عَلَى هُدْبِكِ
د. محمد جاهين بدوي
عَلَى هُدْبِكْ.
يَحُطُّ الْمَنُّ ظَمْآنًا..
وَيَهْوِي هَائِمُ السَّلْوَى...
قَنَادِيلاً..
مُرَجِّعَةً مَوَاجِدَهَا..
بِظِلِّ الْهُدْبِ..
كَوْنِ السِّحْرِ..
تَسْبِيحًا وَتَرْتِيلاَ.
ويَأْوِي قَلْبِيَ الْمَفْتُونُ..
مُغْتَرِبًا..
جَفَاهُ الرِّيُّ وَالتَّحْنَانُ..
أزْمَانًا..
لِفَجْرِ الفَيْضِ..
بَوْحِ السِّرِّ..
فِي هُدْبِكْ.
* * *
عَلَى هُدْبِكْ.
رَمَانِي الحُبُّ مَصْلُوبًا..
عَلَيَّ اللَّعْنُ مَصْبُوبًا..
وَمَطْلُوبًا..
لِحَدِّ العِشْقِ..
- تَقْتِيلاً وَتَمْثِيلاً -..
فَلاَ دِيَةٌ تُفَادِينِي..
وَلاَ خِلٌّ يُشَفَّعُ لِي..
وَلاَ صِدِّيقَ يَرْثِينِي..
وَلاَ حِضْنٌ..
أَلُوذُ بِهِ..
بِكَوْنِ الدِّفْءِ..
فِي قَلْبِكْ !.
* * *
عَلَى هُدْبِكْ.
أقَامَ الدَّهْرُ مِقْصَلَتِي..
أيَا صِلَتِي..
وَيَا تَنْزِيلَ فَاصِلَتِي..
وَردَّ عَليَّ قُرْبَانِي..
وَأَوْرَى نَارَ أَشْجَانِي..
وَخَلاَّنِي..
سَقِيمَ عَرَائِكِ المَنْبُوذَ..
لاَ يَقْطِينَ دَثَّرَنِي..
وَبَعْثَرَنِي..
تَسابِيحًا مِنَ النَّجْوَى..
مُعَلَّقَةً..
بِأُفْقِ الوَحْيِ في كُتْبِكْ.
فَلاَ حِبِّي تَنَزَّلَ لِي..
وَلا لِجَنَاهُ أَصْعَدَنِي..
وَدَلاَّنِي..
لآخِِرَتِي..
وَشَقَّ شَفِيرَ مَقْبَرَتِي..
عَلَى دَرْبِكْ !!.
* * *
عَلَى هُدْبِكْ.
رَأَيْتُ كِتَابِيَ المَنْشُورَ..
قَالَ: اقْرَأْ.
فَقُلْتُ: عَيِيتُ تِبْيَانَا..
وَمَا أُوتِيتُ قُرْآنًا..
فَقَالَ: اقْرَأْ.
عَلَيْكَ الآنَ قُرْآنُكْ.
وَمنْكَ إلَيْكَ تِبْيَانُكْ.
وَأَلْحَانُكْ.
وَحَيْنُكَ في الدُّنَا حَانُكْ.
فَقُمْ أَبْشِرْ.
لَقَدْ أُعْطِيتَ ذَا الكَوْثَرْ.
أَيَا قَرَّاءَ تَوْرَاتِي..
وَيَا قَمَرًا بِمِشْكَاتِي..
يُرَقْرِقُ بَوْحَهُ الأَخْضَرْ.
فَقُمْ أَبْشِرْ.
وَشَانِيكَ هُوَ الأَبْتَرْ !!.
وَعِشْقُكَ لِلْوَرَى..
نَبَأٌ عَظِيمُ الوَجْدِ لا يُنْكَرْ.
بِهِ فَاصْدَعْ..
بِهِ بَشِّرْ.
فَقُلْتُ:
إلَيْكِ إِسْرَائِي لِسَرَّائِي..
وَفِيكِ إِلَيْكِ..
مِعْرَاجِي لأَبْرَاجِي..
وَشَرْقِي أَنْتِ كَعْبَتُهُ..
وَمَأْوَاهُ إِلَى غَرْبِكْ.
وَثَوْبِي فِي الهَوَى ثَاوٍ..
بِطُهْرِ الطُّهْرِ..
فِي ثَوْبِكْ.
* * *
عَلَى هُدْبِكْ.
بُعِثْتُ نَبِيَّ أَحْزَانِي..
وَأَلْقَى الْعِشْقُ فِي رِئَتَيَّ..
فِي كَبِدِي..
مَنَ التَّبْرِيحِ نَامُوسَا.
فَحَبْرًا صِرْتُ فِي حُبِّي..
وَشَمَّاسًا وَقِدِّيسَا.
وَدَاوُدًا وَإِدْرِيسَا.
وَأيُّوبَ الهَوَى - لَيْلَى -..
غَدَوْتُ..
فَآهَتِي وَلْهَى..
بِسَمْعِ الكَوْنِ سَيَّارَةْ.
يَذُوبُ لَهَا الجَمَادُ الصَّلْدُ..
مِنْ شَجَنٍ..
وَتَبْكِي مِنْهُ عَيْنُ الْحُبِّ..
مِدْرَارَةْ.
وَآتَانِي اللَّظَى المَوَّارُ..
عَيْنًا مِنْهُ هَدَّارَةْ.
أُجَرَّعُ فِي هَوَاكِ النَّارَ..
- يَا أَنْوَارَ فِرْدَوْسِي -..
وَأَنْتِ هُنَاكَ..
تَبْتَرِدِينَ في دَمْعِي..
وَتْمتَشِطِينَ مِعْطَارَةْ.
وَتَرْتَابِينَ فِي نَجْوَايَ..
يَا نَجْوَايَ..
يا تَقْوَايَ..
يَا طُهْرِي..
وَدَهْرِي فِيكِ لَوَّامٌ..
وَنَفْسِي فِيكِ أَمَّارَةْ.
أَيَا جَارَةْ.
وَقَلْبِي فِيكِ مُنْشَطِرٌ..
أَخَادِيدًا..
وَمِنْ ظُلْمٍ..
تَوَلَّى الْجَمْرُ بَعْدَ البَيْنِ..
أَشْطَارَهْ.
أَيَا جَارَةْ.
تَلاَقَى فِي دَمِي النَّارَانِ..
مِنْ كَأْسِي..
وَمِنْ بَأْسِي..
وَحَطَّ عَلَيَّ هَذَا العِشْقُ..
أَوْزَارَهْ.
وَمَا أَلْقَى مَعَاذِيرَهْ.
فَلاَ رُوِّيتُ أَكْؤُسَهُ..
وَلاَ مُنِّيتُ أَسْآرَهْ.
أَيَا جَارَةْ.
وَإِنِّي طَائِفُ الأَيَّامِ..
سَاعِي الدَّهْرِ..
بَيْنَ جَلاَلِ تَمْثَالِكْ.
وَأَحْوَالِكْ.
وَحَالِي مِنْ جَوًى..
حَالِكْ.
فَمِنْ خَالِكْ
لِخُلْخَالِكْ.
وَمِنْ هُدْبِكْ
إِلَى قَلْبِكْ.
وَمِنْ قَبْضٍ إِلَى بَسْطٍ..
وَمِنْ بَسْطٍ إِلَى قَبْضٍ..
وَمِنْ طَوْرٍ إِلَى تَارَةْ.
أَيَا جَارَةْ.
وَإِنِّي هَائِمُ الآزَالِ وَالآبَادِ..
ثَانِي اثْنَيْنِ..
أَنْتِ لُغَاهُ وَالشَّارَةْ.
وَأَنْتِ دُنَاهُ وَالدَّارَةْ.
فَهَلْ تَرْضَيْنَ..
هَلْ تَرْضَيْنَ..
هَلْ تَرْضَيْنَ..
يَا جَارَةْ ؟!
وَهَلْ تُؤْوِينَ لِلْمَذْبُوحِ..
أَطْيَارَهْ ؟!
بِقُدْسِ القُدْسِ..
فِي هُدْبِكْ ؟!
عَلَى هُدْبِكْ.
عَلَى هُدْبِكْ.
عَلَى هُدْبِكْ.
*
من ديون " إلاَّ وِدَادَكِ زَيْنَبُ"