القائد أحمد مريود

محمد فاروق الإمام

رجالات سورية

المجاهد الثائر

محمد فاروق الإمام

[email protected]

أحمد مريود المولود عام 1886 هو من قبيلة المهداوي التي قبضت على زعامة البلقاء لمدة تزيد عن 500 عام وكان آخر أمرائها الأمير جودة المهداوي، وبعد انتهاءها وتشتتها؛ لجأوا إلى منطقة الكورة في الأردن مع أبناء عمومتهم والذي كان من ضمنهم الأمير ظاهر المهداوي والأمير عثمان المهداوي (جد عشائر السلوم المهداوي). وبعد حدوث مذبحه في بلدة تبنة أدى إلى لجوئهم إلى جبات الخشب في الجولان، وبعد احتلال الجولان نزحوا إلى بلدة القنيطرة في سوريا الحالية. والده الشيخ موسى مريود رجل الحق والخير والحرية كان على علم غزير بشؤون العرب. فقد تخرج من مكتب عنبر منارة العلم ومستقر الفكر بدمشق واستزاد من أمهات الكتب الهامة التي كانت مكتبته تحويها.

اسهم مريود بتأسيس جمعية الفتاة العربية والتي توسعت فيما بعد لتصبح حزب الاستقلال العربي الذي ضم نخبة الرجالات في سورية والاقطار العربية، هذا الحزب الذي كانت أفكاره واضحة جدا في الدعوة لوحدة العرب وحريتهم من المستعمر.

قام أحمد مريود برفع العلم العربي على بلدية دمشق في عام 1918 عند اعلان استقلال سورية عن الاتحاديين الأتراك.  وفي هذه الأثناء كانت فرنسا وبريطانيا قد بدأت بنشب أنيابها وتقاسمت سورية الطبيعية والعراق عبر اتفاقية سايكس بيكو.

جهزت القوات الفرنسية قواتها للدخول إلى دمشق وذلك في عام 1919 لكن قوات الشهيد أحمد مريود صدتها في معركة مرجعيون وكبدتها الخسائر الكبيرة ولم تفلح القوات الفرنسية من الدخول إلى دمشق. ثم عاودت القوات الفرنسية عام 1920 الكرة لاحتلال دمشق (عقب الإنذار الشهير لغورو) وذلك عبر ميسلون والذي تصدت لها القوات العربية السورية ببسالة بقيادة البطل يوسف العظمة وزير الحربية السوري، في معركة غير متكافئة من حيث العدد والعدة. لكن ضرب المجاهدون مثالا يحتذى بالفداء والإقدام فلم يرتض البطل الشهيد يوسف العظمة إلا أن يكون مدافعا وشهيدا يفتدي أرض وطنه سورية ومدافعاً عن العروبة.

بعد الاحتلال الفرنسي لسورية انتقل أحمد مريود إلى شرق الأردن وقاتلت قواته الفرنسيين، هذا الامر الذي ازعجهم كثيراً فحكموا عليه بالإعدام، وطالبوا الإنكليز الذين كانوا متواجدين في الأردن بتسليمه إليهم، فأرسلت القوات الإنكليزية قوة كبيرة جاءت من فلسطين للقبض عليه، ولكن الهياج الشعبي في عمان عند سماع نبأ محاولة اعتقال أحمد مريود إضافة إلى وجود قوات كبيرة للمجاهدين (حوالي 350 خيال) وألفي من المشاة حالت دون ذلك.

بعد ذلك انتقل الشهيد أحمد مريود إلى معان ومن ثم إلى الحجاز فالعراق، وقد ادرك أحمد مريود أهمية الحرب السياسية الإعلامية إضافة للحرب العسكرية وعبر عدد من كبار الرجالات السوريين في القاهرة (مثل خير الدين الزركلي وأسعد داغر).. وأسسوا مكتب الاستعلامات السوري الذي كان بمثابه الناطق الاعلامي للثورة ينقل أخبارها أولا بأول ويزود الصحف والوكالات بآخر المستجدات. كما كان على تنسيق تام ودائم مع القيادات الوطنية في الداخل أمثال: إبراهيم هنانو والشيخ محمد الاشمر، ويحضّر وإياهم لقيام الثورة السورية الكبرى التي انطلقت فعلياً عام 1925.

عند قيام الثورة السورية الكبرى 1925 شاركت قواته فيها موزعة على دمشق والغوطة والجولان وشاركوا في كل المعارك، وبدأ يخطط للعودة إلى البلاد؛ لما لعودته من أثر كبير. دفع ورفع معنويات المجاهدين وبالفعل عاد إلى جباتا الخشب مروراً بجبل العرب حيث التقى هناك بسلطان الاطرش والقيادات المتواجدة في السويداء ثم انتقل إلى الغوطة ودمشق واصطحب معه خيرة القيادات من أمثال الأمير عز الدين الجزائري وثوار بيت العسلي. وصلت أنباء عودته إلى جباتا الخشب إلى الفرنسيين الأمر الذي أزعجهم كثيرا واتخذوا خطتهم على الفور بالقضاء عليه وعلى قواته لأن في ذلك إنهاء للثورة، وبالفعل وبينما كانت قيادات الثورة في جباتا الخشب مع أحمد مريود تحضر لإشعال الثورة من جديد لم تمهلهم القوات الفرنسية الوقت فأرسلت طائراتها وجنودها في قوات كبيرة إلى جباتا الخشب صبيحة 31/5/1926 وقامت طائراتها بقصف جباتا الخشب وتحركت دباباتها مشاركة بالقصف واستمرت المعركة لساعات طوال من ذاك اليوم، مما أدى إلى استشهاد القائد أحمد مريود وكثير من القيادات الوطنية في سورية أمثال مجاهدي بيت العسلي إضافة إلى واحد وأربعين شهيدا وشهيدة من آل مريود.

لم يكتف المستعمر الفرنسي باستشهاد أحمد مريود بل أخذوا جثمانه إلى ساحة المرجة وسط دمشق لعرضه أمام الناس ليرهبهم، ولكن دمشق قامت رجالا ونساءً بنثر الزهور والورود وأبت دمشق إلا أن يكون أحمد مريود ضيفها الدائم ودفنته في مقبرة الدقاقة في قبر عاتكة.