ملحمة جنين

عبد الرحمن هارون

ملحمة جنين

عبد الرحمن هارون

[email protected]

جنينُ عرِينٌ أنتِ .. أنتِ ملحمةٌ

شبابُكِ الغُرُّ هُــم أحفـــادُ مُعتصِمِ

حيَّاكِ ربُّ الكونِ حيَّا اللهُ طولكَـرِمَ

وأْنعِم بغزَّةْ .. بأُمِّ المهْــــدِ بيتْ لَحِمِ

ونابلسُ الأبيـَّةْ أبت أن تستكينَ..لـم تلـــن

رغمَ الجِراحِ ورغـمَ بالـغِ الألمِ

جنيــنُ العــزِّ والمجـــدِ التَليــدِ بَـدتْ

كالصخرةِ الصمَّاءِ استعصتْ على العَـرِمِ

شبابُكِ الغُرُّ أُسودُ الوَغـــــى نفضـوا

غُبارَ الذُلِّ والخًذلانِ والسَقَمِ

حملوا سلاحاً خفيفـــاً لا دُروع بـهِ

لا طائرات أو راجمات تدُكُّ مواقعَ الخَصْمِ

لكنه غدا بإيمانِ فـِتيتنا

سِجيلاً من الواحدِ القهَّارِ ذي النِقَمِ

هَبـُّوا إلى الهَيجا بلا خوفٍ ولا وَجَـلٍ

تنادَوا .. اللهُ أكبرُ صَدُّوا جَحفلَ الضَيمِ

كأن حمزةَ والقعقاعَ قد برزا

على رأسِ جيشٍ من الغُرِّ مُنتظِمِ

راموا الثـُريَّا فما لانت عزيمتُهم

واسترخصوا العيشَ .. عيشَ الذُلِّ والعَدَمِ

نالوا الشهادةَ فــــي أسـمى معانيها

وقدَّموا مَثلاً لكاف الأُممِ

********

ماذا دَهانــــا بني يعـرُبْ؟

بل ماذا دَها أمةَ الإسلامِ قاطِبةً؟

هل ماتتْ ضمائرُنا .. ذابتْ حميـَّتـُنا

من كَثْـرةِ التُخَمِ؟!

فلسطينُ تُسْبََى

والخنازيرُ دنَّسـوا الأقصـى

وطيورُ الموتِ تُمطِــرُ البلْداتِ بالحِمَمِ

دباباتُ صهيونَ تقتــــلُ .. تهـدِمُ

تنشرُ الرُعبَ والفوضى في كلِّ زاويةٍ

من ذاكَ المُخيَّمِ الهَرِمِ

أشلاءٌ هُنا ودِماءٌ هناكْ

موتى وجرحى هُنا وهناكْ

وجزارُ صَبْرا يرقُصُ مزهوَّاً بلا نـدمِ

مساجدُنـا .. مدارسُنا

سُوِّيتْ بالأرضِ عن عَمَدٍ

والموتُ طالَ حتَّى من كانَ بالرَحِمِ!

********

ماذا دَهانا بنـي يعرُبْ

ماذا دَهانا أفضلَ الأمَمِ؟

مليارٌ ونِصفٌ في بِقاعِ الأرضِ مُنتَّشِـرٌ

ملياراتنا في بُنوكِ الغربِ بالرِزَمِ

شُعوبنا خرجتْ بالآلافِ هاتفةً:

الخِزيُ لإسرائيلْ .. لأمريكا

تبــَّاً لمـُنهـزِمٍ

النصرُ للثوَّارِ والأحرارْ ..

المجدُ للشهداءِ في العلياءِ ..لصفوةِ الأُممِ

لكنـَّنا فورَ عودتنا .. وحتى قبلَ عودتنا

شرِبـنا (بيبسى) أمرِيكا .. (كولا) أمرِيكا

أكلنا (بيرقَر) أمرِيكا .. أكلَ الجائعِ النَّهِمِ!

فهل نسينا أم تناسينا

أم سرى السُمُّ فينا

فماتت جـــــــذوةُ القِـيَمِ!

هل نسينا أن الكوكا صاروخٌ

والبيفْ بيرقر لغمٌ عندَ صُهيونَ

والبيبسى كولا وقودٌ لطائرِ الشؤْمِ؟!

فهل بعدَ عطـاءٍ مُدَّ في كرمٍ

نعودُ نَدُسُ السُمَّ في الدَسَمِ؟!

********

وفي كلِ شِبرٍ توطَّنَ الحُبُّ ..

حُبُّ الـذاتِ وا أسـفـي

فكيفَ يجدي الوخزُ بعدَ الذبحِ في الغـَنَمِ؟!

فوا معتصِماه .. أطلقتها ألفُ ألفُ حُرَّةٍ

ولكنْ لا صَهيلَ لخيلِ مُعتصِمِ!

أئمتـُنا استنهضوا القومَ في كلِّ ناحيةٍ

فلا نهضَ القومُ ولا جادوا بدمِِ!

وهذي (الجزيرة) انبرت في كُلِّ ساعـةٍ

تـُعرِّي الجُرمَ بالتصويرِ والكَلِمِ

فبربِِ الكونِ ماذا كان حالـُنا

وجنينُ ترزحُ تحتَ القصفِ والحِمَمِ؟

مبارياتٌ هنا واحتفالات هناكْ

وجُوقَةُ القومِ تعزفُ أروعَ النَغـَمِ!

أو نمدُّ الموائدَ في الحدائقِ والفنادقِ

نمرحُ .. نشربُ .. نأكــلُ مثلما البَهمِ!

أو نسافرُ فوقَ المحيطاتِ

نمضي الإجازاتِ بلا كَـدَرٍ ولا هَمِّ!

وهمومُ أهلينا في فلسطينَ كالجبالِ بدت

ولا مجير لمستجيرٍ أو تحتَ مُنهَدِمِ

********

نفطـُنا ينسابُ نحو الغربِ من أمدٍ

يغذِّى آلةَ القتلِ والترهـيبِ والجُرْمِ

أسواقنا أُغرِقتْ بصُنوفِ أمتعةٍ

بفعلِ عولمةٍ فُرِضت عـلى الأمَمِ!

فبارت بـِضاعتُنا .. ضاعـت هويتنا

فلا عرباً كما كنَّا ولا حتى كالعَجَمِ!

أضعناك يا (مُروان) ..أدرنا الخدَّ للسجَّانْ

والشهادةُ جُرمٌ في قمةِ الشَرَمِ

أين السبيلُ وهـذا حالُ أُمّتنا

كيفَ الخلاصُ لمستكينٍ خائرِ العَزْمِ؟!