تجليات الإيمان في التفاعل مع القرآن

د. محمد سعيد حوى

خطبة الجمعة 22/11/2013م

د. محمد سعيد حوى

تبدأ الأمة نهضتها الحقيقية بمقدار تحققها بحقائق الإيمان .

والإيمان ليس مجرد دعوة

فكما بين علماؤنا فالإيمان قول وعمل يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي .

والإيمان تصديق بالجنان وإقرار باللسان وثمرته العمل بالأركان .

ولئن وقفنا من قبل مع بعض براهين الإيمان من خلال الحب لله وفي الله والولاء الخالص فلنقف اليوم مع جانب آخر ومظهر آخر تتجلى فيه براهين الإيمان وحقيقة الإيمان على طريق التحقق بالعبودية لله ووطريق نهضة الأمة الحقيقي....

وعلى طريق الإصلاح للنفس وللمجتمعات....

على طريق حل كل المشكلات...

هذا الجانب الذي نود الوقوف معه على طريق الإيمان وإدراك حقائق الإيمان هو التفاعل مع القرآن العظيم

وعندما نتحدث مع التفاعل مع القرآن العظيم لا بد أن نتصور حقيقة هذه الكلمة (التفاعل.)

عندما يتحدث الكيميائيون عن تفاعلات كيميائية بين مادتين أو عنصرين لينتج مركباَ جديداً بخصائص جديدة وهنا عندما يتفاعل المسلم مع القرآن العظيم فلا بد أنه ستتولد شخصية أخرى مختلفة كل الاختلاف عن شخصيته قبل التفاعل وكذلك إذا تفاعل المجتمع

تفاعل الصحابة:

فهذا عمر كيف كان قبل القرآن وماذا أصبح بالقرآن ؛ أصبح القائد العظيم والفاتح والحاكم العادل، والعابد الزاهد، وماذا عن ابن مسعود الذي كان يرعى الغنم ليصبح مصدر أعظم مدرسة فقهية، مدرسة الحنفية، ولا بد أن نقف مع آيات تنزلت وكيف تفاعل معها الصحابة؛ كتحريم الخمر أو الأمر بالجهاد أو العفو أو الحجاب.

بل تحدثنا السيرة كيف تأثر الشركون بهذا القرآن(إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق) وكانوا يجتمعون لاستماع تلاوة النبي سراً.

القرآن يجلي حقيقة التفاعل:

ولذلك عندما تحدثنا آيات القرآن نفسه عن تفاعل المؤمنين مع القرآن العظيم فماذا نجد من آثار هذا التفاعل ، قف مثلا مع قوله تعالى ﴿ أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ،اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر:22- 23]

فانظر أثر هذا التفاعل من حيث انشراح الصدر والتحقق بالنور ورقة القلب، وهذا الخشوع والخشية الذي يصيب العبد وهو يتلو كتاب الله ويتفاعل معه، وهذا اللين الذين يثمره في تعامله مع الخلق والخالق.

تفاعل الجبال:

 ويصور لنا القرآن أي مدى يجب أن يصل إليه المؤمن في تفاعله مع القرآن عندما يقول سبحانه ﴿ لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا القُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر: 21]

فالجبال رمز الصلابة والرسوخ تتصدع أمام القرآن، ومن ثم كان التحذير من حال اليهود ﴿ ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 74]

أما المؤمنون: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُماًّ وَعُمْيَاناً ﴾ [الفرقان: 73]وإنما ( يخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً)

فخاطبنا ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16]

ويقدم لنا القرآن صور من آثار التفاعل الحق عندما يقول سبحانه ﴿ إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ،الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ،أُوْلَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقاًّ لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال:2- 4]

 ويعطينا القرآن بعض ثمرات هذا التفاعل عندما يقول سبحانه ﴿ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً ﴾ [الإسراء: 9]

أو عندما يقول ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ،وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف:43-44] أي فلا عزة للأمة ولا رفعة إلا به، أو عندما يقول وهو يبين بعض ثمرات التفاعل مع القرآن ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً ﴾ [الإسراء: 82]

وكذلك عندما يقول ﴿ طه ،مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَى ﴾ [طه:1-2] أي لتسعد، وأيضا عندما يقول سبحانه ﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللَّهِ وَلَكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾ [آل عمران: 79]

 عندما نقرأ في حديث الرسول الذي يرويه أبو موسى الأشعري يعطينا مظهر من مظاهر هذا التفاعل العظيم عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ» صحيح البخاري

كلها بعض مظاهر ثمرات صدق التفاعل مع القرآن الكريم.

وإذا كان هذا شأن القرآن فحق له أن يوصف بهذه الأوصاف العظيمة فهو الروح والنور: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشـاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52] و﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 193]ليكون للأمة روحاً ونوراً وحياة وهداية.

  ﴿ يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15-16]

 فهو القرآن العظيم فهو الروح وهو الشفاء وهو الرحمة وهو الفرقان وهو الذكر الحكيم وهو الكتاب المنير والصراط والمستقيم

 ويطول بنا المقام إذا أردنا فقط أن نقف مع صفات القرآن وخصائصه كما بينها القرآن أو السنة

صفة من أعرض:

وبالمقابل يعطينا القرآن صورة عجيبة عن أولئك الذين لا يتفاعلون مع القرآن بل يعرضون عنه ﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً، وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً ﴾ [الإسراء: 45-46]

 وأيضا ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الزمر: 45].

تفاعل الصالحين:

لقد عبر الصالحون عن تفاعلاتهم في كتاب الله سبحانه عندما يقول مالك بن دينار يا حملة القرآن ماذا زرع في قلوبكم القرآن؟ فإن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض .

كانوا يستشعرون معنى حق تلاوته فحالهم كما ورد في الخبر من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد، أي على معنى تلاوته، لأنه كان يقرأ بقلب شهيد ، وسمع عتيد، وبصر حديد، فكان يتلو القرآن على معاني الكلام، وعلى شهادة وصف المتكلم، الوعد بالتشويق، والوعيد بالتخويف، والإنذار بالتشديد .....

وقال الفضيل بن عياض: حامل القرآن حامل راية الإسلام فلا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو ، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيماً لحق القرآن.

 وعن المسيب بن رافع عن عبدالله بن مسعود : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ،وبنهاره إذا الناس مفطرون ،وبحزنه إذا الناس يفرحون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصمته إذا الناس يخوضون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون ، وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكياً محزوناً حكيماً حليماً سكيناً ، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافياً ولا غافلاً ولا سخاباً ولا صياحاً ولا حديداً.

ذكر شاعر الإسلام محمد إقبال أن أباه رآه يقرأ القرآن لأيام متتاليات و في كل مرة كان يسأله : ماذا تفعل ؟ فيجيبه ولده أقرأ القرآن حتى مل محمد إقبال _ رحمه الله تعالى _ من سؤال أبيه و هو يكرره كل يوم و من نفسه و هو يجيب بذات العبارة على سؤال أبيه ثم قال له ذات يوم يا بني اقرأ القرآن و كأنه يتنزل عليك و من ذلك اليوم و أنا أتمعن بكل آية و كلمة في كتاب الله تعالى و أشعر أنني المعني بكل آية و كلمة نزلت فيه .

قال طبيب القلوب وهيب بن الورد: نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ فلم نجد شيئاً أرق للقلوب ولا أشد استجلاباً للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره، فرحم الله أقواماً كانوا إذا مروا بآية فيها ذكر للنار، فكأن زفيرها في آذانهم، وإذا مروا بآية فيها ذكر للجنة فكأنهم فيها منعمون، وطربت قلوبهم لنعيمها، وتنبعث بواطنهم شوقاً إليها، ومن الصالحين من مات من سماع آيات العذاب، كعلي بن الفضيل بن عياض، وزرارة أبي أوفى وغيرهما كثير.

كيف نتفاعل مع القرآن:

ولكن يبقى السؤال كيف نرتقي إلى هؤلاء المتفاعلين مع القرآن العظيم إذا لم نكن من أهل التلاوة والتدبر وإذا لم نكن من أهل القيام به والتهجد والتعلم والتعليم والتعاهد والعمل والحكم به والاجتماع عليه ونحن أحوج ما نكون إلى وقفات أخر نذكر أنفسنا كيف يكون التفاعل مع كتاب الله.من خلال التعرف إلى القرآن نفسه، والتعرف إلى عطاءات القرآن، والقيام بحقوق القرآن، وكيف كان تفاعل الصحابة مع القرآن.

 

الخطبة الثانية

عندما ينقطع الغيث لابد أن نلجأ إلى الله في التوبة وكثرة الإستغفار ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَاراً ،وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾ [نوح: 10-12]

وقال تعالى ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]

وقال تعالى ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96]

قد يطرح بعضهم تساؤلات عظيما أليس الغرب في حالة من الكفر ثم أليست مناطقهم هي الأكثر مياها وأمطاراً إذن القضية قضية مناخات وقوانين جعلها الله في الكون والجواب ببساطة أن الله لا يعطي الدنيا للمؤمن فقط بل قد يعطي غير المؤمن أكثر قال تعالى ﴿ وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾ [الزخرف: 33]

وليست الدنيا مقياس، ووأيضا الكافرون كل عطاءاتهم في الدنيا لانصيب لهم في الآخرة،

والأهم أن الله يعامل المؤمنين معاملة بقانون مختلف عن قانون التعامل  مع الكافرين فأما الكافر فيمد له مدا وأما المؤمن فلا بد أن يشعر بالإفتقار إلى الله والتذلل بين يديه واللجوء إليه ويحاسب نفسه على ذنوبه إذ جعل الله عقوبة المؤمن في الدنيا على تقصيره أما الكافرين فقد يدخر العذاب الأكبر لهم في الأخرة مع ما قد يكون من رسائل تذكيرية للأمم ككل.