الطاقة .. والمبدعين ح2

1)      الابداع: 

يختلف منظور الابداع من مفكر الى اخر , كلا حسب رؤيته الخاصة له , فكان من الطبيعي ان تختلف تعاريفه , فنختار من تلك التعاريف : 

‌أ)     الإبداع لغة مشتق من الفعل أبدع الشيء أي اخترعه , أبدعت الشيء وأبدعته أي استخرجته واستحدثته . ونقول فلان بدع في هذا الأمر, أي كان أو من فعله , و الإبداع يعني الإيجاد أو الخلق أو التكوين أو الابتكار."1"

‌ب)     إذا كان الذكاء هو البحث عن حل صحيح واحد لمشكلة ما , فأن الابداع يتضمن السير في عدة اتجاهات في محاور لا يكتفى فيها بحل صحيح واحد , بل قد يتطلب الامر الى عدة حلول صحيحة , كما هو الحال في التجارب العلمية وكتابة القصة وما شابه. 

‌ج)     عمل ذهني يقوم به الفرد باستخدام قدراته للوصول إلى أفكار جديدة أو استعمالات غير مألوفة أو تفصيل خبرات محدودة إلى ملامح مفصلة . "2" 

‌د)     الإبداع: هو الوحدة المتكاملة لمجموعة من العوامل الذاتية الموضوعية التي تقود إلى تحقيق إنتاج أصيل جديد ذي قيمة من قبل الفرد و الجماعة ."3"  

‌ه)     الإبداع: هو عملية عقلية يستطيع الفرد من خلالها الوصول إلى أفكار أو نتاجات جديدة أو إعادة ربط أفكار و نتاجات موجودة بطريقة جديدة مبتكرة ."4"

‌و)     الإبداع: هو القدرة على التعامل بطريقة مريحة مع المواقف الغامضة أو غير المحددة و إيجاد مداخل جديدة و تجريب أساليب و تطبيقات جديدة تماما ً ."5"

‌ز)     الإبداع: هو طريقة جديدة في حل مشكلة ما بطريقة منطقية . "6"

‌ح)     نشاط إنساني ذهني راق و متميز ناتج عن تفاعل عوامل عقلية و شخصية و اجتماعية لدى الفرد بحيث يؤدي هذا التفاعل إلى نتاجات أو حلول جديدة مبتكرة للمواقف النظرية أو التطبيقية في مجال من المجالات العلمية أو الحياتية و تتصف هذه المجالات بالحداثة و الأصالة والمرونة والقيمة الاجتماعية ."7" 

‌ط)     هو مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكــرة صــغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله. "8"

الى غير ذلك من الكثير من التعاريف للإبداع , في هذا المقدار الكفاية , يستنتج من كل ذلك بأن الابداع هو الاتيان بأفكار جديدة  شريطة عدة امور:

اولاً: ان تكون هذه الافكار ذات فائدة .

ثانياً:  ان تحظى هذه الافكار بالقبول. 

ثالثا: ان تكون هذه الافكار فعالة ويمكن تنفيذها.

العملية الابداعية: 

هي عملية ذهنية معرفية خالصة , ينشط فيها الفرد وينظم خبراته لمواجهة الموقف الجديد الذي يواجهه .

الابداع والخيال:   

يرتبطان إرتباطاً وثيقاً , يعملان معاً بشكل منسق أحياناً , و ممنهجاً في أحيان أخرى , وفي كل المجالات , فينتج من تلاحمهما التأثيرات السحرية.   

الخيال هو الدافع او هو سر الإبداع , فلا معزل للإبداع عن الخيال , ولا يمكن للمبدع ان يبدع دون خيال خصب , بل يعتمد ابداعه على آفاق خياله وسعته , فابتداع الوسائل التكنلوجية والاعمال الادبية والفنية وغيرها ناتجة عن مخيلة إبداعية .

معاني الخيال:  

معاني ومفاهيم الخيال مختلفة , وفقاً للرؤية والمنهج , لذا نختار منها على سبيل الايجاز : 

1-      لغةً : الخيال هو الظن والوهم وما تشبه لك في اليقظة والحلم من صورة , يذكر ويؤنث. "9"

2-      علم النفس: عمليتين مميزتين الأولى استرجاع الصور الحسية في الذهن ويطلق عليها التخيل الاستحضار أو التصور, والثانية ربط هذه الصور بعضها ببعض بحيث تستحدث مركبات ذهنية جديدة ويطلق عليها التمثيل الإنشائي. "10" 

3-      المفهوم الإجرائي للخيال: هو عبارة عن تنظيم لأفكار مختزنه في الذاكرة من أجل صياغتها في صورة جديدة لأجل غاية محدده.

4-      التشبيه وما يرى كالظل لشيء وما يراه النائم من صور وفي الشعر العربي القديم تشير عادة الخيال إلى معنى الخيلاء والصورة المتخيلة , والصورة المنامية والشبح والظل. كما تشير إلى اقترانه بالطيف والتذكر. "11"

2)      الموهبة : 

للموهبة تعاريف كثيرة , تعتمد على وجهات النظر , الا انها جميعا تتفق على ان الموهبة هي استعداد فطري لدى الفرد , هذا الاستعداد الفطري يصب في مجريين هما:

أ‌)     فطري قبل التعلم : حيث يكون الفرد موهوبا فطريا في مجال ما كالغناء , الموسيقى , الحساب , الشعر او أي فنا من الفنون الاخرى بدون سابق تعلم , فكثيرا ما تقابل اناسا يملكون شيئا من الموهبة في الحياة اليومية لم يسبق لهم ان دخلوا المدرسة او لم يكتسبوا موهبتهم عن طريق التعلم .    

ب‌)     فطري بعد التعلم : في احايين كثيرة يكتشف الفرد انه موهوبا في مجال ما بعد التعلم , فبعد دخول المدرسة قد يكتشف انه موهوبا بشكل مميز في مادة ما كالحساب او الرسم او الموسيقى او أي شيء اخر , ما يضفي عليه سمة التفرد.     

مهما كان نوع الموهبة وتعريفاتها تبقى هي الوازع الخفي للأبداع , والهاجس المحفز الذي يقف وراء كل عملية ابداعية أياً كان نوعها .  

سر الطاقة : 

ينبغي معرفة ثلاثة امور ضرورية عن الطاقة لشدة ارتباطها بأي عمل إبداعي مهما كان نوعه , وهي كما يلي :  

1-      التسخين او الحرارة : حيثما وجدت الحرارة وجدت الطاقة , فلا طاقة بدون حرارة , ارتباط الطاقة بالحرارة ارتباط طردي , فكلما زادت هذه زادت تلك .

2-      الايجابية والسلبية : للطاقة قطبين ( موجب وسالب) , لابد ان يتوازنا في الفرد السوي , وإن طغى احدهما على الاخر ظهرت علامات التفرد والتميز .. والابداع , فإن طغت الطاقة الايجابية على الطاقة السلبية ظهرت على الفرد علامات مميزه له لا يمكن ان تكون في غيره , كالاستيعاب والفهم , وقوة الحافظة , وسرعة البديهة , والاهم الثقة بالنفس , فيبرع في مجال ما بطريقة ملفتة للنظر , براعته تعتمد على مقدار زيادة طاقته الايجابية , وتعتمد ايضاً على مقدار انخفاض الطاقة السلبية في نفس الوقت. 

اما ان طغت الطاقة السلبية على الطاقة الايجابية ايضاً سوف تظهر علامات التميز على الفرد , لكن بصورة سلبية وغير محبذة , فقد تظهر علامات نفسية , شرود ذهني , النسيان , عدم القدرة على استرجاع المعلومات , وايضاً تظهر علامات كالغضب والحزن , تعتمد على مقدار زيادة الطاقة السلبية وعلى مدة انخفاض الطاقة الايجابية .  

هذا لا يعني ان ارتفاع الطاقة السلبية خالٍ من الابداع , كلا .. بل هناك ابداعات مصدرها الطاقة السلبية المقننة نفسها , وبدونها لا يمكن ان يكتب لها ان تكون , فمثلا , الاشعار والغناء والموسيقى الحزينة , تكون احيانا غاية في الدقة وملفتة للنظر وجاذبة للمهتمين , فتنال الاعجاب ويكتب لها النجاح , شريطة ان تكون هذه الطاقة السلبية مقننة , أي تحت تحكم الفرد ولا تخرج عن إرادته وطواعيته .  

3-      الذبذبة : حرارة , طاقة , إذاً لابد من ذبذبة , هنا يأتي دور الاثير في نقل الذبذبات , للطاقة ذبذبة او تردد معين , تنتقل (الذبذبات) عبر الاثير , بذا تخرج الطاقة على شكل ذبذبات من الجسد لتسبح في الفضاء , الافكار , الانفعالات النفسية , الاحاسيس , المشاعر , الحزن , السعادة كل ذلك ينبعث على شكل ذبذبات .

السعادة , الانشراح , الخير , ذبذبات الطاقة الايجابية. 

الحزن , الاكتئاب , الشر , ذبذبات الطاقة السلبية . 

********** يتبع 

حيدر الحدراوي

الهامش: 

1.      المعجم الوسيط.

2.      فاخر عاقل (1975).  

3.      الابداع من الفكر الى الممارسة , ديب أبو لطيف.

4.      حسين عبدالحفيظ الكيلاني , الموهبة والتفكير الإبداعي في التعليم. 

5.      نفس المصدر.

6.      نفس المصدر. 

7.      نفس المصدر. 

8.      د. علي الحمادي. 

9.      بطرس البستاني, 1987م.

10.     محمد علي الكامل , 1996م. 

11.     إبراهيم عبد الرحمن الغنيم, 2000م.

وسوم: العدد 809