هوامش :
(1)المنكود : المَنْحُوس، المَشْؤُوم.
(2)المخمود : (كلمة حجازية يُراد منها وصف النائم )، أو المشغول بأمر استحوذ عليه .
(3)العربيد :سيِّئ الخُلُق، كثير العَرْبَدة شِرِّير.مَنْ يُؤذي النَّاس .
(4)الافتراءات : الافتراء:الكذب في حقِّ الآخرين بما لا يرتضونه )قال السيوطي: الافتراء: اختراع قضية لا أصل لها). قال الكفوي: (الافتراء: هو العظيم من الكذب، يقال لمن عمل عملًا فبالغ فيه ... ) .
(5) المَراحُ : الموضع الذي يَرُوح منه القوم، أو يروحون إِليه، خلافُ المَغْدَى .
(6)التَّنُّور : تنور الخبز الذي يخبز فيه، وكان تنورا من حجارة ، وكان لحواء عليها السلام حتى صار لنوح . فقيل له : إذا رأيت الماء يفور من التَّنور فاركب أنت وأصحابك . وأنبع اللهُ الماءَ من التنور ، فعلمت به امرأتُه فقالت : يا نوح فار الماء من التنور ، فقال : جاء وعد ربي حقا . هذا قول الحسن ، وقاله مجاهد وعطية عن ابن عباس رضي الله عنهما .
(7)صَعودِ : أَصْعِدة وصعائدُ وصُعُد ، أي المشقات ، والأمور الشاقةٌ ، والعقبة الكأداء . يقول تعالى : (سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا) .
(8)سَحَا : جرف ، أزال . ما أبقى لهم أثرا .
(9)القَراح : بفتح القاف، وهو لغة الخالص، والماء القراح أي الخالص من الخلائط .
(10) المنضود والنضيد : المتراكم بعضه فوق بعض باتِّساق رائع .
عشْتُها في خِضمِّها المشهودِ = مستعينا بربِّيَ المعبودِ
غمرتْني أمواجُها ماتهادتْ = تتوالى ثجَّاجةً في صعودِ
عشتُ عمري وبالعقيدةِ فخري = أتغنًّى بها امتدادَ عقودِ
فيقينُ الفؤادِ بالله قوَّى = من خطايَ اعتمدْتُها في وجودي
وهو العمرُ بين شوقٍ تثنَّى = في رحابِ ابتهاجه المعقودِ
وابتلاءاتِ عيشةٍ تتلاشى = بأيادي يقينِه المشهودِ
فأيادي توكُّلي مانعاتٌ = للضلالاتِ والهوى المطرودِ
ماتلفَّتُ في حياتي لزيفٍ = إنَّ عن زيفِها وثيقَ صدودي
فامتثالي لِما نهى اللهُ عنه = واعتدادي بسُنَّتي وعهودي
أرشَدَاني للصَّالحات فحسبي = مايلاقي الأثيمُ من تنكيدِ
ومن البعدِ عن صحائف فيها = بشرياتٌ من الحميدِ المجيدِ
ويظنُّ الإنسانُ ظنَّ جَحودٍ = بنهاياتِ عمره المصفودِ
خلقَ اللهُ الإنسَ والجِنَّ حتى = يُعبدَ اللهُ في رحابِ الوجودِ
فَمَنِ اشتاقَ قلبُه لخلودٍ = في النًّعيمِ الموعودِ يومَ الخلودِ
فَلْيُلَبِّ النداءَ قبل انحسارٍ = لِسُوَيْعَاتِ عمرِه المحدودِ
ضلَّ مَن ضاقَ صدرُه لزهيدٍ = وتمادى في غيِّه المعقودِ
كلُّ فانٍ مهما تراءى بحالٍ = سوف يُطوَى كطيِّ أيِّ زهيدِ
ليس في الكون مَن لديه عهودٌ = في خلود من ربِّه المعبودِ
فأعيدوا تفكيركم في عظاتٍ = لنهاياتِ عادِها وثمودِ
وحكاياتها التي لن تُوارَى =عن فراعين عصرِنا المنكودِ(1)
لطغاةٍ ونخبةٍ لهُراءٍ = ليس فيه من طارف أو تليدِ
ورجالِ ( الأنا ) البغيضةِ عاشوا = في أكاذيبِ المفتري المردودِ
لنفاقٍ تراه في ذبذباتٍ = لأحاديثه بغيرِ قيودِ
ويريد امتطاءَ جِسرِ المعالي = ومقام المهووسِ بينَ اللحودِ
هكذا لانرى سوى قفزاتٍ = لمجانينِ عابثٍ مطرودِ
لاأُواري امتعاضَ نفسي لزور = يتبنَّاه مفسدٌ في الوفودِ
وكتاباتُه تراها هُراءً = فبَنانُ المخبولِ غيرُ سديدِ
طافَ بالمظهر القبيحِ فألفى = نظراتِ ازدرائهم في مزيدِ
هو من نخبةِ الفسادِ فلاتحفلْ . = . برأيِ في سيِّئِ التَّغريدِ
جعلوا السَّعيَ للمظاهرِ زورًا = ما انثنى عن عرضِه المكدودِ
لم يروا حقَّ ربِّهم فتنادوا = بابتذالٍ إلى الهوى الممدودِ
تلكم العربداتُ أضفَتْ عليها = خيلاءً عواقبُ المردودِ
عاشَ نُبْلَ النفوسِ صاحبُ عهدٍ = أحمديٍ وليس بالمخمودِ (2)
ما ترامى على زخارف وهمٍ = أو تردَّى على الهوى المعهودِ
تلك في صحائفِ الصِّيدِ تُلفَى = في المزايا وركنِهُنَّ الحميدِ
فاسألوا الأُمسياتِ كانت لديهم = مقمراتٍ على البساط النَّضيدِ
شاءَ ربِّي لا يَجْتَبِي غيرَ بَرٍّ = يَتَفَيَّا في مُجتَناهُ السَّعيدِ
وجدتْ فيهمُ البريَّةُ أهلا = لإخاءٍ وكلَّ رأيٍ سديدِ
وشبابا وجوهُهُم نيِّراتٌ = كمصابيحِ صبحِ يومٍ جديدِ
في اعتدادٍ بدينِهم والسَّجايا = ووصايا نبيِّنا المحمودِ
حفظتْها الأيامُ شرعًا تسامى = ونظاما لمعطياتِ الخلودِ
معهم عِشْنا إخوةً لم نفارقْ = نفحاتٍ من دارةِ التجويدِ
فالمثاني فيها جلالُ مُقامٍ = أَمْثَلٍ في السرادقِ المنضودِ
ماجفتْهُ القلوبُ حاشا فأغنَتْ = مقلتيها من زهوِها المشهودِ
وتعالتْ على فتاتِ الدنايا = وعلى واردِ الهوى الموؤودِ
وتقضَّتْ أيامُ فضلٍ و ولَّتْ = ويحَ نفسي على الزمانِ الرغيدِ !
وفقدنا أحبَّةً ما رأينا = في النواحي أمثالَهم من ودودِ
هم أتوا في حياتِنا فأتَتْنا = بسماتُ الوفاءِ في تجديدِ
إخوةٌ في ظلالِ دينٍ قويمٍ = مادهتْهم يَدَا خؤونٍ حسودِ
وتواروا ونحن في غربة العُمرِ . = . نعيشُ اكتآبَها في هجودِ !
إخوة الدربِ والرزايا شِدادٌ = وتمادي الطغاةِ بيتُ القصيدِ
أثخنوها جراحَنا وأباحوا = حرماتٍ للبارئ المعبودِ
فسجينٌ يأبى الخنوعَ لباغٍ = وأبيٌّ قضى كأيِّ شهيدِ
ونجيبٌ في مهامه الأرضِ يمشي = في ثيابِ الهدى كأيِّ طريدِ
ومئاتُ الآلافِ بين جريحٍ = ومصابٍ وليس بالرعديدِ
هم رجالُ الإسلامِ عاشوا كراما = رغم حكمِ الشِّريرِ والعربيدِ (3)
وتضجُّ الأنباءُ لكنْ لماذا = هي فوضى الإعلامِ للتأكيدِ !
فضحتْهم مؤامراتْ توالت = مكرُها لابتزازِ ركبٍ فريدِ
خسئ المكرُ مكرُهم ماتعدَّى = قبضةَ الحقِّ رغم بغيِ الحشودِ !
علَّمتْني الأحداثُ أنَّ الرزايا = حبلُ تزآرِها بكفيْ أسودِ
لن يهونوا لعصفِها أو يوالوا = نخبَ العارِ والأذى والجُحودِ
يطمئنُّ الأبرارُ للوعدِ أمضى = من سلاحِ الفرعون والنمرودِ
وَعْدُ ربِّي يُذكي بكلِّ فؤادٍ = بيِّناتٍ من الكتابِ المجيدِ
فَارْمِ وَهْنا طغى بحالِ شعوبٍ = في بلادِ الإسلامِ غيرَ سديدِ
وَاصْحَ فجرًا لتشهدَ اليومَ عهدا = يتثنَّى بزهوِه المعهودِ
دينُك الحقُّ يا أخي ليس يفنى = ليس يُطوَى وليس بالمهدودِ
هو عالٍ والحافظُ اللهُ باقٍ = وسوى دينِنا إلى الزوالِ الأكيدِ
وقُوى الكفرِ والمجونِ هباءٌ = لا تغرَّنْك بهجَةٌ في الوفودِ !
فافتراءاتُهم صحائفُ زورٍ = نمَّقَتْها يَدَا عدوٍّ لدودِ
بين هول الأحداثِ سرٌّ تراءى = لأُولي الإيمانِ اغتدى ببنودِ
حملتْها أكفُّ ركبٍ تصدَّى = بالجهادِ المقدسِ المحمودِ
ورآها الأعداءُ منه فداءً = و وعاها الطغاةُ بعضَ رُدودِ
وتقضَّتْ تلك السنون وقلبي = في المَراحِ المستأنَسِ الممدودِ
حملتْ من آلامها جمرَ خطبٍ = يتلظَّى تنُّورَه لِصَعودِ(7)
في أخاديدِه مذابحُ قومي = لافتراءاتِ الظالم النمرودِ
تركتْ في أضالعي وَهَجَ الثَّأرِ . = . يُدَوِّي فيا لذاك الوقودِ
حقدُهم أعمى مذ تخلوا جهارًا = عن مزايا إنسانِ هذي العهودِ
فوحوشٌ قد أرضعتْهم وَلُودٌ = لعنَ اللهُ غابَ تلك الوَلُودِ
وحكايا مريرةٌ قد رواها = في سجون البغاةِ سلخُ الجُلودِ
في ليالٍ بل نصفُ قرنٍ تمادى = فيه طغيانُهم خضيبَ لُحودِ
ليس تبكي شآمُنا لا وربِّي = فهي الشامُ شامةٌ في الوجودِ
شعبُها الصَّابرُ النجيبُ تحَدَّى = كلَّ طاغِ وخائنٍ موؤودِ
يوم هبَّتْ في وجه أهلِ المخازي = واستجارَت بربِّها المعبودِ
أدركتْها عنايةُ اللهِ فارتاعتْ . = . فلولُ النظامِ صنو الجنودِ
قد شهدنا إجرامَهم ورأينا = كيف فرَّ المأروضُ خلف الحدودِ
وعلمنا المشاهدَ ارتكبوها = بِيَدَيْ فاسقٍ بغى وحقودِ
جلَّ ربِّي هم الجناةُ أرادوا = لشبابِ الإسلامِ قطعَ الوريدِ
فمئات المجازرِ الحُمْرِ سالت = من دمِ الأبرياءِ من كلِّ جيدِ
حفظتْها أعمارُنا سِفرَ عهدٍ = لعنتْهُ الأنفاسُ بالتَّأكيدِ
المشقاتُ لم تزل باستعارٍ =في ضميرِ الحفيِّ بالتَّنهيدِ
ليس جُبْنًا وليس فيه ابتعادٌ = عن خطوطِ الإيذاءِ والتهديدِ
هو أقوى من الفجائعِ حلَّتْ = في حياةِ الأبيِّ والصِّنديدِ
يجرعُ الخطبَ مطمئنا لفتحٍ = من إلهِ الأنامِ ربِّ الوجودِ
ليس يخشى فللطغاةِ مآلٌ = سننٌ في كتابها المعدودِ
الثَّمانون بالهدى قد تسامتْ = وبإرثِ النُّبُوَّةِ المشهودِ
ليس كلُّ النفوسِ تملكْنَ شأوًا = يتجلَّى في المدرجِ الممدودِ
إنَّما في نزالِ أهل التَّعالي = بالتَّعالي على الزنيمِ المَريدِ
كم وجدنا من مفلسٍ من مزايا = هي ثوبُ التُّقاةِ أهل السُّجودِ
ووجدنا حقيرَ نفسٍ لِخُبْثٍ = بين جنبيْهِ ياله من حسودِ
فنفضنا غبارهم وتلاشى = كتلاشي وساوسِ التحشيدِ
فابتلاءاتُ الأرزاءِ ركنُ سُمُوٍّ = ما تعدَّتْ رعايةَ التَّضميدِ
قد أعزَّ الرحمنُ عبدا منيبا = في خضوعٍ لربِّه المعبودِ
ما نَأَيْنَا عن الشريعةِ أحيتْ= رفرفاتٍ من طيبِها الأُملودِ
ويعيشُ الفؤادُ أمْنَ حفِيٍّ = ليس يخشى هواجسَ التنكيدِ
في خضمِّ الآفاتِ يلقى أذاها = ويردُّ الأمواجَ للتَّبديدِ
وترى النفسُ شأنَها في نعيمٍ = ومقام الرقيِّ في تشييدِ
يالياليها في الثمانين مرَّتْ = في مغاني قدسيَّةِ التخليدِ
والمآتي مكنونةٌ ليس تُنْسَى = في الكتابِ المكنونِ قيد الخلودِ
ماأردناه للغدِ اليوم يبقى = عندَ ربِّي بارِكْ به من رصيدِ
مَن رأى فضلَ ربِّه فَلْيُعَجِّلْ = في مزايا مآثرِ التَّرشيدِ
ماجزعنا إذا الحياةُ تولَّت = حسراتٍ إنْ عشْنَ في التوطيدِ
فَسُوَيْعَاتُها إذا ما تراءتْ = في مناجاةِ البارئ المعبودِ
فالبشاراتُ لم تزل تتثنَّى = في الصباحاتِ مثل يوم العيدِ
لن يضرَّ الأبرارَ ظلمُ جناةٍ = أو هراءٌ لحاقدٍ وحسودِ
كلُّ آنائِهم صدى القيمِ البيضِ . = . تخطَّتْ بشاعةَ التشريدِ
في خضم اعتكارِها جَدَّ عزمٌ = ماتلاشتْ قُواهُ في التغريدِ
لم تزلْ في أمواجها تتهادى = رغمَ عصفِ الأذى المقيتِ الشَّديدِ
فالثمانون في خطاها تراءت = في ثيابِ اليقينِ والتوحيدِ
ما حَنَتْ ظهرها لغيرِ كريمٍ = ليس ينسى تضرُّعَ المكدودِ
والمصيباتُ نارُها أطفأتْها = رحمةُ اللهِ في جلالِ السجودِ
والأذيَّاتُ دوَّختْ شانئينا = حيثُ لاقوا عواقبَ التهديدِ
إنَّهُ اللهُ ما قلَى مستجيرًا = حين نادى في ظلمةِ التصفيدِ
الطغاةُ البغاةُ قد جندلتْهم = في المخازي الكبارِ بالتأكيدِ
وسحا وجهَ مكرِهم عن مغانٍ = قاصمُ الظهرِفي نواحي الوجودِ(8)
تلكم الأقدارُ المكينةُ ألقَتْ = مَن تمادوا ضيقَ سوءِ الُّلحودِ
المثاني قد ألهمَتْ وأرتْنا = فتجلَّى ماكان بالموؤودِ
وَسَقَتْنَا شَهدَ المعاني قراحًا = هو صفوُ المقدَّسِ المنضودِ(10)
لانرى غيرَها لأمرٍ جليلٍ = من قديمٍ مُذَمَّمٍ أو جديدِ
ربِّ آثرْ عبادكَ الصِّيدَ وامحقْ = مَنْ تولَّى قيادَ بغيِ الحشودِ