بَشَائرُ و ذِكْرَى
د. محمد ياسين العشاب - طنجة/المغرب
[email protected]
تَـجَـدَّدَ نُـورُ اللهِ فِـيـنَا و فـهَـذَا بَـهَـاءٌ مِـنْ بَـهَاءِ مُحَمَّدٍ و فَـاضَ نَـدَاهُ الـغَـمْرُ فينا كَمُزْنَةٍ بـسِـرٍّ سَـنِـيٍّ مِـنْ سَـنَاءِ مُحَمَّدٍ و بَـشَّـرَ بـالـصُّبْحِ القَرِيبِ بِشَارَةً فَـلَـمْ يَـبْـقَ إِلَّا أَنْ يَـجُودَ بِشَمْسِهِ فـنَـغْدُوَ و الأرضُ ارْتَوَتْ بِضِيَائِهِ رِيَـاضٌ و جَـنَّـاتٌ تَـأَنَّقَ حُسْنُهَا فـكُـلُّ جَـمَـالٍ دُونَ قَـدْرِ جَمَالِهِ تَـجَـلَّـى كَـمَـالُ الرُّشْدِ فيهِ كَأَنَّهُ حَـدِيـثُـكَ يـا سِرَّ الحقيقةِ مُتْرَعٌ و زَاخِـرُ عِـلْـمٍ لَـيْسَ يُدْرَكُ مَدُّهُ لَـكَـمْ غَـرِقَـتْ فِيهِ القلوبُ فزَانَهَا و كَـمْ وَارِدٍ يَـرْجُـو مَنَابِعَ حِكْمَةٍ فـرُدَّ و قَـدْ أَفْضَى إلى النُّورِ رَاشِدًا * * * أَلَا لَـيْـتَـنَـا و الحادِثاتُ تَتَابَعَتْ أَلَـمْ يَـكُ فِـيـنَـا مَنْ تَجَبَّرَ قَسْوَةً و مَـنْ حَـسِـبُوا أَنَّا ارْتَضَيْنَا حِمَايَةً تَـرُوحُ الـمَـنَايَا لا تَغِيبُ و تَغْتَدِي و قـالـوا جَـهَارًا: لا حياةَ لِمَنْ نَأَى فـقُـلْـنَـا: لَنَا فَجْرٌ يَلُوحُ و إِنْ أَبَى فـمَـنْ شَاءَ فَلْيَشْهَدْ و مَنْ شَاءَ فَلْيَحِدْ و هَلْ تُنْكِرُ الشَّمْسَ القُلُوبُ إِذَا وَعَتْ أَلَـمْ يَـكُ فِـيـنَـا مَنْ سَمَا بحَيَاتِهِ و مَـنْ قَـامَ لـلـهِ الـعَلِيِّ مُجَاهِدًا و كُـلُّ ثَـرًى باللهِ يُـقْـسِمُ مَا سَمَا كَـأَنِّـي بِـهَذَا الجِيلِ ضَحَّى بِأَمْسِهِ أَلَـمْ يَـكُ في شرقِ البلادِ و غَرْبِهَا وقـادوا شُـعـوبَ العالميَن لنَهْضَةٍ و تُـعْـلِـنُ أَنَّـا أُمَّـةٌ عَـزَّ مَجْدُهَا و ذَا الـوَطَـنُ الـغـالي أَعَزَّ قلوبَنا ولَـوْ بـالـهُـدَى نـادى لَلَبَّى نِدَاءَهُ فَـيَـا لَـيْـتَـنَا رُمْنَا التَّوَحُّدَ بُكْرَةً و لـلـبـدرِ عُـرسٌ حيَن يومِ كمالِه و مَـنْ رَامَ باللهِ الـعُـلا و بِـهَدْيِهِ و لا غَـرْوَ والإيمانُ في القلبِ حُجَّةٌ فَـمَـا بَـالُـكُـمْ و اللهُ أَعْظَمُ غَايَةٍ و يـومًـا تَـحَـرَّكْـنَـا بِعَزْمَةِ قَائِمٍ و سِـرْنَـا و أعـلامُ الـتحرر فوقَنا فـلَـمَّـا مَضَتْ عَنَّا العساكِرُ لَمْ نَزَلْ كَـأَنَّ الـدُّجَـى و الفجرُ أَوْشَكَ رَدَّهُ هُـنَـالِـكَ يَـدْرِي كُـلُّ قَلْبٍ حَيَاتَهُ و َيَـعْـلَـمُ أَنَّـا لَـوْ أَتَـيْنَا مُحَمَّدًا * * * ألا يـا مُـحِـبَّ المُجْتَبَى زِدْ مَحَبَّةً تَـطَـلَّـعْـتَ للُأفْقِ المُضِيءِ تَشَوُّقًا سَـمَـوْتَ بِـهِ نَحْوَ السَّعَادَةِ و الهَنَا فَسِرْ في رِكَابِ المُحْسِنِيَن و صُنْ بِهِمْ | أَشْرَقَاو عَـانَـقَ مِـنْ حُسْنِ البَشَائِرِ رَوْنَقَا تَـزَيَّـنَـتِ الـدنـيـا بِـهِ مُـتَأَلِّقَا تَـفَـجَّـرَ مِـنْهَا سُؤْدَدٌ و تَرَقْرَقَا 1 تَـجَـلَّـى بِـمِـنْهَاجِ الهُدَى و تَحَقَّقَا جَـلَـتْ عَنْ دُجَانَا مَا ادْلَهَمَّ لِيُمْحَقَا 2 لِـتَـبْـعَـثَ رُشْـدَ العالمينَ و تُعْتِقَا و عُـودُ الرَّجَاءِ اخْضَرَّ مِنْهُ و أَوْرَقَا و لَـوْلَا هُـدَى خَـيْرِ اْلُهدَى مَا تَأَنَّقَا و مـا في سِوَى سِرِّ الرَّشَادِ تَرَوَّقَا 3 تَـخَـيَّرَ مِنْ أَجْلَى الكَمَالَاتِ و انْتَقَى بِـكُـلِّ شَـهِـيٍّ مِـنْ هُدَاكَ تَدَفَّقَا 4 و مَـعْـنًى تَسَامَى للسماءِ و حَلَّقَا 5 و رُبَّ غَـرِيـقٍ يُدْرِكُ الهَدْيَ مُغْرَقَا مِـنَ المَنْهَلِ الصَّافِي النَّقِيِّ قَدِ اسْتَقَى و صَـانَ بِـهِ لـلـقلبِ عَهْدًا وَوَثَّقَا * * * أَخَـذْنَـا بِـهَا دَرْسًا و عَهْدًا و مَوْثِقَا و مَـا رَحِـمَ الـمُـسْتَضْعَفِينَ تَرَفُّقَا و جَـوْرًا و ظُـلْـمًـا بالبَرِيَّةِ أَحْدَقَا و نَـزْدَادُ مِـنْ وَقْـعِ الشُّجُونِ تَمَزُّقَا عَـنِ النورِ دَهْرًا و انزوى و تَفَرَّقَا! خَـئُـونٌ، و أَزْرَى بـالـعُهُودِ تَمَلُّقَا عَـنِ الـحَـقِّ حَـتَّى يَسْتَبِينَ فَيُشْفِقَا و هَلْ يَجْهَلُ الْحَقَّ المُبِينَ مَنِ اتَّقَى ؟! و ضَـحَّـى بِـهَا للهِ و اسْتَعْذَبَ اللِّقَا أَبَـى فـي جِـهَـادٍ أَنْ يَلِينَ و يَرْفُقَا بِـغَـيْـرِ الـهُـدَى تاريخُنا و تَأَلَّقَا و لَـمْ يَـدْرِ تَـقْـدِيرَ الأمورِ فأَخْفَقَا! رجـالٌ أرادوا عِـزَّهَـا فـتَـحَقَّقَا تُـطَـهِّـرُ عـهـدا بـالفسادِ تَعَلَّقَا إِنِ اعْـتَـصَـمَتْ باللهِ غربا ومَشْرِقَا فـفـاضـت بِـغَـالِـي حُبِّهِ مُتَدَفِّقَا هَـوَانَـا، و كُـنَّـا لـلإجابةِ أَسْبَقَا فـأَسْـفَـرَ بـالخيِر المساءُ و أَغْدَقَا و لـلـصـبـحِ مَعْنًى بالضياءِ تَفَتَّقَا و مَـنْ سَـارَ يَـحْـدُوهُ اليَقِينُ تَوَفَّقَا يُـتَـرْجِـمُـهَا الأبطالُ فِعْلًا و مَنْطِقَا بِـهَـا الـنصرُ والفَتْحُ المُبِينُ تَحَقَّقَا يَـتُـوقُ لِـطَـرْدِ الـمعتدينَ تَشَوُّقَا تُـرَفْـرِفُ، و الإيـمـانُ يَعْلُو مُحَلِّقَا نَـضِـيـعُ بِـفِكْرٍ قَدْ غَزَانَا و فَرَّقَا و أَسْـدَلَ أَسْـتَـارَ الـظَّلَامِ و غَلَّقَا و يُـدْرِكُ مـا أَبْقَى الغَرِيبُ لِيَصْدُقَا لَـكَـانَ بِجَلْبِ النورِ أَحْرَى و أَخْلَقَا * * * فَـفِـي الـغَـدِ يَـزْدَادُ الـفُؤَادُ تَأَلُّقَا فَـشَـاقَـكَ حُبًّا و اسْتَجَابَ فَوَفَّقَا 6 و كُـنْـتَ بِـهَذَا الخَيْرِ أَوْلَى وَ أَلْيَقَا لِـدِيـنِـكَ عَهْدًا كَيْ يَعِزَّ و يَسْمُقَا 7 |
اللغة
1)اَلنّدَى الغَمْرُ هو الكرمُ الجزيل كما تقدم، و مُزْنَةٌ أي سحابةٌ ممطرة، كما في قول ابن زاكور من:
مَا أَنْتَ إِلَّا مُزْنَةٌ مِنْ نَائِلٍ قَالَ الْعُلاَ يَا فَضلُ قُمْ فَتَوَلَّهَا وتَرَقرَقَ الشيءُ تَلألأ َو لَمَع.
2)جَلاَ يَجْلُو أي أَوْضَحَ و كَشَف، وادْلَهَمَّ أي ما اشْتَدَّتْ ظُلْمَتُه، كما في قول أحمد محرم رحمه الله:
طَلَعُوا والزمانُ أسوَدُ داجٍ فجَلَوْا مِنْ ظَلاَمِهِ مَا ادْلَهَمَّا ويُمْحَقُ بمعنى يُبْطَل، وهو من قوله تعالى في سورة البقرة:" يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَات ".
3)تَرَوَّقَ : تَصَفَّى، من شعر شوقي رحمه الله:
أَخْلَقْتَ رَاوُوقَ الدُّهُورِ وَلَمْ تَزَلْ بِكَ حَمْأَةٌ كَالْمِسْكِ لاَ تَتَرَوَّقُ
4)مُتْرَعٌ: مُمتلِئ، لابن حجر العسقلاني رحمه الله:
سَأُثْنِي عَلَيْكَ الدَّهْرَ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ وَبَحْرُ امْتِدَاحِي زَاخِِرٌ فِيكَ مُتْرَعُ
5)زاخِر : بحر، وفي البيت الأخير مثال له.
6)شَاقَ: في الصحاح نزاع النفس إلى الشيء، مثالها عند ابن الأبار رحمه الله: إِنْ شَاقَنِي ذَاكَ المِثالُ فَطَالَما شَاقَ المُحِبَّ الطَّيْفُ يَطْرُقُ فِي الكَرى
7)يَسْمُقُ: يطُولُ ويَعلو، كقول شكيب أرسلان رحمه الله في بعض شعره: يَبيتُ بِها غُصْنُ البَلاغَةِ ناضِراً وَريقاً عَلى نَبْتِ الفَصاحَةِ يَسْمُقُ.