الأسرة الإنسانية، ونتلطّف معهم لنسمعهم حقائق القرآن الكريم ونعرّف بالله واليوم الآخر، وندعوهم ليسمعوا حقائق القرآن الكريم لأنّ به سعادة الدارين الدنيا والآخرة، ونؤكّد لهم بأنّ رسائل النور ليست إلاّ تفسيرا لحقائق القرآن الكريم لأجل إنقاذ الإيمان، لهذا نعمل على تبليغ حقائقه إلى العالم كلّه، فترجمنا الرسائل إلى عدّة لغات بحسب إمكانياتنا، لو أنقذنا إيمان إنسان واحدا لكان خيرا لنا مما طلعت عليه الشمس.

نترك لك اختيار ما تختم به هذا الحوار.

نتمنى صلاح الناس في دنياهم وأخراهم ونعمل على تحقيق هذا الهدف النبيل، ومن يخدم الإنسانية نحبّه ونتعاون معه، إما بطريق رسائل النور أو بغيرها، ولا نريد أن نصطدم مع أحد لأجل تيسير انتشار رسائل النور خدمة لحقائق القرآن بقصد إنقاذ الإنسان في الدنيا والآخرة.

                

*مجلة النور للدراسات الحضارية والفكرية - السنة الثانية / يناير 2011 / العدد: 3