محطة سورية الجديدة والإشكالات المُثارة

والموضوع الكردي الشائك ومنّاع

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

مهما اختلفت الآراء عن محطة سورية الجديدة التي ستنطلق الشهر القادم ، فهي مما لا شكّ فيه نتاج جُهد مشكور عليه صاحبه ، لأنه على الأقل استطاع إخراج مولود جديد بغية اطلاع الرأي العام العربي والسوري عن مأساة شعبنا السوري المُستمرة منذ قرابة النصف قرن من الزمان ، ولو أنّه ثار حولها لغط كبير ، ولكن هذا يتبع إلى شروط الصحة والعافية لما ستكون عليه من المساحة الحرّة الإيجابية التي تنفع البلد وتخدم المُعارضة ووحدتها ، وليست السلبية الهادمة والمُفرقّة ، فمن غير المقبول مثلاً أن تكون المحطّة مركزاً تآمرياً على المُعارضة مثل بعض المواقع التي تدعي المُعارضة ، وكذلك من غير المقبول أن تكون محطّة ضرار للتهجّم على الدين والمُقدسات والثوابت الدينية والأخلاقية ، والحرية التي ينبغي أن تكون فيها للانتقاد الموضوعي البعيد عن التجريح والتطاول على الدين وثوابت الأُمّة والمُقدسات أو الاعتداء  ، وليكن شعارها الأوحد من حقك حرية الانتقاد ولكن ليس من حقك حرية الاعتداء ، وحتّى في المُحاورات السياسية المُتعاكسة لا بد من وجود الطرفين النقيضين في النقاش ، حتّى تنال هذه المحطّة المصداقية على الصعيد الوطني والعربي ، وبشّار السبيعي كما قيل عن تسميته مديراً عامّاً للمحطّة بناءاً على معايير مهنية أمرٌ طيب ونتمنى عليه أن يكون كذلك ، ولا يُشغلنا بتلك الساقطة واللقيطة " وفاء سلطان " وبأفكارها ،  التي أبت إلاّ الهجوم على مرتكزات الأُمّة  واستمراءها في مواجهة الدين وتدّي الأُمّة ،ونحنُ  وجبهة الخلاص بما فيها السيد خدّام وكُل أطياف المُعارضة لن نتهاون بهذا الخصوص ، مع أيٍّ كان سواءاً كان خلاصياً أو مُعارضاً أو من السلطة ، وتلك التي نُسميها الخطوط الحُمر ، التي دونها تُبذل المُهج والأفئدة ، ولا تشفع لصاحبها شفاعة الشافعين

وبحكم علاقتي الطيبة مع كُل أطياف المُعارضة ومنهم ولا شك السيد عبد الحليم خدّام وأبنائه ، والذين أود أن اشهد لهم بأنهم على عمل دءوب ومُستمر نحو الأهداف العالية ، وتحقيق الطموح بعمل سريع للتغيير الديمقراطي في سورية ، ولكن الظروف الدولية المُعقدة، واللعب على الملف الإسرائيلي والجولان ، وتداخل الملفات أدّى إلى تأخير ما كُنّا نطمح إليه جميعاً من التغير،وللحق أقول بأنّ السيد  خدّام منذ انضمامه للمعارضة وانشقاقه عن النظام ، صار للمعارضة صدىً أوسع ، وطعماً خاصاً أكثر جدّية على عملية التغير، رغم بعض الأخطاء التي وقع  فيها كما وقع فيها غيره ، كون الجميع ليسوا معصومين عن الخطأ ، وهنا يجب أن نُشير إلى بعض تصريحاته آل الخدّام التي قد تكون قد فهمت خطأً ، ومنها في القضية السورية الكردية ، حول حقوقهم المشروعة والحكم الذاتي و ما شابه ، والذين تناولهم البعض بالتجريح لهذه الغاية فأقول : إنّ ما جاء على لسانهم فيه شيء من الواقعية ، فأي بحثٍ في هذه القضية وتفصيلاتها سيستغلها النظام بأبشع صورة ومن ثُمّ يقوم على تشويه المُعارضة للطعن فيها،  ووصفها بأقذع الألفاظ التخوينية والتقسيمية، وهذا لا يخدم عملية التغيير بأي حال من الأحوال ، ناهيك عن أنّ مطالب الأكراد كُلها ستكون مُجابة في الدولة السورية الديمقراطية والعادلة بحكم القانون الذي سيشارك في وضعه كافة الطيف السوري ، بما يخدم الجميع ، ويُلبي حاجات كُل المناطق والأعراق بعد الكبت الطويل، وحينها فقط سيشعر الأخ الكردي بالمُساواة مع العربي في كافة الحقوق والواجبات ، وحينها أيضاً سيكون الأكثر تمسكاً بالدولة السورية ، وهو سيكون أحد الضمانات المُهمّة لعدم عودة الاستبداد ثانية، ولكن إن جرت الأمور على غير المطلوب  ، فحينها جميعنا سيقف إلى جانب أي عرقية أو فئة لا تُنصف حتى تنال جميع حقوقها كاملةً دون نقصان ، حتى ولو أدّى ذلك إلى حكم ذاتي وما شابهه

ولكن أي بحثٍ الآن في أمر يخصُّ جميع السوريين  من قضايا الوطن ، فيه تجنّي على الشعب والرأي العام الذي سيتساءل عمّن أعطانا هذا الحق للبحث فيه ولم يجتمع على القرار الجميع ، وحينها سنُدمغ بسِمة الاستبداد والتفرد في اتخاذ القرار، مما سيخلق حالة من الانقسام التي سيستفيد منها النظام للبقاء والاستمرار ، وبالتالي علينا الآن ألاّ  يكون سعينا إلاّ إلى إسقاط النظام سلمياً الذي سيستفيد منه لا شك الجميع ، وذلك عبر تلاحمنا للظهور بالموقف المُوحد ، لإقناع الجماهير بهذا البديل ، وذلك عبر منابر المعارضة ، ومنهم هذه القناة التي نأمل إن تكون على مستوى مواكبة الحدث ، ومنبراً حرّاً يبني ثقافة الحوار الحُر الإيجابي والتلاقي ، لتؤسس للقاء وطني جامع يضمُّ كافة مُمثلي الشعب وفئاته ، وهم مُجتمعون على طاولة واحدة ، يُقرروا فيها مُستقبل البلد ، ويرسموا خطوط تطوره وإعادة بناءه وتأهيله ، لتكون قراراتهم جماعية في كُلّ شيء ويكونوا مسئولين عنها أمام المواطنين ، وليست قرارات فردية غير صالحة للاستمرار ، ومدعاةً للطعن والتشكيك

وأنا لا أقول ذلك إلا من باب الانسجام الكامل مع كُل قوى المُعارضة في دفع عجلة التغير إلى الأمام ، على خُطىً ثابتة وراسخة ، وأُسس متينة مبنية على الصراحة والشفافية والثقة ، وتأسيس ثقافة الابتعاد عن التجريح والتطاول على أي مُعارض سوري شريف مُلتزم بمبادئ الشرف المُتعارف عليها بين الحُلفاء، ومُباركين جميعاً لأي جُهد طيب يقوم به أياً كان ، ومهما كان حجمه ، لاسيّما إذا كان هذا الجهد بضخامة هذا مشروع عمل قناة فضائية لا تكون حكراً على أحد بحسب ما جاء من أقوال مؤسسيها ، أي سنكون جميعاً شُركاء في صنع قرارها وتقويمها من أي اعوجاج ، وأعتقد أن السيد بشار السبيعي سيكون مُدرك لحساسية الموقف ، وفرضية تعامله مهنياً مع القضايا العامّة ،بعيداً عن معاييره المُختلفة وبما يتوافق مع مُتطلبات الشعب السوري ورؤاه ، وليس فرض ما يراه ، أو البحث في الأمور الشائكة التي تتعارض مع ثوابت الأُمّة

وأخيراً لا يسعني إلاّ أن أتوجه الى هيثم منّاع لأقول له حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فليقل خيرا أو ليصمت) وإن كنّا صامتين عليه فليس ذلك عن ضُعف منّا ، وإنما عن حرص عليه كي لا نقع في المُهاترات وكشف المستور، وإن كُنّا نُقدّر ظروفه فعليه ألا يستثيرنا لفتح الملفات ، وإن كُنّا كسوريين لم نعد نستفيد من مُنظمته أي شيء ،ولكن من غير الجائز اتخاذها كمنبر للتطاول على المُعارضة والتشكيك في مصداقيتها بل وإدانتها تحت دعاوى الحيادية المهنية التي يساوي فيها جرائم النظام ومجازره التي لا مثيل لها بالعالم بما يجري في المُحيط العربي ، والذي لا يرقى الى أجزاء مما يجري في سجون هذا النظام ، وآخرها سجن صيدنايا الذي دُنّس فيه كتاب الله سبحانه وتعالى ، والتي أراد فيها المنّاع التدليس بدعوى فبركة القصّة وسد العجز عن عدم الالتزام بما وعدت به المُعارضة بالتغيير السريع ، فاخترعت القصّة بقصد إثارة النعرات الطائفية  ، واللعب على هذا الوتر ، مُذكراً بمجزرة المدفعية التي حولها مُلابسات كثيرة وراح ضحيتها العشرات ، مُتناسياً المجازر الضخمة التي ارتكبها النظام والتي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء وتهديم المدن، ليوجه من وراء ذلك الخلط سهامه الى الضحيّة وليس الى القاتل، وفي ذلك تجاوز كبير.