فى لَهِيبِ الشُّوَاءِ
فى لَهِيبِ الشُّوَاءِ
د. محمد عبد المطلب جاد
أستاذ سيكولوجيا الإبداع
جامعة طنطا-جمهورية مصر العربية
يا ندائي فى كلِّ مطلعِ فَجرٍ
ورجائي فى كلِّ غيمِ مساءِ
ذاب قلبى ما بين غفوٍ وصَحْوٍ
وحنينى يَهُزُّ عّرْشَ السماءِ
منذ عصرى يُراودُ الحُلمُ عينى
يتراءى سناكِ حُلْوَ البَهَاءِ
وخيالي يُعِيدُ ذِكْرَىً فَذِكْرَى
وفؤادى يَذُوقُ عَذْبَ الرُّوَاءِ
فَأَفِيقُ على فِرَاِقِك حَقَّاً
فى ذُبُولي بغيرِ قَطْرةِ ماءِ
فأُدَارِى مَرَارَتِي فى ضُلُوعِي
وأُسَوِّى على الضُّمُورِ ردائى
وأنيني يَصِيحُ فى صَمْتِ رُوحِي
ودموعِي تَسِيلُ دونَ بُكَاءِ
**
يا ندائي فى كل طلعةِ فَجْرٍ
ورجائي إذا أتاني مسائي
ومُنَايَا وطِبَّ رُوحِي ونُورِى
وحبيبي ورحمتي ودوائي
وأنِيسِي وقد خلا الكونُ حَولِي
وحناناً يَطِيبُ فيه شِفَائِي
أتُرَانِي وأنْتَ توأمُ رُوحِي
فى حياةٍ وأنْتَ تَدْرِى عَنَائى ؟
أتُرَانِى أنامُ مِلْءَ جُفُونِى
وعيونى تُرِيقُ مِنْ بَحْرِ مائى ؟
أتُرَانِى قد ابْتَسَمْتُ بِيَومٍ
وبِقَلْبى ِيُقِيمُ حُزْنُ ابْتِلائى؟
ما عساها تكونُ فرحةُ قلبى
وحبيبى طوى كتابَ الغِنَاءِ؟
ما عساها تكونُ بهجةُ رُوحِى
ومنايا نأى بكلِّ الهَنَاءِ؟
ما عساها تكونُ أيامُ عُمْرِى
غيرَ حُزْنٍ وشِقْوَةٍ وبَلاءِ؟
كيف قلبى وقد جَثَا فيه هَمِّى
وأقامتْ بِهِ غُيُومُ الفَنَاءِ؟
يا ندائى بصحوتى بدءَ يومى
ورجائى إذا كوانى مسائى
**
يا بعيداً تَحِنُّ رُوحِى إليْهِ
وحبيباً مَسَاؤهُ مِنْ مَسَائى
صامتاً لا يَسْتَجِيبُ لِرُوحِى
غارقاً فى مرارةِ الانْكِفَاءِ
ورمانى فى شِقْوَتِى وعَذَابِى
أتَوَارَى فى سُتْرَةِ الْكِبْرِيَاءِ
وجَفَانِى مُحَطَّمَاً لَسْتُ أدْرِى
ما بِرُوحِى من انْكِسارٍ وَدَاءِ
ونسانى ولَمْ يقُلْ كيفَ أحْيَا
دونَ رُوحِى بِظُلْمَةٍ فى سمائى
يا نعيمى وفرحتى وحياتى
وهوائى وكُلَّ ما فى بِنَائِى
وربيعى وجنَّتِى وورودى
ونشيدى الذى حَلا بالصَّفَاءِ
وجُنُونى إذا تواريْتَ عَنِّى
وسُكُونِى إذا ضَمَمْتَ شَقَائِى
وحضينى إذا تَشَوَّقْتُ أُمِّى
وأمانِى ومَرْتَعِى واخْتِبَائِى
ومَلاذِى إذا تَهَدَّدَ قلبى
بِحُطَامٍ بِغَدْرِ ذَاتِ الجَفَاءِ
كُنْتُ أصْحُو على صَبَاحِكِ نُورَاً
كُنْتُ أغْفُو على عُرُوجٍ الفَضَاءِ
كُنْتُ أحْيَا على احْتِوائكِ رُوحِى
وأُُدَاوِى مرارتى فى هَنَائِى
رُبَّمَا العُمْرُ دونَ قَلْبِكِ يَمْضِى
بَينما النَّفْسُ فى لهيبِ الشُّوَاءِ