ود مدني مدينة تحتضر

سليمان عبد الله حمد

سليمان عبد الله حمد

[email protected]

رصد المشهد: بدر الدين عمر : قديما تتلهف قلوب مواطني السودان لرؤية مدينة مدني الساحرة بجمالها وطبيعة إنسانها، وقالوا عنها مدني الجميلة مدني يا أجمل خبر، وتنافس في التغني لها الشعراء والمغنون لجمال خضرتها ونظافة شوارعها وروعة ناسها وتدفق إبداعها الفني والكروي والسياسي والأدبي حتى اتخذت مكانة في قلوب عاشقيها، فسكنت في حنايا الفؤاد كجوهرة تعبث بها أيدي الصبايا والحسان.

فكانت مقولة ابتسم أنت في ود مدني تجسيداً لواقع المدينة التي تشرح نفوس زائرها وتزيد قلوب مواطنيها فخراً بأنهم من قلب الجزيرة الخضراء. وليت الزمان يعود يوما ليخبر عن ايام المدينة الراهنة ويحدثها بسر الحياة في وقت فعل الزمان بالمدينة الرقم، فقد أصبحت مدني اليوم بلا وجيع، والتفتت عنها الأنظار إلي مدن أخري بعضها بلا تاريخ واخري بلا ناس وفرت لها اسباب النظافة والصحة والاقتصاد، وتراجعت مدني وخلعت عنها تاج الجمال وتغير شعارها إلى ابك على الأطلال أنت في ود مدني.. أوساخ بالجملة ترقد بين حنايا اكبر سوق في المدينة، ويتبول المارة في شوارعها دون حياء ودون مراعاة لمالكي الطريق من رجال ونساء، مما ترك استفهاماً كثيراً هل مدني أصبحت بلا وجيع أم تناسي القائمون على أمرها تاريخ المدينة الناصع بالبياض. والصور التي التقطتها كاميرا «الصحافة» تؤكد ان مدني بلا صحة وبلا عمال لجمع النفايات، علي الرغم أنها أي الولاية ابتكرت هيئة متفردة في عنوانها فقط، وبها للأسف هيئة تطوير وتجميل المدينة التي توسد مواطنوها اكفهم حسرة على ضياع المدينة صاحبة اكبر مشروع في العالم يدار بإدارة واحدة، فأصبح البحث عن الأرزاق بعد تدهور مشروع الجزيرة ورجوعه إلي الوراء مخلفا «26» ألف أسرة تحت مظلة ديوان الزكاة و «30» الف أسرة تشردت بعامل إغلاق مصانع النسيج والزيوت والدقيق التي كان خيرها على السودان قاطبة وليس سكان الجزيرة وحدهم، فتأثر المواطن بتدهور المشروع اقتصادياً واجتماعياً ونفسياً، فكانت النتيجة ابك أنت في ود مدني عاصمة الجمال والروعة، فإلى متى يتبرز العوام في العراء اقصد وسط أسواق المدينة، وبجانب اكبر صروح التنمية والعمار بالقرب من شارع اتجاه واحد الذي به جميع المصارف، وعلى مرمي حجر من رئاسة هيئة تطوير وتجميل المدينة، وبالقرب من جريدة «الأمكنة» الناطقة الرسمية باسم الولاية؟ إلى متى يرزح مواطن المدينة في أزقة الإهمال واللا مبالاة، وهم يرون غابات من الاسمنت تبني يوماً بعد يوم، فهل الحضارة في تطاول البنيان وإنشاء هيئات اسمية ليس إلا؟

«الصحافة» استنطقت المارة بشارع اتجاه واحد والشوارع المتفرعة منه عن تلك المناظر التي يندي لها الجبين، فقالوا: الله يرحم مدني.