نرفض الاصطفافات الطائفية ونرفض مدخلاتها ومخرجاتها

زهير سالم*

إن الاصطفافات الطائفية التلقائية تؤشر مباشرة على تشييء أصحابها… تعني أن يكون الإنسان العاقل المميز المكرم مثل الكرة المرتدة.. يصطف تلقائيا حيث تلقي به أمواج الفتنة…!!

‏إن محاولة الفاتنين إلقاء إثم الاصطفاف الطائفي على كل من أشّر على تماديهم، هو لعبة الطائفي المخلوع نفسها. فالطائفي الذي أنجز للسوريين زنازين تدمر وصيدنايا وجلاديها.. يظل يتهم الأبرياء من ضحاياه بالطائفية..!! وأظنها أصبحت لعبة ممجوجة، ومضغة منتنة مأكولة..

‏ثم إن دمج القضايا المتباينة في ملف واحد لأي واقعة. في القضايا المختلطة والملتبسة، يكون لا بد أن يرد كل موقف إلى الراية التي تحمل عنوانه… دائما في الملفات المختلطة لا يوجد حق وباطل مطلقين هنا وهناك…

‏إن كل انتهاك للإنسان على أي خلفية، ومن قبل أي طرف هو انتهاك مرفوض ومدان، وهو من قبل الطرف الممثل للدولة السورية أشد إدانة.. ولا يكفي أن نسمع إدانة للفعل، ووعدا بالمحاسبة في كل مرة.

‏نريد أن نثق بجنود دولتنا، نريد أن ندافع عنهم بجدارة، نريد أن نفخر بهم، نريد أن نتابعهم أمثولة حقيقية في الانضباط والالتزام، والتوقف عند الحدود.. والقيام بدور مبضع الجراح وليس ساطور الجزار…

‏لسنا مصطفين طائفيين ولا يمكن أن نكون… ونرجو أن نمنح هذا الشرف المأمول.. ولكن في الوقت نفسه لا نستطيع أن نقبل ولا أن نتقبل أمرين:

 

‏لا نستطيع أن نتقبل أي تفكير في التوجه إلى عدو تاريخي للشعب السوري، ولا اللجوء إليه، ولا الاستنصار به. وهذا الفعل المرفوض والمدان إنما يلزم من أقدم عليه بشخصه، ومن تورط به، ولا يجوز أن يحسب على جمهور أي مكون من مكونات الشعب السوري. وأخشى ما نخشاه أن يقوم المرتدون الطائفيون.. باللعب عليه لاستثارة الحمية الجاهلية والاستثمار فيها.. دائما تبقى القاعدة الشرعية الحقوقية (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ) هي الأصل والأساس.

‏ولا نستطيع أن تقبل أيضا، أي تمييز أو تميز طائفي في سورية على أي خلفية وتحت أي عنوان. إن الشعب السوري بخامته وعامتة واحد. إن المواطنة هي المظلة الجامعة. ولا يمكن أن نعود إلى نظام التراتبية التي تعني أن مواطنا يتقدم على مواطن على أي خلفية. لن يسلب أي مواطن حق أخيه، بسبب لون عينيه.

‏لا يمكن أن نقر بوصفنا سوريين، أن الذي يملك السلاح يستطيع أن يحصل على حقوق أكثر..

‏ولا نستطيع أن نقبل أن الفرد أو الفئة منا التي تجد دولة أو مؤسسة تتبنى قضاياها، أو تدافع عنها، أو تنشر أخبارها، أو تدافع عما تعتقد أنه مظلوميتها.. تنال حقوقا أكثر ، أو اهتماما أكبر ..

‏إن استمرار هذه السياسات تحت أي عنوان، سيعني أنه لم يتغير في سورية التي حلمنا بها على مدى ستين سنة حرة كريمة مستقلة، غير الأشخاص..!!

‏إن المجتمع المدني والدولة المدنية، لا تقبلان أن يكون في ظل أي دولة حلقة أضعف، ولا يجوز أن يفرض التمييز لا السلبي ولا الإيجابي.. لحساب أي فريق وطني.. على خلفية انتمائه الطائفي.

‏نصطف إلى جانب كل الذين وقع عليهم الظلم من مواطنينا… نغضب لكل قطرة دم سفكت بغير وجه حق، نغضب لدماء المدنيين من نساء وأطفال مهما تكن هوية المنتهكين، ونغضب بالمثل لدماء أبنائنا في قوات الأمن والقوات المسلحة، الذين تم الغدر بهم، والاستخفاف بدمائهم..

‏إن كلمات العزاء والمواساة لا تغني في مواساة الأسر المكلومة شيئا. علينا أن نتصور جميعا حال الأسر التي بشرت بالأمس بفقد الابن أو الأب..

‏لقد أغرقنا النظام المخلوع بالموت وبالدم بما يكفي .. وآن الأوان لسورية والسوريين أن ينعموا بالأمن والأمان والسلم والسلام..

‏وأخيرا فإن إدانة العدوان الصهيوني ببواعثه وبأبعاده لا يعني لنا الكثير إن الرسالة الأهم التي ما زلنا بحاجة إلى أن نُسمعها لهذا العدو أننا سادة المنطقة، وأصحاب قرار الحرب والسلام فيها…

‏وفق الله سورية الحبيبة في أمورها، وسدد على طريق الحق والخير والسلم والسلام خطاها..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية