إدلب التي يتحدث عنها العالم

أسعد مصطفى

في أيام إدلب التي يتحدث عنها العالم شرقه وغربه، لا يحتاج الأمر إلى كبير عناء لتحليل وفهم التصريحات والمواقف الدولية، والتحذيرات الأمريكية والغربية، والتهديد والوعيد الروسي، التي تهدف إلى تحقيق النتائج ذاتها التي رأيناها في كل المواقع السورية، التي عجز النظام عن الاقتراب منها طوال سبع سنوات، بهمة ثوارها وحاضنتهم الشعبية، وسلمت للنظام بخدعة المصالحات ليذبحها، ويستبيح كرامات أهلها من جديد.

خطة روسيا وإيران والنظام في إدلب تتضمن ثلاثة بدائل وسيناريوهات متكررة ومستنسخة، مما حدث في مناطق خفض التصعيد الأخرى، الغوطة ودرعا وشمال حمص، يعمل الروس وأدواتهم عليها في آن.

بدأ السيناريو الأول عبر ضجيج التصريحات من قادة دول ومسؤولين، على رأسهم بوتين ولافروف ووزير دفاعهم وجنرالات إيران وساستها، ومؤتمرات وتحذيرات من الدول الكبرى، واستعراضات ومناورات قبالة السواحل السورية، وحشود مبالغة ومفبركة لجيش النظام المفكك وغير الموجود، وتهديد بالسلاح الكيماوي. ترافقها عمليات قصف لمناطق مختلفة تروج لمعركة كبرى وشيكة في الشمال للقضاء على المتمردين على نظام دمشق (الشرعي). ولم يتأخر ديمستورا جاسوس المفاوضات، في تكرير بياناته وقلقه على حماية المدنيين، التي سمعناها يوم حلب وقبل سقوطها بأكثر من عام، يطالب بممرات آمنة لتسليم إدلب ومناطق الشمال مفرغة من رجالها الذين لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها وهم فيها.

دخان كثيف لا يستطيع إخفاء خوف وهلع الروس وميليشيات النظام وإيران من مواجهة الثوار على الأرض، التي خبروا أوارها منذ انطلاق الثورة الثورة ويوم تدخلت روسيا خريف عام 2015.

ويتمثل البديل الثاني أو المرافق في إشعال معركة داخلية بين الفصائل المصنفة معتدلة وإرهابية، أو تحت عناوين أخرى كما حدث في الغوطة والقلمون ودرعا وغيرها، عبر إغراق بعض الفصائل في سيل الفتاوى لبعض الشرعيين الجهلة أو العملاء، الذين تم زرعهم في قلب الثورة، ضمن لعبة مخابراتية دولية إقليمية خبيثة لم يتسن للثوار من يحميهم منها وهم منهمكون في ساحات القتال. ويتم التحضير لهذه المعركة في إدلب بكل الوسائل.

ويتمثل البديل الثالث بشن معركة جوية وقصف روسي وحشي لتدمير المشافي والأسواق والمدارس والأحياء السكنية ومواقع الثوار الرئيسية، ويتحرك مركز حميميم وأدواته، وتعلو أصوات (الحكماء العملاء) لحماية المدنيين وضمان سلامة الفصائل وتسوية أوضاعها مع النظام، عبر تسليم الشمال للروس الضامنين، وهم سيسلمونها للنظام بعد ساعات، كما حدث في درعا والغوطة وشمال حمص، وتتم بعد ذلك العودة بسوريا إلى ما قبل المربع الاول، إلى السجن المخابراتي الكبير وتصفية الشباب وكل ثائر وثائرة وكل حيادي لم يشارك في التشبيح. وأمام خطط الروس وحلفائهم يتحتم أن تكون خطة الثورة مبنية على خيار وحيد، المواجهة والمقاومة لحماية الشمال واسترداد مواقع استراتيجية من النظام في حلب وحماه والساحل وغيرها، هي في متناول اليد. وترتكز هذه الخطة على أسس راسخة أهمها:

أولا: التزام وعهد بوحدة الصف بعد أن توحدت الفصائل، الوحدة التي ما خذلت الثوار يوما، واستنفار كل الفصائل، وكل الشباب السوريين في المخيمات والداخل التركي للدفاع عن معقل الثورة في الشمال، فلم يعد هناك متسع من الزمان والمكان بعد إدلب.

ثانيا: تحريم المعارك الجانبية أيا كانت الأسباب فليس لدينا فائض قوة لنحارب كل الدنيا عن كل الدنيا، وندع أرضنا وعرضنا ومدننا وقرانا فريسة سهلة للنظام الأكثر إرهابا في العالم ممارسة ورعاية للمليشيات الإرهابية الطائفية التي خلقها واستقدمها من خارج الحدود.

ثالثا: رفض الاقتراب من مستنقع المصالحات رفضا قاطعا وعدم السماح لمروجيها بالحركة، وأن يكون شعار معركة الشمال، لا تفريط بحبة تراب ولا مفاوضات الا على رحيل بشار الأسد وزمرته حصرا.

في أيام إدلب والشمال الحاسمة في مصير الثورة السورية، ليتذكر الثوار أن تدخل الروس عام 2015 بدأ بالهجوم على هذه المنطقة تحديدا للاستيلاء على الشمال السوري، وإغلاق الحدود مع تركيا وخنق الثورة. يوم انهزم الروس وحلفاؤهم شر هزيمة في معركتي ريف حماه وإدلب، يوم تحولت الفصائل في أرض المعركة إلى جيش واحد يتدافعون نحو الشهادة . وليتذكروا أيضا أن النظام وحلفاؤه لم ينتصروا في معركة واحدة على الأرض طوال سبع سنوات، وأن المناطق كلها سقطت تحت غطاء خدعة مؤتمرات ومفاوضات جنيف وفينا وأستانة والرياض وعمان والقاهرة، وانتهت بتسليمها إلى النظام وترحيل ثوارها.

بطولات الثوار السوريين وشلال الدماء الطاهرة لأكثر من مليون شهيد أعادت إلى الأذهان بطولات الشعب السوري في مواجهة المستعمرين التي وثقتها برقيات جنرالات فرنسا المرسلة إلى وزارة الدفاع الفرنسية، أيام الاستعمار، حول بطولات ثوار دمشق وغوطتها وحوران وجبل العرب وحماه وحمص ودير الزور. وليت الثوار يسألون شيوخهم اليوم عن ما أوردته البرقيات عن بطولات إدلب وجبل الزاوية ورجال الشمال تحديدا، يوم كانت جزءا من حلب، وشكواهم من استعصاء اقتحامها على الجيش الفرنسي المدجج بأحدث الأسلحة يومها، مثل روسيا اليوم، يشكون كفر تخاريم وإحسم وصقاط والبارة ومعرة النعمان وقطرة وكفرنبل ورجالها، إبراهيم هنانو ومصطفى الحج حسين والأمير الشايش وعقيل صقاطي وغيرهم كثير رحمهم الله. وليثقوا أن بطولات كل المدن السورية ورجالها سيوثقها الأعداء قبل الأصدقاء يوم هزيمة المحتلين والغزاة القريبة جدا.

 تركيا حامية الشمال بمواقعها ونقاط المراقبة، تقدمت لحماية السكان المدنيين وحماية أمنها القومي، وحماية ظهر الثوار يوم تخلت غرف عمليات الموك والموم عن تقديم الخبز للفصائل، تركيا لن تتخلى عن حماية ملايين المدنيين والنازحين على حدودها. ولكن القضية قضيتنا والأرض أرضنا ونحن وحدنا المسؤولون عن حمايتها. ستتغير مواقف الدول امريكا واوروبا وكل الدول الشقيقة والصديقة التي (تتفرج علينا الآن) عندما ينتصر رجال الجيش الحر في معركة الشمال وسيكون مصير روسيا وإيران ونظام آل الوحش مثل كل المحتلين والمجرمين الطغاة في ✔التاريخ ...

وللحديث بقية ...!!!