اعترافات عنترة

شعر :جمال علوش

خليليَّ لا تبكياني طويلا

مُرا غرّةَ الليلِ أنْ تسدلَ الصمتَ

فوقي

وعودا إلى حيثُ لا نارَ بينَ

المضاربِ

قولا لجمعِ البكاءِ : انتهى

لم يعدُ مثلما كانَ

سيفاً

يردُّ الهزائمَ

يبني من الذَّودِ حُلماً

ويختالُ في مشيةٍ

ساحرهْ

ولا عادَ يُغريهِ نجمٌ

فيمضي

يراودهُ خطوةً خطوةً

ويُغنِّيهِ حتى يشعَّ

ويأذنَ بالقبلةِ

المُسْكِرهْ

وها هو ذا عنترهْ

خيالٌ تناهبهُ

الأمنياتْ

وتغتاله كلَّ يومٍ

بأمجادِها

الذكرياتْ

وها قد غدا شاهدَ

الدَّمع

في زمنٍ تطلبُ الشّاة فيهِ

من الذِّئبِ

أن يمنحَ المغفرهْ

وها عنترهْ

وحيدٌ على هامشِ المجدِ

لا سيفَ

لا رمحَ

لا مُهْرَ يشكو

ولا أهلَ يدعونهُ في

الملمَّاتِ

واللحظةِ العاثرهْ !

* * *

هو الآن يرسمُ فوقَ الرمالِ

الحكاياتِ

يقتاتُ من دمهِ

يحتسي خمرةَ الصَّبْرِ

يرقبُ أن يطلعَ الخوف ُ

من بردتيهِ

المحالْ

هو الآنَ فردٌ :

له كلُّ هذى الفجائعِ :

حزنُ الصحارى

انكسارُ الأخوَّةِ

غدرُ ذوي الرّحمِ

نزفُ الحقيقةِ

وهي تُساقُ – برغمِ التمنُّعِ -

كي تشهدَ الذلَّ

في الكرنفالْ

هو الآن في رِبْذَةٍ

لا يرى غيرَ ما تحملُ الريحُ

من حشرجاتِ

الوطنْ

يشدُّ المراثيَ

يُلْبِسُها خُضرةََ القلبِ

يحضنها

ثم يطلقها كي تبوسَ – على

رغم كلّ المواجع – حزنَ

الدّمنْ !

* * *

أماناً زمانَ التشفي

ورِفْقا

لقد أثقلتني المواجعُ

ما عادَ فيَّ اقتدارٌ

لأدفعَ رمحي يرودُ الميادينَ

غرباً

وشرقا

ويمسحُ عن وجه اثناي

ذُلاًّ

ويطلعُ نصراً

ليزدادَ أحرارُ ( عبسٍ )

و (ذبيانَ )

عِتْقا

وأزدادَ

رِقَّا

أماناً .. أمانْ

تناسى الذين مشوا في

دمي

كلََّّ ما ألبستهم يدايَ من

العنفوانْ

تناسوا ..

كأنّي لمَ أسكبِ الموتَ

لحناً جميلاً

هنا

لم أذُدْ عن حياضهمُ

لم أعلِّق مواويلهمْ في

الشموس

ولم أسقهم خمرةَ المجدِ

كي يرفعوا هامهم فوقَ

هامِ الزمانْ

و هاأنذا مفردٌ في

العراءِ

وحيداً أقايضُ حُلْمي

الذي أجهضوهُ

بشيءٍ من العزمِ

اسألُ عن ( داحسٍ )

ما دهاه

أما زال يشتاقُ للطعن ِ

أمْ أنَّهُ مثليَ الآنَ

يخجل من مقبض السّيف ِ

من وثبة ليس ترضي

سوى الذلِّ

في عُري هذا الإباءِ

المهان ؟!

* * *

ويا وجهَ عبلةَ

أنَّى أراكْ ؟

ويا دارَها كيف أدنو

وكيف أقيمُ التواصلَ

أو انثرُ الشِّعْرَ

والليلُ عينُ ترشُّ

الدِّماءَ

وترصدُ كلَّ يدٍ تشتهي

أن تطوّقَ خصرَ الرمالِ التي

لا تزالُ تنزُّ الهوى

من ثقوبِ

الهَلاكْ ؟!

وياوجهَ عبلة َ

يا قاتلي

هل ترى كيف تغدو المآتمُ

أعراسَ وَرْدٍ تَرَاقَصُ

بين المضاربِ

حين يشاءُ لنا ذلكَ

الأوصياءْ ؟

وهل تبصرُ الآن كيف

ارتمى الثأرُ

مَيْتَاً

بلا ضجَّةٍ

أو بُكاءْ ؟!

ويا وجهَ عبلة َ

يا مُلْهِمَ الروح

كيف لك الآن أن

تقرأ الصّحوَ

أو تلمسَ المشتهى

في امتداداتِ هذا

السوادْ ؟

ويا وجهَ عبلة َ

( يا واحداً في ضبابِ

البنادقِ )

يا سيفَنا الفذَّ

يا رقصةَ الموتِ في

ساحة الخوف ِ

رغم انكسار شعار ِ

الجهادْ

ويا حَكَمَ الموقفِ الآنَ

ماذا ترى

في الوجوهِ

من الزَّهْوِ

من عِزَّةِ

الكِبْرِ

من عنفوانِ

العِنادْ

وماذا ترى

غيرَ نزفِ

البلاد؟

* * *

ويا قلبَ عبلةَ

يا نقطةَ الدِّفءِ

في زمهريرِ الخضوعِ

ويا مُصْحَفَ

المرحَلَهْ

إليك أتوبُ من

الوهمِ

من كلِّ يأسٍ زَنِيمٍ

ومن كلِّ أغنيةٍ لمْ تُسَبِّحْ

بِحَمْدِ الرصاصِ

ولم تشتعلْ قنبلهْ

ويا عبلتي .. ذ ا دمي شاهدٌ

فادخليهِ

تَرَيْ مولدَ الصَّحْوِ

لُمِّيهِ

غَنِّي لهُ كيْ يقومَ

ويدفعَ مُهرَتَهُ للأمامِ

ويضحكَ للجولةِ المُقْبِلَهْ .