حتى يكون المجتمع مسلماً

أدباء الشام

[من كتاب "مقرّر علم التوحيد" للسنة الأولى الثانوية في المملكة العربية السعودية/ 1407هـ - 1987م]

المجتمع المسلم هو الذي تكون أفكاره ومعتقداته وأخلاقه وسلوكه جميعها مُستمدّة من كتاب الله وسنّة رسوله.

وحين يتم ذلك يكون الله هو المعبود حقاً في ذلك المجتمع.

إنه لا يكفي أن نعبد الله داخل المسجد، بإقامة الشعائر التعبّدية هناك، إذا كنا نخرج من المسجد فتكون لنا وجهة أخرى غير الله، ومصدر آخر نتلقّى منه أفكارنا ومعتقداتنا وسلوكنا وأحكام حلالنا وحرامنا غير الله.

ما قيمة تلك الشعائر التعبّدية التي أقمناها إذاً داخل المسجد؟.

إن القيام بالعبادة داخل المسجد يجب أن يكون معناه الحقيقي أننا أقررنا وشهدنا بالعبودية لله وحده، فجئنا نؤدي فرائض العبادة التي أمرنا بها الله. فإذا كنا بمجرد خروجنا من المسجد نتجه إلى مصدر آخر غير الله، نستمد منه أحكامنا وشرائعنا ومنهج حياتنا، فمعنى هذا أننا اتخذنا إلهين اثنين في الحقيقة لا إلهاً واحداً! فالإله الأول هو الذي عبدناه داخل المسجد بشعائر التعبّد من صلاة ودعاء، والإله الثاني هو الذي عبدناه خارج المسجد، وتلقينا منه أحكام الحلال والحرام، وتنظيمات المجتمع وعلاقات الأفراد! والله يقول لنا محذّراً في كتابه العزيز:

(وقال اللهُ: لا تتّخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد، فإيّاي فارهبون). {سورة النحل: 51}.

فهل نكون قد عبدنا الله الواحد، الذي أقررنا بوحدانيّته بألسنتنا، إذا خصصناه بجزء واحد من العبادة ثم أخرجنا بقية العبادة عن اختصاصه سبحانه وتعالى، أم نكون في الحقيقة قد أشركنا به إلهاً آخر، وكذبنا في شهادتنا التي شهدناها بألسنتنا، لأننا نفضناها في واقع حياتنا؟.

وهل يتقبّل الله منا ذلك؟.

هل يتقبّل منا أن نذهب لعبادته داخل المسجد، ولو تنسكنا هناك وذرفنا الدموع من شدة التأثر، ثم نوليه ظهورنا أول ما نخرج من المسجد، ونتّجه إلى سواه، نستمد منه منهج الحياة؟!.

فلننظر ماذا يقول لنا الله في هذا الأمر الخطير: (فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت، ويسلّموا تسليماً). {سورة النساء: 65}.