كما تَدين تدان.. !!

عبد الله لالي

مسرحيّة تربويّة من ستة مشاهد.

clip_image001_fbbf1.jpg

أبطال المسرحيّة:

( رامبو ) وهو تلميذ مشاغب في المدرسة ( متوسّطة )

( رويبح ) و( حجّي ) صديقاه مشاغبان مثله.

المدير والمراقب العام و( رؤى ) و( سَعيد ) و( مَلَك ) و ( سارة ) أبطال ثانويون. 

المشهد الأوّل:

مجموعة من التلاميذ يدخلون القسم قبل الوقت بقليل، يتلفتون يمينا ويسارا، ويبدوا عليهم أنّهم يدبّرون لأمر ما ، يقول أحدهم واسمه ( رويبح ):

-       كم شيطانة من المفرقعات أحضرت يا ( رامبو ) ..؟ ( ويفرك يديه بفرح ومكر.. )

يُضيف ( حَجّي ) بثقة:

-       الدّاراهم دراهمي أنا الذي دفعت ثمنها بـ ( الأورو ).. !

وأخيرا يتكلّم ( رامبو ) وهو يخرج المفرقعات من جواربه ومن تحت أكمام قميصه:

-       هاك..هاك.. خبئ في محفظتك لم أتمكن من تسريب سوى سبع شيطانات ، كاد يفطن لي المراقب العام .. هو يبحث لي عن أيّ سبب لينتقم منّي .. ولكن سأريه سأهبّله وأخرجه من عقله .. ليعرف من هو ( رامبو ).

يضحك الجميع في مكر وخبث وهم يخبئون المفرقعات في ( محفظة الظَّهر ) الخاصّة بــ ( رويبح ) ثمّ يسمعون حركة التلاميذ وهم قادمون مع أستاذة اللغة العربيّة فيجلسون بسرعة في مقاعدهم ..

المشهد الثاني:

في السّاحة أثناء الرّاحة ( رامبو ) ينادي على ( رويبح )، فيأتي إليه مسرعا ، وقد وضع يده تحت معطفه يخبئ شيئا:

رويبح: انتظر ، انتظر المراقب لم يخرج بعد .. وأنا أخشى أن ترانا بعض البنات ، فيصل الخبر إلى المراقب والمدير في لمح البصر، فتفسد الخطّة ونضيع جميعا..   

وفي تلك اللحظة يظهر المراقب وهو خارج من مكتبه متجها نحو قاعة الأساتذة، يهمس ( حجّي ) بسرعة في أذني ( رامبو ) بتحريض شديد:

-       هذه الفرصة .. هذه الفرصة يا ( رامبو ) لا تضيّعها.. لا تضيّعها .. !!

يُخرج رامبو المفرقعة " الشيطانة " ويشعل الفتيل، وبتوتر وخوف يرمي بها نحو المراقب العام أثناء مروره بين التلاميذ.

وتنفجر المفرقعة في إحدى الطالبات ( رؤى ) وتصيبها في إحدى عينيها، فتسقط على الأرض وهي تضع يديها على وجهها، وهي تصرخ وتبكي في رعب شديد.

تصرخ الطالبات في فزع وينتشر بينهن الخوف والذعر .. وتصرخ إحداهن:

سارة : رؤى .. رؤى ما بك .. ما بك ..؟

يلتفّ التلاميذ حول ( رؤى ) ويأتي المراقب العام وبعض الأساتذة ويحملون ( رؤى ) إلى العيادة، بينما يقف ( رامبو ) وأصدقاؤة حائرين لا يدرون ماذا يفعلون، فيقول ( رويبح ) لـ ( رامبو ) :

هل أنت أعمى .. بدلا من أن تصيب المراقب العام ، أصبت ( رؤى ) الفتاة الطيّبة جارتكم.. !

يردّ عليه ( رامبو ) بصفعة على وجهه وهو يقول في غضب:

-       اسكت يا أحمق تريد أن تكشفنا..؟

وينسحبون جميعا إلى القسم في خوف وفزع..

المشهد الثالث :

داخل القسم..

تدخل أستاذة اللّغة العربيّة وهي حزينة متوترة، يعمّ الصّمت كلّ التلاميذ يشعرون بالحزن والأسى، تنظر الأستاذة في غضب إلى تلاميذها وتقول:

-       عيب وعار ..على من فعل هذا .. ! تظنّون الأمرَ لعبة.. مجرّد لعبة ، لكن ( رؤى ) قد تفقد إحدى عينيها بسبب هذه اللعبة المؤذية والخطيرة .. ألا يخجل من نفسه من فعل هذا ..؟ !

حينها يدخل المدير رفقة المراقب العام إلى القسم وقد ظهر على وجهه الغضب الشديد، يحيّي الأستاذة وعلى وجهه مَسحة حزن ثمّ يتّجه ناحية التلاميذ ليقول:

-       لقد عرفنا أنّ الذي فعل هذه الجريمة الشنعاء من هذا القسم، وخيرٌ له أن يعترف بنفسه ، ويقدّم اعتذاره .. فيكون العقاب خفيفا ، وإلا فإنّ عقوبته تكون أشدّ وسيطرد من المدرسة، ولن يرجع إليها أبدا فيخسر مستقبله..

يسكت كلّ التلايمذ ولا ينطق منهم أحد ، ثمّ يهمس ( رامبوا ) في أذن ( رويبح ):

- سأورّط خصمنا في كرة القدم ( سعيد ) ، من القسم الثاني حتّى نبعد عنّا الشبهات ثمّ رفع يده وقال :

- سيّدي المدير أنا أعرف من فجّر ( الشيطانة ) في السّاحة ..

نظر إليه جميع التلاميذ متعجّبين وكذلك نظر إليه المدير والمراقب والأستاذة باستغراب ، ثمّ قالت الأستاذة :

-       من فعل ذلك ..؟ من ..؟

فقال ( رامبو ) بمكر:

-       إنّه سعيد من القسم الثاني ، رأيته وهو يرمي بمفرقعة ( الشيطانة ) على وجه (رؤى ) ..لقد رأيته.. ! وكان ( رويبح ) معي وهو يشهد على ذلك .

تردّد ( رويبح ) .. ثمّ قال:

-       آ..آ نعم ..نعم رأيته .. وكان معنا (حجّي ) وهو يشهد على ذلك.. !

يقف ( حجّي مترددا ) : آ..آ ..أنا ..أنا .. نعم ..نعم رأيته .. رأيته ( ثمّ يلتفت حجّي إلى الجدار ويرفع يديه ويقول بصوت خافت : ربّي يحرقكم بالنّار ) ..

قال المدير في شكّ وريبة موجّها الكلام لـ ( رامبو ) :

-       هل أنت متأكد من ذلك ..؟

قال ( رامبو ) : أجل ..أجل سعيد هو من فعل ذلك ..؟ ورويبح يشهد ..يشهد ؟

قال ( رويبح ): آه..نـــ نــعم ..أأ شهد .. ! و( حجّي ) كان معنا ويشهد هو أيضا .. !

يقول حجّي مرّة أخرى في تردد:

نعم .. نعم ..(  ( ثمّ يلتفت ( حجّي ) مرّة ثانية إلى الجدار ويرفع يديه ويقول : ربّي يحرقكم بالنّار ) ..

يقول المدير:

-       تعالوا جميعا معي إلى المكتب نستدعي سعيد من القسم الثاني ونتحقق من الأمر.

المشهد الرّابع:

المدير جالس على مكتبه .. ويقف أمامه سعيد خائفا مرعوبا، وقربه جماعة ( رامبو ) وهم ينظرون بخبث ومكر:

المدير: تكلّم يا سعيد .. قل الحقيقة هل أنت من رميت مفرقعة ( الشيطانة ) على التلميذة ( رؤى ) ..؟

سعيد: لا.. لا يا سيّدي .. لست أنا والله لست أنا ..   !حتّى أنّي لم أر الحادثة ، فقد كنت في جهة أخرى من السّاحة ..

المدير ينظر إلى المراقب العام ويقول: أرجو أن تفتّشه حضرة المراقب.

يتقدّم المراقب نحوه ليفتّشه ، فيتأخّر سعيد إلى الوراء ، وهو مرتبك، لكنّ المراقب العام لا يمهله ، يمسك بيده ويقول له :

-       إذا كنت بريئا حقّا كما تقول فدعني أفتّشك ..

ثمّ يبدأ في تفتيشه ويخرج من جيبه مفرقة من المفرقعات ، فيقول له باستغراب وهو يرفع يده بالمفرقعة إلى الأعلى جهة المدير:

-       وما هذا أيّها الفتى البريء ..؟ !

سعيد يطأطئ رأسه بانكسار ويقول:

-       نعم.. أحضرت معي بعض المفرقعات لألعب مثل جميع الأولاد، ولكن لم أرمِ شيئا على ( رؤى ) والله العظيم .. والله العظيم ..

المدير: لم يعد هناك مجال للكلام .. لقد انكشف أمرك .. وسوف تحوّل إلى المجلس التأديبي.. اذهب إلى قسمك الآن..

يخرج سعيد وهو حزين ويقول:

-       والله لم أرمِ المفرقعة ..والله لم أرمها .. لم أرمها ..هذا ظلم ..هذا ظلم .. !

المشهد الخامس:

في القسم:

تدخل أستاذة اللغة العربيّة .. وتلاحظ هدوءا غريبا يسود القسم ، فتسأل باستغراب:

-       ما الذي حدث .. ما الأمر ..؟

يجيبها أحمد:

-       لقد وقع حادث آخر بسبب المفرقعات ولكنّه أخطر من الأوّل أستاذة .. !

تسأل الأستاذة بفزع :

هنا في المدرسة أيضا ..؟

تقول مَلَك: لا يا أستاذة بل في الحي حيث كان الأطفال والشباب يلعبون.. وقد أصيب ( رامبوا ) إصابة خطيرة في عينيه الاثنتين.. وهو في المستشفى منذ ثلاثة أيّام ويقول الطّبيب أنّه ربّما لن يرى بعينيه بعد اليوم.. وقد أخبر الذين زاروه أنّه هو من رمى مفرقة ( الشيطانة ) على ( رؤى ) وسعيد بريء من ذلك تماما ويشعر بالنّدم الشديد..

تتأسّف الأستاذة وتنظر إلى ( رويبح ) و( حجّي ) في استنكار وتأنيب وتقول:

-       هل هذا الكلام صحيح يا ( رويبح وحجّي ) ..؟

يطأطئ التلميذان رأسيهما ويقول حجّي في أسف ..

-       صحيح يا أستاذة ..صحيح لقد كذبنا .. كذبنا والسبب هو ( رامبو ) الذي ورّطنا في ذلك.

ثمّ يلتفت إلى الجدار ويقول:

" ربّي يحرقك بالنّار يا ( رامبو )..ربّي يحرقك بالنّار .. "

الأستاذة: هذا كلام خطير .. حقّا صدق من قال:

" كما تَدين تُدان " لابدّ أن تذهبا إلى المدير وتشهدا بذلك، ولابدّ من زيارة ( رامبوا ) في المستشفى، لنعرف الحقيقة منه مباشرة..

المشهد السّادس:

في المستشفى يظهر ( رامبوا ) ممددا على السّرير وحوله يقف بعض أهله وزملائه والمدير والأستاذة والتلميذة ( رؤى ) .. وقد وُضع الضّماد على عينيه ولا يستطيع أن يرى أحدا.. 

تقول الأستاذة:

-       سلمت يا ( رامبو ) نتمنّى لك الشفاء .. لكن هل رأيت عاقبة أمرك ..؟ هل رأيت نتيجة التهوّر والعبث ..؟

يضع (رامبو ) يديه على وجهه وهو عاجز حتى عن البكاء ثمّ يقول:

" نعم .. نعم صدقتِ يا أستاذة أنا نادم أشدّ الندم ..نادم أشدّ الندم " ..

تقول الأستاذة:

-       الحمد لله أنّ ( رؤى ) كانت إصابتها سطحيّة وشفيت بسرعة، وها قد جاءت إليك لتعلن لك أنّها قد سامحتك وتتمنى لك الشفاء .. !

تقول ( رؤى ): نعم لقد سامحته ..سامحته ..لكن بشرط أن يطلب العفو من ( سعيد ) الذي اتهمه ظلما، وأن لا يعود لمثل هذه التصرّفات المؤذية ..

يقول ( رامبوا ) بلهفة وحزن شديد:

-       نعم .. نعم سأعتذر من سعيد سأعتذر منه.. ولن أتصّرف مرّة أخرى بمثل هذه الطريقة المؤذيّة ..أبدا ..أبدا .. حقّا صدق من قال:

-       " كما تُدين تُدان .. كما تُدين تُدان "   

يدخل جميع الممثلين إلى المنصّة ويلتفتون إلى الجمهور وهم يرددون بصوت قويّ:

" كما تَدين تُدان .. كما تَدين تُدان "     

   

تمّت