الله أكبر.. خربَتْ خَيبر

الله أكبر.. خربَتْ خَيبر

شعر :فيصل الحجي

هل رأيتَ الثلجَ يرمي باللَّهبْ؟..

أو رأيتَ النارَ بالبردِ تَفوحْ..؟

ذاكَ –لا شك- العَجبْ..!

 إنما الأعجبُ من كلِّ عَجبْ..

أن ترى عيناكَ (شيلوكَ) الشحيحْ

 وعبيدَ العِجلِ –والعجلُ ذهب-..!

يُنفقونَ المالَ من غيرِ سَببْ..!

 في جيوشٍ وسلاحٍ..! ما السببْ؟!!

همْ يقولونَ: لكي تَحمي الحدود!

 ولكي تردعَ جيرانَ اليهودْ..!

يا إلهي..!

لمَ تَحمونَ الحدودَ الآمنة؟!

والمواثيقُ عليها ضامنة؟!

لا تراعوا..! فأعاديكمْ غَدَوا حُراسَها

بالعيونِ الساهرة..!

والجيوشِ الكامنة..!

لا تراعُوا..! اتركوهم يسهَرونْ

لتناموا بعيونٍ آمنة..!

*  *  *

تلكَ (سالومي) غدتْ سلطانةَ الشرقِ القويّة

من جواريها نفرتيتي وليلى العامرية!

كيف هذا؟!! كيفَ هذا؟!!

ليس للنذلِ مع العارِ قضية!!

(بختنصر) صارَ من أتباعكمْ

هل نسيتم بختنصر؟

ذلكَ الجبارُ والليثُ الغضنفر..!

صارَ يخشاكم ويستجدي رضاكم

مثلَ فرعونَ وهامانَ وقيصر..!

كلهم في خدمةِ التلمودِ عسكرْ..!

ألفَ مرحى.. بختنصر..!

انظروه.. انظروا الخِلَّ الأمينْ

كيفَ يصطادُ الجنودَ المارقين..!

عندما انحازوا لأوهامِ (الجهاد)

ضد إسرائيلَ يَنبوع الترقّي والسّلامْ!

يا خسارة..!

كيف يؤذي المرءُ جارَه؟!

أبعَصرِ النور تدعو للظلام؟!

وتقوي بدعةَ (التحرير) في عصر الوئام؟!

ألفَ مرحى بختنصر..!

أدَّبَ الغوغاءَ أعداءَ السلام..!

حينما انحازوا لأطفالِ الحجارة..!

وأرانا بأسَهُ في كل حارة..!

أدهشَ الناسَ بتلكَ العبقرية..!

إنها خيرُ تجارة..!

حين تكتظُّ السُّجونْ..!

وتُقصُّ الألسنة..!

وتوافيهِ الرِّقابُ المُذعنة..!

والحدودُ آمنة..!

هيَ دوماً آمنة..!

وانبرى في مِنبر التطبيعِ كالشّهمِ المغامرْ

بلسانٍ يتباهى بالفصاحة

ناشِراً كل أعاجيبِ الكلامْ

عن تباشيرِ السلامْ..!

ثمّ أغرانا بأخلاقِ السماحة

وثمارِ الصلحِ.. حتى لو محا

من فلسطينَ فلسطينَ.. وما

شاءَ أن يمحو فإنّا رابحون..!

عجباً.. يا عجباً.. ذا قولُ مَن؟

بختنصر قالَ..؟ أمْ قالَ (جحا)؟

إنما الصلحُ رَحَى

تطحنُ الحقَّ وتزري بالكرامة..!

ويغيبُ الصدقُ بل كلُّ المبادئ

في صناديقِ القمامة..!

لا عليكم إنْ فقدنا كلَّ شيءٍ

إنما يبقى لأصحابِ الفخامة

شِبه عرشٍ.. وزعامة..!

ولإسرائيلَ أفياءُ السلامْ

والحدودُ الآمنة..!

إنما.. يا.. يا يهودْ..

لمَ تحمُونَ الحدودَ الآمنة؟!!

*  *  *

نظرَ الحاخامُ نَحوي ساخراً

جاحظَ العينينِ كالوحشِ وقالْ:

أتظنُّ الجيشَ يُحشى بركام الأسلحة

لنقيْ (أمنَ) الحدودِ الآمنة؟؟؟
أينَ –يا مسكينُ- عيناكَ وعقلُك؟؟؟

هل ترى أي حروبٍ في الحدودِ الخارجية؟

تلكَ من أسطورةِ الماضي.. وكانت مسرحياتٍ خفيّة..

ولجيلِ اليومِ منهاج جديد

نحنُ لا نخشى جيوشاً عسكرية..!

نحنُ لا نخشى قيادات طرية..!

همُّها الكرسيُّ.. والكرسيُّ عنوانُ القضية!

أبدعت لما غزتنا بشعاراتٍ غبية..!

حبَسوا أجيالهم في قمقم الأوهام دهراً

ونأوا عن كل علمٍ وصناعة

غيرَ تنميقِ الدعاوى.. والعلوم النظرية..!

وتليها عنتريات بأنفاقِ الإذاعة..!

ما استفادوا الدرسَ منّا..!

نصنعُ الحربَ.. وندعو للسلام..

ونديمُ الزحفَ.. والقومُ نيام..!

ونغذيهم –بسوقِ الوهمِ- معسولَ الكلام!

نحنُ صفٌ واحدٌ دوماً وهم مليونُ صف!

نحن صفٌ واحدٌ مهما اختلف..!

فإذا ما الحربُ أبدت ناجذيها..!

زمجرَ المغرورُ في السّاحِ وعربد..

فنريه قاذفاتِ الموتِ في الوقتِ المحدد..!

فإذا الضرغامُ فارٌ.. وإذا الطاووسُ جُدجُد..!

وأمانينا على الأرض تؤكّد..!

ولهذا فالحدودُ آمنة..!

ولهذا نحنُ لم نرفع جداراً

بيننا –نحن- وبين القاهرة

أو دمشقَ الظافرة..

أو سواها من عواصم..!

إنما نخشى البراعم..!

في ثرى (حطّين) تهتزُّ البذور

تنجب الشبل المقاوم..!

من صلاح الدينِ تمتد الجذور..!

وتفدّيه من المحرابِ سجدة

ومنَ القرآن آية..!

فإذا البرعم صاروخٌ خطير..!

إنه يهوى ويرجو خير غاية..!

بسلاحِ الموتِ أرعبنا الأعادي.. إنما..

كيف يثني الخوفُ شِبلاً

يعشقُ الموتَ بساحاتِ الجهاد؟

حيرتنا هذه المعادلة:

كيفَ ننجو من جسومٍ قاتلة؟؟!

لم نجد حلاً لها إلا الجدار..

علهُ يردعهم ليلَ نهار..

ويقينا من لظى (جينين) أو بركانِ (غزّة)

حينَ أحبطنا طموحات الكبارْ

ضجّت الأرض بأحلام الصغار..!

ليسَ عيباً أن ترانا جبناء..!

نحنُ قومٌ أذكياء..!

نعشقُ الدنيا.. ولا نرجو الحياةَ الأبدية

نحنُ لا نضمن فوزاً في الحياة الأبدية!

نحنُ للدنيا خُلقنا..

أترانا نترك المضمونَ من أجل الظّنون؟

تلكَ أفكارٌ رأيناها غبيّة..!

لا نريدُ الموتَ يوماً..!

بل سنحيا دائماً خلفَ الجدار

سترى فوقَ الجدار

-إن تهاوى أمننا-ألفَ جدار..!

وسندعو السادة الأبرار حُرّاس الحدود.. والعهود..!

بختنصر والجنود

لمقاضاة الأصوليين أرباب الفتن..!

عندها نغلقُ أبواب الجهاد

لا.. ولن يلقى صلاح الدين في كل البلاد

من مجالٍ لهجومٍ أو طِرادْ..!

هكذا نحيا حياة آمنة..!

نحنُ أهلُ العبقرية..!

بذكاءٍ ودهاءٍ تنتهي كل قضية..!

*  *  *

ومضى الحاخام كالطاووس يختالُ ويفخر..!

وكأنَّ الوغدَ بالإسلام يسخر..!

فغزتني رعدة جاءت بآلام شديدة..

وظلامُ اليأس قد أسدلَ أستاراً جديدة..!

وأنا أرنو لآفاق بعيدة..!

فجلا عينيَّ من خلفِ ظلامِ اليأسِ منظر..!

إنه نورٌ بمحرابٍ معطر..!

ونداءُ (اللهُ أكبر)..!

وخيولُ الفتحِ تنسابُ بأهدافٍ مجيدة..!

وشبابُ الحق زمجر

سارَ من خلف قيادات رشيدة..

ترسمُ الدربَ بأفكارٍ سديدة..!

وسحابُ الصحوة الغرّاءِ بالخيراتِ أمطر..

ثم أمطر.. ثم أمطر..!

فأزاح السيل أقزاماً من الزحف المظفر..!

ذاكَ سيل الحق بالأهوال يزخر..

كي يذيقَ السيل إسرائيلَ ما ذاقته (خَيبر)!

وإذا طالَ مدى الطغيانِ فالأمرُ المؤكّد:

لن يذوقوا لذة الأمنِ.. وإن

ملأوا الآفاقَ جُدراناً.. وإن

ملأوا الغبراءَ غَرقد..!

عندها أيقنت.. والإيقانُ من صلبِ العقيدة!

أن إسلامي عظيم..!

إنه –رغم كياناتٍ تنادت وحشود-

إنه –رغمَ خياناتٍ حسود وحقود-

إنه –رغم عداوات النصارى واليهود-

إنه –بل عن قريب- سوف يستقبل عبدَه!

في رُبا القدس وفي الأقصى المطهّر..

سوفَ يستقبلُ عبده..!

سوف يستقبل عبده..!

وترى عيني –بإذن الله- أياماً سعيدة...!