الفارس الشهم أو القبضاي

غالب مصري

[email protected]

هذه واقعة حدثت لوالدي حفظه الله في شبابه حين كان ذات مرةٍ مارّاً قرب بستان "أم الحسن" (التي أصبحت الآن حديقة أم الحسن في الشارع الرئيسي بمدينة حماة) في يوم صيفيٍّ قائظ، وقد لبس عباءته الصيفية وحمل خيزرانته، حينما سمع استغاثة تلك المرأة التي فوجئت بحنش (ثعبان) أسود يخرج لها من جدار البستان أو سياجه، وجرت بينهما معركة: والدي يضربه برأس الخيزرانة والثعبان المنتصب على ذيله يميل ويختل حتى يتفادى الضربة ثم يهاجم والدي ويخطف الشماغ (غطاء الرأس) من على رأسه، وما بين أخذ ورد حتى تمكّن منه والدي بضربةٍ على رأسه رمته أرضاً وضربه عدة مرات حتى مات، ولم يقدر على حمله بعدها إلا اثنان أو ثلاثة من الرجال. فتحيةً أسجلها لصنيع هذا الوالد الشجاع الشهم الذي ضرب المثل في البطولة والنخوة والفداء.

سارَتْ مِلاءَتُها عليها دانيهْ

تَدْنو منَ الجُدْرانِ كالمُتَوارِيَهْ

وإذا بِهِ حَنَشٌ أتى منْ حائطٍ

يَبْغي مهاجمةَ الحَصَانِ الدَّانِيَهْ

صاحت تناشدُ مَنْ يُغيثُ بمحنةٍ

تقِفُ الشُّعورُ لهَوْلِها كالدّاهيهْ

سمع استغاثتَها نبيلٌ عابرٌ

فأتى لنُصرتِها بنفسٍ راضيهْ

شَهَرَ العصا من خيزُرانٍ مُقْدِماً

لمْ تُثْنِ هجْمتَهُ مخاوفُ واهيهْ

فتناوشا وتبادلا في حَوْمةٍ

مثلَ الوغى وبسرعةٍ متناهيهْ

حتى علاهُ بضربةٍ في رأسِهِ

جعلتْهُ يهوي كالحبال الباليهْ

وهوى عليه بخيزرانتِهِ فما

لبث المجندَلُ أن هوى بالقاضيهْ

وتجمّعت بعصُ الرِّجالِ وصافحوا

بطلاً رأَوْ منه الفِعالَ السّاميهْ

والأسْودُ المأفونُ ناءَ بحَملهِ

اثنان من أهل الزُّنودِ العاتيهْ

كَمْ مِنْ فتاةٍ تستغيثُ بأُمّتي

عنها المسامعُ والمروءةُ لاهيهْ

في القدس في الشيشان في كشميرَ في

كل البلاد قريبةٍ أو نائيهْ

هلْ ثَمَّ معتصمٌ كهذا مُنْجِدٌ

أم أنَّ معتصماً شؤونٌ ماضيهْ؟