المولد النبوي بين شوق الجزائري وبرودة الخليجي

معمر حبار

 

  1. ينفق الجزائري أموالا كثيرة، وسنوات طوال، وجهدا كبيرا، ومشقة في طابور القرعة لسنوات عديدة، ودعاء آناء اللّيل وأطراف النهار، واستعمال "أكْتَافْ" بالتّعبير الجزائري، وشراء جواز السفر، والدخول في مشاريع مثمرة، لأجل أن يكون من الذين رزقوا بالحج. وأكتفي بهذه العناصر وأتعمّد عدم ذكر عناصر أخرى لاتليق بالحاج، وهيبة الحج.
  2. من الطبيعي إذن، وبعد سنوات الانتظار والمشاق وإنفاق العمر والمال، أن ترى الجزائري يؤدي فريضة الحج بجمر ملتهب، ويتشبّث بروضة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقوّة عجيبة لشدّة شوقه، وحبّه لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ويتشبّث بالكعبة لشوقه وحبّه بالكعبة التي طاف حولها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
  3. كنت شاهدا على عدد كبير من الحجاج الجزائريين الذين قدموا من أداء فريضة الحج، وهم يتحدّثون عن شجاعتهم، وبطولاتهم وهم يصلون في الروضة الشريفة، ويتشبثون بمقام سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ويقبّلون الحجر الأسود، ويتشبّثون بالكعبة التي طاف حولها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. مايدلّ على الشوّق الذي يسكن الجزائري وأهل المغرب العربي تجاه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والأماكن التي شهدها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
  4. وكلّما حدّثهم بأنّه صلى ركعتين بالروضة الشريفة رغم الزحام الشديد، وأمسك بشباك سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقبّل الحجر الأسود، وأمسك بالكعبة رغم الزحام الشديد، أصبح في نظرهم الحاج الذي نال لقب الحاج بحق. وكلّ يهنّئه، ويتمنى له العودة، ويرجو أن ينال من الشرف، والرفعة ماناله هذا الحاج.
  5. لايوجد طبيب جزائري يكتب في الوصفة الطبية التي تمنح للحاج، أنّ حالته الصحية لاتؤهله لأداء فريضة الحج، ولو كانت كذلك. وقد حدّثني بذلك منذ سنوات قليلة طبيب مختصّ في الأمراض، وتطرقت يومها للموضوع عبر صفحتي. وقال لي الطبيب حينها: لأن يموت في الحج خير له أن يموت بسبب حرمانه  من الحج.
  6. كلّ جزائري يتمنى أن يوت في الحج، ويفرح أهله بموته في الحج. ويعامل معاملة الصالحين.
  7. هذه الصورة المعبّرة عن حقيقة الجزائري في حبّه الشديد، وشوقه العميق تجاه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم تستدعي الوقوف على حقيقتها مطوّلا، والتّعامل معها بما يليق بالجمر الذي يسكنه، والشوق الذي يعتريه تجاه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
  8. إخواننا في السّعودية، والخليج العربي حفظهم الله ورعاهم. متمنين لهم كلّ السّعادة، والاستقرار، والأمن لايشعرون -كما يشعر الجزائري- بهذا الجمر الملتهب، والشوق المتصاعد تجاه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهم الذين يحبون سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
  9. سبب هذه البرودة أنّ السّعودي، والخليجي حفظهم الله ورعاهم يسكنون بجوار سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وقد تعوّدوا على رؤية مقامه الشريف، والمرور باستمرار عبر الأماكن التي شهدها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وعبر سنوات طوال من الرؤية، والمرور تحوّلت إلى عادة يومية أماتت الجمر، وأذهبت الشوق تجاه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
  10. لسنا في مقام نقد إخواننا، وأحبّتنا السّعوديين، والخليجيين، والمشارقة تجاه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. فالجغرافية أوقعتهم بجوار سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وهي منزلة يحلم بها المحبّ، والمشتاق لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وبدورنا نهنّئ إخواننا السّعوديين، والخليجيين، والمشارقة بجوار سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
  11. لاعجب بعد ذلك إذا رأيت الجزائري، وأهل المغرب العربي أكثر النّاس إبداعاوتفوّقا وتميّزا في مدح سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ومردّ ذلك للجمر الذي سكنهم، والشوق الذي يعتريهم تجاه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.