من نفحات شهر الهدى والفرقان

تحت مظلة الوعي

بيئة العمل والإنجاز هي موئل الإنسان اليومي ، حيث يزاول عمله في أي مجال كُتب له أن يعمل فيه ، ليعيش ويؤدي دوره في هذه الحياة . ويبقى الوعي مفتاح نجاحه في عمله خاصة وفي حياته عامة . ونوازع النفس عديدة ، و وسوسة الشيطان قريبة من النفس الإنسانية والشيطان عدو للإنسان ، لايريد له إلا الخسران في دنياه وفي أخراه ، و هنا يأتي الوعيُ وهو يحمل صحفَ إجادة السعي ، وصحفَ الدعوة إلى الإتقان في الأداء ، ومخالفة هوى النفس ، ووسوسة الشيطان . وهنا يأتي الانتصار على النفس وأهوائها ، والسمو بهـا على منهجٍ من البصيرة ، وعلى بساط الفطرة الطاهرة التي فطـر اللهُ سبحانه وتعالى الناسَ عليها . وهنا وبنجاح تام تسمو النفس ، وتطيب جودة الأداء ، ولعدم الفشل في الحياة ... تأتي قيم العبادات الربانية لتؤكد هذا النجاح :

*إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ...

*فإن الصوم له وِجـاء ...

*الزكاة تطهر وتزكي ...

*معية الله مع الصبر ...

وتتنوع هذه العبادات ، وتتألق من خلالها المعاملات والإنجازات . وهكذا نجد أثرها في تعديل السلوك ، وفي ضبط الأقوال والأفعال ، وفي تحقيق مايصبو إليه الإنسان من الخير ، وما يتطلع إليه المجتمع من سعادة وأمن وإخاء وتكافل اجتماعي . ويبقى الوعي للثبات والإصرار صنوا ، ولنجاح العمل مضمارا . ولم تكن هذه القيم عكازا يتمايل عليه المتعبون ، بل هي الروح التي لاتعرف الركون ، وهي أنفاس الإرادة التي تؤكد إنسانية أصحابها لإعمار الأرض ، فتغنيهم بالكفاءة الموفقة لإنجاز المهمات ، وتأبى لهم حالات الركون والدعة ، ولعلها المسارعة إلى الأهداف المرجوة . وليست مجرد استجابة دنيوية لإعلان تجاري ، وإنما هي تلبية لنداء الوعي لقلب مرهف ، وروج جوَّابة تغدو بعصمة جليَّةٌ وهي تتجنب الوقوع في شباك العبث الذي لايأتي بخير 

نعيش هذه الأيام المباركات من شهر الهدى والفرقان ، فيزداد إيماننا ، وتُنار أمام بصائرنا المناهج والسبل ، ونرى استبيان أعمالنا في صعوده ، وفي تألق مؤشر ارتفاع وعينا وقدراتنا ، فتحلو لأهل الجِّدِّ الانطلاقةُ إلى الأفضل والأسمى في الأداء ، ويتلاشى دخان التردد والحيرة ، وتجدُ النفسُ تَوْقًا إلى الاستزادة من اغتنام الأوقات وشغلها بالإيجابيات من الأعمال ، والنأي عن الغفلة المقيتة التي يلعن مَن حجبت عنهم مستلزماتِ الوعي الرشيد آخر الأمر نتائجَها ومآلاتِها المشينةَ بحق الإنسان الذي أكرمه البارئ سبحانه بالعقل وبالوعي ، وبما أنزل على جنسه من الآيات البينات . فالندامة لاتنفع صاحبها بعد فوات الأوان ، ولا تروي أحناء قلبه بعدما خوت الأفنان وأمحل البستان ، وبعدما جفَّ نسغ الوعي ، ولم يُؤخَذْ بالأسباب .

ولعل مكافآت أهل الوعي تُجَهَّزُ لهم ، ويوم توزيعها على مستحقيها يُحرم المتخلفون عن السباق في ميادين الباقيات الصالحات ، فيزداد ندمُهم وتأكل الحسرة ُ قلوبَهم التي أصابوها بالعمى والضلال والفساد . فقد نأى الغافل عن دارة القيم السامية* ، وتباطأ بل أجفل عن الولوج في دروبها الآمنات ، وانحاز إلى قافلة البطالين رواد أرصفة الأهواء والخذلان ، ويومها يعلم علم اليقين أنه ماوعى واجباته كإنسان ، أكرمه الله بالقدرة العالية والمنزلة الرفيعة ، ليقوم بدوره كإنسان سوي ، وهيهات ... فيومها لن يجد مَن يلتمس له الأعذار وقد اصفرت شجرة العمر ، ووهن جذعها ، ولم يبق عبق زهر أفنانهـا ونضارتها .

*دارة القيم السامية : هالَتُهَا المنيرة .

وسوم: العدد 924