الأستاذ المحامي الداعية عبد القادر السبسبي

clip_image002_046b0.jpg

رئيس جمعية (دار الأرقم الإسلامية) في حلب

(1304- 1393ه) / ( 1886- 1972م)

مقدمة:

كثير ممن هم تركوا الحياة بعدما تركوا فيها بصمات لمسها الداني والقاصي، ولقد كان الأستاذ عبد القادر السبسبي واحد من الذين تركوا هذه البصمة.

الداعية الإسلامي الكبير ، والحقوقي الحاذق من أهل حلب.

لقد ترك في هذه الحياة سيرة عطرة كالزهرة الفواحة تنشر عطرها، ولا تنتظر الأجر من أحد بل كان كالبلبل يغرّد أعذب الألحان، ولا يأخذ الثواب من الناس.

كان الأستاذ السبسبي عنواناً بارزاً للروح العلمية والدأب في البحث والدرس وطلب الحق وبيانه للناس، وكان عنواناً للخلق الكريم والذوق الرفيع والمعشر اللطيف والحديث الحلو الممتع المفيد .. مما يحتاج كل جانب منه إلى حديث خاص، وإلى تجلية يكون فيها الدرس النافع والقدوة الحسنة.

يقول ابن دريد في مقصورته الشهيرة:

والناس ألف منهم كواحد      وواحدٌ كالألف إن أمرٌ عنى

والمرحوم الأستاذ السبسي من الأشخاص الذين ينطبق عليهم الوصف الوارد في الشطرة الثانية من هذا البيت.

قالت عنه مجلة الرائد:

لقد كانت حياته من مطلعها إلى خاتمتها عملاً عقيدياً مستمراً في سبيل الله على كل المستويات، ولم يحل تقدم السن ولا ضعف الجسم بينه وبين بذل كل ما يملك أن يبذل من جهد في أداء الواجب .. وهذا ما يجعل حياته مثلاً جديراً بأن     يضرب للشباب وللعاملين للإسلام في هذا العصر، وقد غدا العمل الإسلامي عند كثير منهم ثوباً يخلع، ويلبس، أو عملاً موسمياً يمارس، ويترك، أو مرحلة من مراحل الحياة يتجاوزها الفرد إلى حيث تستغرقه مطالب الدنيا.

المولد، والنشأة:

كانت ولادة الأستاذ أبي أنس عبد القادر السبسبي في مدينة حلب عام 1886م / الموافق 1304هـ، من أسرة عريقة، متدينة، ينتهي نسبها إلى سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، ونشأ، وترعرع في كنف أبوين رحيمين، وعمدت الأسرة إلى تربيته تربية إسلامية، وكان الوالدان يريدانه حافظاً للقرآن الكريم، ورجلاً لامعاً في حياته العامة، فحقق الله إرادتهما.

فقد نشأ عصامياً، واعتمد على الله، ثم على نفسه في طلب العلم.

دراسته، ومراحل تعليمه:

ختم عبد القادر السبسي القرآن الكريم، وهو ابن سبع سنين، وحفظه غيباً، ثم مال إلى طلب العلم على يد كبار علماء حلب، أمثال: الشيخ محمد الزرقا، والشيخ راجي مكناس، والشيخ محمد سعيد الإدلبي، والشيخ محمد نجيب سراج الدين، وغيرهم من كبار العلماء.

التحق بمراحل التعليم المختلفة، وانتسب إلى كلية الحقوق حتى تخرج فيها، ولكن هذا ليس بصحيح وإنما الصحيح أنه لم ينتسب إلى كلية الحقوق، وإنما مارس مهنة المحاماة بطريق التمرين، حيثُ قدم فحصاً في منتصف العقد الثالث من هذا القرن، ونجح فيه عام 1919م، وأصبح بعدها محامياً لامعاً يشار إليه بالبنان، ثم صار مدرساً بين عامي (1925 – 1959م).

وكان الأستاذ السبسبي محامياً لامعاً من جهة، وفقيهاً عالماً من جهة ثانية، وعاملاً كبيراً في الحقل الاجتماعي من جهة ثالثة، وسأورد بصورة موجزة نبذة عن هذه النواحي الثلاث للوقوف على نبوغه ونشاطه في كل حقل من هذه الحقول.

اشتغاله بالمحاماة:

مال منذ صغره إلى مهنة المحاماة مع طلبه العلم، وكان أن نجح في الفحص الذي قدمه في منتصف العقد الثالث من هذا القرن، حيث بدأ مهنته بالمحاماة عام 1926م، حتى أحال نفسه إلى التقاعد عام 1960م، وكان يقول: إن مبدئي في مهنة المحاماة تتلخص بالاستقامة وخوف الله في السرّ والعلانية.

لم يكن محامياً فقط بل كان فقيهاً عالماً، وعاملاً كبيراً في الحقل الاجتماعي في شتّى الميادين.

ففي مجال المحاماة كان لا يدع اجتهاداً قانونياً صادراً عن السلطة القانونية إلا ويتلقفه، ويسجله لديه، حتى أضحى حجة في ذلك.

وكان من ألمع المحامين في القضايا المدنية والشرعية، ورغم اطلاعه في القضايا والقوانين الجزائية، غير أنه لم يكن راغباً بالإكثار من الدخول بالدعاوي الجزائية.

استظهاره مواد القوانين عن ظهر قلب:

وكان في مهنته قديراً ومستظهراً لسائر القوانين المعمول بها غيباً، فلقد كان ذا حافظة من أقوى الحافظات، وذاكرة من أقوى الذاكرات، يحفظ مواد القانون عن ظهر قلب، فكان يكتب القانون بكامله ليسهل عليه حفظه، وكان مطلعاً على الاجتهادات العثمانية، حافظاً مجلة الأحكام العدلية عن ظهر قلب بكافة موادها، وكان يستطيع بسهولة تلاوتها غيباً من أول مادة فيها حتى آخر مادة، من الألف إلى الياء، وكانت تسعفه ذاكرته القوية بأن يتلوها من الياء إلى الألف.

وكثيراً ما كانت تأتيه الاستشارات القانونية والفقهية من مختلف أقطار العالم العربي بالإضافة إلى تركيا وألمانيا وسائر أقطار العالم، واستفاد من تلك الاجتهادات استفادة كبيرة في مهنته.

تدريسه في المدرسة الفاروقية:

يقول القاضي عبد الوهاب ألتونجي: ( وكانت أول معرفتي به حينما كنت طالباً في المدرسة الفاروقية عام 1928م، وكان أستاذاً لنا في مادة الحقوق، حيث شرح لنا المواد الكلية من المجلة، وجزءاً من أحكام البيوع .

زمالتي له، ومشاركتي له في مهنة المحاماة:

ثم انقطعت الصلة بين السبسبي وألتونجي حتى تخرج القاضي عبد الوهاب في كلية الحقوق 1936م، وهناك عادت صفة الزمالة بينهما.

وفي عام 1938م، أصبحا شركاء في المهنة في مكتب واحد، وبقيا معاً حتى تاريخ تعيين الشيخ عبد الوهاب ألتونجي في القضاء في آخر عام 1941م، حيث انفصل عنه، ولكن الصلة بين الرجلين لم تنقطع حتى آخر حياته – رحمه الله -.

في دائرة الأوقاف الإسلامية:

ولقد كان السبسبي محامياً لدائرة الأوقاف الإسلامية مدة طويلة من الزمن، ثم أعفي منها في فترة من الفترات، ولكن دائرة الأوقاف حينما لاحظت لحوق الضرر بقضاياها بعد إعفائه من الوكالة أعادت الأستاذ المرحوم إلى وكالة الأوقاف ثانية، وبقي فيها حتى أعفي منها فيما بعد.

في محكمة البداية المدنية:

ومن الطريف أن نذكر حادثة وقعت له أثناء ممارسته المحاماة، وكان ألتونجي شريكاً له، فقدم باسمه دفاعاً إلى محكمة البداية المدنية، وكان رئيس المحكمة حينئذ من القضاة المشهود لهم بالعدل والاستقامة، ويظهر أن الرئيس لم يدقق دفاع الأستاذ السبسبي تدقيقاً كاملاً، فأصدر قراراً إعدادياً ضده في تلك الدعوى دون أن يكون الأستاذ حاضراً، ولما أبلغ ألتونجي القرار غضب من هذا التصرف غضباً شديداً، لأنه يعلم أن الحق والقانون بجانبه، وأقسم أن لا يدخل محكمة البداية بعد الآن، وصار يكتب اللوائح المتعلقة بدعاوى هذه المحكمة بنفسه، وكان ألتونجي يقدمها عنه.

ويظهر أن رئيس المحكمة حينما عاود تدقيق القضية لاحظ أن الحق بجانب السبسبي، كما لاحظ أن الأستاذ انقطع عن حضور جلسات المحكمة، فسأل الرئيس عن سبب عدم حضور الأستاذ عن المحكمة ؟ فاعتذر له ألتونجي بكثرة أشغاله، فطلب الرئيس منه أن يكلفه بالحضور إلى المحكمة في الجلسة القادمة، وأنه عدّل القرار الإعدادي السابق في الدعوى، ووافق رأي الأستاذ السبسبي، ثم قال الكلمة المشهورة التي قلّما تصدر عن قاض صراحة: ( إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل )، وأصرّ على المحامي ألتونجي بلزوم حضوره إلى الجلسة القادمة.

ولما أخبر المرحوم بذلك قال له: بأنه أقسم يميناً بعدم الدخول إلى المحكمة، فماذا يفعل تجاه اليمين ؟ فقال له الشيخ عبد الوهاب: إنه من الممكن التكفير عن اليمين، والدخول إلى المحكمة بناء على رغبة الرئيس، وقد كفّر عن يمينه فعلاً، وعاد إلى المحكمة، وكانت النتيجة ربحه للدعوى.

استعانة المحامين برأيه، واستشارة القضاة له:

وكان كثير من المحامين يستعينون برأيه، ويساعدهم في كثير من اللوائح، كما أن عديداً من القضاة كانوا يستشيرونه في بعض الأحكام القانونية نظراً لغزارة علمه وخبرته الطويلة في المحاماة، وقد تدرب عنده عدد كبير من المحامين منهم من أصبح أستاذاً في الجامعة، ومنهم من أصبح قاضياً قديراً، ومنهم من أصبح محامياً لامعاً، فلقد كان – رحمه الله – يبذل معلوماته الواسعة إلى متدربيه وسائليه، ولا يبخل عليهم بشيء من تلك المعلومات.

صفاته العلمية، وقوة حافظته:

كان – رحمه الله – عالماً فقيهاً كثير المطالعة، لا يترك فرصة تمرّ عليه إلا وهو يطالع في كتاب علمي أو مرجع حقوقي، أو سفر فقهي، ولقد اقتنى مكتبة حوت مختلف أنواع العلوم، وكان إذا أراد أن يبحث في موضوع حقوقي أو علمي لا يترك مصدراً إلا ويطلع عليه لزيادة التوثق في الوقوف على الحقيقة العلمية، لذلك كانت معلوماته ومذكراته مع غيره في النواحي العلمية ورسائله التي ألفها مبنية على حقائق علمية قلما تقبل الجدل، وبعيدة عن الخطأ غالباً، وكان لا ينشر رسالة إلا ويعرضها على غيره لبيان ملاحظاته عليها حتى تكون بعيدة عن الأخطاء .

روح الدعابة الصافية:

وكانت روح الدعابة الصافية تمتلك مخيلته، ويذكر ولده أنس من دعاباته أنه أرسل إليه من ألمانيا حينما كان يدرس فيها يستفتيه في جواز أكل لحم الحمير، فأرسل إليه رداً فيه بحث شرعي وافر، ثم ختم هذا البحث مخاطباً إياه: يا ولدي كل مثلما نأكل نحن كي نستطيع أن نفهم بعضنا بعد عودتك. 

-ومن نكاته اللطيفة: أنه قعد يوماً في إحدى حدائق حلب يتناول طعام الإفطار، وكان يبرّ الخادم الذي يحضر له الطعام، وبعد أن انتهى من طعامه أراد أن يداعب الخادم، وكان شاباً غير متزوج، فقال له: ( الله يبعث لك عروسة من لوني)، فلما نظر الخادم إلى وجه المرحوم – وكان أسمر اللون – تبسم، وقال له: ( لو أتتني مثل هذه العروس لذبحتها).

-ومن نكاته اللطيفة أيضاً: أنه كان ينتظر دوره في إحدى المحاكمات، ويظهر أن الحاكم لم ينبه إلى وجوده، فصار ينظر في دعاوى المحامين الذين قدموا بعده، ولا ينظر في دعواه، عندئذ التفت المرحوم إلى رئيس المحكمة، وقال له : (يظهر أن شكلي الجميل أعجبك يا سيادة الرئيس، لذلك أخرتني عندك لكي تخيّل عليّ). فضحك رئيس المحكمة من هذه النكتة، ونظر في دعواه.

رده على قانون الطوائف:

وكان من أهم البيانات التي أصدرها المرحوم: بيانه في الرد على قانون الطوائف الذي أصدره المفوض السامي الفرنسي في عام 1936م، ونحن نذكر نبذة عن صدور هذا القانون والرد عليه.

قانون الطوائف:

صدر هذا القانون بتاريخ 13 / 3 / 1936م، برقم 60 ل. ر ، ونشر في العدد (16) من الجريدة الرسمية الصادرة، بتاريخ 14 أيار 1936م، ولكنه لم يذع على الناس، ويطلع عليه الجمهور انتباه الناس في حينه، لأن الشعب كان منهمكاً في الاحتفالات بقدوم الوفد السوري المفاوض، ثم انشغل بالانتخابات النيابية، وكان التنبيه إليه في عام 1937م، حيث اطلع عليه الشعب، وتبين له ما يخفيه وراءه من طعن في الشريعة الإسلامية، فقد نصّ هذا القانون في مادته الثانية عشر على ( أن الأولاد القاصرين يتبعون حالة والديهم إذا انفصل الزوجان عن طائفتهما، وإلا فيتبعون حالة والدهم إذا انفصل واحد منهم فقط، ويتبعون حالة الحي منهما إذا كان أحدهما ميتاً، أو يتبعون حالة من يكونون في عهدته، ويقوم تجاههم بالسلطة الأبوية عندما يكون الوالدان في حالة هجر أو طلاق ).

ويستنتج من هاتين المادتين: أن المسلم يمكنه أن يبدل دينه إلى دين آخر، ويكون لهذا التبديل أثر قانوني، حيث يسجل في السجل على دين أمه إذا كانت غير مسلمة ولو كان أبوه مسلماً وتوفي قبل أمه.

وهاتان الحالتان تخالفان النظام العام في البلاد الإسلامية، حيث لا تجوز ردة المسلم، ويتبع الولد دين أبيه المسلم مهما اختلف دين أمه، وكان أول من تصدى للرد على هذا النظام مؤسسة دار الأرقم، الذي كان الأستاذ السبسبي رئيساً لها في ذلك الحين، فوضع بالاتفاق مع إدارة الدار رداً علمياً على هذا القانون، كان له صداه الكبير لدى الدولة المنتدبة، وتنبه الشعب المسلم في كل من سورية ولبنان إلى خطر هذا النظام، مما حمل الدولة المنتدبة على إيقاف العمل بهذا القانون بالنسبة للمسلمين في عام 1938م، برقم (53)، وبقي سارياً بحق باقي الطوائف، وقد صاغ الرد القوي الأستاذ المرحوم السبسبي بأسلوبه الحقوقي المتين، مما جعله أقوى الردود على القانون المذكور.

وفي الحقيقة، لقد فقدت حلب – كما فقد العالم الإسلامي- بوفاة الأستاذ السبسبي حقوقياً قديراً، وعالماً نحريراً، وعالماً اجتماعياً كبيراً، وقد أحدثت وفاته فراغاً قلّ أن يوجد من يشغله، فرحمه الله رحمة واسعة، وعوض الأمة والبلاد عنه خير عوض، وفي ذمة الله والتاريخ تلك الروح الطيبة الطاهرة.

التجربة السياسية للأستاذ المحامي عبد القادر السبسبي:

شارك الأستاذ عبد القادر السبسبي في الحركة الوطنية أيام إبراهيم هنانو على الخصوص.

وعندما عاد الشيخ عبد الوهاب ألتونجي إلى حلب بعد أن أكمل دراسته في كلية الحقوق بدمشق، وكان عضواً في المجموعة الأولى أو النواة التي تشكلت في الجامعة السورية، فلم يتوان أو يتراخ في العمل والنشاط للدعوة الإسلامية ونشرها في ربوع حلب الشهباء، وسرعان ما قام بتأسيس دار الأرقم بالتعاون مع نخبة من الرجال الفضلاء المخلصين، وكان عبد القادر السبسبي من الرواد الأوائل الذين أسسوا دار الأرقم عام 1937م، فكانت الندوات العلمية تعقد في ذلك المنتدى، فيعج بالطلبة والمثقفين من كل صنف ولون، يستمعون إلى تلك المناظرات، وينهلون من الكتب التي ملأت خزائن المنتدى، وكم خرجت تلك الندوة من رجال أفذاذ كانوا قادة الفكر وقادة العلم في هذا البلد الأمين.      

وكان يعمل إلى جانبه ثلة من العلماء الأبرار: عمر بهاء الدين الأميري، وعبد الحميد الأصيل، ويوسف الصقال، وعبد الحميد ميري، وعبد الوهاب ألتونجي.. ومحمد فؤاد قسطلي، والشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وسامي الأصيل، وعادل كنعان وذلك في حلب عام 1937م.

ويتحدث المحامي محمد فؤاد قسطلي عن دور السبسبي في دار الأرقم، فيقول:

لقد صحبنا الأستاذ الراحل، تغمده الله برحمته، في رحلة طويلة في هذه الحياة، بدأت في عام 1936م، في دار الأرقم، وكان رئيسنا فيها وموجهنا، ولقد كانت هذه الدار في حينها، حصناً حصيناً صمد في مواجهة الاستعمار الأجنبي، ومخططات غزوه المادي والفكري، وحفظ للوطن العربي شبابه من الانحلال والفساد والضياع، والتأثر بسموم الاستعمار.

كما كانت هذه الدار درعاً متيناً ترتد عنه سهام الأجنبي الغاصب، وكان لها الأثر الكبير، في الجهاد الوطني آنذاك، توّجته في عام 1945م، حينما هبّت البلاد بأسرها، تطارد المحتل الغاصب، الذي حينما أخذ يلفظ أنفاسه الأخيرة في بلادنا، استشرى وأضاع صوابه في جبهة واحدة، قرعت الاستعمار، وصمدت أمام شراسة الأيام الأخيرة من حياته، وصانت الشعب وساعدته على تخطي تلك الأيام العصيبة، وقدمت المعونة المادية والمعنوية لشعبنا الذي صمد حتى النصر بعون الله، وخرج المستعمر من بلادنا مذموماً مدحوراً.

ويذكر عدنان سعد الدين رحمه الله في كتابه:

لم يكن العدد بادئ ذي بدء يزيد على الأربعين في دار الأرقم، غير أن هؤلاء المؤسسين والسابقين تمكنوا من جذب أعداد كبيرة إليهم من أبناء المدينة وشيوخها وطلابها، ومن أبناء ريف حلب بما أحدثوه من أنشطة، وبما طرحوه من برامج ومشروعات ولوائح وتحرك مبدع، ومن ذلك:

1-إنشاء مكتبة ثرية وعامرة بصنوف الكتب المتنوعة، شدت إليها المثقفين والطلاب والراغبين في المطالعة، فأقبلوا على دار الأرقم إقبالاً شديداً.

2-شكلوا فرقاً كشفية ورياضية، وافتتحوا لها أندية، جذبت الناشئة والجيل الصاعد من كل الفئات، وقد رعى هذا النشاط الأستاذ عبد الحميد الأصيل رحمه الله، الرجل الذي عرفه إخوانه بالخلق الرفيع، والصمت الطويل، والعمل المنتج الكثير، وقد استعان في تنفيذ هذا النشاط بإخوة مخلصين من أمثال الدكتور فوزي حمد وأخيه سامي الأصيل.

3-وضع برنامج ثقافي حافل يشمل الدروس والمحاضرات الأسبوعية والنشرات الثقافية والتوجيه الروحي والخلقي ( في المقر وفي المساجد) بالمناسبات التاريخية والوطنية، ودعوة كبار العلماء والمفكرين والأساتذة من داخل سورية وخارجها للمشاركة في التثقيف والتعليم والتوجيه والتوعية الإسلامية والوطنية، فكانت محصلة ذلك إقبالاً تجاوز كل التوقعات والطموحات، وارتفع عدد الملتحقين بدار الأرقم من العشرات إلى المئات ثم تجاوز الألوف ليزيد العدد على بضعة عشر ألف منتسب خلال ثلاث سنوات مرت على تأسيس دار الأرقم كما يشهد بذلك الدكتور فوزي حمد، رحمه الله تعالى وأثابه. وعندما هرب المسلمون من مجازر الشيوعية في يوغسلافيا ورومانيا وبلغاريا وألبانيا أحسن أبناء دار الأرقم استقبالهم، وأجملوا استضافتهم وإكرامهم، واستفادوا من خبراتهم في تدريب الفتيان والشباب على الفتوة والنظام.

4-أنشأت دار الأرقم مدارس مسائية للعمال الذين فاتهم قطار التعليم، ولم تمكنهم ظروفهم من الانتساب إلى المدارس النهارية، فالتحق لفيف كبير من مختلف الأعمار، فتحرروا من ربقة الأمية، وحملوا الشهادات الابتدائية والمتوسطة والثانوية، والتحق عدد منهم بالدراسات الجامعية، واستطاع بعضهم إكمال تحصيله العالي، وحمل شهادة الدكتوراه التي أهلتهم للعمل أساتذة في الجامعات العربية والسورية، فكانوا رديفاً للحركة الإسلامية وظهيراً قوياً في فترات لاحقة.

5-أسس الأرقميون شركات صناعية وتجارية شارك فيها أعداد كبيرة من المساهمين من أعضاء الجمعية، كان منهم شركات النسيج والبناء والعقارات وغيرها، فحققت نجاحاً كبيراً، ومن الجدير ذكره أن إدارة جمعية دار الأرقم أنشأت لجاناً غطت بها كل مناحي النشاط، ومنها اللجان التربوية والرياضية والطلابية والعمالية والمالية وغيرها، بموجب لوائح ونظم تضبط تحركها ، فكانت دار الأرقم سباقة للجمعيات الإسلامية الأخرى في المحافظات السورية بحكم سبقها  وقيامها بالأعمال الدعوية قبل غيرها.

6-وعندما اشتعلت الثورة العسكرية والشعبية ضد الإنجليز بقيادة رشيد عالي الكيلاني كانت دار الأرقم في حلب أول من استجاب للنداء لدعم المجاهدين في العراق، إذ شكلت مجموعة مقاتلة من شباب وطلاب جمعية دار الأرقم عام 1941م وبعثت بهم إلى العراق ليشاركوا أبناءه في مقاومة الإنجليز المستعمرين بقيادة الأخ الدكتور فوزي حمد، يعاونه الأخ سامي الأصيل، فاستقبلوا على أرض الرافدين استقبالاً لائقاً، وكان لحضورهم وهم في ريعان الشباب أثر كبير في معنويات المجاهدين العراقيين، كما أعجبوا  بانضباطهم وكفاءتهم، فمنحوا رئيسهم فوزي حمد رتبة عسكرية كبيرة، وصاروا ينادونه بالعقيد، لكن الثورة لم يحالفها التوفيق فاضطر أبناء الأرقم إلى العودة إلى حلب، وكان معهم أنصار الحاج أمين الحسيني فآووهم في حلب لأنهم كانوا مطلوبين من الإنجليز، ومن اللافت للنظر أن معظم قادة الأحزاب البعثية والناصرية واليسارية وأمثالهم التحقوا بدار الأرقم في بداية الأمر ثم شعروا بثقل الالتزامات الدينية والأدبية من أداء الطاعات واجتناب المحرمات، فانسحبت والتحقت بحركات سياسية أخرى.

وشارك الأستاذ عبد القادر السبسبي في حرب فلسطين عام 1948م تحت قيادة الدكتور مصطفى السباعي –رحمه الله - ..حيث تشكل جيش الإنقاذ في حي الميدان بدمشق.

وعندما اندمجت دار الأرقم مع أخواتها دار الأنصار في دير الزور، والرابطة الدينية في حمص، والإخوان المسلمون في حماة، والشبان المسلمون في دمشق والساحل، تعرّف (عبد القادر السبسبي) على دعوة الإخوان بعدما وصلت إلى سوريا على يد الدكتور مصطفى السباعي، وأما عن عمله في الدعوة بعد تأسيس الإخوان في سورية، فحدث، ولا حرج، ...فقد انخرط في أنشطة الجماعة، وتدرج  في العمل الحركي والتنظيمي، وقد انتخب رئيساً للمحكمة العليا لجماعة الإخوان المسلمين في سورية عام 1954م...

يقول الأستاذ زهير الشاويش: وكانت الدعوة في الشام إلى تشكيل كتائب للجهاد في سبيل الله في فلسطين قد انطلقت من حي الميدان، الشهير في دمشق وكان "لِشُعْبَته الدور الواضح والأثر الكبير في التهيئة والتدريب، والاجتماعات الضخمة التي أقيمت لنصرة فلسطين"، ومن ذلك أول اجتماع عام عقد في دار "المهاييني" وحضرة الشيخ محمد الأشمر، كما كان للأستاذ محمد خير الجلاد باع طويل، وهو الذي أعلن افتتاح باب التطوع للجهاد ما بين 1946، 1947 وكذلك الأستاذ عبد القادر السبسبي، وعمر الأميري في حلب، والشيخ نافع الشامي، في إدلب، والشاعر محمد المجذوب في اللاذقية.

وكانت له صلات قوية بعلماء عصره وقادة الفكر الإسلامي في الأمصار، حيث كانوا يؤمون داره، وينزلون في ضيافته، كأمثال أبي الأعلى المودودي من الباكستان، وأبي الحسن الندوي من الهند، والعالم محمد أبي زهرة من مصر، والدكتور مصطفى السباعي.

جمعية تعليم الأميين:

كما انصرف – رحمه الله – إلى تأسيس جمعية تعليم الأميين مع لفيف من إخوانه عملاً بقول الرسول – صلى الله عليه وسلم – خيركم من تعلم وعلم.

دراسة مشروع قانون الأحوال الشخصية:

وفي عام 1969م، قرر مجلس نقابة المحامين بحلب تأليف لجنة برئاسة السبسبي لدراسة مشروع قانون الأحوال الشخصية، وكانت تعقد أسبوعياً في منزله.

أعماله الاجتماعية:

أما صفته كعامل اجتماعي فذلك أمر مشهور، ومعروف عنه:

كان عضواً في لجنة الدفاع عن حقوق مياه قناة حلب.

وفي عام 1932م كان عضواً في مؤتمر الأوقاف العام الذي عقد في حلب أيام الفرنسيين للمحافظة على الأوقاف الإسلامية، وحينما ذهب الوفد السوري إلى فرنسا للمفاوضة لعقد معاهدة لإعطاء البلاد استقلالها، وعودة الوفد بعد ذلك، أصدر الفرنسيون قانون الطوائف ذي الرقم 60 (ل .ر )، وفي نصوص هذا القانون تجنّ على المسلمين، وخروج عن مبادئ الإسلام.

رسالته في الرد على قانون الطوائف:

وقد ألف المرحوم باعتباره رئيساً لدار الأرقم رسالة في الرد على قانون الطوائف، وأحدثت الرسالة هذه ضجة في جميع الأوساط الرسمية والشعبية، مما حمل الفرنسيين على إيقاف العمل بقانون الطوائف بالنسبة للمسلمين، وبقي معمولاً به بالنسبة لبقية الطوائف في البلاد.

مقالاته الكثيرة ورسائله المطبوعة:

لقد ألف الأستاذ المرحوم السبسبي ما يزيد على مئة مقالة في مختلف المواضيع الثقافية، منها ما كان موضوعه علمياً محضاً، ومنها ما كان رداً على بعض الآراء الفقهية الصادرة عن المراجع العلمية أو غيرها، وسنأتي على بعض ردوده في هذه المقالة بصورة مختصرة.

كان يطبع رسائله ومقالاته ويوزعها مجاناً، وله رسائل صغيرة مطبوعة في بعض المواضيع الإسلامية أو تفسير القرآن الكريم، وله تعليقات قيمة على كثير من القوانين الحديثة والآراء الحقوقية التي تصدر عن كبار فقهاء القانون وبيان النقض فيها وضرورة تعديلها.

اطلاعه على المذاهب الفقهية:

كان – رحمه الله – مطلعاً على أكثر المذاهب الإسلامية، ومقارناً بينها، فإذا رأى حكماً قانونياً لم يؤخذ من المذهب الحنفي، فإنه كان يرجعه إلى مصدره من المذاهب كالمالكي والشافعي والحنبلي، وغيرهم من أئمة المذاهب.

انطباق قانون التجارة السوري على المذهب المالكي:

وقد حقق – رحمه الله – في قانون التجارة السوري المستمد من القانون الفرنسي، فرأى أن أحكامه منطبقة في الأكثر على المذهب المالكي، ويعود السبب في ذلك إلى أن القانون المدني الفرنسي بما فيه قانون التجارة وضع في أيام حكم نابليون بونابرت في فرنسا، وقد استعان هذا الإمبراطور حينما أراد وضع هذا القانون ببعض العلماء المغاربة، وكان هؤلاء العلماء من أتباع المذهب المالكي، لذلك كان قانون التجارة الفرنسي مشابهاً في كثير من أحكامه للمذهب المالكي.

ومن  المؤسف أن نستورد قوانينا من المصادر الأجنبية، وننسبها إليهم، ونأنف أن نستمد تلك القوانين من الشريعة الإسلامية التي تعدّ بحق أكمل الشرائع العالمية في سائر عصور التاريخ.

حافظته القوية:

كان – رحمه الله – إلى جانب علمه ذا حافظة قوية، قلّ نظيره بين أقرانه في العصر الحاضر، فكان يحفظ سائر القوانين مادة مادة، ولا يحتاج إلى الرجوع إليها إلا في حالات نادرة.

وهنا يروي ألتونجي نادرتين عن قوة حافظته التي شهد له بها كبار العلماء والحقوقيين.

النادرة الأولى: كان الأستاذ العلامة مصطفى الزرقا، المعروف بعلمه واطلاعه على الأمور الشرعية والقانونية شريكاً للأستاذ السبسبي في المحاماة، ثم عين أستاذاً في كلية الحقوق في دمشق، ولم ينقطع عن تردده إليه واستشاراته في كثير من المسائل القانونية والشرعية، وحينما كنت شريكاً مع المرحوم في المحاماة حضر الأستاذ الزرقا إلى المكتب، ورغب من الأستاذ السبسبي أن يفتش له عن نص وارد في كتاب الفقه لابن عابدين، باعتبار أن أوقات الأستاذ الزرقا لا تساعده على التفتيش عن هذا النص، فما كان من الأستاذ السبسبي إلا أن قال له فوراً، وبدون مراجعة: إن هذا النص موجود في شرح المادة -129 – من مجلة الأحكام العدلية لسليم باز، وطلب المرحوم من كاتبه حينئذ أن يحضر له الشرح المذكور، وفتح على المادة الآنفة الذكر، فرأى الأستاذ الزرقا من قوة حافظة الأستاذ السبسبي، خاصة وأن مثل هذا النص قد لا يمر على المحامي أكثر من مرة واحدة في حياته، ومع ذلك فقد تذكر مكان وجوده بهذه السرعة.

النادرة الثانية: وقد جرت في محكمة البداية الناظرة في القضايا التجارية، حيث أصدرت المحكمة حكماً في إحدى القضايا، وأرادت الاستناد إلى المادة التي تعتبر مستند هذا الحكم، وبحث رئيس المحكمة وأعضاؤها في قانون التجارة للوقوف على رقم المادة المطلوبة فلم يجدوه، وأعادوا النظر في القانون مراراً فلم يعثروا على رقم تلك المادة، فما كان من رئيس المحكمة إلا أن قال لآذنه: ناد لنا الأستاذ السبسبي، وحينما حضر الأستاذ ، سأله الرئيس عن رقم المادة المطلوبة، فأجابه على الفور بالرقم المطلوب، وفتش رئيس المحكمة عن تلك المادة فرآها صحيحة، وهي المادة المطلوبة، فقال رئيس المحكمة لأعضائه : إن الأستاذ السبسبي هو بحق قاموس الحقوق.

وهناك حوادث كثيرة تدل على قوة حافظته يضيق المقام عن ذكرها.

ردوده العلمية:

لقد كان للمرحوم جولات علمية رد فيها على عدد من علماء القانون أو المواضيع العلمية التي صدرت من مختلف الهيئات والأشخاص ذوي الصفة العلمية، وكان ينشر ردوده في مجلة القانون التي تصدرها وزارة العدل السورية أحياناً، أو في مجلة حضارة الإسلام التي تصدر في دمشق، فقد رد على بعض آراء المرحوم الأستاذ عبد الرزاق السنهوري، ورد عدد من المستشرقين والمستشرقات، وكان يرى أن معظم المستشرقين رغم غزارة علمهم واطلاعهم على تاريخ الحضارة الإسلامية، فإنهم كانوا يدسون في مؤلفاتهم كثيراً من السموم التي ينفثونها في كتبهم، فيتأثر بها من لم يطلع على التاريخ الإسلامي ويعتقدها حقائق مسلماً بها، فكان فريق من هؤلاء المطلعين على آراء المستشرقين يحملون أفكاراً خاطئة عن الحضارة الإسلامية والتشريع الإسلامي، رغم أنهم مسلمون، لذلك كان يتصدى للرد على أولئك المستشرقين.

ملاحظاته على الموسوعة الفقهية:

أصدرت الموسوعة الفقهية – التي كانت تصدر في الكويت – موضوعين في جزئين، هما: الأشربة والأطعمة، وقد درسهما الأستاذ المرحوم دراسة فقهية واسعة، ودون بعض الملاحظات على ما جاء في محتواهما ، وربما كانت ملاحظاته أقوى الملاحظات التي واجهت هذين الموضوعين، ومهما ثار من جدل ورد بين الأستاذ السبسبي وهيئة الموسوعة، إلا أن الرد الذي أصدره الأستاذ السبسبي كان رداً ينمّ عن اطلاع واسع في العلوم الفقهية، وتحقيق كبير في مختلف المذاهب الإسلامية، وبعد أن نشر الملاحظات الأولى عن موضوع الأشربة، عاد ونشر ملاحظات ثانية عن نفس الموضوع.

أما عن موضوع الأطعمة، فقد نشر ملاحظاته عليه مرة واحدة، لأنه يرى – رحمه الله – أن موضوع الأطعمة كان أكثر تدقيقاً وتحقيقاً من موضوع الأشربة.

ولقد نشرت هذه الردود في مجلة حضارة الإسلام في حينها.

ملاحظاته على تفسير العلامة جمال الدين القاسمي:

كان المرحوم العلامة جمال الدين القاسمي قد ألّف كتابه الكبير ( محاسن التأويل) في تفسير القرآن العظيم، وكان للأستاذ القاسمي رأي غير مستند إلى نقل شرعي، وفيه تأويل لا ينسجم مع صراحة القرآن، لذلك كتب مقالة أبدى فيها ملاحظاته على ذلك التأويل الغريب.

ملاحظاته على كتاب ( شمس العرب تسطع على الغرب):

سبق أن قلنا: إن المستشرقين الذين يكتبون عن الحضارة الإسلامية يوردون كثيراً من الحقائق الصحيحة، ولكنهم يوردون في خلال مؤلفاتهم بعض الشبهات التي قد تبدو لمن يجهل التاريخ الإسلامي صحيحة، ويطعنون بذلك في صميم الشرع الإسلامي، ومن ذلك ما ورد في كتاب ( شمس العرب تسطع على الغرب) للمستشرقة زيغريد هونكه حيث قارنت مؤلفته بين بلاغة اللغة العربية في الجاهلية، وبلاغتها في الإسلام، وأن اللغة اكتسبت بلاغة بعد مجيء محمد صلى الله عليه وسلم، وقالت في كتابها: ( انظر كيف استطاع نثر محمد الذي أتى مبشراً، فسيطر على ذاك الإنسان الشاعر، وتقصد به الشاعر الشنفرى الجاهلي – ودخل إلى أعماقه، واستشهدت على ذلك بسورة التكوير، معبرة بذلك أن القرآن كان من نثر محمد -عليه الصلاة والسلام-، وقارنته مع ذلك الشاعر الجاهلي.

ولقد عقب المرحوم في ملاحظاته على معربي الكتاب السيدين فاروق بيضون، وكمال دسوقي اللذين لم يبديا أية ملاحظة على هذه الجملة، لذلك كتب رحمه الله مقالاً جليلاً رداً على هذه العبارة، وبين فيه أن القرآن العظيم هو من كلام الله تعالى، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن من يزعم بأن القرآن من نثر محمد عليه السلام إما أن يكون جاهلاً أو حاقداً أو عدواً للإسلام، وقد نشرت هذه المقالة في مجلة حضارة الإسلام في حينها.

مشاركته في خدمة المجتمع وأعماله الدعوية:

لقد شارك المرحوم عبد القادر السبسبي في سائر الحوادث الاجتماعية التي جرت في البلاد أيام الاحتلال الفرنسي وبعده، فلقد كان منذ نشأته عضواً في الكتلة الوطنية التي قاومت الاستعمار، وكان عضواً في لجنة الدفاع عن حقوق مياه حلب، وكان عضواً في مؤتمر الأوقاف العام الذي عقد في حلب عام 1932م، للمحافظة على الأوقاف الإسلامية، وكان أبرز أعماله عضويته في نادي دار الأرقم الذي أسس في حلب عام 1937م، ثم أصبح رئيساً له، وكان للنادي أعمال بارزة يعرفها كل من اطلع على سير أعمال النادي في جميع مراحله.

كان – رحمه الله – يشارك في كل اجتماعي، سواء كان خيرياً أو اجتماعياً عاماً، وكان يؤخذ برأيه في أكثر الأمور الطارئة نظراً لسعة مداركه، ورجاحة عقله، واتزانه في جميع أعماله.

أخلاقه العالية:

وكان لا يجيب على سؤال إلا إذا تحقق من الجواب الصحيح، ويحيط به من جميع جوانبه.

وكان – رحمه الله – ذا أخلاق عالية، وتدين شديد، وكان متواضعاً إلى آخر حدود التواضع.

وكان فكهاً يملأ المجالس فكاهة وظرفاً، ويحفظ من الشواهد ما لا يحفظه أحد مثله، وكلما كان مجتمعاً مع جماعة يتداولون الحديث بوقف الحديث فجأة، ويقول لهم: لقد تذكرت نكتة تناسب الموضوع، ثم يروي لهم النكتة، وقد تتعدد النكات التي تناسب موضوع الحديث.

الأستاذ عبد القادر السبسي رحمه الله:

وكتب الأستاذ محمد فؤاد قسطلي بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة السبسبي:

قال تعالى: ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً، والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً، والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً، إنها ساءت مستقراً ومقاماً، إلى قوله: ( أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، ويلقون فيها تحية وسلاماً، خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً )، الفرقان : 63- 76 .

نحن اليوم في ذكرى الأربعين على وفاة عبد من عباد الرحمن، جدير بنوال شرف هذه العبودية، التي تتطاول لها الأعناق، وتهفو إليها النفوس، ويبذل في سبيلها كل غال ونفيس.

من بقايا السلف الصالح:

وسأرسم لكم صورة صادقة للأستاذ الراحل مأخوذة من أقواله وأفعاله: فلقد كان الأستاذ عبد القادر السبسبي، طيب الله ثراه، من بقايا السلف الصالح، قولاً وعملاً، وكان شديد الخشية من الله تعالى، وإنما يخشى الله من عباده العلماء، كما كان شديد الحياء من الله تعالى ومن الناس، والحياء شعبة من الإيمان.

وكان حسن التوكل على الله، وقوي اليقين بالله حتى أنه كان يردد دائماً قول الشاعر:

وإذا العناية لاحظتك عيونها       نم فالمخاطر كلهنّ أمانُ

دائماً قول الشاعر:

وإذا العناية لاحظتك عيونها      نم فالمخاطر كلهنّ أمانُ

وكان هيناً ليناً يألف، ويؤلف دمث الأخلاق، حاضر البديهة والنكتة الأدبية.

وكان يجتهد دائماً في تطبيق أحكام الشرع الحنيف في مجالات حياته، تطبيق موقن، مطمئن النفس والضمير إلى أنها هي السبيل الأول لنجاة هذه الأمة أفراداً ومجموعات في الحياتين، وعارف أن لا إصلاح ولا نهوض للمسلمين إلا باتباع أحكام دينهم.

العمل الجادّ الحثيث في الدعوة إلى الله:

وامتدت رحلتنا معه – رحمه الله – بعد ذلك إلى آفاق واسعة رحبة من العمل الجاد الحثيث، في سبيل نشر كلمة الله وإعلانها في الأرض، وفي سبيل النهوض بهذه الأمة الصابرة من الوهدة المخيفة التي هوت فيها، وفي سبيل الأخذ بيدها والنهوض بها ثانية نحو المنبع النير العذب، الذي ارتوى منه قادة الإسلام ومجاهدوه، منذ أن بزغ نوره، بظهور الدعوة المحمدية، فعمّ الأكوان، وشمل البرايا، وأخرج للبشرية خير أمة أخرجت للناس تقودها في مراقي العز، ومعارج الفلاح، في نطاق الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الذي جلا غياهب الفسوق والعصيان، ونقى قلوب البشر وغسلها برحيق الدعوة المحمدية، فإذا الدنيا إسلام، وإذا الدنيا سلام، وإذا البشر يرتفعون بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم، إلى ذرى عالية من الرقي والعلاء.

من أساطين القانون والشريعة:

ولقد كان – متعه الله بالنعيم – من أساطين القانون والشريعة، فهو حجة في الأحكام الشرعية، كما هو في الأحكام القانونية وتخريجاتها، وكانت آراؤه واجتهاداته، مناراً يهتدي به، كما كان رجال القضاء، يجدون في علمه وفضله، وسعة اطلاعه وصدقه في مرافعاته ودفوعه، خير ضمان يطمئنهم ويساعدهم على إحقاق الحق وإقامة العدل.

في ميادين الدفاع عن الشريعة:

ولما رأى الراحل، أنزل الله على جدثه شآبيب رحمته، أن العمر قد تطاول به، وأنه آن أن يخلد إلى الراحة من وعثاء العمل، الذي قضى فيه معظم أيام حياته، تقاعد عنه، ولكنه لم يخلد إلى الراحة والكسل كما يفعل أكثر المتقاعدين، وإنما جند نفسه في ميادين الدفاع عن الشريعة الإسلامية الغراء، وحمل راية الجهاد ضد كل من تسول له نفسه أن ينال من الشريعة المطهرة أي منال، فلم يدع مستشرقاً ماكراً يكيد للإسلام، إلا وانتصب للرد عليه، ولم يترك مبتدعاً أو متفيهقاً خبيثاً، يريد أن يدس السم في الدسم، إلا وسفه رأيه، وأظهر خبث نواياه.

كما أنه لم يأل جهداً في شرح وتفسير كثير من الأفكار والأحكام الإسلامية، خدمة للدين، وقياماً بواجب الدعوة إلى الله، اختاره الله إلى جواره، فلبى مولاه راضياً مرضياً.

فسلام عليه في المجاهدين الصابرين، في زمان شغل فيه الناس، بالمال واللذة والمتاع، عن كل ما عداه، وتخلوا عن الآخرة، وتفرغوا للدنيا .

رحم الله تعالى فقيدنا الغالي الأستاذ عبد القادر السبسبي، وأجزل مثوبته. وحشرنا وإياه مع النبيين والصديقين، والشهداء والمجاهدين والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، ونختم بالدعاء له ضارعين لله تعالى:

يا من وسعت العالمين رحمة       وشملتهم بالجود والإحسان

اغفر لعبدك يارحيم ذنوبه         وأنله من كرم فسيح جنان ِ

المحامون الذين تمرنوا عنده:

تمرن عنده عدد من المحامين، طيلة عمله في المحاماة،  كثير من القضاة والمحامين، وقد كانوا من خيار الناس، وأطهرهم ضميراً  ووجداناً ؛ لأنهم لا يكتسبون لديه العلم والمعرفة فقط، بل كان يفيض عليهم من تقاه، وصلاحه وورعه، ما يجعلهم باتباعهم نهجه، من الرعيل الأول الذي يمكن أن يوجه هذه الأمة نحو المجد والسؤدد.. وكان أولهم: الأستاذ شوقي الزيات، وآخرهم الأستاذ عبد العزيز الشماع، ومنهم الدكتور معروف الدواليبي، والأستاذ مصطفى الزرقا، وقاضي الشرع الأول الأستاذ عبد الوهاب التونجي، والأستاذ المحامي سليم عقيل، والأستاذ فؤاد قسطلي، والأستاذ محمد سيرجيه، وغيرهم كثير.

الداعية المصلح:

وحسبي أن أقول لكم: إذا ما ذكرتم عبد القادر السبسبي، فاذكروا الداعية المصلح الذي قضى نحبه في طلب العلم، ومن أجل العلم، وقد سئل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : أي جلسائنا خير يا رسول الله ؟ فقال: من ذكركم بالله رؤيته وزاد في علمكم منطقه، وذكركم بالآخرة عمله.

رده على المستشرقين والحاقدين:

وقد كتب في موضوعات شتى، وأولى عناية خاصة الموضوعات التي فيها ردّ على الشكوك والتهم التي يثيرها المستشرقون والمستغربون والحاقدون على الإسلام، ومنها مقالة: ( الدر المكنون رداً على قالة الملعون) وتفنيد لأباطيل المغرضين الذين تناولوا بعض العلماء الأعلام، كالإمام البخاري رضي الله عنه، بالنقد والغمز والتجريح، رداً على مقال نشرته مجلة العربي عدد (70): لا تفتروا على الإمام البخاري، كل ما في صحيح البخاري صحيح، ومن إنتاجه العلمي: الرد العلمي الصريح على الموسوعة الفقهية، وكثير من المقالات نشرت في مجلة حضارة الإسلام، نشراً للثقافة وتعميماً للفائدة.

وقد ألف عدة كتب، منها كتابه عن الأحوال الشخصية وكتابه عن الزواج والرق في الإسلام وفقه الإسلام .

كان الجهاد بالقلم واللسان في سبيل إعلاء كلمة الله ديدنه، إنه لم يترك راية الجهاد إلا ليد الموت التي لا تقهر.

كان يحمل راية الإسلام والوطنية والكرامة بقلبه لا بيده، بروحه لا بأنامله.

مؤلفاته:

وله كتب كثيرة، منها:

1-            شرح قانون الأحوال الشخصية.

2-            الزواج والرق في الإسلام. 

3-فقه الإسلام.

4-في ظلال سورة البروج.

5- الأوقاف الإسلامية.

6-المرأة الصالحة رابطة المجتمع - مجلة حضارة الإسلام: ع 4، س 3 ص 42- 48.

ونشر رسائل صغيرة في بعض الموضوعات الإسلامية كان يوزعها بنفسه مجاناً.

وصيته لأبنائه:

وقد كانت وصيته لأولاده متمثلة بقول الشاعر:

يناشدنا بالله ألا تفرقوا              وكونوا رجالاً لا تسروا الأعاديا

فروحي من هذا المقام مطلة           تشارفكم عني وإن كنت باليا

فلا تحزنوها بالخلاف فإنني       أخاف عليكم في الخلاف الدواهيا

أجل أيها الداعي إلى الخير إننا  على العهد ما دمنا فنم وأنت هانيا

بقاؤك محفوظ وطيفك ماثل       وصوتك مسموع وإن كنت نائيا

أصداء الرحيل:

أقامت نقابة المحامين بحلب حفلاً تأبينياً مساء الأربعاء الموافق 29 / 8 / 1973م، بمناسبة ذكرى مرور أربعين يوماً على وفاة الفقيد الغالي العالم العامل، والمحامي الفاضل الشيخ عبد القادر السبسبي رحمه الله .

اجتمع شمل المدعوين في باحة النادي التي تظلها الأشجار السامقة، وتحتل طرفها بركة واسعة، وتشرف عليها عمارات أهل الحي (السبيل) من نواحيها، وتتلألأ المصابيح الكهربائية في أركانها جميعاً، وفي تمام الساعة السادسة افتتح عريف الحفل الأستاذ عبد القادر الحيدري، افتتح الكلام بالاستماع إلى آي من الذكر الحكيم.

كلمة المحامي طريف كيالي رئيس نادي المحامين:

وبعد الإنصات بخشوع إلى تلاوة ما تيسر من كتاب الله عز وجل، تقدم إلى الكلام المحامي الأستاذ طريف كيالي رئيس نادي نقابة المحامين، فرحب بالمدعوين – وكانوا حشداً ضخماً – ثم انتقل إلى الكلام على مزايا المرحوم السبسبي الكثيرة، ووقف عند مزية هامة، ألا وهي: توفيقه البارع بين الدين والعلم، أي: الاستنباط من دين الإسلام العظيم، وبعث الثقة في النفوس، وأثبت بالقول وبالفعل أن الإسلام دين الحق، وما سواه باطل.

كلمة الأستاذ إحسان كيالي: رئيس فرع نقابة المحامين بحلب:

ولما فرغ رئيس النادي من ثنائه، انتدب إلى الكلام الأستاذ إحسان كيالي رئيس فرع نقابة المحامين بحلب، فأعلن أسفه على خروج جنازة المرحوم في غيبتهم لما كانوا في مؤتمر حقوقي خارج المحافظة، ثم تناول بالإشارة والإكبار دور الفقيد السبسبي في بناء صرح نقابة المحامين، علماً ومسلكاً، مما جعلها مفخرة بين أمثالها في المحافظات والبلاد الأخرى، كما أفاض في الحديث عن تبحر المرحوم في المسائل القانونية، وعن حفظه لمجلة الأحكام العدلية كلها عن ظهر قلب، وعن موقفه الشجاع لما كان وكيلاً لحقوق الأوقاف الإسلامية برغم قلة راتبها، ولم ينس أن يكبر فيه تواضعه الجم وروحه المرحة، على أن أهم شيء فيه ( نضاله العلمي الإسلامي ): مطالعة وكتابة واستمراراً عليه قبل التقاعد وبعده، لا سيما رده المشهور على عبد الرزاق السنهوري: حول النهضة العلمية في ضوء القانون الغربي – في مجلة القانون – معتبراً الفقه الإسلامي كنز الشريعة الغراء.

ثم أخذ بتعداد مؤلفاته الكثيرة، ونوه بشكل خاص بمؤلفه الضخم ( شرح قانون الأحوال الشخصية)، وأعلن عن نية النقابة على طبعه ونشره على نفقة النقابة الخاصة تقديراً لجهوده الواسعة، ومن أهم جهوده العلمية: تخريج جيل عريض من القضاة  والمحامين في مكتبه، فقد عمل منذ 1919م محامياً، وأصبح 1925م أستاذاً، وفي 3/1 / 1959م أحال نفسه على التقاعد حيث لم ينقطع فضله المدرار.

كلمة القاضي فؤاد القسطلي:

ثم أعطي الكلام للقاضي فؤاد القسطلي، الذي ألقى كلمة ( القضاء) فافتتح كلمته بقوله تعالى: ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً ..ومقاماً)، واعتبر المرحوم السبسبي من بقية السلف الصالح القلة في هذا الزمن الذي فسد أهلوه، وأفاض في كلمته عن دور المرحوم في جمعية (دار الأرقم) التي أسهم في تأسيسها 1936م، وقاد جهادها الوطني في العهد الفرنسي البائد حتى 1945م، يوحد الصفوف، ويربي الناشئة، ويقارع الاستعمار، ويدعو إلى الله سراً وعلانية باللسان وبالبنان، حتى أصبح من أعلام هذه الأمة يشار إليه، ويؤخذ رأيه في عرينه، ويضرب بسيفه.

كلمة المحامي أسامة الصابوني:

وكانت الكلمة التالية للمحامين، وقد ألقاها المحامي الأستاذ أسامة الصابوني، امتازت كلمته بالبلاغة الساحرة وبالتأثر الواضح، لا سيما حديثه عن غرور الجيل الجديد الذي كان يستهين بالجيل القديم وبرجاله، فإذا بالسبسبي العبقري يدهش الجيل الجديد بعلمه وكرمه وشجاعته وتواضعه وذكائه، ويجعل أقصى مطامح الجيل الجديد أن ينظر فقط إلى بعض منزلة الجيل القديم. فمثلاً استطاع السبسبي هذا الرجل الضيئل الحجم في الجسد أن يؤسس جمعية دار الأرقم في حلب مقابل النادي الكاثوليكي، ليقود الأجيال الجديدة في معركة الانتقال من عصور الانحطاط إلى العصر الحديث، فيجنبهم الانبهار والضياع، ويعزز فيهم الثقة بأنفسهم وبأمتهم وبشريعتهم الغراء، ويتخذهم أبناءه؛ لأنه رزق الأولاد على كبر، فنهاره يقضيه في تربية شباب دار الأرقم وليله في المطالعة والكتابة.

ويروي أسامة الصابوني حادثة له مع المرحوم السبسبي حين استشاره بمسألة عن الحقوق الذرية فقال له: إنها قضية شائكة، دعنا ندرسها في جلسة مطولة في متنزه، ولما اجتمع  شملهما ثانية، أخذ السبسبي يعطي، ويعطي من علمه ونفسه ما أذهل المحامي الصابوني، وأدهشه علماً وفهماً.

وفي الختام أحب المحامي الصابوني أن يرد الجميل بما يشبه الأجر، فإذا بالسبسبي يرفض بكل إباء وكرم، لأن عطاءه أسمى من أن يقدر بشكر أو أجر، فأين نحن ؟ وأين جيلنا؟ وأين واقعنا الأسود المتكالب على اللهو والغش والخيانة من ذلك الرجل العظيم ؟

رحمك الله يا أبا أنس رحمة واسعة، وألهمنا عنك الصبر والسلوان وعلمنا كما علمك العطاء ولذة العطاء، من النفس قبل الطمع بما في أيدي الناس.

فنسأل الذي فجعنا بموتك، وابتلانا بفقدك، أن يجعل سبيل الخير سبيلك، ودليل الرشد دليلك، وأن يوسع لك في قبرك، ويغفر لك يوم حشرك، وأنت أهل لحسن الثناء وطيب البقاء.

لقد عشت حميداً مودوداً، ومتّ سعيداً مفقوداً، رحمة الله عليك، وتحية لك من قلوب مفجوعة لذهابك، ومسح الله على قلوبنا بالصبر الجميل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وفاته:

وكان طبيعياً لجسد يسرف في إحراق وقوده أن ينطفئ أخيراً، وهكذا وقع القدر، ونزل به الداء العضال، فالانطفاء، وحسبنا قول الشاعر:

بكى عليك الحسام والقلم     وانفجع العلم فيك والعلَمُ

مضى الذي كان للأنام أباً     فاليوم كل الأنام قد يتموا

لقد توفي الأستاذ عبد القادر السبسبي بعد رحلة طويلة من الجهاد والدفاع عن دينه، حيث انتقل إلى جوار الله في 1393هـ/ الموافق 1973م.

رحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

مصادر البحث:

1–حضارة الإسلام: ع 8 ,9، س 14 ( تشرين الثاني، كانون الأول 1973م) ص 13 , 31 .       

2- معجم المؤلفين السوريين: 241.

3-عبد القادر السبسبي ..نضال رغم المحن – موقع إخوان ويكي.

4-الإخوان المسلمون في سورية ذكريات لا مذكرات – عدنان سعد الدين -ج 1.

5- الأستاذ المحامي عبد القادر السبسبي ودوره في تأسيس الحركة الإسلامية – بقلم عمر محمد العبسو – رابطة أدباء الشام.

6-الأستاذ المحامي عبد القادر السبسبي: رابطة العلماء السوريين.

7-رجال فقدناهم: تحقيق الشيخ مجد مكي: 2/ ص 34 ، وما بعدها.

وسوم: العدد 855