خواطر فؤاد البنا 825

أ.د. فؤاد البنا

إن الذين يستخدمون مقدرات الشعوب للتحكم بأقدارها وللعبث بمستقبل أمّتها، إنما يسكنون في مساكن الذين ظلموا أنفسهم، ولا شك بأنهم سيصبحون في قادم الأيام من الأمثال، فإن من يغالب سنن الله عاقبته الانكسار، ولا يظلم ربك أحدا.

*************************************

إن جعْلَ المسلمين للقرآن مهجوراً هو الذي جعل حياتهم مقفرةً من أشجار القوة والعزة، وملأ دنياهم بالأشواك التي أدْمَت قلوبهم، وقد أدّت التلاوة الخالية من التدبر الواجب إلى امتلاء كثير من أصقاع حياتهم بالخَلْط والأَثْل وشيئٍ من سِدْر قليل!

*************************************

كما أن الله ينزّل من السماء ماء فتسيل به أوديةُ المؤمنين والكافرين، بحسب استعدادات تلك الأودية؛ فإن الله ينزل أسباب القوة وسُنن النصر على جميع المؤمنين والكافرين، ومن أعدّ أوديته وآنيته لحيازة أكبر قدر من الأسباب فإن القوة من نصيبه والنصر مثواه، وفي كل الأحوال فإن الزّبَد يذهب جُفاء ولا يبقى في الأرض إلا ما ينفع الناس!

*************************************

لا شكّ بأن الذي رفع السماء بغير عمد ترونها، ذو أقدار خفية تتحرك في هذه الأرض لتمكر بالماكرين وتبطش بالجبارين، حيث تقودهم ألاعيبهم نحو مهالكهم، وما على الأحرار الصالحين إلا أن يواصلوا الاغتراف من شلال التوكل وأن يستمروا في مخر عُباب الأسباب وأن يضاعفوا الجهود في صناعة قوارب النصر، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون!

*************************************

هناك أخوة نحترمهم لكنهم صاروا يعانون للأسف الشديد من (فوبيا الهاشميين)؛ حيث يستخدم هؤلاء لغة تعميمية غريبة تجاوزت القرآن الكريم الذي قال عن أسوأ الخَلْق: {ليسوا سواء}، وتجاوزت الواقع الذي يثبت بأن من يُعتقد بأنهم بنو هاشم منقسمون بين الانقلاب والشرعية مثل بقية المكونات اليمنية، وصاروا ينظرون إلى الهاشميين كأصحاب قدرات خارقة، فهم يملكون أعيناً ترقب كل شيئ، وآذاناً  تسمع كل أحد، وأيدي تطال كل مكان، ثم إنهم يتغلغلون في كل مؤسسة ويُمسكون بكل مفصل من مفاصل الدولة والأحزاب السياسية  والجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني، ويزرعون فتنهم في كل موضع ويصلون إلى كل مكان، حتى أنهم وصلوا إلى برنامج (عاكس خط)!

*************************************

لا شكّ بأن عطش الجسم في رمضان يساعد على ارتواء الروح، ولكن ذلك لا يعني اتفاق الإسلام مع العقائد التي تعتبر الجسم والروح عدوين لدودين وأن الروح لا تنبثق من غلاف الجسد إلا إذا ضعف هذا الجسد؛ من خلال إهمال حاجاته حتى يذبل ويضعف. إن ظمأ الجسم ورواء الروح  في رمضان يعني إعادة التوازن بين الروح والجسم؛ إذ مع كَرّ الليالي وفَرّ الأيام يحدث خلل نسبي أو كلي لذلك التوازن؛ مما ينعكس سلباً على الممارسات العملية للمسلم، ولذلك فإن الصيام المقبول كالحج المبرور، من حيث أن صاحبه يعود كيوم ولدته أمه في عودة التوازن الفطري الذي يعيد للروح إشراقها وللجسم براءته الأصلية، لتتعانق الجوارح والجوانح في أفعال الخير وسلوكيات الصلاح؛ ولذلك فإن الصائم حقاً يصير في شوال أفضل مما كان في شعبان.